50

سعادة الدكتور محمد حمد الكويتي رئيس الأمن السيبراني في حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة لـ «الجندي»: المستقبل الرقمي أولوية قيادتنا الرشيدة

لأسباب كثيرة، غدا الأمن السيبراني أحد أهم جوانب الأمن الوطني بمفهومه الشامل في أي دولة، خاصة في ظل التوسع الكبير في الاعتماد على الفضاء الإلكتروني في العمل وتقديم الخدمات وغيرها، وهو ما اتضح في ظل ظروف وباء كورونا “كوفيد- 19”، ويتوقع أن يتصاعد بشكل كبير خلال الفترة القادمة مع خطط التحول الرقمي في المجالات كافة، بحيث لم يعد هذا التحول خياراً وإنما ضرورة حتمية. ويزيد من أهمية قضية الأمن السيبراني ما تشير إليه الدراسات المتخصصة من أن العالم يتكبد مليارات الدولارات سنوياً جراء الهجمات الإلكترونية، بل إن دراسة قدرت خسائر هذه الهجمات بـ 6 تريليونات دولار، بحلول عام 2021، وأن تكلفة هذه الهجمات تصل لنحو 13 مليون دولار بالنسبة للشركة الواحدة سنوياً. وفي هذا السياق، جاء تعيين سعادة الدكتور محمد حمد الكويتي مسؤولاً عن الأمن الإلكتروني في الحكومة الاتحادية، في إطار التعامل مع مقتضيات مرحلة ما بعد كورونا في الإمارات، وما تتطلبه من وجود رؤية تقوم على تنفيذها أجهزة محددة لتعزيز الأمن الإلكتروني، في التعامل مع المخاطر والتهديدات التي تواجهه. وفي هذا اللقاء مع سعادة الدكتور محمد حمد الكويتي، تحاول مجلة الجندي، كما عودت قراءها دائماً، أن تكون سباقة في إلقاء الضوء على التوجه الإماراتي الجديد في هذا الشأن، وأهميته، وتأثيره، من خلال الحوار مع المسؤول عن هذا الملف الحيوي في الحكومة.. وإلى محاور الحوار.

بداية نهنئكم بهذه الثقة الغالية من القيادة وتحميلكم مسؤولية الأمن السيبراني في حكومة الإمارات.. وبهذه المناسبة كيف تنظرون سعادتكم إلى هذه المسؤولية خلال الفترة القادمة؟


لاشك في أنها مسؤولية كبيرة، نظراً لأهمية المجال السيبراني وتأثيره في حياتنا اليومية، ونظراً لما تمر به دولتنا الحبيبة من ازدهار ولله الحمد في المجالات الرقمية. وأنا بدوري أيضاً أتقدم بشكري وامتناني لقيادتنا الرشيدة ولثقتهم العالية بنا وبشباب الوطن، وبجميع الأعزاء في هذا المجال السيبراني الرقمي. وفي المجال الرقمي، التعاون المشترك بين الجميع هو من أهم السمات الرئيسية فيه، وذلك لطبيعة المعطيات المتعلقة به. وفي هذا المجال أيضاً، فإن تمكين الكفاءات الشابة وإشراكهم في صناعة المستقبل الرقمي أولوية انتهجتها قيادتنا الرشيدة، فباتت عنواناً لدولتنا الحبيبة. وكلي فخر وشرف أن أكون بينكم، ونمضي بالمشوار معكم، لما يخدم وطننا العزيز ويلاقي ثقة قيادتنا الرشيدة. وأنا أفتخر وأعتز بثقة القياده الرشيدة. أسأل الله عز وجل التوفيق في هذه المهمة، لخدمة دولة الإمارات العزيزة.
شغلتم مناصب عديدة لها علاقة بالأمن الإلكتروني خلال السنوات الماضية.. من وجهة نظركم.. ما أثر المخاطر الإلكترونية أو السيبرانية على الأمن الوطني بمفهومه الشامل؟
يشمل الأمن الوطني تأمين البلاد من كافة التهديدات والحفاظ على مكتسباتها ومصادر قوتها على جميع المحاور السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، وإيجاد الاستراتيجيات والخطط الشاملة التي تكفل تحقيق ذلك. وكما قالها سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عند تعييني رئيساً للأمن السيبراني: «أمن حكومتنا الرقمية هو جزء أساسي من أمننا الوطني الشامل.. وحماية حدودنا الوطنية الرقمية جزء لا يتجزأ من حماية كامل ترابنا الوطني». ومع ازدياد الاعتماد على التكنولوجيا لتأمين التطور والنمو الاجتماعي والاقتصادي، ومع التوجه إلى التحول الرقمي الكبير عالمياً، انتقلت الكثير من التهديدات والمخاطر الفعلية إلى العالم السيبراني مثل الجرائم السيبرانية والإرهاب السيبراني وحتى الحروب السيبرانية، وأصبحت في متناول العديد من اللاعبين في هذا المجال من أفراد أو تنظيمات أو دول، وعليه فمن الضروري حماية مكتسباتنا من أي خطر يهددها.
الحروب السيبرانية أصبحت إحدى أدوات الصراع بين الدول، ونتيجة لذلك ثمة تحول في طبيعة الحروب وأسلحتها.. كيف تستعد الجيوش والمؤسسات العسكرية والأمنية لذلك.. وخاصة في الإمارات؟
مع التطور التكنولوجي الكبير الذي أصبح سمة عصرنا، تطور بلاشك المنهج المتبع في الحروب، والتي اتخذت من الإنترنت والتكنولوجيا منصة جديدة بدلاً من الدبابات والمقاتلات الثقيلة على أرض الواقع. كلما ارتفعت اعتمادية الدول على التكنولوجيا، والخدمات الإلكترونية، وتطورت أدوات البرمجيات والتكنولوجيا الحديثة، ارتفعت خطورة الهجمات السيبرانية وأصبحت أكثر تدميراً. ومن هنا، ووفق النظرة الثاقبة لقيادتنا الرشيدة، فقد اتبعت دولتنا الغالية منهجية استباقية للوصول إلى الجاهزية اللازمة لرفع كفاءة منظوماتنا الأمنية والعسكرية. فأصبح البعد السيبراني جزءاً لا يتجزء من الأبعاد المكملة له برياً وبحرياً وجوياً وحتى فضاءياً، وازداد الاهتمام بالجانب السيبراني أكثر فاكثر كل يوم، حيث قطعت دولة الإمارات شوطاً كبيراً في وضع السياسات والاستراتيجيات التي من شأنها رفع مستوى الأمن الإلكتروني والسيبراني لكافة القطاعات الحيوية. وعملت أيضاً علي رفع المعايير الأمنية المتبعة وفقاً لأهم وأفضل الممارسات العالمية. كما لمسنا أيضاً مدى اهتمام القيادة الرشيدة للدولة بدعم المبادرات في مجالات الأمن السيراني سواء على المستوى التقني والصناعي أو على مستوى إعداد الكوادر البشرية المؤهلة في هذا المجال. والجدير بالذكر أن حروب الجيل الرابع هي إحدى النظريات الكثيرة التي تطورت خلال العقود الماضية لوصف الطبيعة الجديدة للحروب؛ فهناك الحروب الهجينة، والحروب غير النظامية، وصراعات المنطقة الرمادية، وغيرها، وبالرَّغم من أن كل نوع من هذه الحروب له سماته المميِّزة وأبعاده المتباينة التي يجب علينا أن ندركها جيداً، فإن هناك بعض الخصائص المشتركة بينها ومن أهم هذه الخصائص لهذه الحروب أنها جميعها تتخذ من العالم السيبراني وتهديداته أدوات للوصول إلى مبتغاها.
ما هو حجم التهديدات السيبرانية على المستوى العالمي؟ ولماذا أصبحت هذه التهديدات خطراً كبيراً تسعى الدول المختلفة إلى التصدي له؟
إن اعتمادنا نحن أو العالم أجمع على التكنولوجيا الرقمية المتزايد على المستوي العالمي وعلى كافة المحاور والقطاعات أدى إلى إيجاد عالم افتراضي مهم يجب حمايته، وتعتمد عليه جميع القطاعات في أعمالها اليومية. وظهرت حياة جديدة عمادها البيانات والسجلات الإلكترونية والمعلومات، وهذه تخدم العديد من الجوانب الاقتصادية وهو ما يرمز له “بالاقتصاد الرقمي”. ومن هنا ازدادت التهديدات السيبرانية وازداد استهدافها للاقتصاد الرقمي، فنرى مؤخراً كيف تضاعف عدد الهجمات المستهدفة للأنظمة في القطاعات المختلفة مثل قطاعات الطاقة والاتصالات والنقل، بالاضافة إلى القطاعات المصرفية في السنوات الثلاث الأخيرة، ويشكل هذا الاتجاه تهديداً وخطراً أمنياً واقتصادياً ووطنياً لجميع الدول. فمع ارتفاع وتضاعف الهجمات بشكل مستمر، ترتفع بشكل تلقائي خسائر الدول الاقتصادية والأمنية، ومن هذا المنطلق وجب على الدول مواجهة التهديدات والتصدي لها.
مخاطر التهديدات السيبرانية لا تتوقف عند الجوانب الأمنية أو العسكرية، وإنما تمتد إلى الجوانب الاقتصادية والتعليمية والطبية.. كيف ترون مستوى هذا التهديد على الصعيد الإماراتي والعالمي؟ وكيف تعاملت دولة الإمارات مع التهديدات السيبرانية خلال جائحة كورونا التي مثلت أرضاً خصبة للجرائم الإلكترونية؟
أظهرت الكثير من التقارير العالمية تزايداً ملحوظاً في الهجمات السيبرانية، والجرائم الإلكترونية، مع ظهور ثغرات أمنية في أنظمة البنى التحتية القائمة، في ظل تفشي فيروس «كورونا» المستجد في مختلف دول العالم، ومن هذه التقارير تقرير أصدرته مؤسسة دبي للمستقبل في الشهر الماضي بعنوان «الحياة بعد كوفيد 19: مستقبل الأمن السيبراني». كما أن التوجه العالمي لاعتماد الأنظمة التعليمية والصحية والحكومية والخاصة على الحلول الرقمية أتاح للمخترقين أعداداً هائلة من الأهداف التي أصبحت تحت رحمة هجماتهم، خاصة أن معظمها لم يخطط مسبقاً للتحول الرقمي بهذه السرعة، ولم يختبر مستوى أمن نظمه الرقمية. فمن الطبيعي في ظل الظروف الراهنة أن نلاحظ ارتفاع الهجمات الإلكترونية وعمليات النصب والتصيد والاحتيال. ولحماية وصد الهجمات في الدولة تعمل الكثير من قطاعات الدولة مجتمعة أو منفردة لصد الكثير من هذه التهديدات من خلال آليات مختلفة تتباين من نشر التوعية وثقافة الأمن السيبراني، إلى الرصد والتصدي، إلى تفعيل المنظومات الدفاعية السيبرانية. كما تعمل العديد من الجهات الحيوية على رفع جاهزيتها وتقييم شبكاتها وسد ثغرات أنظمتها بشكل مستمر. ومن ذلك، على سبيل المثال، فقد تصدى الفريق المختص في هيئة تنظيم الاتصالات (الفريق الوطني للاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي) لأكثر من 208 آلاف و773 هجمة إلكترونية على مواقع إلكترونية في الدولة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري وعمل على إحباطها. ولعل الأمر الإيجابي في هذا الخصوص هو أن دراسة لشركة “تريند مايكرو” اطلعت عليها مؤخراً تتحدث عن وجود مستوى عالٍ من الوعي الأمني في الإمارات، حيث أفاد 88% من المستطلعة آراؤهم أنهم يأخذون التعليمات التي يضعها فريق عمل تقنية المعلومات في مؤسساتهم على محمل الجد.
لقد تعلمنا العديد من الدروس المستفاده خلال الفترة الراهنة والتي من شأنها وضع العديد من التدابير الجديدة للفترة القادمة إن شاء الله. وبفضل الرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة للعبور نحو مستقبل مزدهر بتأسيس بنية تحتية رقمية متطورة، غدت الإمارات اليوم في مقدمة الصفوف وسهلت آليات التحول الرقمي والعمل عن بعد.
ما هي الطرق والأساليب التي تتبعونها في توعية أفراد المجتمع للتصدي للجرائم الإلكترونية؟ وما مدى تجاوب المجتمع مع الحملات التوعوية الصادرة عن مختلف الجهات المعنية بالحفظ على الأمن الإلكتروني؟
عملت الدولة خلال الأعوام الماضية على العديد من المبادرات التي من شأنها رفع الوعي العام لأهمية الأمن الإلكتروني من خلال البرامج التوعوية والورشات التدريبية والحملات الإعلامية والمسابقات العلمية والمحاضرات التثقيفية العديدة والتي تم تنظيمها من الكثير من الجهات التعليمية والاجتماعية والأمنية والتنظيمية وغيرها.
ولقد كان لهذه الطرق والأساليب الأثر الكبير في رفع ثقافة الأمن السيبراني، ومنه التصدي للجرائم الإلكترونية بشكل فعال. ولايزال لدينا العديد من المبادرات والبرامج التي من شأنها أن ترفع الوعي للعاملين في المجالات التقنية في القطاعات الحيوية بالدولة، بالإضافة إلى المستخدمين لهذه التقنيات الحديثة. كما سنعمل أيضاً مع الشركاء الرئيسيين على برامج لتأهيل الأجيال القادمة للعمل في المجالات التقنية الحديثة مثل الذكاء الصناعي، الأمن السيبراني، البيانات الضخمة.
تتجه الإمارات إلى التوسع في العمل وتقديم الخدمات عن بعد خلال الفترة القادمة، وهناك خطة لتحويل 50% من مراكز الخدمة إلى منصات رقمية.. هل يؤدي ذلك إلى زيادة مستوى التهديدات السيبرانية، وكيف يمكن التصدي لهذه التهديدات، وفي الوقت نفسه المضي قدماً في خطة التحول الرقمي؟
نجحت دولة الإمارات بفضل الرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة للعبور نحو مستقبل مزدهر بتأسيس بنية تحتية رقمية متطورة جعلت الإمارات اليوم في مقدمة الصفوف من حيث الجاهزية والاستباقية في استمرارية الخدمات بكافة القطاعات وتعزيز منظومة العمل عن بعد والتعامل باحترافية مع تداعيات الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم. وتجلت فاعلية الخطط والاستراتيجيات الاستباقية واستثمار الإمارات في الخدمات الذكية قبل أكثر من 10 سنوات ليجني مجتمع الإمارات حالياً ثمرات العمل، من خلال طيف واسع من الخدمات الحكومية الإلكترونية التي أسهمت في استمرارية الأعمال وتمكين جميع أفراد المجتمع من أداء مهامهم واستكمال معاملاتهم وتسيير أمور حياتهم اليومية من خلال أجهزتهم الذكية.
وتمكنت الإمارات من ترسيخ أسلوب الحياة الرقمي وتوفير بنية تحتية ذكية لقطاع الاتصالات والتحول الرقمي، فيما تهدف استراتيجية الإمارات للتعاملات الرقمية “بلوك تشين” إلى تطويع التقنيات المتقدمة وتوظيفها لتحويل 50% من التعاملات الحكومية على المستوى الاتحادي إلى منصّة “بلوك تشين” بحلول عام 2021، إذ توفر هذه التقنية الوقت والجهد والموارد، وتمكن الأفراد من إجراء معظم معاملاتهم في المكان والزمان اللذين يتناسبان مع نمط حياتهم وعملهم.
وعليه، نعم مع ارتفاع الاعتمادية على التكنولوجيا والتحول الرقمي ترتفع المخاطر والتهديدات بلا شك. ولا يمكننا إيقاف عجلة التطور والتحول الرقمي، إنما يتوجب علينا التعامل مع المخاطر، ودراستها والعمل على صدها والحد من تأثيرها السلبي ومن تـأثيرها على استمرارية الأعمال. ويكون ذلك بتكاتف الجميع من أفراد وقطاعات وجهات وغيرها، ويكون ذلك أيضاً بالتركيز على المحاور الرئيسية للتطور، وهي الأشخاص والتكنولوجيا والسياسات. فصقل مواهب العناصر البشرية وتوعيتها له أكبر الأثر في الحد من والتصدي للتهديدات لكونهم هم خط الدفاع الأول. والرقي بالمنظومات التكنولوجية وتحديثها وفق المتطلبات والمعطيات أيضاً يدعم هذا الصد ويوفر آليات الردع للتهديدات. وأخيراً وضع السياسات والاستراتيجيات وتحديثها باستمرارية له أيضاً أكبر الأثر في محورت وتنظيم أطر العمل اللازمة للأمن السيبراني، بالإضافة إلى تسهيل العمل على رفع مستوى امتثال الجهات الحكومية والحيوية للمعايير الأمنية التي من شأنها رفع مستوي الأمن السيبراني بالدولة.
ما حجم المخاطر الأمنية التي يشكلها الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مختلف مجالات العمل، خاصة أن دولة الإمارات من أوائل الدول التي أدخلت الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات؟
يمثل الذكاء الاصطناعي أهم مخرجات الثورة الصناعية الرابعة لتعدد اسـتخداماته فـي جميع المجالات، مثل المجـالات العسكرية والصناعية والاقتصادية والتقنية والتطبيقات الطبية والتعليمية والخدمية. وقد اعتادت الدولة وفق نظرة القيادة الثاقبة بعدم انتظار المستقبل، بل الدخول إليه والتنافس علـى تقنياته واستباق تحدياته ووضع الحلـول الناجحـة لهـا، وهـذا مـا يفسـر توجـه الدولـة الحثيـث نحـو الاستثمار في تفعيل تقنيات الجيل الرابـع مـن الثـورة الصـناعية وعلـى رأسـها الـذكاء الاصـطناعي لتحقيق أهـدافها التنمويـة الطموحـة باعتبـاره لغـة المسـتقبل.
لا أنكر وجود العديد من المخاطرالأمنية في هذا المجال وخاصة في أتممة الكثير من الخدمات أو تمكين الآلة في أخذ بعض القرارات اللازمة في دورة حياة الأنظمة. وهي تحديات لا بد منها عند ظهور أي تكنولوجيا حديثة، ولكن تحويل هذه التحديات إلى فرص نستغلها ونستفيد منها هو منهج حياتنا هنا وفق رؤية قيادتنا الرشيدة. فلا بد من رؤية الجانب الإيجابي أولاً والنفع العام لتكون حافزاً لرفع الجاهزية والتصدي للمخاطر المستقبلية. ودورنا في الأمن السيبراني سيساهم في تأمين البنية التحتية السيبرانية لهذه التكنولوجيا المتقدمة وتمكين التطور في المجالات التكنولوجية الحديثة و بالتالي دعم الاقتصاد الرقمي للدولة.
كيف يتمثل دور الذكاء الاصطناعي في المحافظة على الأمن السيبراني بدولة الإمارات؟ وهل أثبت نجاحه؟
الذكاء الاصطناعي يركز في المقام الأول على نشر التعلم الآلي (بمعنى أتمتة الأنشطة) لمعالجة الكميات الهائلة من البيانات والخروج بنماذج دقيقة تسهل وتسرع آليات الاستجابة بفعالية أكبر. حيث إن قدرة الذكاء الاصطناعي على القيام بهذه الأنشطة يتم على نطاق غير محدود تقريباً ومع سرعات تقترب من الوقت الفعلي. مما يجعل الذكاء الاصطناعي حليفاً للعنصر البشري لا يقدر بثمن في إطار برنامج الأمن السيبراني الحديث والفعال لتحقيق الحماية المطلوبة ضد التهديدات السيبرانية من متابعة وتحديد ورصد وصد وتحليل وغيرها من آليات الدفاع والحماية بما يشمل ضمان التزام وامتثال الأنظمة المختلفة للمعايير اللازمة. كما تعلمون، تعمل الدولة دوماً على مواكبة المتغيرات والتكنولوجيا الحديثة بصورة مستمرة وتكرس الجهود لتبني كل ما هو جديد ويعود بالنفع على ازدهار الدولة. هناك أمثلة عديدة لنجاح الذكاء الاصطناعي في مجالات عدة، مثل البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والذي تضمن العديد من البرامج، والمبادرات والشراكات الناجحة، ويرتكز البرنامج على خطة استراتيجية وطنية متكاملة تهتم بدعم قطاع الذكاء الاصطناعي والروبوتات والتعاملات الرقمية وغيرها من التقنيات ذات العلاقة وتضمن مبادرات وبرامج حكومية وخاصة تخدم جميع القطاعات الحيوية في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنها مبادرات مجتمعية وخدمية وحكومية وتطويرية وأمنية تنشئ سوقاً جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية.
أين توجهون خططكم في المرحلة المقبلة؟ وماهي القطاعات التي تتطلب منكم تكثيفاً في التعامل مع قضايا الأمن السيبراني في دولة الإمارات؟
في المرحلة القادمة، واستكمالاً لجهود الشركاء الرئيسيين، وانطلاقاً من نظرة قيادتنا الرشيدة، سيتم التركيز أكثر على المحاور الرئيسية لتطوير المنظومة الأمنية السيبرانية، وهي العنصر البشري والشق التكنولوجي ومحور السياسات والإجراءات.
أولاً: صقل مواهب العناصر البشرية، وتوعيتها، ونشر الثقافة والسلامة السيبرانية، لها أكبر الأثر في رفع المكانة السيبرانية للدولة، مع الحد من والتصدي للتهديدات، لكونهم هم خط الدفاع الأول.
ثانياً: الرقي بالمنظومات التكنولوجية وتحديثها وفق المتطلبات والمعطيات أيضاً، سيرفع من مؤشرات الأمن السيبراني للدولة عالمياً، ويضفي عليها دعماً لهذا الصد ويوفر آليات الردع للتهديدات.
ثالثاً: وضع السياسات والاستراتيجيات واللوائح التنظيمية وتحديثها باستمرار لمواكبة التغيرات الحاصلة، له أيضاً أكبر الأثر في محورت وتنظيم أطر العمل اللازمة للأمن السيبراني، بالإضافة إلى تسهيل العمل على رفع مستوى امتثال الجهات الحكومية والحيوية للمعايير والسياسات الوطنية الأمنية السيبرانية والتي أيضاً من شأنها رفع مستوي الأمن السيبراني في الدولة.
تزداد التهديدات انتشاراً وتطوراً باستهدافها لجميع القطاعات، ما يحتم تكثيف الجهود البشرية واستمرارية الابداع التكنولوجي وتطوير اللوائح التنظيمية، في هذا الشأن، وجعلها قادرة على مواكبة التغيرات الحاصلة. إن ديناميات التهديدات، يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة على أي قطاع أو كيان، بما في ذلك الدول، ومن ثم، فإن منعها قد يصبح أمراً مستحيلاً من الناحية النظرية. ولذلك، فلا بد من التوفر على القدرة الاستباقية الكفيلة بالرصد والحماية والمراقبة والقيام بالرد المناسب. وذلك سينعكس على ازدهار بيئة جذب الاقتصاد الرقمي الآمن، وكذلك ثقة القطاعات الموجودة في دولتنا، وخاصة في ظروف عالمية يمر بها العالم اليوم.

أجرى اللقاء: جاسم شاهين البلوشي – تصوير: محمد حسن الشاعر

Twitter
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض