Militarisation of Artificial Intelligence2

عسكرة الذكاء الاصطناعي انعكاسات وتداعيات حصول شركات الذكاء الاصطناعي المدنية على عقود عسكرية

قامت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬الأمريكية‭ ‬بإبرام‭ ‬عقود‭ ‬ضخمة‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وكذلك‭ ‬نظيرتها‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬وتراجعت‭ ‬شركة‭ ‬ألفابت،‭ ‬المالكة‭ ‬لشركة‭ ‬جوجل،‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬2025،‭ ‬عن‭ ‬وعدها‭ ‬بعدم‭ ‬استخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لأغراض‭ ‬دفاعية‭ ‬وأمنية،‭ ‬مثل‭ ‬تطوير‭ ‬الأسلحة‭ ‬وأدوات‭ ‬المراقبة،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يثير‭ ‬التساؤل‭ ‬حول‭ ‬أخلاقية‭ ‬وقانونية‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬تجمع‭ ‬بيانات‭ ‬المواطنين‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬وتقوم‭ ‬بتوظيفها‭ ‬في‭ ‬تدريب‭ ‬نماذج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬تساؤلاً‭ ‬حول‭ ‬إمكانية‭ ‬انتهاك‭ ‬الخصوصية،‭ ‬وتوظيف‭ ‬البيانات‭ ‬لأغراض‭ ‬عسكرية،‭ ‬أو‭ ‬لأغراض‭ ‬التجسس‭. ‬وسوف‭ ‬يسعى‭ ‬التحليل‭ ‬إلى‭ ‬رصد‭ ‬تاريخ‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬ووزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ثم‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أبرز‭ ‬أشكال‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬وأسباب‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬الصاعدة،‭ ‬وأخيراً،‭ ‬التداعيات‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التعاون،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتأثيره‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تسببت‭ ‬تطبيقات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬تزايد‭ ‬سقوط‭ ‬الضحايا‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الحد‭ ‬منها‭. ‬

يعود‭ ‬نشأة‭ ‬وادي‭ ‬السيليكون‭ ‬إلى‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ففي‭ ‬خمسينيات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬بدأت‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬بهدف‭ ‬منافسة‭ ‬التفوق‭ ‬التكنولوجي‭ ‬للاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭. ‬وقد‭ ‬جعل‭ ‬ذلك‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أول‭ ‬داعم‭ ‬رئيسي‭ ‬لوادي‭ ‬السيليكون‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬لعبت‭ ‬مقاطعة‭ ‬سانتا‭ ‬كلارا،‭ ‬التي‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬اسم‭ ‬وادي‭ ‬السيليكون‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1971،‭ ‬دوراً‭ ‬حاسماً‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬أسلحة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الابتكارات‭ ‬المهمة،‭ ‬مثل‭ ‬الرادار‭ ‬والإنترنت،‭ ‬وجميع‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬العابرة‭ ‬للقارات‭ ‬التابعة‭ ‬للبحرية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬أقمارها‭ ‬الاستطلاعية‭ ‬وأنظمة‭ ‬التتبع،‭ ‬ومجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الإلكترونيات‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬مكونات‭ ‬أساسية‭ ‬للأسلحة‭ ‬عالية‭ ‬التقنية،‭ ‬مثل‭ ‬المقاتلات‭. ‬فلم‭ ‬تكن‭ ‬الطائرات‭ ‬مثل‭ ‬المقاتلة‭ ‬التكتيكية‭ ‬‮«‬إف‭ ‬–‭ ‬16‮»‬‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الطيران،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الاشتباك،‭ ‬بدون‭ ‬الترانزستورات‭ ‬والدوائر‭ ‬المتكاملة‭ ‬والمعالجات‭ ‬الدقيقة‭ ‬التي‭ ‬جمعت‭ ‬وعالجت‭ ‬بيانات‭ ‬الطيران،‭ ‬وربطت‭ ‬الطائرة‭ ‬بأنظمة‭ ‬القيادة‭ ‬والتحكم‭ ‬والاتصالات‭ ‬الخارجية،‭ ‬ووجهت‭ ‬القنابل‭ ‬والصواريخ‭ ‬‮«‬الذكية‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أهدافها‭. ‬

ونتيجة‭ ‬لهذه‭ ‬الشراكة،‭ ‬حقق‭ ‬وادي‭ ‬السيليكون‭ ‬عائدات‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬عقود‭ ‬الدفاع‭. ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬رونالد‭ ‬ريجان،‭ ‬حصلت‭ ‬مقاطعة‭ ‬سانتا‭ ‬كلارا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬5‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬سنوياً‭ ‬من‭ ‬العقود‭ ‬العسكرية،‭ ‬مما‭ ‬جعلها‭ ‬ثالث‭ ‬أكبر‭ ‬مستفيد‭ ‬من‭ ‬عقود‭ ‬البنتاجون‭ ‬بين‭ ‬الشركات‭ ‬الأمريكية‭. ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬أبلغت‭ ‬أكبر‭ ‬تسع‭ ‬شركات‭ ‬مقاولات‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وحدها‭ ‬عن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عقود‭ ‬الدفاع‭. ‬وكانت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬أيه‭ ‬إم‭ ‬دي‮»‬‭ (‬AMD‭) ‬في‭ ‬عقد‭ ‬التسعينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬خامس‭ ‬أكبر‭ ‬مورد‭ ‬مباشر‭ ‬للدوائر‭ ‬المتكاملة‭ ‬إلى‭ ‬البنتاجون‭.‬

شراكات‭ ‬بصيغ‭ ‬متعددة‭ ‬

تحتفظ‭ ‬وكالات‭ ‬مثل‭ ‬مكتب‭ ‬التحقيقات‭ ‬الفيدرالي،‭ ‬ومكتب‭ ‬السجون‭ ‬الفيدرالي‭ ‬وإدارة‭ ‬الهجرة‭ ‬والجمارك،‭ ‬ووزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وإدارة‭ ‬مكافحة‭ ‬المخدرات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بآلاف‭ ‬الصفقات‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬‮«‬أمازون‮»‬‭ ‬و»ديل‮»‬‭ ‬و«فيسبوك‮»‬،‭ ‬و«جوجل‮»‬‭ ‬و«إتش‭ ‬بي‮»‬‭ ‬و«آي‭ ‬بي‭ ‬إم‮»‬‭. ‬ومنذ‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬أبرمت‭ ‬مايكروسوفت‭ ‬وحدها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬5000‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الباطن‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭. ‬وتأتي‭ ‬شركتا‭ ‬‮«‬أمازون‮»‬‭ ‬و«جوجل‮»‬‭ ‬في‭ ‬المرتبتين‭ ‬التاليتين‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الحجم،‭ ‬بحوالي‭ ‬350‭ ‬و250‭ ‬عقداً‭ ‬على‭ ‬التوالي‭. ‬

ومن‭ ‬الأمثلة‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأجهزة‭ ‬الدفاعية‭ ‬وشركات‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬قيام‭ ‬وكالة‭ ‬مشاريع‭ ‬الأبحاث‭ ‬الدفاعية‭ ‬المتقدمة‭ (‬داربا‭)‬،‭ ‬إحدى‭ ‬أقسام‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬وكالات‭ ‬استخباراتية‭ ‬أمريكية‭ ‬أخرى،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1998،‭ ‬بتقديم‭ ‬تمويل‭ ‬إلى‭ ‬طلاب‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬ستانفورد،‭ ‬سيرجي‭ ‬برين‭ ‬ولاري‭ ‬بايج،‭ ‬لإنشاء‭ ‬شركة‭ ‬جوجل‭. ‬ويوضح‭ ‬هذا‭ ‬المثال‭ ‬كيف‭ ‬تدخلت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬لتمويل‭ ‬شركات‭ ‬في‭ ‬وادي‭ ‬السيليكون‭. ‬وكانت‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وتحديداً‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬ووكالة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي،‭ ‬تأمل‭ ‬أن‭ ‬يتمكن‭ ‬أبرز‭ ‬عالمين‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬الحاسوب‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬المعلومات‭ ‬غير‭ ‬السرية‭ ‬وبيانات‭ ‬المستخدمين،‭ ‬ودمجها‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬سيُعرف‭ ‬لاحقاً‭ ‬بالإنترنت،‭ ‬لبدء‭ ‬إنشاء‭ ‬مشاريع‭ ‬تجارية‭ ‬هادفة‭ ‬للربح‭ ‬تلبي‭ ‬احتياجات‭ ‬الشركات‭ ‬التجارية‭ ‬ومجتمع‭ ‬الاستخبارات،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مشروع‭ ‬يعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬أنظمة‭ ‬البيانات‭ ‬الرقمية‭ ‬الضخمة‮»‬‭ ‬‭(‬Massive Digital Data Systems‭). ‬وهدف‭ ‬المشروع‭ ‬إلى‭ ‬إرساء‭ ‬أسس‭ ‬نظام‭ ‬شامل‭ ‬للمراقبة‭ ‬الجماعية‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص،‭ ‬ويمكن‭ ‬من‭ ‬إيجاد‭ ‬طرق‭ ‬لتتبع‭ ‬الأفراد‭ ‬والجماعات‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭.‬

وتم‭ ‬تقديم‭ ‬مشروع‭ ‬أنظمة‭ ‬البيانات‭ ‬الرقمية‭ ‬الضخمة‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬علماء‭ ‬الحاسوب‭ ‬في‭ ‬جامعات‭ ‬مثل‭ ‬ستانفورد،‭ ‬ومعهد‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬للتقنية‭ (‬CalTech‭)‬،‭ ‬ومعهد‭ ‬ماساتشوستس‭ ‬للتقنية‭ (‬MIT‭)‬،‭ ‬وكارنيجي‭ ‬ميلون،‭ ‬وهارفارد،‭ ‬وغيرها،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬ورقة‭ ‬بيضاء‮»‬‭ ‬شرحت‭ ‬ما‭ ‬تأمل‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬المركزية،‭ ‬ووكالة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي،‭ ‬ووكالة‭ ‬مشاريع‭ ‬الأبحاث‭ ‬الدفاعية‭ ‬المتقدمة‭ ‬‮«‬داربا‮»‬،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الوكالات‭ ‬في‭ ‬تحقيقه‭. ‬وكان‭ ‬من‭ ‬المخطط‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تمويل‭ ‬هذا‭ ‬البحث‭ ‬وإدارته‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وكالات‭ ‬علمية‭ ‬غير‭ ‬سرية،‭ ‬مثل‭ ‬المؤسسة‭ ‬الوطنية‭ ‬للعلوم‭ (‬NSF‭)‬،‭ ‬مما‭ ‬يتيح‭ ‬إمكانية‭ ‬توسيع‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬إذا‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تطمح‭ ‬إليه‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬يمكن‭ ‬فهم‭ ‬أسباب‭ ‬توجيه‭ ‬اتهامات‭ ‬إلى‭ ‬شركة‭ ‬جوجل‭ ‬بأنها‭ ‬أنشأت‭ ‬‮«‬باباً‭ ‬خلفياً‮»‬‭ ‬لأجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬للولوج‭ ‬إلى‭ ‬أنظمتها‭ ‬والاطلاع‭ ‬على‭ ‬البيانات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمستخدمين‭ ‬التي‭ ‬تملكها،‭ ‬خاصة‭ ‬بعدما‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬وكالة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكية‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬اختراق‭ ‬بيانات‭ ‬المستخدمين‭ ‬لدى‭ ‬جوجل‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2013،‭ ‬وفقاً‭ ‬لتسريبات‭ ‬سنودن‭. ‬

وهناك‭ ‬شكل‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬اتخذته‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬فقد‭ ‬أقدمت‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬على‭ ‬تأسيس‭ ‬بعض‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬ونقل‭ ‬ملكيتها‭ ‬إلى‭ ‬شركات‭ ‬أخرى‭ ‬مستقلة‭ ‬في‭ ‬وداي‭ ‬السيليكون‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فإن‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬المركزية،‭ ‬قامت‭ ‬بتأسيس‭ ‬‮«‬شركة‭ ‬واجهة‮»‬‭ ‬لرأس‭ ‬المال‭ ‬الاستثماري‭ ‬التابعة‭ ‬لوكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬وادي‭ ‬السيليكون،‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬إن‭ ‬كيو‭ ‬تل‮»‬‭ (‬In-Q‭- ‬Tel‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬قامت‭ ‬بتمويل‭ ‬شركة‭ ‬خاصة‭ ‬ظاهرياً‭ ‬أخرى،‭ ‬تسمى‭ ‬‮«‬كيهول‭ ‬كوربوريشين‮»‬‭ (‬Keyhole Corporation‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬قامت‭ ‬بتطوير‭ ‬تقنية‭ ‬الخرائط‭ ‬‮«‬جوجل‭ ‬إيرث‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬تمكن‭ ‬المستخدمين‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الشارع،‭ ‬مع‭ ‬إضافة‭ ‬طبقات‭ ‬مثل‭ ‬الطرق‭ ‬والجسور‭ ‬والمحطات‭ ‬النووية‭ ‬والمدارس‭ ‬والشركات‭ ‬وغيرها‭. ‬وقامت‭ ‬‮«‬إن‭ ‬كيو‭ ‬تل‮»‬‭ (‬In-Q-Tel‭) ‬ببيع‭ ‬‮«‬كيهول‭ ‬كوربوريشين‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬شركة‭ ‬جوجل،‭ ‬لتقوم‭ ‬الأخيرة‭ ‬بإطلاق‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬جوجل‭ ‬إيرث‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬عملية‭ ‬الاستحواذ‭ ‬هذه‭. ‬كما‭ ‬تفاوضت‭ ‬جوجل‭ ‬مؤخراً‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬جيوآي‭ ‬كوربوريشين‮»‬‭ (‬GeoEye Corporation‭) ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬الوصول‭ ‬الحصري‭ ‬إلى‭ ‬الصور‭ ‬من‭ ‬قمرها‭ ‬الصناعي‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬تبلغ‭ ‬تكلفته‭ ‬502‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬بناؤه‭ ‬لتزويد‭ ‬مجتمع‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والمستخدمين‭ ‬المدنيين‭ ‬بأعلى‭ ‬دقة‭ ‬للصور‭ ‬الفضائية‭ ‬الملونة‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬المفتوحة‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬تمويل‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الوكالة‭ ‬الوطنية‭ ‬للاستخبارات‭ ‬الجغرافية‭ ‬المكانية‭ (‬NGA‭) ‬ومكتب‭ ‬الاستطلاع‭ ‬الوطني‭. ‬ويكشف‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬عن‭ ‬عمق‭ ‬وحجم‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الأجهزة‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬والدفاعية‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬وشركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭. ‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬اتخذت‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الأجهزة‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬والدفاعية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬وشركات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬شكلاً‭ ‬ثالثاً،‭ ‬وهو‭ ‬الاستثمار‭ ‬المشترك‭. ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬إن‭ ‬كيو‭ ‬تل‮»‬،‭ ‬و«جوجل‭ ‬فينتشيرز‮»‬‭ (‬Google Ventures‭)‬،‭ ‬الذراع‭ ‬الاستثماري‭ ‬لشركة‭ ‬جوجل‭ ‬العملاقة‭ ‬على‭ ‬الإنترنت،‭ ‬باستثمار‭ ‬ما‭ ‬يقل‭ ‬قليلاً‭ ‬عن‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬دولار‭ ‬لكل‭ ‬منهما‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ريكوردد‭ ‬فيوتشرز‮»‬‭ (‬Recorded Future‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬شركة‭ ‬تمتلك‭ ‬تقنية‭ ‬تراقب‭ ‬الإنترنت‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الفعلي‭ ‬للتنبؤ‭ ‬بالأحداث‭ ‬المستقبلية‭. ‬تستفيد‭ ‬جوجل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬لتعزيز‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬جمع‭ ‬وفهرسة‭ ‬البيانات‭ ‬المتاحة‭ ‬للجمهور‭ ‬لأغراض‭ ‬الإعلان‭ ‬والاستخدام‭ ‬الاستهلاكي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تركز‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬المركزية‭ ‬ووكالات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأخرى‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬على‭ ‬تحليل‭ ‬المعلومات‭ ‬المتاحة‭ ‬للجمهور‭ ‬لدعم‭ ‬‮«‬الاستخبارات‭ ‬مفتوحة‭ ‬المصدر‮»‬‭. ‬وتعد‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تستثمر‭ ‬فيها‭ ‬جوجل‭ ‬ومؤسسة‭ ‬مرتبطة‭ ‬بجهاز‭ ‬الاستخبارات‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الشركة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بشكل‭ ‬علني‭. ‬

كما‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬تطوير‭ ‬نظم‭ ‬داعمة‭ ‬لتطبيقات‭ ‬عسكرية،‭ ‬بل‭ ‬دخلت‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬شراكات‭ ‬عسكرية‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬دفاعية،‭ ‬فقد‭ ‬دخلت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ميتا‮»‬،‭ ‬المالكة‭ ‬لفيسبوك،‭ ‬كشريك‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬الناشئة‭ ‬‮«‬أندوريل‮»‬‭ (‬Anduril‭)‬،‭ ‬بهدف‭ ‬تطوير‭ ‬تقنيات‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬مجالي‭ ‬الواقع‭ ‬المعزز‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬ضمن‭ ‬مشروع‭ ‬أوسع‭ ‬لوزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬البنتاجون‮»‬‭ ‬تصل‭ ‬ميزانيته‭ ‬إلى‭ ‬22‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬القتالية‭ ‬والتكتيكية‭ ‬للجنود‭ ‬الأمريكيين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أجهزة‭ ‬ذكية‭ ‬قابلة‭ ‬للارتداء‭. ‬وستعمل‭ ‬‮«‬ميتا‮»‬‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬برمجيات‭ ‬متطورة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تتولى‭ ‬‮«‬أندوريل‮»‬‭ ‬تصميم‭ ‬الأجهزة‭ ‬الميدانية‭ ‬التي‭ ‬تتضمن‭ ‬خوذات‭ ‬ونظارات‭ ‬بتقنيات‭ ‬الواقع‭ ‬الممتد،‭ ‬تتيح‭ ‬للجنود‭ ‬رصد‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيّرة‭ ‬من‭ ‬مسافات‭ ‬بعيدة،‭ ‬وكشف‭ ‬أهداف‭ ‬مختفية‭ ‬عن‭ ‬الأنظار‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬قتالية‭ ‬معقدة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تشغيل‭ ‬أسلحة‭ ‬متقدمة‭ ‬مدعومة‭ ‬بأنظمة‭ ‬ذاتية‭ ‬التحكم‭.‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬دخلت‭ ‬‮«‬أوبن‭ ‬إيه‭ ‬آي‮»‬‭ ‬في‭ ‬شراكة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬أندوريل‮»‬،‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2024،‭ ‬لدمج‭ ‬تقنيتها‭ ‬في‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬ضمن‭ ‬الأنظمة‭ ‬المضادة‭ ‬للطائرات‭ ‬المسيّرة‭ ‬التي‭ ‬تنتجها‭ ‬شركة‭ ‬صناعة‭ ‬الأسلحة،‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬أهم‭ ‬دفعة‭ ‬للشركة‭ ‬المطورة‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬نحو‭ ‬قطاع‭ ‬الدفاع‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬ومن‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تعتمد‭ ‬‮«‬أندوريل‮»‬‭ ‬على‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬‮«‬أوبن‭ ‬إيه‭ ‬آي‮»‬‭ ‬لتعزيز‭ ‬قدراتها‭ ‬في‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬‮«‬التهديدات‭ ‬الجوية‮»‬‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيّرة،‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬جزءاً‭ ‬محورياً‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬الحديثة‭. ‬وتعتزم‭ ‬‮«‬أوبن‭ ‬إيه‭ ‬آي‮»‬‭ ‬استخدام‭ ‬بيانات‭ ‬‮«‬أندوريل‮»‬‭ ‬لتدريب‭ ‬برمجياتها‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬الدفاعية‭.‬

أسباب‭ ‬الشراكة‭ ‬المتزايدة

يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬أحد‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬هو‭ ‬اتجاهها‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬منظومات‭ ‬أسلحة‭ ‬مختلفة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬الطائرة‭ ‬المقاتلة‭ ‬الشبحية‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭ ‬‮«‬إف‭ ‬–‭ ‬35‮»‬‭. ‬صحيح‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬جديد‭ ‬فعلياً‭ ‬في‭ ‬تزويد‭ ‬المقاتلات‭ ‬بإلكترونيات‭ ‬وأجهزة‭ ‬استشعار‭ ‬وقنوات‭ ‬اتصال‭ ‬على‭ ‬متنها،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬المقاتلة‭ ‬مصممة‭ ‬أيضاً‭ ‬لتحتوي‭ ‬على‭ ‬مقعد‭ ‬لشخص‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬قمرة‭ ‬القيادة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬دور‭ ‬مساعد‭ ‬الطيار‭ ‬سيتم‭ ‬تنفيذه‭ ‬بواسطة‭ ‬خوارزميات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬والتي‭ ‬ستتولى‭ ‬بعض‭ ‬المهام‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تُسند‭ ‬عادةً‭ ‬إلى‭ ‬الطيار‭ ‬البشري‭. ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الأدوار‭ ‬التي‭ ‬ستلعبها‭ ‬المقاتلة‭ ‬دمج‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬المتفرقة‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستشعار‭ ‬ومصادر‭ ‬المعلومات‭ ‬الأخرى‭ ‬لخلق‭ ‬وعي‭ ‬ظرفي‭ ‬كامل‭ ‬للطيار‭ ‬البشري‭. ‬وتعرف‭ ‬قدرة‭ ‬خوارزميات‭ ‬البرمجيات‭ ‬على‭ ‬دمج‭ ‬البيانات‭ ‬من‭ ‬قنوات‭ ‬متعددة‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬دمج‭ ‬المستشعرات‮»‬‭ (‬Sensor Fusion‭).‬

وتم‭ ‬بالفعل‭ ‬تجربة‭ ‬استخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بنجاح‭ ‬كمساعد‭ ‬طيار‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬طائرة‭ ‬‮«‬يو‭ ‬–‭ ‬2‮»‬‭ (‬U-2‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬أقدم‭ ‬الطائرات‭ ‬في‭ ‬سلاح‭ ‬الجو‭ ‬الأمريكي‭. ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التجربة،‭ ‬تولى‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬مهام‭ ‬الملاحة‭ ‬التكتيكية‭ ‬وتشغيل‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستشعار،‭ ‬بينما‭ ‬تمكن‭ ‬الطيار‭ ‬البشري‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬قيادة‭ ‬الطائرة،‭ ‬والموافقة‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬الأسلحة،‭ ‬واعتماد‭ ‬التعديلات‭ ‬على‭ ‬خطط‭ ‬الطيران،‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬البشر‭ ‬الآخرين‭. ‬وبالتالي،‭ ‬تحوّلت‭ ‬إحدى‭ ‬أقدم‭ ‬القاذفات‭ ‬إلى‭ ‬أوائل‭ ‬الطائرات‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬تقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬قابلة‭ ‬للدمج‭ ‬في‭ ‬أجيال‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬الطائرات،‭ ‬كما‭ ‬يوضح‭ ‬المثال‭ ‬السابق‭.‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يتم‭ ‬توظيف‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬قنوات‭ ‬للتعاون‭ ‬بين‭ ‬الإنسان‭ ‬والآلة،‭ ‬إذ‭ ‬يمكن‭ ‬للمقاتلة‭ ‬‮«‬إف‭ ‬–‭ ‬35‮»‬‭ ‬أن‭ ‬ترافقها‭ ‬طائرة‭ ‬مسيّرة‭ ‬مستقلة‭ ‬تُعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الجناح‭ ‬الجوي‭ ‬الوفي‮»‬‭ (‬Loyal Wingman‭)‬،‭ ‬مثل‭ ‬الطائرة‭ ‬المسيرة‭ ‬‮«‬إكس‭ ‬كيو‭ ‬–‭ ‬58‭ ‬آي‭ ‬فالكيري‮»‬‭ (‬XQ-58A Valkyrie‭). ‬وسيساعد‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬المقاتلة‭ ‬‮«‬إف‭ ‬–‭ ‬35‮»‬‭ ‬في‭ ‬التحكم‭ ‬بهذه‭ ‬الطائرة‭ ‬المسيّرة،‭ ‬والتي‭ ‬ستعمل‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستشعار‭ ‬للمقاتلة،‭ ‬وزيادة‭ ‬مدى‭ ‬الاشتباك‭ ‬القتالي‭ ‬لها،‭ ‬كما‭ ‬تشمل‭ ‬مهامها‭ ‬استطلاع‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬الرادارات‭ ‬المعادية،‭ ‬واختبار‭ ‬الدفاعات‭ ‬الجوية‭ ‬للعدو‭ ‬وإرباكها،‭ ‬وجذب‭ ‬النيران‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬المقاتلة،‭ ‬ومسح‭ ‬السماء‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬التهديدات‭ ‬الجوية،‭ ‬وتمرير‭ ‬بيانات‭ ‬الاستهداف‭ ‬إلى‭ ‬الطائرات‭ ‬المأهولة،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬مهام‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والمراقبة‭ ‬والاستطلاع،‭ ‬وربما‭ ‬حمل‭ ‬أسلحة‭ ‬إضافية‭. ‬وستكون‭ ‬طائرة‭ ‬فالكيري‭ ‬المسيرة‭ ‬نفسها‭ ‬مزودة‭ ‬بتقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭.‬

ويكشف‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬أسباب‭ ‬اهتمام‭ ‬الشركات‭ ‬الدفاعية‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬بتطوير‭ ‬شراكات‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬نظراً‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬تمتلك‭ ‬من‭ ‬التكنولوجيات‭ ‬المتطورة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬المنظومات‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إليها‭ ‬الجيوش،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬الاتجاه‭ ‬لتوسيع‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الأسلحة‭ ‬المسيرة‭. ‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬سباقاً‭ ‬للتسلح‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭. ‬وامتد‭ ‬هذا‭ ‬السباق‭ ‬إلى‭ ‬مجال‭ ‬دمج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬منظومات‭ ‬الأسلحة‭ ‬المختلفة‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فإن‭ ‬روسيا‭ ‬تطور‭ ‬مقاتلاتها‭ ‬للجيل‭ ‬الخامس‭ ‬للعمل‭ ‬بالذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬ربطها‭ ‬بالطائرات‭ ‬المسيرة‭. ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬مصدر‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الطائرات‭ ‬الروسية،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬أنه‭ ‬سوف‭ ‬يتم‭ ‬تزويد‭ ‬المقاتلة‭ ‬‮«‬سو‭ ‬–‭ ‬57‮»‬‭ ‬ببرامج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬والتي‭ ‬ستحتوي‭ ‬على‭ ‬منظومة‭ ‬قيادة‭ ‬وأجهزة‭ ‬تسديد‭ ‬تنتقل‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬أوتوماتيكي‭ ‬لاستخدامها‭ ‬القتالي،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬سيتم‭ ‬دُمج‭ ‬مساعد‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬المقاتلة‭ ‬لتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬للطيار‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬عمليات‭ ‬الطيران‭ ‬الروتينية‮»‬‭ ‬وفي‭ ‬سيناريوهات‭ ‬القتال،‭ ‬كما‭ ‬تعتزم‭ ‬روسيا‭ ‬دعم‭ ‬مقاتلتها‭ ‬الشبحية‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس،‭ ‬بنظام‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬‮«‬إس‭ ‬–‭ ‬70‭ ‬أوخوتنيك‮»‬‭ (‬S-70‭ ‬Okhotnik‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬ستكون‭ ‬بمثابة‭ ‬جناح‭ ‬جوي‭ ‬للمقاتلة‭ ‬‮«‬سو‭ ‬–‭ ‬57‮»‬،‭ ‬وتهدف‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬القتالية‭ ‬للطائرات‭ ‬المأهولة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السباق‭ ‬المحموم،‭ ‬فإن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تسعى‭ ‬للريادة‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬شراكات‭ ‬واسعة‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭. ‬

مخاوف‭ ‬أخلاقية‭ ‬وحقوقية

‭ ‬هناك‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬توسع‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬شركات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬والدفاعية‭ ‬إلى‭ ‬تداعيات‭ ‬واسعة‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬خصوصية‭ ‬الأفراد،‭ ‬أو‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬القتل‭ ‬أثناء‭ ‬المعارك،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬إمكانية‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لشركات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬توجهات‭ ‬الناخبين‭. ‬ويمكن‭ ‬توضيح‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭: ‬

1‭. ‬انتهاكات‭ ‬الخصوصية‭ ‬للأفراد‭: ‬كما‭ ‬سلفت‭ ‬الإشارة،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬اتفاق‭ ‬مبدئي‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وشركة‭ ‬جوجل‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬آليات‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬مراقبة‭ ‬تفاعلات‭ ‬الأفراد‭ ‬على‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وبصورة‭ ‬تخدم‭ ‬المصالح‭ ‬الأمنية‭ ‬والتجارية‭ ‬للطرفين‭. ‬

ويتم‭ ‬اتهام‭ ‬الصين‭ ‬عادة‭ ‬بأنها‭ ‬توظف‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬مراقبة‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬دمج‭ ‬نظم‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والكاميرات،‭ ‬وتقنية‭ ‬التعرف‭ ‬إلى‭ ‬الوجه،‭ ‬يتيح‭ ‬للسلطات‭ ‬الصينية‭ ‬تتبع‭ ‬المعارضين‭ ‬والمنتقدين‭ ‬للحكومة،‭ ‬وتحديد‭ ‬تصريحاتهم‭ ‬ومواقعهم‭. ‬وهناك‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬قائمة‭ ‬فعلاً،‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬دمج‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬متعددة‭ ‬وتحليلها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الفعلي‭ ‬لصالح‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭. ‬ولا‭ ‬يختلف‭ ‬الأمر‭ ‬كثيراً‭ ‬بالنسبة‭ ‬للدول‭ ‬الغربية،‭ ‬فقد‭ ‬ظهرت‭ ‬تقارير‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬انتهاكات‭ ‬للخصوصية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬قيام‭ ‬وزارة‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬بمراقبة‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بموجب‭ ‬عقود‭ ‬حكومية‭ ‬مع‭ ‬متعاقدين‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬والذين‭ ‬يروّجون‭ ‬لقدرتهم‭ ‬على‭ ‬فحص‭ ‬ملايين‭ ‬المنشورات‭ ‬واستخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لتلخيص‭ ‬نتائجهم‭ ‬لصالح‭ ‬الزبائن‭ ‬الرئيسيين‭ ‬الذين‭ ‬يتعاملون‭ ‬معهم،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوكالات‭ ‬الحكومية‭. ‬وأكدت‭ ‬وزارة‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬الأمريكية‭ ‬أنها‭ ‬تستخدم‭ ‬أدوات‭ ‬رقمية‭ ‬لتحليل‭ ‬منشورات‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الخاصة‭ ‬بالأفراد‭ ‬المتقدمين‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬تأشيرات‭ ‬أو‭ ‬بطاقات‭ ‬إقامة‭ ‬دائمة‭. ‬ويقوم‭ ‬برنامج‭ ‬المراقبة‭ ‬بالبحث‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬مؤشرات‭ ‬على‭ ‬‮«‬خطاب‭ ‬متطرف‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬أنشطة‭ ‬معادية‭ ‬للسامية‮»‬‭. ‬وأثار‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬تعريف‭ ‬هذه‭ ‬المصطلحات،‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬الانتقادات‭ ‬العلنية‭ ‬لبعض‭ ‬الدول‭ ‬لتصنيف‭ ‬المتقدمين‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬‮«‬متعاطفون‭ ‬مع‭ ‬الإرهاب‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أنه‭ ‬الوعي‭ ‬الأوسع‭ ‬بممارسات‭ ‬المراقبة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬لم‭ ‬يؤد‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬قانوني‭ ‬حاسم‭ ‬يوقف‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭. ‬لذا،‭ ‬فإن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المفكرين‭ ‬الغربيين‭ ‬باتوا‭ ‬يعتقدون‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬وهماً‭ ‬بوجود‭ ‬خط‭ ‬واضح‭ ‬يفصل‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وأعدائها‭ ‬في‭ ‬ممارسات‭ ‬الرقابة‭ ‬الواسعة‭ ‬على‭ ‬المواطنين،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬باسم‭ ‬الأمن‭ ‬وحماية‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني،‭ ‬تستمر‭ ‬ممارسات‭ ‬المراقبة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الحريات‭ ‬المدنية‭.‬

2‭. ‬التورط‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭: ‬قامت‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالدخول‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬مشتركة‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لإمدادها‭ ‬بالحوسبة‭ ‬السحابية‭ ‬وتطبيقات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬ويتمثل‭ ‬إحدى‭ ‬هذه‭ ‬المشروعات‭ ‬في‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬نيمبوس‮»‬‭ (‬Project Nimbus‭)‬،‭ ‬والذي‭ ‬تصفه‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬باعتباره‭ ‬مشروعاً‭ ‬رائداً‭ ‬متعدد‭ ‬السنوات‭ ‬والأول‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ويقوده‭ ‬المحاسب‭ ‬العام‭ ‬لوزارة‭ ‬المالية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إدارة‭ ‬المشتريات‭ ‬الحكومية‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الوكالة‭ ‬الوطنية‭ ‬الرقمية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬والمديرية‭ ‬الوطنية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬للإنترنت،‭ ‬ووزارة‭ ‬الدفاع،‭ ‬وقوات‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وشركاء‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬الحكومة،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬المشروع‭ ‬ذات‭ ‬طبيعة‭ ‬عسكرية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬زعمت‭ ‬أمازون‭ ‬وجوجل،‭ ‬وهما‭ ‬المقاولان‭ ‬الرئيسيان‭ ‬في‭ ‬المشروع،‭ ‬بأنه‭ ‬مشروع‭ ‬مدني‭ ‬بحت،‭ ‬لكنَّ‭ ‬تحقيقاً‭ ‬أجرته‭ ‬مجلة‭ ‬وايرد‭ (‬Wired‭) ‬الأمريكية،‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬أظهر‭ ‬أن‭ ‬جيش‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬كان‭ ‬عنصراً‭ ‬أساسياً‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬نيمبوس‭ ‬منذ‭ ‬بدايته،‭ ‬حيث‭ ‬أرسى‭ ‬تصميم‭ ‬المشروع‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مستخدميه‭.‬

وتوفر‭ ‬شركة‭ ‬جوجل‭ ‬للمشروع‭ ‬السابق‭ ‬تقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وتعلم‭ ‬الآلة،‭ ‬والتي‭ ‬ستمنح‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بقدرات‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬التعرّف‭ ‬على‭ ‬الوجوه،‭ ‬والتصنيف‭ ‬الآلي‭ ‬للصور،‭ ‬وحتى‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحليل‭ ‬المشاعر‭ ‬داخل‭ ‬الصور‭ ‬والكلام‭ ‬والكتابة‭. ‬وستزيد‭ ‬تلك‭ ‬الإمكانيات‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الرقابة‭ ‬الصارمة‭ ‬للفلسطينيين‭. 

وحتى‭ ‬قبل‭ ‬توقيع‭ ‬صفقة‭ ‬مشروع‭ ‬نيمبوس‭ ‬المثيرة‭ ‬للجدل‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬كانت‭ ‬شركة‭ ‬جوجل‭ ‬تدرك‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬التحكم‭ ‬فيما‭ ‬ستفعله‭ ‬إسرائيل‭ ‬وجيشها‭ ‬بتكنولوجيا‭ ‬الحوسبة‭ ‬السحابية‭ ‬المتطورة،‭ ‬وفقاً‭ ‬لتقرير‭ ‬داخلي‭ ‬سري‭ ‬حصلت‭ ‬عليه‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬ذا‭ ‬أنترسيبت‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬شركة‭ ‬جوجل‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬مراقبة،‭ ‬أو‭ ‬منع‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬برامجها‭ ‬لإلحاق‭ ‬الأذى‭ ‬بالفلسطينيين‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يشير‭ ‬التقرير‭ ‬أيضاً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العقد‭ ‬قد‭ ‬يُلزم‭ ‬الشركة‭ ‬بعرقلة‭ ‬التحقيقات‭ ‬الجنائية‭ ‬التي‭ ‬تجريها‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬إسرائيل‭ ‬لتقنية‭ ‬جوجل،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬له‭ ‬مثيل‭ ‬في‭ ‬صفقات‭ ‬جوجل‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭. ‬وأصبحت‭ ‬مسألة‭ ‬المسؤولية‭ ‬القانونية‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬لجوجل‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬إسرائيل‭ ‬العام‭ ‬الثالث‭ ‬لما‭ ‬يُعتبر‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬وفقاً‭ ‬لصحف‭ ‬غربية،‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬يضغط‭ ‬المساهمون‭ ‬على‭ ‬شركة‭ ‬جوجل‭ ‬لإجراء‭ ‬التحقيقات‭ ‬اللازمة‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬تقنيتها‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬أم‭ ‬لا‭.‬

وهناك‭ ‬مؤشرات‭ ‬متزايدة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬قامت‭ ‬بتوظيف‭ ‬برامج‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬شركات‭ ‬مايكروسوفت‭ ‬وجوجل‭ ‬وميتا‭ ‬خلال‭ ‬معاركها‭ ‬ضد‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬دمجت‭ ‬إسرائيل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬مع‭ ‬تقنيات‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الوجه‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬الوجوه‭ ‬المشوهة‭ ‬جزئياً‭ ‬أو‭ ‬المصابة،‭ ‬ولتحديد‭ ‬أهداف‭ ‬للغارات‭ ‬الجوية،‭ ‬كما‭ ‬طورت‭ ‬نموذجاً‭ ‬لغوياً‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬لتشغيل‭ ‬روبوت‭ ‬دردشة‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تحليل‭ ‬الرسائل‭ ‬النصية‭ ‬والمنشورات‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وبيانات‭ ‬أخرى‭. ‬

وشاركت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬جنود‭ ‬الاحتياط‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬شركات‭ ‬مثل‭ ‬جوجل‭ ‬ومايكروسوفت‭ ‬وميتا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المشروعات‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وحدة‭ ‬8200،‭ ‬فيما‭ ‬أصبح‭ ‬يعرف‭ ‬بـ»الاستوديو‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬مركز‭ ‬للابتكار‭ ‬وتطوير‭ ‬مشروعات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬

كما‭ ‬تحدثت‭ ‬تقارير‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬نماذج‭ ‬ذكاء‭ ‬اصطناعي‭ ‬من‭ ‬‮«‬مايكروسوفت‮»‬،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬نموذج‭ (‬GPT-4‭) ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬أوبن‭ ‬إيه‭ ‬آي‮»‬‭ (‬OpenAI‭) ‬في‭ ‬إطار‭ ‬برنامج‭ ‬عسكري‭ ‬إسرائيلي‭ ‬لاختيار‭ ‬أهداف‭ ‬القصف‭ ‬خلال‭ ‬حرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬وأدى‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬الأدوات‭ ‬أحياناً‭ ‬إلى‭ ‬حالات‭ ‬خطأ‭ ‬في‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬والاعتقال،‭ ‬وأدى‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬سقوط‭ ‬ضحايا‭ ‬مدنيين،‭ ‬بحسب‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والأمريكيين،‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬تساؤلات‭ ‬أخلاقية‭ ‬حول‭ ‬توظيف‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات،‭ ‬ومسؤولية‭ ‬الشركات‭ ‬المنتجة‭ ‬لهذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬انتهاكات‭ ‬تحدث‭.‬

وكشفت‭ ‬تقارير‭ ‬استقصائية‭ ‬إعلامية‭ ‬غربية،‭ ‬وذلك‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬داخل‭ ‬الوحدة‭ ‬8200‭ ‬أن‭ ‬الأخيرة‭ ‬استخدمت‭ ‬منصة‭ ‬‮«‬أزور‮»‬‭ (‬Azure‭) ‬لتخزين‭ ‬تسجيلات‭ ‬ملايين‭ ‬المكالمات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬إجراؤها‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬الوحدة‭ ‬8200‮»‬‭ ‬استخدمت‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬المستمدة‭ ‬من‭ ‬مستودع‭ ‬ضخم‭ ‬من‭ ‬المكالمات‭ ‬الهاتفية‭ ‬المحفوظة‭ ‬في‭ ‬السحابة‭ ‬للبحث‭ ‬وتحديد‭ ‬أهداف‭ ‬القصف‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬مايكروسوفت‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والذين‭ ‬يديرون‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الوحدة‭ ‬8200‮»‬‭ ‬هم‭ ‬أنفسهم‭ ‬خدموا‭ ‬في‭ ‬الوحدة،‭ ‬أو‭ ‬أنهم‭ ‬كانوا‭ ‬جنود‭ ‬احتياط‭ ‬فيها‭. ‬وبحسب‭ ‬الملفات‭ ‬المسربة‭ ‬التي‭ ‬اطلعت‭ ‬عليها‭ ‬جريدة‭ ‬الجارديان‭ ‬البريطانية،‭ ‬كانت‭ ‬مايكروسوفت‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬التنفيذيين،‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بأن‭ ‬الوحدة‭ ‬8200‭ ‬تخطط‭ ‬لنقل‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬البيانات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬الحساسة‭ ‬والسرية‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬أزور‮»‬‭. ‬ووصل‭ ‬حجم‭ ‬البيانات‭ ‬المخزنة‭ ‬في‭ ‬خوادم‭ ‬‮«‬أزور‮»‬‭ ‬السحابية،‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2025،‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬ألف‭ ‬تيرابايت،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬200‭ ‬مليون‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬التسجيلات‭ ‬الصوتية‭. ‬

ويبدو‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬أزور‮»‬‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطبيقات‭ ‬مماثلة‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬رصدت‭ ‬إسرائيل،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬مكالمات‭ ‬إبراهيم‭ ‬بياري،‭ ‬أحد‭ ‬كبار‭ ‬قادة‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وميّزت‭ ‬صوته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬والتي‭ ‬قدمت‭ ‬كذلك‭ ‬تقديراً‭ ‬لموقعه‭ ‬التقريبي‭ ‬أثناء‭ ‬المكالمات،‭ ‬ونفذت‭ ‬إسرائيل‭ ‬غارات‭ ‬جوية،‭ ‬في‭ ‬31‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬مقتله،‭ ‬واستشهاد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬125‭ ‬فرداً‭ ‬من‭ ‬المدنيين،‭ ‬ما‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬مبالاة‭ ‬إسرائيل‭ ‬بسقوط‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬الهائل‭ ‬من‭ ‬المدنيين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يخالف‭ ‬إحدى‭ ‬قواعد‭ ‬قانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني،‭ ‬وهو‭ ‬مبدأ‭ ‬التناسب،‭ ‬والذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬من‭ ‬الضرر‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬السكان‭ ‬والأعيان‭ ‬المدنية‭. ‬

ولم‭ ‬يتم‭ ‬إساءة‭ ‬استخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬قتل‭ ‬عشوائي‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وحسب،‭ ‬ولكن‭ ‬تم‭ ‬توظيفه‭ ‬لمنع‭ ‬نشر‭ ‬صور‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬ضدهم‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الجارية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬مارست‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ميتا‮»‬‭ ‬تمييزاً‭ ‬منهجياً‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حذف‭ ‬محتواهم،‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬يقومون‭ ‬بتوثيق‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬ارتكبت‭ ‬ضدهم،‭ ‬وتقليل‭ ‬أولوية‭ ‬منشوراتهم‭ ‬وحساباتهم،‭ ‬وهي‭ ‬ممارسة‭ ‬تُعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الحظر‭ ‬الخفي‮»‬‭ (‬Shadow-Banning‭)‬‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬انتهكت‭ ‬ميتا‭ ‬سياساتها‭ ‬الخاصة،‭ ‬وسمحت‭ ‬بمحتوى‭ ‬يحرض‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬وخطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬عبر‭ ‬منصاتها‭.‬

3‭. ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬توجهات‭ ‬الناخبين‭:‬‭ ‬كثر‭ ‬الحديث‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬توظيف‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الجهات‭ ‬الأجنبية‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬توجهات‭ ‬الناخبين،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬ملمح‭ ‬آخر،‭ ‬وهو‭ ‬تورط‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬الترويج‭ ‬لمرشحين‭ ‬بعينهم‭. ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬قيام‭ ‬منصتي‭ ‬جوجل‭ ‬وفيسبوك‭ ‬بتقييد‭ ‬نشر‭ ‬الأخبار‭ ‬المتعلقة‭ ‬بفضيحة‭ ‬لابتوب‭ ‬هانتر‭ ‬بايدن،‭ ‬ابن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬قبيل‭ ‬انتخابات‭ ‬2020،‭ ‬وذلك‭ ‬لمنع‭ ‬هذا‭ ‬الخبر‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬فرص‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬الفوز‭ ‬بالانتخابات،‭ ‬بل‭ ‬وقام‭ ‬فريق‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬بالزعم‭ ‬كذباً‭ ‬بأنها‭ ‬حملة‭ ‬تضليل‭ ‬معلوماتي‭ ‬روسية،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬صدق‭ ‬كل‭ ‬المعلومات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالحاسوب،‭ ‬وما‭ ‬وجد‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬ملفات‭ ‬تدين‭ ‬هانتر‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬فساد‭. ‬واعترف‭ ‬مارك‭ ‬زوكربيرغ،‭ ‬مؤسس‭ ‬فيسبوك،‭ ‬بأنه‭ ‬تلقى‭ ‬طلباً‭ ‬من‭ ‬مكتب‭ ‬التحقيقات‭ ‬الفيدرالي‭ ‬لتقييد‭ ‬نشر‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬على‭ ‬منصته،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أنها‭ ‬حملة‭ ‬تضليل‭ ‬معلوماتي‭. ‬وقد‭ ‬تلقى‭ ‬هذا‭ ‬الإخطار‭ ‬قبل‭ ‬قيام‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬بوست‭ ‬بتفجير‭ ‬سبق‭ ‬صحفي‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2020‭. ‬وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مكتب‭ ‬التحقيقات‭ ‬كان‭ ‬يمتلك‭ ‬اللابتوب‭ ‬الخاص‭ ‬بهنتر‭ ‬منذ‭ ‬ديسمبر‭ ‬2019،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬تورط‭ ‬عمداً‭ ‬في‭ ‬تكذيب‭ ‬خبر‭ ‬صحيح‭ ‬ومارس‭ ‬تأثيراً‭ ‬على‭ ‬شركة‭ ‬فيسبوك،‭ ‬والتي‭ ‬انصاعت‭ ‬له‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬شركة‭ ‬فيسبوك‭ ‬متهمة،‭ ‬هي‭ ‬وشركة‭ ‬جوجل،‭ ‬بأنها‭ ‬متعاطفة‭ ‬مع‭ ‬الديمقراطيين‭.‬

فقد‭ ‬وجدت‭ ‬دراسة‭ ‬أن‭ ‬شركة‭ ‬جوجل‭ ‬أرسلت‭ ‬تنبيهات‭ ‬للمستخدمين‭ ‬الليبراليين‭ ‬للتصويت‭ ‬خلال‭ ‬جولة‭ ‬الإعادة‭ ‬لانتخابات‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬جورجيا‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬لتعزيز‭ ‬إقبال‭ ‬الناخبين‭ ‬على‭ ‬التصويت‭ ‬لصالح‭ ‬الديمقراطيين‭. ‬كما‭ ‬أرسلت‭ ‬شركة‭ ‬فيسبوك‭ ‬تنبيهات‭ ‬التصويت‭ ‬لجمهور‭ ‬محدد‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2008‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬ووجدت‭ ‬الدراسة‭ ‬أن‭ ‬التنبيهات‭ ‬زادت‭ ‬العدد‭ ‬الإجمالي‭ ‬للأصوات‭ ‬المدلى‭ ‬بها‭ ‬بمقدار‭ ‬340‭ ‬ألف‭ ‬صوت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2010‭. ‬ويكشف‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬بات‭ ‬بإمكانها‭ ‬تحويل‭ ‬ملايين‭ ‬الأصوات‭ ‬إلى‭ ‬المرشحين‭ ‬المفضلين‭ ‬لشركات‭ ‬وادي‭ ‬السيليكون،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬تدخلاً‭ ‬غير‭ ‬مشروع‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬الانتخابات‭. ‬

الختام

يكشف‭ ‬العرض‭ ‬السابق‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬باتت‭ ‬تقوم‭ ‬بتطوير‭ ‬أسلحة‭ ‬مختلفة‭ ‬تعمل‭ ‬بالذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وأنها‭ ‬تسعى‭ ‬لتبوؤ‭ ‬مكانة‭ ‬متقدمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬وادي‭ ‬السيليكون،‭ ‬والذي‭ ‬طالما‭ ‬كان‭ ‬يقوم‭ ‬بتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬للمشاريع‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭. ‬وتكتسب‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬قيام‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬الأخرى،‭ ‬لاسيما‭ ‬روسيا،‭ ‬بتطوير‭ ‬منظومات‭ ‬قتالية‭ ‬تعمل‭ ‬بالذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬ونظراً‭ ‬لأن‭ ‬شركات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬باتت‭ ‬تمتلك‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تخزين‭ ‬كم‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬البيانات،‭ ‬وتحليلها‭ ‬باستخدام‭ ‬تطبيقات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وتقوم‭ ‬بمشاركة‭ ‬هذه‭ ‬البيانات‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فإن‭ ‬البعض‭ ‬يخشى‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬انتهاك‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬توظيف‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬القتالية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يترتب‭ ‬عليه‭ ‬ارتكاب‭ ‬انتهاكات‭ ‬جسيمة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬كما‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬مجريات‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

د‭. ‬شادي‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬منصور‭ ‬ ‬أستاذ‭ ‬مشارك‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الدفاع‭ ‬الوطني‭

Youtube
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض