DarkStar_Mage_Top_View

كيف يمكن أن تؤثر مقاتلات الجيل السادس على مستقبل القتال الجوي؟

تشهد‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المقاتلات‭ ‬الجوية‭ ‬تطوراً‭ ‬مستمراً،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الدور‭ ‬المحوري‭ ‬للهيمنة‭ ‬الجوية‭ ‬في‭ ‬حسم‭ ‬الصراعات‭ ‬والحروب‭ ‬الكبرى‭. ‬لذا‭ ‬فثمة‭ ‬تنافس‭ ‬حاد‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬لتعزيز‭ ‬قدرات‭ ‬مقاتلاتها‭ ‬الجوية‭ ‬لتحقيق‭ ‬التفوق‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬المعارك‭ ‬الحديثة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬تصاعد‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬باعتبارها‭ ‬الخيار‭ ‬الأفضل‭ ‬لتحقيق‭ ‬التفوق‭ ‬الجوي‭ ‬الحاسم‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬المستقبلية‭.‬

‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬عن‭ ‬استئناف‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬الجيل‭ ‬التالي‭ ‬للهيمنة‭ ‬الجوية‮»‬‭ (‬NGAD‭) ‬بهدف‭ ‬تطوير‭ ‬مقاتلات‭ ‬أمريكية‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬كشف‭ ‬الصين‭ ‬عن‭ ‬خطوات‭ ‬متقدمة‭ ‬لتطوير‭ ‬مقاتلاتها‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬ذاته،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يثير‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬بشأن‭ ‬ماهية‭ ‬هذه‭ ‬المقاتلات،‭ ‬ومدى‭ ‬تفوقها‭ ‬على‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس،‭ ‬وحدود‭ ‬التنافس‭ ‬الدولي‭ ‬الراهن‭ ‬لتطوير‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬من‭ ‬المقاتلات،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تلعبه‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الهيمنة‭ ‬الجوية‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬المستقبلية‭.‬

ماهية‭ ‬وسمات‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬

يعكس‭ ‬تاريخ‭ ‬تطور‭ ‬المقاتلات‭ ‬الجوية‭ ‬مدى‭ ‬الابتكار‭ ‬المستمر‭ ‬المدفوع‭ ‬بتطلعات‭ ‬وأهداف‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬المختلفة‭ ‬ورغبتها‭ ‬في‭ ‬حسم‭ ‬التفوق‭ ‬الجوي‭.‬‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬يتم‭ ‬تصنيف‭ ‬هذه‭ ‬الطائرات‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التطور‭ ‬والقدرات‭ ‬المختلفة‭ ‬لها‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬أجيال،‭ ‬بدأ‭ ‬الجيل‭ ‬الأول‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الطائرات‭ ‬النفاثة‭ ‬الرائدة،‭ ‬بدايةً‭ ‬من‭ ‬الطائرة‭ ‬الألمانية‭ ‬‮«‬ميسرشميت‭ ‬262‮»‬،‭ ‬وامتاز‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬بالمحركات‭ ‬النفاثة‭ ‬كبديل‭ ‬عن‭ ‬المحركات‭ ‬الدوارة‭ ‬والمحركات‭ ‬المكبسية‭. ‬ثم‭ ‬ظهرت‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬الثاني،‭ ‬خلال‭ ‬الخمسينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬مستخدمة‭ ‬صواريخ‭ ‬جو‭ ‬–‭ ‬جو‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬المدافع‭ ‬الرشاشة‭. ‬ومع‭ ‬مطلع‭ ‬السيتينات‭ ‬تم‭ ‬تطوير‭ ‬طائرات‭ ‬الجيل‭ ‬الثالث‭ ‬بسرعات‭ ‬عالية‭ ‬للغاية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أجنحة‭ ‬متغيرة‭ ‬هندسياً‭. ‬بينما‭ ‬تميزت‭ ‬طائرات‭ ‬الجيل‭ ‬الرابع،‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬السبعينات،‭ ‬بمهام‭ ‬متعددة‭ ‬وقدرة‭ ‬عالية‭ ‬على‭ ‬المناورة‭ ‬والتحكم‭ ‬السلكي‭. ‬وبداية‭ ‬من‭ ‬التسعينات،‭ ‬بدأ‭ ‬ظهور‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭ ‬والتي‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬قدرات‭ ‬متعددة‭ ‬الأدوار‭ ‬وقدرة‭ ‬عالية‭ ‬على‭ ‬المناورة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لسرعة‭ ‬تفوق‭ ‬سرعة‭ ‬الصوت،‭ ‬مع‭ ‬إمكانية‭ ‬التخفي‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬ستتميز‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬بخصائص‭ ‬غير‭ ‬محدودة،‭ ‬تتفوق‭ ‬على‭ ‬قدرات‭ ‬الأجيال‭ ‬السابقة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬امتلاكها‭ ‬قدرات‭ ‬قتال‭ ‬إلكترونية‭ ‬متقدمة،‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬القتال‭ ‬خارج‭ ‬مدى‭ ‬الرؤية‭ ‬ودعم‭ ‬الطيارين‭ ‬بالذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬

بالتالي،‭ ‬تستهدف‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬مزايا‭ ‬الأجيال‭ ‬السابقة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬قدرات‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بإمكانية‭ ‬التخفي‭ ‬والطيران‭ ‬الأسرع‭ ‬من‭ ‬الصوت‭ ‬والمناورة‭ ‬الاستثنائية،‭ ‬بل‭ ‬وتطوير‭ ‬هذه‭ ‬القدرات‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ،‭ ‬مع‭ ‬تزويد‭ ‬المقاتلات‭ ‬بتقنيات‭ ‬حديثة‭ ‬للغاية‭. ‬يتمثل‭ ‬أبرزها‭ ‬فيما‭ ‬يلي‭:‬

‭- ‬مستويات‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الاستقلالية‭:‬‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتميز‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬بدرجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الاستقلالية‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأجيال‭ ‬السابقة‭ ‬من‭ ‬المقاتلات،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سيمكنها‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بمهام‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيداً‭ ‬مع‭ ‬تدخل‭ ‬بشري‭ ‬أقل،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تعزيز‭ ‬مستويات‭ ‬كفاءة‭ ‬العمليات‭ ‬مع‭ ‬خفض‭ ‬المخاطر‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالطيارين‭.‬

‭- ‬قيادة‭ ‬أسراب‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭: ‬ستعمل‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬على‭ ‬قيادة‭ ‬أسراب‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬في‭ ‬المعارك‭ ‬المستقبلية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الشبكات‭. ‬وبسبب‭ ‬تزويد‭ ‬هذه‭ ‬المقاتلات‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬الداعمة،‭ ‬فإنها‭ ‬ستشكل‭ ‬تحدياً‭ ‬كبيراً‭ ‬بالنسبة‭ ‬لقدرة‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭.‬

‭- ‬الحروب‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الشبكات‭: ‬يعتمد‭ ‬تعريف‭ ‬الجيل‭ ‬التالي‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬المقاتلة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬عملياتي‭ ‬مختلف،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬صممت‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيلين‭ ‬الرابع‭ ‬والخامس‭ ‬لمهام‭ ‬مختلفة،‭ ‬فقد‭ ‬صممت‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬الرابع‭ ‬لتكون‭ ‬عالية‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬المناورة‭ ‬وتنفيذ‭ ‬ضربات‭ ‬على‭ ‬مسافات‭ ‬طويلة،‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬تم‭ ‬تصميم‭ ‬طائرات‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭ ‬للتركيز‭ ‬على‭ ‬مهام‭ ‬التخفي‭ ‬واستخدامها‭ ‬لتجاوز‭ ‬أنظمة‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬المتكاملة‭ ‬لتحييد‭ ‬الأهداف‭. ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق،‭ ‬يعكس‭ ‬السياق‭ ‬التشغيلي‭ ‬لمقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬أنها‭ ‬مصممة‭ ‬للعمل‭ ‬مع‭ ‬المركبات‭ ‬الجوية‭ ‬ذاتية‭ ‬القيادة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سيوفر‭ ‬منظومة‭ ‬قتالية‭ ‬تعاونية‭ ‬تشكل‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬عمل‭ ‬جماعية‭ ‬مأهولة‭ ‬وغير‭ ‬مأهولة‭.  ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭ ‬كانت‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الأنظمة‭ ‬الشبكية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬تتبني‭ ‬فكرة‭ ‬الحرب‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الشبكات‭ (‬Network‭ ‬–‭ ‬Centric Warfare‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬تتكامل‭ ‬المقاتلات‭ ‬مع‭ ‬شبكة‭ ‬أوسع‭ ‬من‭ ‬البيانات،‭ ‬وتصبح‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الشبكة‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬والطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬وأجهزة‭ ‬الاستشعار‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الموارد،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سيعزز‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الفعلي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيُحدث‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬وفي‭ ‬تكامل‭ ‬الأسلحة‭. ‬

‭- ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬تقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭:‬‭ ‬يعد‭ ‬إحدى‭ ‬أبرز‭ ‬السمات‭ ‬التي‭ ‬ستميز‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬هو‭ ‬استخدامها‭ ‬الواسع‭ ‬والمعقد‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وتوظيفه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحسين‭ ‬كيفية‭ ‬معالجة‭ ‬البيانات‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬تستقبلها‭ ‬مستشعراتها،‭ ‬كما‭ ‬ستتمكن‭ ‬الأسلحة‭ ‬الذكية‭ ‬في‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬بعضاً‭ ‬داخل‭ ‬ساحات‭ ‬المعركة،‭ ‬مع‭ ‬قدرات‭ ‬فائقة‭ ‬على‭ ‬تكييف‭ ‬أهدافها‭ ‬أثناء‭ ‬الطيران،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيدعم‭ ‬الطيارين‭ ‬لاتخاذ‭ ‬قرارت‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيداً‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬قتالية‭ ‬وبيئية‭ ‬متباينة‭. ‬

التنافس‭ ‬الدولي‭ ‬لتطوير‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس

‌ثمة‭ ‬تنافس‭ ‬دولي‭ ‬حاد،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين،‭ ‬لتطوير‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬حيث‭ ‬تسعى‭ ‬واشنطن‭ ‬حالياً‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬مقاتلتها‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬تسمى‭ (‬F-47‭)‬،‭ ‬لتحل‭ ‬مكان‭ ‬المقاتلة‭ ‬الشبحية‭ (‬F-22‭ ‬Raptor‭)‬،‭ ‬ويتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتميز‭ ‬الأولى‭ ‬بتصميم‭ ‬كبير‭ ‬نسبياً‭ ‬وعالي‭ ‬الأداء‭ ‬وبعيد‭ ‬المدى،‭ ‬مع‭ ‬قدرة‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬التخفي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لتزويدها‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستشعار‭ ‬المتقدمة‭ ‬وقدرات‭ ‬متقدمة‭ ‬لخوض‭ ‬الحروب‭ ‬الإلكترونية‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬برنامج‭ ‬تطوير‭ ‬هذه‭ ‬المقاتلة‭ ‬يعد‭ ‬مكلفاً‭ ‬للغاية،‭ ‬حيث‭ ‬تقدر‭ ‬تكلفة‭ ‬تطوير‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬بحوالي‭ ‬20‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬كما‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تبلغ‭ ‬تكلفة‭ ‬المقاتلة‭ ‬الواحدة‭ ‬حوالي‭ ‬300‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق،‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬لتعليق‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬الجيل‭ ‬التالي‭ ‬للهيمنة‭ ‬الجوية‮»‬‭ (‬NGAD‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬يستهدف‭ ‬تطوير‭ ‬هذه‭ ‬المقاتلة‭. ‬

لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬حاجة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لمقاتلة‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬صراع‭ ‬محتمل‭ ‬في‭ ‬الإندوباسيفيك‭ ‬دفعت‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الحالي،‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬لإستئناف‭ ‬برنامج‭ (‬NGAD‭)‬،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اتجاه‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحالية‭ ‬لخفض‭ ‬التكاليف‭ ‬الحكومية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬خفض‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬الدفاع‭ ‬الحالية‭. ‬فقد‭ ‬أعلن‭ ‬ترامب،‭ ‬في‭ ‬21‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬أن‭ ‬البنتاجون‭ ‬قد‭ ‬منح‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬بوينج‮»‬‭ ‬عقد‭ ‬إنتاج‭ ‬وتطوير‭ ‬الجيل‭ ‬التالي‭ ‬من‭ ‬برنامج‭ (‬NGAD‭).  ‬وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬برنامج‭ (‬NGAD‭) ‬عادةً‭ ‬ما‭ ‬يستخدم‭ ‬للإشارة‭ ‬إلى‭ ‬المقاتلة‭ ‬المأهولة‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬ينطوي‭ ‬بالأساس‭ ‬على‭ ‬مبادرة‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقاً،‭ ‬حيث‭ ‬تشمل‭ ‬أيضاً‭ ‬تطوير‭ ‬طائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬‮«‬طائرات‭ ‬القتال‭ ‬التعاونية‮»‬‭ ‬‭(‬CCA‭) ‬المستقلة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لمحركات‭ ‬نفاثة‭ ‬جديدة‭ ‬وأجهزة‭ ‬استشعار‭ ‬وأنظمة‭ ‬حرب‭ ‬إلكترونية‭ ‬وغيرها‭.‬

ووفقاً‭ ‬للتصاميم‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬نشرتها‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لمقاتلة‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬‮«‬F-47‮»‬،‭ ‬تتوافق‭ ‬هذه‭ ‬التصاميم‭ ‬مع‭ ‬الاتجاه‭ ‬العام‭ ‬لتطوير‭ ‬طائرات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬حيث‭ ‬تتميز‭ ‬هذه‭ ‬المقاتلة‭ ‬بذيول‭ ‬غير‭ ‬عمودية‭ ‬وتصميم‭ ‬جناح‭ ‬طائر‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬الصوت،‭ ‬لتحسين‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬التخفي‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬الاتجاهات،‭ ‬مع‭ ‬تميزها‭ ‬بأنف‭ ‬مسطح‭ ‬وجسم‭ ‬قابل‭ ‬للرفع،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لميزة‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأنظمة‭ ‬المأهولة‭ ‬وغير‭ ‬المأهولة‭. ‬ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬تشير‭ ‬هذه‭ ‬التصاميم‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬زوج‭ ‬من‭ ‬الأجنحة‭ ‬أمام‭ ‬الأجنحة‭ ‬الرئيسة‭ ‬للمقاتلة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬التخفي،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬استبدال‭ ‬الذيول‭ ‬العمودية‭ ‬بأجنحة‭ ‬كانارد‭ ‬التقليدية‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬الأجيال‭ ‬السابقة‭ ‬للمقاتلات‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬آليات‭ ‬جديدة‭ ‬أكثر‭ ‬تطوراً‭. ‬

لكن،‭ ‬يعكس‭ ‬تصميم‭ ‬المقاتلة‭ (‬F-47‭) ‬أن‭ ‬حجمها‭ ‬الإجمالي‭ ‬ليس‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ (‬F-22‭)‬،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ (‬F-47‭) ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعد‭ ‬مقاتلة‭ ‬تكتيكية،‭ ‬وليست‭ ‬منصة‭ ‬جوية‭ ‬متعددة‭ ‬الأغراض،‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬مهام‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭. ‬كما‭ ‬وُجهت‭ ‬بعض‭ ‬الانتقادات‭ ‬لاختيار‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬بوينج‮»‬‭ ‬لتطوير‭ ‬هذه‭ ‬المقاتلة‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬بدعوى‭ ‬افتقار‭ ‬الشركة‭ ‬للقاعدة‭ ‬التقنية‭ ‬اللازمة‭ ‬لتطوير‭ ‬أساليب‭ ‬جديدة‭ ‬للتحكم،‭ ‬خاصةً‭ ‬وأن‭ ‬الشركة‭ ‬لم‭ ‬تفز‭ ‬بأي‭ ‬برنامج‭ ‬رئيسي‭ ‬للطائرات‭ ‬المقاتلة‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭. ‬

وعلى‭ ‬عكس‭ ‬البرنامج‭ ‬الأمريكي‭ ‬لمقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يدخل‭ ‬بعد‭ ‬مرحلة‭ ‬النموذج‭ ‬الأولى،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬بدأت‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬الاختبارات‭ ‬الأولية‭ ‬لمقاتلاتها‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭. ‬ففي‭ ‬26‭ ‬ديسمبر‭ ‬2024،‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬مقاتلتين‭ ‬صينيتين‭ ‬جديدتين‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬إحداهما‭ ‬كبيرة‭ ‬الحجم‭ ‬تم‭ ‬تصويرها‭ ‬فوق‭ ‬مدينة‭ ‬‮«‬تشنغدو‭ ‬الغربية‮»‬،‭ ‬موطن‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬تشنغدو‭ ‬إيروسبيس‮»‬‭ ‬الصينية‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬المقاتلات،‭ ‬أطلقت‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المقاتلة‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬J-36‮»‬،‭ ‬ويبلغ‭ ‬طولها‭ ‬حوالي‭ ‬23‭ ‬متراً،‭ ‬وباع‭ ‬جناحيها‭ ‬19‭ ‬متراً،‭ ‬ومساحة‭ ‬جناح‭ ‬واسعة‭ ‬تصل‭ ‬لنحو‭ ‬200‭ ‬متر‭ ‬مربع‭. ‬أما‭ ‬المقاتلة‭ ‬الأخرى،‭ ‬وهي‭ ‬الأصغر‭ ‬حجماً،‭ ‬فقد‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬‮«‬شتيانغ‮»‬،‭ ‬وأطلق‭ ‬عليها‭ ‬البعض‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬J-50‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬عكس‭ ‬تصميم‭ ‬المقاتلتين‭ ‬بعض‭ ‬المميزات‭ ‬الخاصة‭ ‬بمقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬كعدم‭ ‬وجود‭ ‬مثبتات‭ ‬عمودية‭ ‬وهيكل‭ ‬أجنحة‭ ‬مدمج‭. ‬ورغم‭ ‬الغموض‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يهيمن‭ ‬على‭ ‬المقاتلتين‭ ‬الصينيتين‭ ‬الجديدتين،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المقاتلة‭ ‬‮«‬J-36‮»‬‭ ‬تتميز‭ ‬بتصميم‭ ‬غير‭ ‬اعتيادي‭ ‬ثلاثي‭ ‬المحركات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لثلاثة‭ ‬مداخل‭ ‬هواء‭ ‬ومنافذ‭ ‬دفع‭ ‬ظاهرة،‭ ‬وتصميم‭ ‬معد‭ ‬للطيران‭ ‬الأسرع‭ ‬من‭ ‬الصوت‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التخفي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لامتلاك‭ ‬المقاتلة‭ ‬حجرة‭ ‬أسلحة‭ ‬داخلية‭ ‬مركزية‭ ‬كبيرة،‭  ‬بطول‭ ‬7‭.‬6‭ ‬متر،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لحجيرات‭ ‬جانبية،‭ ‬ما‭ ‬يرجح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬المقاتلة‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬منصة‭ ‬جديدة‭ ‬ذات‭ ‬اختراق‭ ‬عميق‭. ‬

وقد‭ ‬كشفت‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬أن‭ ‬مقاتلتي‭ ‬بكين‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬تتفوق‭ ‬على‭ ‬التقنيات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والروسية‭ ‬الحالية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اعتمادها‭ ‬على‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وتحسين‭ ‬قدرات‭ ‬التخفي‭ ‬وسرعتها‭ ‬الفائقة‭ ‬لسرعة‭ ‬الصوت،‭ ‬وتزويدها‭ ‬بأسلحة‭ ‬أكثر‭ ‬تطوراً‭. ‬بالإضافة‭ ‬لذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬لقدرات‭ ‬توليد‭ ‬الطاقة‭ ‬للمقاتليتين‭ ‬الصينيتين‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬توليد‭ ‬حوالي‭ ‬1‭ ‬ميجاوات،‭ ‬كما‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬نظامهما‭ ‬الشبكي‭ ‬المتكامل‭ ‬تغييراً‭ ‬جذرياً‭ ‬في‭ ‬ديناميكيات‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الإندوباسيفيك‭.‬

ويتسق‭ ‬هذا‭ ‬الطرح‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تطوير‭ ‬الصين‭ ‬لمقاتلاتها‭ ‬الشبحية‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬يشكل‭ ‬بداية‭ ‬تحول‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬ديناميكيات‭ ‬القوة‭ ‬الجوية‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية،‭ ‬إذ‭ ‬أنها‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬فيها‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬بتطوير‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬لمقاتلات‭ ‬جوية‭ ‬أكثر‭ ‬تقدماً‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭. ‬وربما‭ ‬تزداد‭ ‬اهمية‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬بسبب‭ ‬محورية‭ ‬التفوق‭ ‬الجوية‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬الهيمنة‭ ‬العسكرية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭.  ‬وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المدى‭ ‬القتالي‭ ‬للمقاتلات‭ ‬الصينية‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬يتجاوز‭ ‬2500‭ ‬كيلومتر‭ (‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1500‭ ‬ميل‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيجعلها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬القواعد‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬البعيد،‭ ‬في‭ ‬غوام‭ ‬ودييغو‭ ‬غارسيا،‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬ألاسكا‭. ‬

واستناداً‭ ‬للوقت‭ ‬الذي‭ ‬استغرقته‭ ‬الصين‭ ‬لتطوير‭ ‬مقاتلاتها‭ ‬من‭ ‬الجيلين‭ ‬الرابع‭ ‬والخامس،‭ ‬بدايةً‭ ‬من‭ ‬النموذج‭ ‬الأولي‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الإنتاج،‭ ‬ترجح‭ ‬التقديرات‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬المقاتلتان‭ ‬الصينيتان‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬إلى‭ ‬الخدمة‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2031‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تستغرق‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حوالي‭ ‬12‭ ‬عاماً‭ ‬لإنتاج‭ ‬مقاتلها‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقاً‭ ‬للجدول‭ ‬الزمني‭ ‬الذي‭ ‬استغرقته‭ ‬مقاتلتي‭ ‬F-35‭ ‬وF-22‭. ‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬نماذج‭ ‬المقاتلتين‭ ‬الصينيتين‭ (‬J-36‭) ‬و‭(‬J-50‭) ‬أكبر‭ ‬حجماً‭ ‬بكثير‭ ‬مقارنة‭ ‬بالمقاتلات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحالية‭ (‬F-35‭) ‬و‭(‬F-22‭). ‬حيث‭ ‬ينتقد‭ ‬الصينيون‭ ‬فكرة‭ ‬الحجم‭ ‬الصغير‭ ‬للمقاتلات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأحدث،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الحجم‭ ‬الصغير‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬كمية‭ ‬الوقود‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬للمقاتلة‭ ‬حملها،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬توليد‭ ‬الطاقة،‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬أهمية‭ ‬حيوية‭ ‬لتشغيل‭ ‬الأنظمة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬المتقدمة‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فالحجم‭ ‬الداخلي‭ ‬الهائل‭ ‬للمقاتلات‭ ‬الصينية‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬تعكس‭ ‬قدرة‭ ‬هائلة‭ ‬على‭ ‬توليد‭ ‬الطاقة،‭ ‬حيث‭ ‬تركز‭ ‬بكين‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬منصة‭ ‬كهربائية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تشغيل‭ ‬رادارات‭ ‬عالية‭ ‬الطاقة،‭ ‬وأنظمة‭ ‬أسلحة‭ ‬الطاقة‭ (‬EW‭). ‬

وبالإضافة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين،‭ ‬تعمل‭ ‬بعض‭ ‬القوى‭ ‬الأوروبية‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬تشارك‭ ‬فرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬وأسبانيا‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬برنامج‭ ‬نظام‭ ‬القتال‭ ‬الجوي‭ ‬المستقبلي‭ (‬FCAS‭)‬،‭ ‬بغية‭ ‬تطوير‭ ‬مقاتلة‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭. ‬وعلى‭ ‬المنوال‭ ‬ذاته‭ ‬تعمل‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬واليابان‭ ‬وإيطاليا‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬آخر‭ ‬لتطوير‭ ‬مقاتلة‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬وذلك‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ ‬القتال‭ ‬الجوي‭ ‬العالمي‭ (‬GCAP‭). ‬كما‭ ‬أعلنت‭ ‬روسيا،‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2024،‭ ‬أنها‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬مقاتلات‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬لكنها‭ ‬ألمحت‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬المقاتلات‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬ضمن‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050‭.‬

مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬وتحقيق‭ ‬الهيمنة‭ ‬الجوية

‌سادت‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬جدلية‭ ‬تتعلق‭ ‬بانتهاء‭ ‬عصر‭ ‬التفوق‭ ‬الجوي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لفكرة‭ ‬تحويل‭ ‬التركيز‭ ‬من‭ ‬السعي‭ ‬لضمان‭ ‬التفوق‭ ‬الجوي‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالقدرات‭ ‬الهجوية‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬ستوفرها‭ ‬قاذفة‭ (‬B-21‭ ‬Raider‭) ‬الشبحية‭. ‬كما‭ ‬استكشفت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بدائل‭ ‬لمقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطوير‭ ‬طائرة‭ ‬مصغرة‭ ‬بتكلفة‭ ‬منخفضة،‭ ‬لتكون‭ ‬بمثابة‭ ‬وحدة‭ ‬تحكم‭ ‬جوي‭ ‬للطائرات‭ ‬المسيرة‭. ‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬التنافس‭ ‬الدولي‭ ‬الراهن‭ ‬يدعم‭ ‬استمرارية‭ ‬الدور‭ ‬المحوري‭ ‬للهيمنة‭ ‬الجوية‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬الكبرى‭ ‬المستقبلية،‭ ‬حيث‭ ‬تعتمد‭ ‬القوة‭ ‬المشتركة‭ ‬على‭ ‬التفوق‭ ‬الجوي،‭ ‬وبدون‭ ‬هذا‭ ‬التفوق‭ ‬ستصبح‭ ‬كافة‭ ‬المهام‭ ‬والأهداف‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مستحيلة‭. ‬وربما‭ ‬يدعم‭ ‬هذا‭ ‬الطرح‭ ‬التحركات‭ ‬الصينية‭ ‬المتسارعة‭ ‬لتطوير‭ ‬مقاتلات‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬مع‭ ‬استئناف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لبرنامجها‭ ‬الخاص‭ ‬بتطوير‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬من‭ ‬المقاتلات،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬عصر‭ ‬التفوق‭ ‬الجوي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قائماً‭. ‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬كشفت‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬تحقيق‭ ‬التفوق‭ ‬الجوي‭ ‬في‭ ‬المعارك‭ ‬المتقدمة‭ ‬المستقبلية‭ ‬يتطلب‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مقاتلة‭ ‬شبحية‭ ‬مأهولة‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتسق‭ ‬مع‭ ‬مناقشات‭ ‬لجنة‭ ‬كبار‭ ‬ضباط‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬خلال‭ ‬الندوة‭ ‬التي‭ ‬نظمتها‭ ‬جمعية‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬والفضائية‭ (‬AFA‭)‬،‭ ‬مطلع‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬بشأن‭ ‬‮«‬طائرات‭ ‬الجيل‭ ‬التالي‭ ‬والهيمنة‭ ‬الجوية‮»‬‭ (‬NGAD‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬طائرات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬تشكل‭ ‬الخيار‭ ‬الأفضل‭ ‬لتحقيق‭ ‬التفوق‭ ‬الجوي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التنافس‭ ‬الحاد‭ ‬الذي‭ ‬يشهده‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الراهن‭. ‬

بالتالي،‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬عند‭ ‬دخولها‭ ‬الخدمة،‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬طبيعة‭ ‬القتال‭ ‬الجوي‭ ‬القائم‭ ‬حالياً،‭ ‬مع‭ ‬بلورة‭ ‬استراتيجيات‭ ‬جديدة‭ ‬لهذا‭ ‬القتال،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬القدرات‭ ‬المتقدمة‭ ‬التي‭ ‬ستميز‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬من‭ ‬المقاتلات،‭ ‬كما‭ ‬ستوفر‭ ‬هذه‭ ‬المقاتلات‭ ‬قدرة‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬التهديدات‭ ‬المستقبلية،‭ ‬ما‭ ‬يضمن‭ ‬هيمنة‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الجوية‭ ‬والفضائية‭ ‬والسيبرانية‭. ‬

مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬والحروب‭ ‬المستقبلية

‌كشف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬الغربية‭ ‬أن‭ ‬مقاتلة‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬سوف‭ ‬تحدث‭ ‬تغييراً‭ ‬جذرياً‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬المستقبلية‭. ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬احتمالات‭ ‬اندلاع‭ ‬مواجهات‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الإندوباسيفك،‭ ‬تعاظمت‭ ‬الأهمية‭ ‬الحاسمة‭ ‬لـ«المدى‭ ‬الطويل‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬للتزود‭ ‬بالوقود‮»‬‭ ‬Long Unrefuelled Range‭ ‬بالنسبة‭ ‬للقدرات‭ ‬المتقدمة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والصينية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬عززت‭ ‬بكين‭ ‬قدراتها‭ ‬بترسانة‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬وصواريخ‭ ‬كروز‭ ‬كي‭ ‬تجعل‭ ‬قواعد‭ ‬العمليات‭ ‬الأمامية‭ ‬للقوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وكذا‭ ‬حلفاء‭ ‬واشنطن،‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬صدام‭ ‬كبير‭. ‬كذا،‭ ‬تمتلك‭ ‬الصين‭ ‬آلاف‭ ‬الصواريخ‭ ‬المتطورة‭ ‬المضادة‭ ‬للسفن،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ستحتاج‭ ‬فرق‭ ‬العمل‭ ‬التابعة‭ ‬للبحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬مسافات‭ ‬بعيدة‭ ‬كي‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬إطلاق‭ ‬طلعات‭ ‬جوية‭ ‬باتجاه‭ ‬تايوان‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬نقاط‭ ‬التوتر‭ ‬المحتملة‭. ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬تعتمد‭ ‬القوى‭ ‬الجوية‭ ‬التكتيكية‭ ‬الأمريكية‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬ناقلات‭ ‬وقود‭ ‬جوية‭ ‬كبيرة‭ ‬وغير‭ ‬مسلحة،‭ ‬وتحتاج‭ ‬للتحليق‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬مئات‭ ‬الأميال‭ ‬البحرية‭ ‬من‭ ‬البر‭ ‬الصيني‭ ‬لتزويد‭ ‬المقاتلات‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالوقود‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬العمليات‭ ‬والأهداف‭ ‬المقصودة‭. ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تجهيزها‭ ‬بخزانات‭ ‬وقود‭ ‬خارجية،‭ ‬فإن‭ ‬نصف‭ ‬قطر‭ ‬القتال‭ ‬للمقاتلات‭ ‬الحالية‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬مئات‭ ‬الأميال‭ ‬البحرية‭. ‬وقد‭ ‬أدركت‭ ‬الصين‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬الحرجة‭ ‬لدى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وطورت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬لدعم‭ ‬الاشتباكات‭ ‬ضد‭ ‬ناقلات‭ ‬الوقود‭ ‬على‭ ‬مسافات‭ ‬بعيدة‭. ‬

ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق،‭ ‬سيكون‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬المتطلبات‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬المقاتلات‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬نصف‭ ‬القطر‭ ‬القتالي‭ ‬لها،‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬للتزود‭ ‬بالوقود،‭ ‬1000‭ ‬ميل‭ ‬بحري،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬قواعد‭ ‬أسهل‭ ‬دفاعاً،‭ ‬مع‭ ‬تقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬ناقلات‭ ‬الوقود‭ ‬المعرضة‭ ‬للخطر،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬القدرات‭ ‬المحسنة‭ ‬ستحتاج‭ ‬مقاتلة‭ ‬أكبر‭ ‬حجماً،‭ ‬مع‭ ‬تكلفة‭ ‬اقتناء‭ ‬وتشغيل‭ ‬أعلى‭ ‬بكثير‭ ‬مقارنة‭ ‬بمقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭. ‬

وعلى‭ ‬المنوال‭ ‬ذاته،‭ ‬تنطوي‭ ‬أي‭ ‬مواجهات‭ ‬محتملة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ (‬الإندوباسيفك‭) ‬على‭ ‬تحديات‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأخيرة،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬امتلاك‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬خيارات‭ ‬متقدمة‭ ‬لمطاردة‭ ‬أي‭ ‬طائرة‭ ‬ناقلة‭ ‬تابعة‭ ‬للجيش‭ ‬الصيني‭ ‬حال‭ ‬ابتعادها‭ ‬عن‭ ‬البر‭ ‬الرئيسي‭ ‬لبكين‭. ‬وبالتالي،‭ ‬تحتاج‭ ‬القوات‭ ‬الصينية‭ ‬لاستخدام‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬لفترات‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬مسح‭ ‬جوية‭ ‬عبر‭ ‬مسافات‭ ‬واسعة‭. ‬

ويعكس‭ ‬النهج‭ ‬الصيني‭ ‬الراهن‭ ‬تجاه‭ ‬تطوير‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬تحولاً‭ ‬شاملاً‭ ‬في‭ ‬التفكير‭ ‬العسكري‭ ‬التكتيكي،‭ ‬الأمر‭ ‬الي‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬انعكاسات‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬الحروب‭ ‬المستقبلية‭ ‬عالية‭ ‬المستوى،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬بؤرة‭ ‬الصراع‭ ‬الرئيسية‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬بمنطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‭. ‬ومع‭ ‬استمرار‭ ‬بكين‭ ‬في‭ ‬تحديث‭ ‬شامل‭ ‬لقدراتها‭ ‬العسكرية،‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يميل‭ ‬التوازن‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬لصالح‭ ‬الصين‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬المقبل،‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬استبعاد‭ ‬تصدر‭ ‬بكين‭ ‬لقائمة‭ ‬الدول‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المقاتلات‭ ‬الجوية‭. ‬

لذا،‭ ‬يعكس‭ ‬التنافس‭ ‬الأمريكي‭ ‬–‭ ‬الصيني‭ ‬الراهن‭ ‬لتطوير‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬مدى‭ ‬التأثيرات‭ ‬المحتملة‭ ‬لهذه‭ ‬المقاتلات‭ ‬على‭ ‬الحروب‭ ‬المستقبلية،‭ ‬والتي‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬الدول‭ ‬المختلفة‭ ‬لإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬عقائدها‭ ‬العسكرية،‭ ‬نظراً‭ ‬لقدرتها‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬المهام‭ ‬بسرعة‭ ‬وحسم‭ ‬وبدرجة‭ ‬دقة‭ ‬أعلى‭ ‬وعبر‭ ‬مسافات‭ ‬واسعة‭ ‬للغاية،‭ ‬كما‭ ‬ستساعد‭ ‬الأنظمة‭ ‬المستقلة‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬مستوى‭ ‬التكامل‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيتمخض‭ ‬عنه‭ ‬تغييرات‭ ‬كبيرة‭ ‬متوقعة‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الدفاعية‭ ‬ومستقبل‭ ‬الحروب‭ ‬السيبرانية‭.‬

تحديات‭ ‬قائمة

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الدور‭ ‬المحوري‭ ‬الذي‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تحدثه‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬المستقبلية‭ ‬وتحقيق‭ ‬الهيمنة‭ ‬الجوية،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬تطوير‭ ‬هذه‭ ‬المقاتلات‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يواجه‭ ‬بعض‭ ‬التحديات‭ ‬الرئيسة،‭ ‬يتعلق‭ ‬أبرزها‭ ‬بالارتفاع‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬تكلفة‭ ‬تطوير‭ ‬وإنتاج‭ ‬هذه‭ ‬المقاتلات،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تقنيات‭ ‬التجميع‭ ‬الرقمية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تلبي‭ ‬التوقعات،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬التأخيرات‭ ‬المتوقعة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬دخول‭ ‬هذه‭ ‬المقاتلات‭ ‬للخدمة‭. ‬

لكن،‭ ‬ترتبط‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬بالبرنامج‭ ‬الأمريكي‭ ‬لتطوير‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬وبدرجة‭ ‬أقل‭ ‬بالبرنامج‭ ‬الصيني،‭ ‬فبينما‭ ‬يواجه‭ ‬البرنامجان‭ ‬التحدي‭ ‬ذاته‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بارتفاع‭ ‬التكاليف،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬البرنامج‭ ‬الصيني‭ ‬يواجه‭ ‬تحديات‭ ‬أقل‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتوقيت‭ ‬الزمني‭. ‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬استمرار‭ ‬الجدل‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبل‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭ ‬قناعة‭ ‬باتت‭ ‬راسخة‭ ‬لدى‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬المتنافسة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الخيار‭ ‬الأفضل‭ ‬لتحقيق‭ ‬التفوق‭ ‬الجوي‭ ‬الحاسم‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬المستقبلية‭ ‬يتضمن‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أسطول‭ ‬من‭ ‬المقاتلات‭ ‬الشبحية‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس،‭ ‬والتي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬منظومة‭ ‬قتالية‭ ‬شبكية،‭ ‬تشكل‭ ‬فيها‭ ‬المقاتلة‭ ‬المأهولة‭ ‬مركز‭ ‬القيادة‭ ‬الذي‭ ‬ينسق‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأصول‭ ‬الداعمة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬ومنصات‭ ‬الصواريخ‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تلاشي‭ ‬الحدود‭ ‬بين‭ ‬الحرب‭ ‬الجوية‭ ‬والفضائية‭ ‬والسيبرانية‭.‬

عدنان‭ ‬موسى‭  ‭‬(مدرس‭ ‬مساعد‭ ‬بكلية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والعلوم‭ ‬السياسية‭ ‬–‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة‭(‬

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض