خالد الزعتر
كاتب ومحلل سياسي

أفغانستان ونهاية الأحادية القطبية

كان التدخل الأمريكي في أفغانستان أحد ملامح مرحلة الأحادية القطبية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، حيث باتت تتسم هذه المرحلة بإعطاء الأهمية والأولوية لأدوات الجغرافيا العسكرية، منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر العام 2001، إذ كانت الرؤية الاستراتيجية الأمريكية تعطي الأهمية لمسألة التعبئة العسكرية، وذلك من أجل ترسيخ جذور قيادتها للعالم ما بعد سقوط المعسكر الشرقي بقيادة القطب المنافس الاتحاد السوفييتي.

جاءت مرحلة الخروج الأمريكي من أفغانستان لكي ترسخ فكرة فشل الأحادية القطبية في صناعة الاستقرار العالمي، بجانب الفشل الأمريكي بالعراق في صناعة دولة المؤسسات القوية التي تحتكر استخدام القوة، مما ساعد في إعطاء الفرصة للتنظيمات الإرهابية مثل داعش، والتنظيمات الطائفية مثال الحشد الشعبي، في تعزيز وجودها، مقابل ضعف أداء المؤسسة الأمنية العراقية.

يتكرر السيناريو في أفغانستان، حيث كشف الانسحاب الأمريكي عن حالة الترهل في المؤسسة الأمنية الأفغانية، ما جعلها تنهار أمام زحف حركة طالبان لتعزيز سيطرتها على الدولة الأفغانية.

الحالة الأفغانية التي تتسم بالفشل الأمريكي في تحقيق الاستقرار، تأتي مكملة للحالة العراقية، وبالتالي فهي ترسخ حالة الفشل لدى مرحلة القطب الأوحد في إيجاد نظام عالمي يتسم بالاستقرار، حيث أثبتت الأحداث أن القيادة الأمريكية للنظام الدولي أنتجت نظاماً دولياً مترهلاً يتسم بالفوضوية. ربما الحالة في منطقة الشرق الأوسط، وبخاصة بعد مرحلة ما يُسمى بالربيع العربي وطريقة أداء المنظمات الدولية من “الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي” التي خرجت عن قواعدها الرئيسية التي تأسست عليها وهي حماية الشرعية الدولية إلى إطالة أمد الأزمات، ما عكس الحاجة الدولية الملحة لإعادة هيكلة النظام الدولي الذي يتسم بالفوضوية.

يقف النظام الدولي اليوم أمام مرحلة جديدة تتسم “بالتعددية القطبية”، فالصعود الاقتصادي لدول شرق آسيا ساهم في تغيير أدوات القوة من الجغرافيا السياسية والعسكرية إلى أدوات ”الجغرافيا الاقتصادية”، وبالتالي فهذا التغيير كفيل بالانتقال إلى نظام دولي تلعب فيه القوى الاقتصادية دوراً مركزياً، وبالتالي فإن الإخفاقات الأمريكية في العراق، وآخرها في أفغانستان، هو ما عزز من تراجع الثقة الإقليمية والدولية في السياسات الأمريكية، وقلل من فرص الولايات المتحدة في امتلاك مكانة مهمة في النظام الدولي الجديد، وهو ما يجعل قوى صاعدة مثال “الصين وروسيا” أمام قوة تعاني من الترهل وتمتلك سجلاً من الإخفاقات، ما يجعلها غير قادرة على المنافسة في المرحلة الجديدة والحفاظ على مكانتها العالمية.

 

 

Twitter
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض