حروب الجيل

حروب‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس أساليب‭ ‬التفجير‭ ‬من‭ ‬الداخل ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية

‮‬الجندي‭ – ‬خاص
صدر‭ ‬مطلع‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬كتاب‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬حروب‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭.. ‬أساليب‭ ‬التفجير‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬ضمن‭ ‬سلسلة‭ ‬‮«‬كتب‭ ‬المستقبل‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬تعاون‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬‮«‬العربي‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع‮»‬‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬المصرية‭ ‬القاهرة‭ ‬و»مركز‭ ‬المستقبل‭ ‬للأبحاث‭ ‬والدراسات‭ ‬المتقدمة‮»‬‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الإماراتية‭ ‬أبوظبي‭. ‬ويتناول‭ ‬الكتاب‭ ‬المكون‭ ‬من‭ ‬240‭ ‬صفحة‭ ‬من‭ ‬القطع‭ ‬المتوسط،‭ ‬توضيحاً‭ ‬لأجيال‭ ‬الحروب‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬الأول‭ ‬حتى‭ ‬الخامس،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬وتوضيحه‭ ‬بالاستناد‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المفاهيم‭ ‬ذات‭ ‬الصلة،‭ ‬مثل‭ ‬الحروب‭ ‬الهجينة،‭ ‬والمناطق‭ ‬الرمادية،‭ ‬ثم‭ ‬ينتقل‭ ‬لتوضيح‭ ‬الأشكال‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬الحروب،‭ ‬وأبعادها‭ ‬الجديدة ‭.‬
ويرى‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬3‭ ‬فصول،‭ ‬أن‭ ‬الأداة‭ ‬الأهم‭ ‬لتحصين‭ ‬المجتمعات‭ ‬ضد‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬سياسات‭ ‬الحكم‭ ‬الرشيد‭ ‬وإدارة‭ ‬عملية‭ ‬استباقية‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬التحسين‭ ‬المادي‭ ‬لجوانب‭ ‬الضعف‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ويدعو‭ ‬إلى‭ ‬الاستغلال‭ ‬الإيجابي‭ ‬لطاقات‭ ‬الشباب‭ ‬وتمكينهم‭ ‬مجتمعيا‭ ‬لمواجهة‭ ‬ظواهر‭ ‬مثل‭ ‬البطالة‭ ‬وعدم‭ ‬المساواة،‭ ‬لكي‭ ‬تحافظ‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬شرعيتها‭ ‬أمام‭ ‬مواطنيها‭ ‬لمواجهة‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الاختراق ‭.‬
وسعى‭ ‬مؤلف‭ ‬الكتاب‭ ‬الدكتور‭ ‬شادي‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬منصور،‭ ‬رئيس‭ ‬التحرير‭ ‬التنفيذي‭ ‬لدورية‭ ‬اتجاهات‭ ‬الأحداث،‭ ‬ورئيس‭ ‬وحدة‭ ‬تقدير‭ ‬الاتجاهات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬المستقبل‭ ‬للأبحاث‭ ‬والدراسات‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬أبوظبي،‭ ‬إلى‭ ‬توظيف‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬أجيال‭ ‬الحروب‭ ‬من‭ ‬الأول‭ ‬إلى‭ ‬الخامس‮»‬‭ ‬باعتباره‭ ‬تصنيفا‭ ‬مفيدا‭ ‬لتاريخ‭ ‬الحرب،‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬فهم‭ ‬ماضيها‭ ‬وعوامل‭ ‬تطورها‭ ‬لفهم‭ ‬أشكال‭ ‬الصراعات‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬حاليا ‭.‬
ويلفت‭ ‬الكتاب‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬حداثة‭ ‬تعبير‭ ‬‮«‬حروب‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬الجهد‭ ‬النظري‭ ‬حولها‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬الأخير،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬حروب‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭ ‬نوعية‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬صراع‭ ‬توظف‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬عدة‭ ‬مجالات‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬التقليدية،‭ ‬مضافا‭ ‬لها‭ ‬الأدوات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمعلوماتية‭ ‬والسيبرانية‭ ‬وغيرها،‭ ‬وتمزج‭ ‬بين‭ ‬التكتيكات‭ ‬التقليدية‭ ‬وغير‭ ‬التقليدية‭ ‬وتعتمد‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬تحالفات‭ ‬تضم‭ ‬فاعلين‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والفواعل‭ ‬المساعدة ‭.‬
ويصف‭ ‬الكتاب‭ ‬حروب‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬بلا‭ ‬قيود‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬فيها‭ ‬محظورات،‭ ‬وليست‭ ‬قاصرة‭ ‬على‭ ‬الدول،‭ ‬بل‭ ‬صارت‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬المجتمعات،‭ ‬وقد‭ ‬تلجأ‭ ‬لتطبيق‭ ‬فكرة‭ ‬أحد‭ ‬القادة‭ ‬العسكريين‭ ‬الصينيين،‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬أعظم‭ ‬درجات‭ ‬المهارة‭ ‬هي‭ ‬‮«‬تحطيم‭ ‬العدو‭ ‬دون‭ ‬قتال‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬خلالها‭ ‬أيضا‭ ‬يصعب‭ ‬تحديد‭ ‬هوية‭ ‬الطرف‭ ‬القائم‭ ‬بشن‭ ‬الحروب‭.‬
وتستند‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬أو‭ ‬الوطنية،‭ ‬وقد‭ ‬تؤجل‭ ‬أهدافها‭ ‬العسكرية‭ ‬لصالح‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الحروب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمعلوماتية‭ ‬وبناء‭ ‬تحالفات‭ ‬أوسع‭ ‬بهدف‭ ‬إسقاط‭ ‬الدولة‭ ‬المستهدفة‭. ‬ويشير‭ ‬الكتاب‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬مؤشرات‭ ‬التحول‭ ‬الراهن‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬الصراعات‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ»ضعف‭ ‬الولاء‮»‬‭ ‬للدولة‭ ‬الوطنية،‭ ‬حيث‭ ‬تعمل‭ ‬بعض‭ ‬التنظيمات‭ ‬والدول‭ ‬على‭ ‬توظيف‭ ‬الانتماء‭ ‬المذهبي‭ ‬والإثني‭ ‬سعيا‭ ‬لاختراق‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬ودفع‭ ‬مكوناتها‭ ‬المجتمعية‭ ‬للصراع‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬إثني‭ ‬أو‭ ‬عقائدي‭ ‬يبرر‭ ‬محاولات‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬سيطرة‭ ‬الحكومة‭ ‬المركزية‭ ‬ويعمل‭ ‬ضدها‭ ‬تحت‭ ‬زعم‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬مذاهب‭ ‬أسمى ‭.‬
ويضع‭ ‬المؤلف‭ ‬تنظيم‭ ‬‮«‬داعش‮»‬‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬التنظيمات‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬ومعها‭ ‬إيران‭ ‬التي‭ ‬تزعم‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬الأقليات‭ ‬الشيعية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وتوظف‭ ‬هذا‭ ‬الدافع‭ ‬لإضفاء‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬يصفها‭ ‬الكتاب‭ ‬بـ»العدوانية‮»‬‭. ‬ويحذر‭ ‬المؤلف‭ ‬مما‭ ‬يسمى‭ ‬بنمط‭ ‬الحروب‭ ‬بالوكالة‭ ‬ويضرب‭ ‬مثالا‭ ‬بما‭ ‬تفعله‭ ‬قوات‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬ويراها‭ ‬صورة‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬التوظيف‭ ‬الإيراني‭ ‬للوكلاء‭ ‬لمد‭ ‬نفوذه‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬المنطقة ‭.‬
ومما‭ ‬يلاحظه‭ ‬الكتاب‭ ‬أن‭ ‬الدعم‭ ‬الإيراني‭ ‬لم‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الجماعات‭ ‬الشيعية؛‭ ‬حيث‭ ‬عمدت‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬تالية‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬عدد‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬السنية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬ومنها‭ ‬‮«‬داعش‮»‬‭ ‬وحركة‭ ‬طالبان‭ ‬وحركة‭ ‬الشباب‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬الصومال ‭.‬
ويتناول‭ ‬الكتاب‭ ‬نوعية‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬هي‭ ‬الحروب‭ ‬الهجينة‭ ‬وثيقة‭ ‬الصلة‭ ‬بحروب‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس،‭ ‬وتشير‭ ‬إلى‭ ‬دمج‭ ‬كامل‭ ‬للوسائل‭ ‬العسكرية‭ ‬وغير‭ ‬العسكرية‭ ‬للدولة‭ ‬لتحقيق‭ ‬هدف‭ ‬سياسي،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توظيف‭ ‬أنواع‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬القوى،‭ ‬وهو‭ ‬نمط‭ ‬تم‭ ‬تطبيقه‭ ‬بحسب‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬انتفاضات‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬الربيع‭ ‬العربي‮»‬‭.‬
ويشدد‭ ‬الكتاب‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬حروب‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬سابقاتها‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬بسبب‭ ‬طبيعتها‭ ‬كحروب‭ ‬شبكية،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬فيها‭ ‬مركز‭ ‬ثقل‭ ‬يعكس‭ ‬الهيكل‭ ‬المؤسسي‭ ‬للأطراف‭ ‬التي‭ ‬تخوض‭ ‬الصراع‭ ‬ويرتبط‭ ‬بهذا‭ ‬الملمح‭ ‬غياب‭ ‬القيادة‭ ‬لأن‭ ‬قادتها‭ ‬‮«‬أفراد‭ ‬يعملون‭ ‬بصورة‭ ‬لا‭ ‬مركزية‮»‬‭. ‬ويحدد‭ ‬الكتاب‭ ‬سبل‭ ‬وأساليب‭ ‬مواجهة‭ ‬حروب‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭ ‬التي‭ ‬تتنوع‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬التدابير‭ ‬الأمنية‭ ‬أو‭ ‬بناء‭ ‬شراكات‭ ‬وتحالفات‭ ‬مضادة،‭ ‬والأهم‭ ‬بناء‭ ‬استراتيجيات‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬توعية‭ ‬المجتمع‭ ‬بمخاطر‭ ‬الدعاوى‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬إسقاط‭ ‬الدولة،‭ ‬وتشمل‭ ‬هذه‭ ‬التدابير‭ ‬الاستثمار‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المراقبة‭ ‬والرصد‭ ‬وتوظيف‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬في‭ ‬التحليلات‭ ‬والتنبؤات‭. ‬

Twitter
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض