الدكتورة/ هدى النعيمي
كاتبة عراقية
Dr. Huda Al-Nuaimy
Iraqi Writer

السياسة الخارجية الإيرانية وتفعيل التعاون مع إفريقيا

منذ الأيام الأولى لتوليه منصب الرئاسة في إيران، أعلن إبراهيم رئيسي عن سعيه لزيادة أُطر التعاون مع الدول الإفريقية، في المجالات السياسية والاقتصادية، وأن حكومته ستتبع نفس النهج الذي اتبعته حكومة الرئيس الأسبق أحمدي نجاد في علاقاتها مع الأفارقة، من حيث توثيق عرى الصداقة معهم وتقوية المصالح المشتركة.

ولذلك، فإن إعادة تفعيل العلاقات الإيرانية ــــ الإفريقية مشروع ستعكف على تحقيقه هذه الحكومة، بعد سنوات من التراجع وقلة الاهتمام بالقارة الإفريقية خلال حقبة روحاني، تدلل عليها الكثير من المشاريع الإيرانية التي لم تنفذ في قطاعات الاستثمار والعلوم والطاقة والصحة والبنية التحتية.

ومن هنا، ستكون إفريقيا واحداً من الأهداف الرئيسية للسياسة الخارجية الإيرانية، لجهة توسيع نفوذها خارج منطقة الشرق الأوسط، ولاسيما مع دول جنوب الصحراء. فالعالم من وجهة النظر الإيرانية لا يقتصر على الغرب، إذ تعتبر طهران العلاقات مع الدول غير الغربية وسيلة لموازنة ضغوط العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من الغرب، ناهيك عن ضمان تصويت إفريقي في المنظمات الدولية يتماشى مع وجهات النظر الإيرانية.

ليس من شك في أن تحقيق التمدد الجيوسياسي الإيراني في أجزاء كثيرة من عالم الجنوب والدول الإسلامية، يراد به تقويض الجهود الرامية إلى عزل طهران. وبالتالي فإن إفريقيا تعد مكاناً مناسباً لتهديد المصالح الغربية والإسرائيلية، ولتقوية الجوانب المشتركة مع الجماعات المناهضة للغرب في القارة الإفريقية.

فقد تمكن الإيرانيون من استخدام المنطقة لشبكات متنامية توفر لهم ممرات بديلة، تمكنهم من تقديم المساعدة العسكرية والمالية والمادية إلى حلفاء طهران ووكلائها وشركائها في جميع أنحاء العالم والمنطقة العربية، فعلى سبيل المثال كانت السواحل الإريتيرية المشرفة على مضيق باب المندب بوابة طهران لإمداد الحوثي بالأسلحة والذخائر الإيرانية.

ولا نبالغ إذا قلنا إن طهران متعلقة بنزعاتها الامبراطورية، وتراهن على القارة الإفريقية، لتكون منصة لتثبيت مكانتها كقوة إقليمية، الأمر الذي يتطلب توسع “جغرافية المقاومة” في المستقبل لتمتد إلى خارج منطقة الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق، قال العميد علي فدوي نائب قائد الحرس الثوري الإيراني إنه إذا استطاع فيلق القدس أن يجعل إفريقيا جزءاً من العمق الاستراتيجي لإيران، فستتمكن طهران من ضرب الولايات المتحدة هناك، لكونها أكثر ضعفاً في إفريقيا منها في المناطق الأخرى.

ومن ناحية ثانية، ستلعب إفريقيا دوراً حيوياً في تعزيز تمدد طهران الديني عبر العديد من الدول الإفريقية المسلمة، بالإضافة إلى ما ستتمسك به إيران من تبادل خبراتها في مكافحة الإرهاب مع الدول الإفريقية التي تعاني هذه الآفة.

Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض