كتاب العدد 572

الأمن النووي: ضبط المفهوم وتحديد قضاياه بالتطبيق على منطقة الشرق الأوسط

يتصدَّر موضوع الكتاب أجندة الاهتمامات الأمنية للمجتمع الدولي منذ زمن بعيد؛ فمنذ الاستخدام الأول للسلاح النووي ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية؛ ظلَّ التهديد الأكبر للبشرية مرتبطًا باحتمالات الاستخدام الفعلي للأسلحة النووية؛ لما قد تنتجه من تدمير شامل يتجاوز حياة البشر وهياكل الدول إلى مناخ الأرض. وبحكم الخصائص التدميرية للأسلحة النووية استقر التفكير الاستراتيجي على أنها غير قابلة للاستخدام الفعلي في العمليات الحربية، هجومًا أو دفاعًا، وظلَّت وظيفتها الرئيسية هي الردع.

وبمرور الوقت ظهرت تهديدات أخرى لحالة الأمن النووي شملت نمو التجارة غير المشروعة في المواد والمعدَّات النووية؛ وكذلك تطورها فيما يُعرف بالسوق النووية السوداء، ومحاولات بعض التنظيمات الإرهابية امتلاك “قدرات نووية” خاصة بها، أو مهاجمة منشآت نووية قائمة، فيما يُعرف بالإرهاب النووي. وحتى على مستوى الاستخدام الفعلي للأسلحة النووية؛ فقد شهدت السنوات الأخيرة تطورات شديدة الأهمية، بدا منها أن فكرة الاستخدام الفعلي لتلك الأسلحة لم تعد مُستبعَدة كالسابق، وخاصة مع ظهور أنواع جديدة من الأسلحة النووية القابلة للاستخدام في مناطق محدودة، ويمكن التحكُّم في نتائج استخدامها.

وانطلاقًا ممَّا سبق يستعرض الكتاب التهديدات الرئيسية لحالة الأمن النووي، مع التطبيق على منطقة الشرق الأوسط، وفق منهج تحليلي يتناول أهم القضايا المرتبطة بالأمن النووي.

وفي كثير من الأحيان يختلط مفهوم الأمن النووي في الأذهان بغيره من المفاهيم، وخاصة مفهوم الأمان النووي، أو السلامة النووية؛ وقد يتعامل بعضهم مع المفهومَين بصفتهما مفهومًا واحدًا؛ وفي هذا السياق تناول الفصل الأول من الكتاب التعريف بمفهوم الأمن النووي، ومحدّداته الرئيسية، وكذلك الخطوط الفاصلة والنقاط المشتركة بين مفهومَي الأمن النووي، والأمان النووي.

كما ناقش الكتاب الجدل السائد بشأن التهديدات الرئيسية للأمن النووي، والقضايا المفترَض دراستها في إطاره؛ فبعض الاتجاهات تقصر تلك القضايا على الاتجار غير المشروع في المواد النووية، والإرهاب النووي. وثمَّة اتجاهات أخرى توَسِّع النطاق الموضوعي لمفهوم الأمن النووي، ليتضمن تهديدات مباشرة للأمن النووي في بعدَيه الإقليمي والعالمي تتعلق أساسًا بمخاطر الانتشار النووي.
وقد اعتمد الكتاب النطاق الأوسع للمفهوم، الذي يأخذ في الاعتبار التهديدات الرئيسية التي تعكس الرؤى الدولية المختلفة؛ ما يوسع النطاق الموضوعي للدراسة، ويزيده شمولًا وموضوعية في الطرح والتناول.

ويحدّد الكتاب مصادر تهديد حالة الأمن النووي في منطقة الشرق الأوسط، وآليات التعامل معها، وركَّز على ثلاثة مصادر رئيسية لتهديدات الأمن النووي في المنطقة: الأول هو التهديدات المفترضة التي تمثلها الأسلحة النووية الإسرائيلية على كل المستويات، وضمنها احتمالات الاستخدام الفعلي لتلك الأسلحة.

والمصدر الثاني للتهديد يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، وما يثيره من تهديدات محتملة، سواء استمر العمل بالاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه بين إيران والأعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا في منتصف يوليو 2015، أو لم يستمر.

ويتعلق المصدر الثالث بمخاطر الإرهاب النووي في المنطقة؛ حيث رُصِدت بعض المؤشرات التي تعزز تلك المخاطر، وتناولت الدراسة بعض أشكالها المحتمَلة، وفي مقدمتها سيناريو تصنيع “قنبلة ذريَّة”، وسيناريو مهاجمة المنشآت النووية في المنطقة، بمساراته المختلفة.

كما يستعرض الكتاب بعض آليات التعامل مع تهديدات الأمن النووي في منطقة الشرق الأوسط، وأهمُّها ثلاث آليات هي:
الأولى مبادرات إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية؛ وقد تطرَّق إلى صعوبات تطبيق تلك المبادرات على أرض الواقع.

الثانية التوازن النووي في منطقة الشرق الأوسط بسيناريوهاته المختلفة؛ ومنها: التوازن النووي من خارج المنطقة، وكذلك التوازن النووي المباشر، سواء على المستوى الثنائي بين إسرائيل وإيران، قياسًا إلى حالة الهند وباكستان، أو التوازن النووي المباشر المتعدد الأطراف، وهو القائم على فكرة امتلاك أكثر من دولة بالمنطقة غير إسرائيل السلاح النووي. كما تم التطرُّق إلى مسار التوازن النووي غير المباشر، أو ما بات يُعرَف في بعض الكتابات بمفهوم “الغطاء النووي”.

الآلية الثالثة هي الإجراءات والسياسات في مواجهة الإرهاب النووي بالمنطقة؛ حيث فَصَّل بعض السياسات والإجراءات بالتطبيق على بعض الحالات؛ بصفتها نماذج يمكن الاسترشاد بها لدى الدول العربية في المنطقة.

وفي نهاية الكتاب وُضِع عدد من الملحوظات الختامية والتوصيات، وقد قُسّمت على الموضوعات الرئيسية، بحسب ما ورد في فصول الكتاب الأربعة.

وحاول الكتاب عمومًا إلقاء الضوء على أهم ملامح قضية الأمن النووي؛ بما يؤدي إلى ترشيد النقاش العام بشأنها، ومزيد من الفهم لأبعادها، مع تقديم رؤية عربية تجاه قضية الأمن النووي، ترتكز على عناصر واضحة ومحدَّدة، ولا سيَّما أن الدول العربية تعاني أكثر من غيرها التهديدات النووية.

معلومات المؤلف

أشرف عبدالعزيز عبدالقادر، حاصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 2008، ويعمل باحثًا سياسيًّا بمجلس الشعب المصري منذ عام 2006. وقد سبق له أن عمل باحثًا سياسيًّا بالمركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية التابع لدولة الكويت بين عامي 2004-2009. وهو حاصل على زمالة الدراسات الاستراتيجية من المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية (ICFS) بالقاهرة في جمهورية مصر العربية عام 2009.

الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيَّة، سنة 2019

Instagram
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض