ترأس الفريق «سكوت كيندسفاتر» Scott Kindsvater، نائب رئيس اللجنة العسكرية لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو NATO) وفداً في زيارة رسمية إلى معرض دبي للطيران 2019، انتهزت «الجندي» الفرصة وأجرت مقابلة مع سعادته. وناقشت معه الجنرال كيندسفاتر التعاون بين الإمارات وحلف الناتو، والحفاظ على الأمن والسلام والاستقرار في دول الخليج والعالم، و سبل التغلب على التحديات الأمنية وبعض القضايا الأخرى ذات الصلة. وإليك عزيزي القارئ مادار في الحوار:
ما الهدف من زيارتكم إلى معرض دبي للطيران 2019؟
من الواضح أن هدفي هو زيارة معرض دبي للطيران، ولكن إضافة لذلك تمثيل مقر قيادة حلف الناتو وتقديم شكرنا لشراكة الإمارات العربية المتحدة ووزارة الدفاع الإماراتية على القدرات التي أمدوا بها الحلف.
تفخر دولة الإمارات العربية المتحدة بشراكتها مع منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بالطبع، وتحرص على لعب دور أكبر في الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار في هذا العالم من خلال هذه الشراكة. كيف تصف شراكة الإمارات معكم؟
لقد كانت متعة بالنسبة لي من الناحية الاحترافية. وأنا شخصياً، جئت مع قوات من حلف ناتو عدة مرات إلى الإمارات كضابط شاب، ولكن عندما تفكر في العلاقة مع الإمارات، تجدها تبدأ من المستوى الاستراتيجي والعملياتي لتصل حتى المستوى التكتيكي. لذلك أستطيع أن أقول لك بأن الشراكة على المستوى الإستراتيجي، ممتازة. والشراكة على المستوى العملياتي والتكتيكي والقدرات العسكرية التي تجلبها دولة الإمارات العربية المتحدة لأمن الحلف ذات مصداقية كبيرة.
ما هي أفضل الوسائل لدعم وتعزيز هذه الشراكة والتعاون بين الناتو والإمارات العربية المتحدة؟
لقد تحدثنا مع المسؤولين للتو عن أحد أنماط الشراكات. لكن مشاركة الدول في نشر القوات هامة أيضًا ولها دور في تعزيز الشراكة، كما أنه من الضروري الاستمرار في تثقيف ضباطنا الجدد بسبب التحوّل العسكري. ومع وجود كثير من الأشخاص الجدد، لابد بالطبع من مواصلة تثقيف ضباطك وكوادرك المسلحة، سواء على المستوى التكتيكي أو على المستوى العملياتي، بحيث عندما ينتقل هؤلاء الضباط الشباب إلى المستوى الاستراتيجي، فإن مستوى التعاون في حياتهم سيتحسن على نحو أفضل وأفضل. هذا النوع من الخطط والعمليات الذي نتبعها الآن مع دولة الإمارات العربية المتحدة وعدد من مواطني الدول الأخرى.
ماذا عن المناورات العسكرية المشتركة، أليس لها دور أيضاً في تعزيز الشراكات؟
نعم، تعتبر المناورات جزءاً لايتجزأ من المستوى التكتيكي. عندما نفكر في المستوى التكتيكي، وبناء تلك القدرة على التشغيل البيني )المشترك)، بناء تلك القدرة معًا، فإن المناورات المشتركة تشكل جزءاً أساسياً من ذلك. في الواقع كضابط شاب برتبة مقدم، كان لي الشرف أكثر من أي وقت مضى أن أتولى قيادة الفوج الثاني الأمريكي في “تمرين الصقر الحديدي” في قاعدة الظفرة الجوية، وقد كان ذلك بالنسبة لي متعة كبيرة كضابط شاب.
عادةً ما تواجه التحالفات والشراكات ذات النوايا الحسنة تحديات، خاصة من قبل الدول المارقة “السيئة النوايا” التي لا ترغب في رؤية هذا العالم آمنًا، ما هي أهم التحديات التي تواجهها شراكتنا؟
بالتأكيد. هناك دائما المُتحَدِّين والمفسدين. وهناك دائما دول أكثر استعدادا لزعزعة الاستقرار منه إلى تعزيز الاستقرار. لهذا السبب كان التحالف على مدى السبعين سنة الماضية موثوقًا به وقويًا للغاية، لأنه يتمتع بسمعة طيبة وسِمَة فارقة مميزة، لذلك فإن الدول والشعوب والمجتمعات المحبة للسلام تريد أن تكون جزءًا منه. وعندما تقوم بعض الدول بأنشطة مزعزعة للاستقرار أو أنشطة تؤدي إلى فوضى في البيئة الدولية، فإنها عادةً تفتقر إلى الِسمَة الحسنة المميزة أو السمعة الطيبة ولا تهتم بصورتها (أمام المجتمع الدولي).
ما هي أفضل الوسائل لمواجهة تلك التحديات بفعالية وللتغلب على التهديدات الناشئة السريعة التغير في الوقت الحاضر؟
الأمر كما قلته أنت للتو. إذا كانت سرعة أنشطة القرن 21 بهذه السرعة، بسرعة فعلاً، هذا يعني أنه يجب أن تكون قادرًا على اتخاذ القرارات بسرعة على المستوى السياسي. كما يجب أن تكون أنشطتك العسكرية متكاملة وقابلة للعمل المشترك )ضمن تحالفات( ومترابطة بحيث يكون لدى قادتنا دراية كاملة بالوضع القتالي حتى يتسنى لهم اتخاذ قرارات سريعة للغاية. كذلك يجب أن تكون قواعد الاشتباك الخاصة بك على المستوى التكتيكي سريعة بما فيه الكفاية حتى تتمكن من إضعاف قوة العدو مما يعني أن التمارين المشتركة لديك وقابلية العمل المشترك لديك لابد وأن تكون جيدة جدا جدا.
ولكن ماذا عن المرونة والقدرة على التكيف؟
هذا جزء من قابلية القدرة على العمل ضمن تحالفات والتوافق العملياتي، لذا إذا كنت ستقوم بعملية ما، فيما أسميه، بسرعة لردع أي نوع من الخصوم، يجب أن تكون عملية الردع هذه سريعة جدًا مما يعني أنك تتمتع بالمرونة والقدرة على التكيف والعمل المشترك.
كيف تُقيِّم الوضع الأمني في منطقة الخليج وفي العالم ككل؟
هذا سؤال صعب. أعتقد أنه من الواضح أن هناك مفسدين، لكن في الوقت ذاته لديك عدد من الدول التي ترغب في مواصلة العمل معاً لردع هؤلاء المفسدين، وهذا مستمر منذ عقود. إن أي تحالف هو واحد من تلك المؤسسات التي تعمل على استمرار السلام. ثم على المستوى الإقليمي، على مستوى دول الخليج هنا،مثلاً، هناك مؤشرات على استمرار التحديات وعلى دول المنطقة أن تكون مستعدة للعمل معًا للتخفيف من حدة تلك التحديات.
ما هو انطباعك عن معرض دبي للطيران وكيف تقارنه بالمعارض المماثلة الأخرى التي قمت بزيارتها حول العالم.
نعم، إن معرض دبي للطيران يرقى إلى مستوى أفضل ما رأيته من معارض حول العالم. من حيث الجودة، وجودة عروض الطيران، ونوعية المنتجات المعروضة هنا، ونوعية الدول وعدد الشركات الموجودة هنا أيضًا، يمكننا أن نقول هنا المصطلح الأمريكي إن “مصداقية وشعبية” دولة الإمارات العربية المتحدة وصيتها كبير للغاية بفضل هذا المعرض الجوي.
لو قُدِّر لك يومًا ما أن تعود لزيارة هذا المعرض، فما الذي تود رؤيته فيه؟
أود أن أعود إلى هنا وأنا طيار برتبة نقيب، وفي منتصف العشرينات من عمري، وأعكس التاريخ، وأن أطير بالمقاتلة F-15 هنا فوق “أرض الطيران”، هذا ما أتمناه.
هل هناك أي رسالة تود إرسالها أن تبعث بها إلى القوات المسلحة الإماراتية من خلال مجلة الجندي؟
تابعوا عملكم الجيد والمميز. من الصعب كسب الخبرة والقدرات على المستوى العملياتي والتكتيكي، فهذا الأمر يتطلب جهدًا وعملاً شاقاً من قِبل جميع الضباط وضباط الصف المعنيين، والمصداقية لايمكن اكتسابها بصورة فورية، بل إن اكتسابها يتحقق بمرور الوقت. هذا مهم جداً. انطلاقاً من تجربتي هنا، هذا ما رأيته في الإمارات العربية المتحدة.
أجرى اللقاء: محمد فهد الحلبية – تصوير: عدنان الجابري