NOMARS_-_USX-1_Defiant_complete

سفينة الشبح هل يمكن للسفن الحربية غير المأهولة أن تستعيد للولايات المتحدة تفوقها البحري على الصين؟

أعلنت‭ ‬وكالة‭ “‬مشاريع‭ ‬البحوث‭ ‬الدفاعية‭ ‬المتقدمة‭” (‬DARPA‭)‬،‭ ‬التابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ (‬البنتاغون‭)‬،‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2025،‭ ‬دخول‭ ‬أول‭ ‬سفينة‭ ‬ذاتية‭ ‬القيادة‭ ‬بالكامل‭ ‬مرحلة‭ ‬الاختبار،‭ ‬وهي‭ ‬السفينة‭ ‬السطحية‭ ‬متوسطة‭ ‬الحجم‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ (‬USX-1‭ ‬Defiant‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬أيضاً‭ ‬اسم‭ ‬سفينة‭ ‬الشبح،‭ ‬لتشكل‭ ‬بذلك‭ ‬تطوراً‭ ‬نوعياً‭ ‬لبرنامج‭ (‬NOMARS‭)‬،‭ ‬الخاص‭ ‬بتطوير‭ ‬قدرات‭ ‬بحرية‭ ‬غير‭ ‬مأهولة‭ ‬متطورة‭. ‬ويعكس‭ ‬تطوير‭ ‬هذه‭ ‬السفينة‭ ‬محاولةً‭ ‬لإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الهندسة‭ ‬البحرية‭ ‬التقليدية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدفع‭ ‬نحو‭ ‬تقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬البشر‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالسفن‭ ‬الحربية،‭ ‬وهو‭ ‬النهج‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬العمليات‭ ‬البحرية‭ ‬المستقبلية‭. ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬طرحت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬تساؤلات‭ ‬تتعلق‭ ‬بدوافع‭ ‬الاهتمام‭ ‬الأمريكي‭ ‬المتزايد‭ ‬بتطوير‭ ‬قدراتها‭ ‬من‭ ‬السفن‭ ‬الحربية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة،‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬القدرات‭ ‬بإمكانها‭ ‬سد‭ ‬الفجوة‭ ‬العددية‭ ‬مع‭ ‬القدرات‭ ‬البحرية‭ ‬الصينية‭.‬

ماهية‭ ‬وحدود‭ ‬قدرات‭ ‬سفينة‭ ‬الشبح‭ ‬‭(‬USX-1‭ ‬Defiant‭)‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة؟

أعلنت‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬مشاريع‭ ‬البحوث‭ ‬الدفاعية‭ ‬المتقدمة‮»‬‭ (‬DARPA‭)‬،‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2025،‭ ‬عن‭ ‬إطلاق‭ ‬نموذج‭ ‬أولي‭ ‬لسفينة‭ ‬حربية‭ ‬جديدة‭ ‬للبحرية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والمعروفة‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬سفينة‭ ‬الشبح‮»‬‭ ‬أو‭ (‬USX-1‭ ‬Defiant‭)‬،‭ ‬وتندرج‭ ‬هذه‭ ‬السفينة‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬نومارس‮»‬‭ ‬No Manning Required Ship‭ – ‬NOMARS،‭ ‬والذي‭ ‬طورته‭ ‬وكالة‭ (‬DARPA‭)‬،‭ ‬بهدف‭ ‬تحدي‭ ‬نموذج‭ ‬الهندسة‭ ‬المعمارية‭ ‬البحرية‭ ‬التقليدية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬قدرات‭ ‬بحرية‭ ‬غير‭ ‬مأهولة‭ ‬متطورة،‭ ‬وذات‭ ‬قدرة‭ ‬تحمل‭ ‬طويلة،‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الانتشار‭ ‬بشكل‭ ‬مستقل،‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬في‭ ‬الاختبارات‭ ‬الناجحة‭ ‬التي‭ ‬أجرتها‭ ‬الوكالة‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬الماضي‭ ‬للتزود‭ ‬بالوقود‭ ‬في‭ ‬البحر،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬نومارس‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬شملت‭ ‬هذه‭ ‬الاختبارات‭ ‬مركبتين‭ ‬بحريتين‭ ‬غير‭ ‬مأهولتين،‭ ‬هما‭ (‬Ranger‭) ‬و‭(‬Mariner‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬حملت‭ ‬الأولى‭ ‬محطة‭ ‬استقبال‭ ‬مصممة‭ ‬لمحاكاة‭ ‬نظام‭ ‬التزود‭ ‬بالوقود‭ ‬المستقبلي‭ ‬لسفينة‭ ‬الشبح،‭ ‬بينما‭ ‬تم‭ ‬تزويد‭ ‬الثانية‭ ‬بمحطة‭ ‬صغيرة‭ ‬للتزود‭ ‬بالوقود‭.‬

وقد‭ ‬تم‭ ‬تطوير‭ ‬سفينة‭ ‬الشبح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬سيركو‮»‬‭ ‬Serco،‭ ‬المقاول‭ ‬الرئيسي‭ ‬لبرنامج‭ ‬‮«‬نومارس‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬التجارب‭ ‬البحرية،‭ ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬‮«‬سيركو‮»‬‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬هذه‭ ‬السفينة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬واكتمل‭ ‬بناؤها‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2025،‭ ‬وكشفت‭ ‬الشركة‭ ‬أن‭ ‬سعر‭ ‬السفينة‭ ‬سيبلغ‭ ‬حوالي‭ ‬25‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭. ‬وقد‭ ‬بنيت‭ ‬هذه‭ ‬السفينة‭ ‬السطحية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ (‬USV‭) ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬لطاقم‭ ‬بشري،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تتسع‭ ‬لأماكن‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحويهم،‭ ‬حيث‭ ‬يبلغ‭ ‬طولها‭ ‬حوالي‭ ‬55‭ ‬متراً‭ (‬180‭ ‬قدماً‭)‬،‭ ‬بوزن‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬240‭ ‬طناً‭. ‬فهي‭ ‬تبدو‭ ‬أصغر‭ ‬مقارنةً‭ ‬بالسفن‭ ‬الحربية‭ ‬السطحية‭ ‬التقليدية،‭ ‬كما‭ ‬يمكنها‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬لعدة‭ ‬أشهر‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬لإشراف‭ ‬بشري،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬قدرة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬الملاحة‭ ‬بشكل‭ ‬مستقل‭.‬

وقد‭ ‬صممت‭ ‬سفينة‭ ‬الشبح‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالأساس‭ ‬للعمليات‭ ‬ذاتية‭ ‬القيادة،‭ ‬فعلى‭ ‬عكس‭ ‬السفن‭ ‬السطحية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬السابقة،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬أغلبها‭ ‬نسخاً‭ ‬معدلة‭ ‬من‭ ‬السفن‭ ‬المأهولة‭ ‬القائمة‭ ‬بالفعل،‭ ‬فإن‭ ‬سفينة‭ (‬USX-1‭ ‬Defiant‭) ‬تم‭ ‬تصميمها‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬لتكون‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬لأي‭ ‬تواجد‭ ‬بشري،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يوفر‭ ‬مساحة‭ ‬كبيرة‭ ‬للحمولات‭ ‬مع‭ ‬خفض‭ ‬تكاليف‭ ‬البناء‭ ‬والتشغيل،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الكفاءة‭ ‬الهيدروديناميكية‭ ‬ودعم‭ ‬قدرات‭ ‬التخفي‭ ‬التشغيلي،‭ ‬والمرونة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مختلف‭ ‬التهديدات‭ ‬والظروف‭ ‬البيئية‭ ‬المتنوعة‭.‬

وقد‭ ‬تم‭ ‬تصميم‭ ‬سفينة‭ ‬الشبح‭ ‬بمساحات‭ ‬مفتوحة‭ ‬واسعة‭ ‬أعلى‭ ‬سطحها،‭ ‬وذلك‭ ‬أمام‭ ‬وخلف‭ ‬الصاري‭ ‬الرئيسي،‭ ‬وهي‭ ‬مصممة‭ ‬لدعم‭ ‬الحمولات‭ ‬المعيارية،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬أنظمة‭ ‬المهام‭ ‬المختلفة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬تجهيزها‭ ‬بمنصة‭ ‬إطلاق‭ ‬قابلة‭ ‬للتكيف‭ (‬ADL‭)‬،‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬إيه‭ ‬إي‭ ‬سيستمز‮»‬‭  ‬BAE Systems،‭ ‬ويعد‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬الإطلاق‭ ‬القابل‭ ‬للتكيف‮»‬،‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬السفينة،‭ ‬قاذفاً‭ ‬معيارياً‭ ‬مصمماً‭ ‬لإطلاق‭ ‬الصواريخ‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬الحاويات‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬الإطلاق‭ ‬العمودي‭ (‬VLS‭)‬،‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬MK-41،‭ ‬والذي‭ ‬تستخدمه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬السفن‭ ‬الحربية‭ ‬الأمريكية‭. ‬وبالتالي،‭ ‬يمكن‭ ‬لهذا‭ ‬النظام‭ ‬إطلاق‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬أرض‭ ‬–‭ ‬جو،‭ ‬والصواريخ‭ ‬المضادة‭ ‬للسفن،‭ ‬وتلك‭ ‬المضادة‭ ‬للغواصات‭. ‬ووفقاً‭ ‬للتصميم‭ ‬الأولي‭ ‬الذي‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬وكالة‭ (‬DARPA‭)‬،‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬سفينة‭ (‬USX-1‭ ‬Defiant‭) ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬16‭ ‬خلية‭ ‬نظام‭ ‬إطلاق‭ ‬عمودي‭ (‬VLS‭)‬،‭ ‬من‭ ‬طراز‭ (‬MK-41‭). ‬

وكشفت‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬الأمريكية‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تجري‭ ‬اختبارات‭ ‬مكثفة‭ ‬لسفينة‭ ‬الشبح‭ ‬في‭ ‬المياه،‭ ‬ستبدأ‭ ‬على‭ ‬رصيف‭ ‬الميناء،‭ ‬لتبدأ‭ ‬بعدها‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬بحري‭ ‬يستمر‭ ‬لعدة‭ ‬أشهر،‭ ‬حيث‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تُقَيِّم‭ ‬هذه‭ ‬التجارب‭ ‬قدرة‭ ‬السفينة‭ ‬على‭ ‬التحمل،‭ ‬واستقلاليتها‭ ‬الملاحية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬التزود‭ ‬بالوقود‭ ‬في‭ ‬البحر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬عاملاً‭ ‬حاسماً‭ ‬للمهام‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭. ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬رصد‭ ‬السفينة‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬الماضي،‭ ‬وهي‭ ‬تدفع‭ ‬بواسطة‭ ‬قاطرة‭ ‬عبر‭ ‬ممر‭ ‬‮«‬ساراتوجا‮»‬‭ ‬في‭ ‬مضيق‭ ‬بوغيت،‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬‮«‬ويدبي‮»‬‭ ‬الجوية‭ ‬التابعة‭ ‬للبحرية‭ ‬الأمريكية‭.‬

‭ ‬تزايد‭ ‬الاهتمام‭ ‬الأمريكي‭ ‬بتطوير‭ ‬السفن‭ ‬الحربية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة

ثمة‭ ‬اهتمام‭ ‬أمريكي‭ ‬متزايد‭ ‬بتطوير‭ ‬السفن‭ ‬البحرية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬لنشرها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ،‭ ‬فقد‭ ‬طرح‭ ‬قائد‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ،‭ ‬الأدميرال‭ ‬صامويل‭ ‬بابارو،‭ ‬مفهوماً‭ ‬استراتيجياً،‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬المناورات‭ ‬الجهنمية‮»‬‭ ‬‮«‬Hellscape‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬أسراب‭ ‬من‭ ‬السفن‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬لتعطيل‭ ‬أي‭ ‬عمليات‭ ‬عسكرية‭ ‬من‭ ‬الخصوم،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬مضيق‭ ‬تايوان‭.‬

وبالتالي،‭ ‬جاء‭ ‬تطوير‭ ‬سفينة‭ ‬الشبح‭ ‬الأمريكية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬لتتسق‭ ‬مع‭ ‬الدعوات‭ ‬المتزايدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬الأمريكيين‭ ‬لتطوير‭ ‬سفن‭ ‬حربية‭ ‬غير‭ ‬مأهولة،‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬فاعلية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الكلفة،‭ ‬يمكنها‭ ‬تنفيذ‭ ‬مهام‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالأهداف‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أشارت‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سفينة‭ ‬الشبح‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬محوري‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مواجهات‭ ‬مستقبلية‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬تايوان‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬يثير‭ ‬غياب‭ ‬الطاقم‭ ‬البشري‭ ‬من‭ ‬سفينة‭ (‬USX-1‭ ‬Defiant‭) ‬اعتبارات‭ ‬جديدة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالصيانة‭ ‬والسلامة،‭ ‬فحال‭ ‬نشوب‭ ‬حريق،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يمكن‭ ‬تجهيز‭ ‬السفينة‭ ‬بنظام‭ ‬إخماد‭ ‬حرائق‭ ‬آلي‭ ‬يعمل‭ ‬بالغاز،‭ ‬وهي‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تلائم‭ ‬السفن‭ ‬المأهولة،‭ ‬لكنها‭ ‬تظهر‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الفاعلية‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمنصات‭ ‬غير‭ ‬المأهولة،‭ ‬ويتسق‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬الجديد‭ ‬مع‭ ‬مساعي‭ ‬برنامج‭ (‬NOMARS‭) ‬لإعادة‭ ‬تعريف‭ ‬الهندسة‭ ‬البحرية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حلول‭ ‬محسنة‭ ‬للعمليات‭ ‬ذاتية‭ ‬التشغيلي‭.‬

بالتالي،‭ ‬تشكل‭ ‬سفينة‭ ‬الشبح‭ ‬نقطة‭ ‬حاسمة‭ ‬لاختبار‭ ‬مدى‭ ‬الجدوى‭ ‬التشغيلية‭ ‬لبرنامج‭ (‬NOMARS‭) ‬الأمريكي،‭ ‬إذ‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬نجاح‭ ‬تجارب‭ ‬هذه‭ ‬السفينة‭ ‬إلى‭ ‬تأطير‭ ‬الأساس‭ ‬لفئة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬السفن‭ ‬غير‭ ‬المأهولة،‭ ‬بتكلفة‭ ‬معقولة‭ ‬ودرجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الاستدامة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يعيد‭ ‬تشكيل‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬إزاء‭ ‬التحديات‭ ‬البحرية‭ ‬المستقبلية،‭ ‬مع‭ ‬دفع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لتطوير‭ ‬منصات‭ ‬غير‭ ‬مأهولة‭ ‬أكبر‭ ‬حجماً‭.‬

لكن،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬عملية‭ ‬التزود‭ ‬الذاتي‭ ‬بالوقود‭ ‬تشكل‭ ‬تحدياً‭ ‬رئيسياً‭ ‬بالنسبة‭ ‬لوكالة‭ (‬DARPA‭) ‬لتطوير‭ ‬أنظمة‭ ‬غير‭ ‬مأهولة‭ ‬بالكامل،‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إجراء‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وشركة‭ ‬سيركو‭ ‬لاختبارات‭ ‬ناجحة‭ ‬لأنظمة‭ ‬جديدة‭ ‬للتزود‭ ‬بالوقود‭ ‬ذاتياً،‭ ‬حيث‭ ‬استخدمت‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬سفن‭ ‬الدعم‭ ‬البحري‭ ‬‮«‬رينجز‮»‬‭ ‬و«مارينر‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬رغم‭ ‬تصنيفها‭ ‬كأنظمة‭ ‬غير‭ ‬مأهولة،‭ ‬فإنها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬حمل‭ ‬الأفراد،‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬البيان‭ ‬الرسمي‭ ‬الصادر،‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2024،‭ ‬عن‭ ‬وكالة‭ ‬مشاريع‭ ‬البحوث‭ ‬الدفاعية‭ ‬المتقدمة،‭ ‬والذي‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تزويد‭ ‬السفن‭ ‬السطحية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬بالوقود‭ ‬في‭ ‬البحر‭ (‬FAS‭) ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يمثل‭ ‬إشكالية‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬جذرية‭ ‬سريعة،‭ ‬فهذه‭ ‬العملية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعتمد‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأنابيب‭ ‬والخراطيم‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬الاستقبال،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬قيوداً‭ ‬تصميمية‭ ‬وتشغيلية‭ ‬كبيرة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمراعاة‭ ‬سلامة‭ ‬الأفراد‭.‬

وترى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬أهمية‭ ‬المنصات‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬طاقم‭ ‬السفينة‭ ‬من‭ ‬المخاطر،‭ ‬لكنها‭ ‬تتيح‭ ‬أيضاً‭ ‬فرصة‭ ‬لتوسع‭ ‬القدرات‭ ‬القتالية‭ ‬البحرية‭ ‬بشكل‭ ‬أسرع،‭ ‬وبتكلفة‭ ‬أقل،‭ ‬مقارنة‭ ‬ببناء‭ ‬السفن‭ ‬التقليدية،‭ ‬ويتماشى‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬تصريحات‭ ‬وزير‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬جون‭ ‬فيلان،‭ ‬والذي‭ ‬أكد‭ ‬حرصه‭ ‬على‭ ‬إضافة‭ ‬منصات‭ ‬غير‭ ‬مأهولة‭ ‬للأسطول‭ ‬الأمريكي،‭ ‬لافتاً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القدرات‭ ‬الفريدة‭ ‬التي‭ ‬توفرها‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬للقوات‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬خاصةً‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتوفير‭ ‬المراقبة‭ ‬المناسبة‭ ‬وجمع‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬والقدرات‭ ‬الدفاعية‭ ‬والهجومية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سيعزز‭ ‬القدرة‭ ‬القتالية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬العمل‭ ‬كرادع‭ ‬قوي‭ ‬وفعال‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬أعمال‭ ‬عدائية،‭ ‬مع‭ ‬تقليل‭ ‬المخاطر‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬المرونة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدعم‭ ‬مساعي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الهيمنة‭ ‬البحرية‭.‬

مساعي‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لسد‭ ‬الفجوة‭ ‬العددية‭ ‬مع‭ ‬الصين

كشف‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬الصينية‮»‬‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬باتت‭ ‬تشكل‭ ‬أكبر‭ ‬قوة‭ ‬بحرية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬بامتلاكها‭ ‬370‭ ‬سفينة،‭ ‬منها‭ ‬140‭ ‬مقاتلة‭ ‬بحرية‭ ‬رئيسية،‭ (‬مقابل‭ ‬296‭ ‬سفينة‭ ‬قتالية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬الميزة‭ ‬العددية‭ ‬للقدرات‭ ‬البحرية‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬نظيرتها‭ ‬الأمريكية،‭ ‬خاصةً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬امتلاك‭ ‬بكين‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬السفن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬230‭ ‬مرةً‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬واشنطن،‭ ‬لذا‭ ‬باتت‭ ‬هذه‭ ‬الفجوة‭ ‬تشكل‭ ‬عبئاً‭ ‬كبيراً‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬منافستها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الراهنة‭ ‬مع‭ ‬الصين‭. ‬

ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق،‭ ‬تواجه‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مساعيها‭ ‬لتطوير‭ ‬أسطولها‭ ‬البحري‭ ‬وتعزيز‭ ‬هيمنتها‭ ‬البحرية،‭ ‬فقدرة‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬سفن‭ ‬جديدة‭ ‬تعوقها‭ ‬تكلفتها‭ ‬الباهظة،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬النطاق‭ ‬المحدود‭ ‬للقاعدة‭ ‬الصناعية‭ ‬الدفاعية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ويمنع‭ ‬الكونغرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬شراء‭ ‬البحرية‭ ‬للسفن‭ ‬الحربية‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الحليفة‭. ‬لكن،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬التجاوز‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬فإن‭ ‬قدرة‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬طاقم‭ ‬السفن‭ ‬الحربية‭ ‬بشكل‭ ‬كافٍ،‭ ‬سوف‭ ‬تتضاءل‭ ‬تدريجياً،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعزى‭ ‬إلى‭ ‬الانخفاض‭ ‬التدريجي‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬الشباب،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لعدم‭ ‬رغبة،‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬قدرة،‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬على‭ ‬الخدمة‭. ‬وبالتالي،‭ ‬باتت‭ ‬السفن‭ ‬الحربية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تشكل‭ ‬أصولاً‭ ‬عالية‭ ‬القيمة،‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للتعويض،‭ ‬يضاف‭ ‬لذلك‭ ‬إشكالية‭ ‬أخرى‭ ‬تتعلق‭ ‬باحتواء‭ ‬سفنها‭ ‬الكبيرة‭ ‬على‭ ‬آلاف‭ ‬الأفراد،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬قادتها‭ ‬البحريين‭ ‬مضطرين‭ ‬لمحاولة‭ ‬تجنب‭ ‬المخاطرة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬ربما‭ ‬تعمد‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬محاولة‭ ‬إبعاد‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬صراع‭ ‬مستقبلي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬شرق‭ ‬آسيا،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إظهار‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬مخاطر‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للبحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تحملها‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭ ‬تقنيات‭ ‬المنصات‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬التحديات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتسق‭ ‬مع‭ ‬خطة‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لعام‭ ‬2024،‭ ‬والتي‭ ‬دعت‭ ‬خلالها‭ ‬رئيسة‭ ‬العمليات‭ ‬البحرية‭ ‬آنذاك،‭ ‬الأدميرال‭ ‬ليزا‭ ‬فرانشيتي،‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬زيادة‭ ‬التكامل‭ ‬التشغيلي‭ ‬للأنظمة‭ ‬الروبوتية‭ ‬والأنظمة‭ ‬ذاتية‭ ‬التشغيل‭. ‬

وعلى‭ ‬المنوال‭ ‬ذاته،‭ ‬أشارت‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬تصميم‭ ‬سفينة‭ (‬USX-1‭ ‬Defiant‭) ‬لمواجهة‭ ‬ميزة‭ ‬التفوق‭ ‬العددي‭ ‬في‭ ‬الأسطول‭ ‬الصيني،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بعدما‭ ‬تفوقت‭ ‬القدرات‭ ‬البحرية‭ ‬الصينية‭ ‬على‭ ‬نظيرتها‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬العدد،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬الاهتمام‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتنامي‭ ‬للتوسع‭ ‬في‭ ‬المركبات‭ ‬البحرية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لسد‭ ‬الفجوة‭ ‬العددية‭ ‬مع‭ ‬الصين‭. ‬

ويتسق‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الأدبيات‭ ‬التي‭ ‬اعتبرت‭ ‬أن‭ ‬السفن‭ ‬السطحية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬تجسد‭ ‬نموذج‭ ‬‮«‬كل‭ ‬سفينة‭ ‬هي‭ ‬مجموعة‭ ‬عمل‭ ‬سطحية‮»‬‭ (‬SAG‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬المقاتلات‭ ‬المأهولة‭ ‬بقوة‭ ‬نيرانية‭ ‬صاروخية‭ ‬قابلة‭ ‬للتطوير،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لقوة‭ ‬قتالية‭ ‬موزعة‭ ‬ومنتشرة‭. ‬بالتالي،‭ ‬فالسفن‭ ‬الحربية‭ ‬السطحية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة،‭ ‬المستخدمة‭ ‬كمضاعفات‭ ‬للقوة،‭ ‬تعزز‭ ‬قدرة‭ ‬الأسطول‭ ‬البحري‭ ‬على‭ ‬البقاء،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعقيد‭ ‬استهداف‭ ‬الخصوم،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬توسيع‭ ‬اقتصادي‭ ‬لنظام‭ ‬الإطلاق‭ ‬العمودي،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬عند‭ ‬مواجهة‭ ‬فجوة‭ ‬في‭ ‬القوة‭ ‬النارية‭. ‬

وبينما‭ ‬تشكل‭ ‬التكلفة‭ ‬العالية‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬التحديات‭ ‬الرئيسية‭ ‬للأنظمة‭ ‬المستقلة،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬برنامج‭ (‬NOMARS‭) ‬يستهدف‭ ‬معالجة‭ ‬هذه‭ ‬الإشكالية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطوير‭ ‬سفن،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬سفينة‭ ‬الشبح،‭ ‬ليست‭ ‬مستقلة‭ ‬فحسب،‭ ‬لكنها‭ ‬أكثر‭ ‬فاعلية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تكلفة‭ ‬الإنتاج‭ ‬والنشر‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتسق‭ ‬مع‭ ‬تصريحات‭ ‬كبير‭ ‬مهندسي‭ ‬البحرية‭ ‬بشركة‭ ‬‮«‬سيركو‮»‬،‭ ‬ونائب‭ ‬مدير‭ ‬برنامج‭ (‬NOMARS‭) ‬بوكالة‭ (‬DARPA‭)‬،‭ ‬ريان‭ ‬ماتا،‭ ‬والذي‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سفينة‭ ‬الشبح‭ (‬USX-1‭ ‬Defiant‭) ‬مصممة‭ ‬بالأساس‭ ‬لخفض‭ ‬تكلفة‭ ‬المهام‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬سعة‭ ‬الحمولة‭. ‬بالتالي،‭ ‬يمكن‭ ‬للسفينة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المزايا،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الحجم‭ ‬وخفض‭ ‬التكلفة‭ ‬والكفاءة‭ ‬الهيدروديناميكية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬قدراتها‭ ‬العالية‭ ‬على‭ ‬التخفي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سيعزز‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬وزيادة‭ ‬فاعليتها‭ ‬التشغيلية‭. ‬ومع‭ ‬التركيز‭ ‬المتزايد‭ ‬حالياً‭ ‬على‭ ‬الحروب‭ ‬البحرية‭ ‬المستقلة،‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬سفينة‭ ‬الشبح‭ ‬الأمريكية‭ ‬حقبة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الابتكار‭ ‬العسكري،‭ ‬ومحدداً‭ ‬رئيسيًا‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬التنافس‭ ‬الراهن‭ ‬على‭ ‬الهيمنة‭ ‬البحرية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭. ‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬كشفت‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬أن‭ ‬خصائص‭ ‬وتصميم‭ ‬سفينة‭ (‬USX-1‭ ‬Defiant‭) ‬تتيح‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬إنتاجها،‭ ‬حتى‭ ‬بالنسبة‭ ‬للشركات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تشارك‭ ‬عادةً‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬البحري‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬العبء‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬بناء‭ ‬السفن‭ ‬الأمريكية،‭ ‬المرهقة‭ ‬بالفعل‭.‬

هل‭ ‬تتفوق‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬على‭ ‬حجم‭ ‬الأسطول‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬البحرية؟

كشفت‭ ‬بعض‭ ‬الدراسات‭ ‬الغربية‭ ‬عن‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المزايا‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالاستخدام‭ ‬المتزايد‭ ‬للمركبات‭ ‬غير‭ ‬المأهولة،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬عدة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالعمليات‭ ‬البحرية،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬طاقم‭ ‬السفينة‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬مساحات‭ ‬وموارد‭ ‬واسعة‭ ‬للحمولات‭ ‬أو‭ ‬تخزين‭ ‬الوقود،‭ ‬بل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تقليص‭ ‬حجم‭ ‬المركبة‭ ‬ذاتها‭ ‬وتكلفتها،‭ ‬يضاف‭ ‬لذلك‭ ‬تأثير‭ ‬غياب‭ ‬الأفراد‭ ‬على‭ ‬تقليل‭ ‬قيود‭ ‬التصميم،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دمج‭ ‬وظائف‭ ‬التحكم‭ ‬بعمق‭ ‬داخل‭ ‬السفينة،‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬أقل‭ ‬عرضة‭ ‬للتلف‭ ‬السطحي،‭ ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬إعادة‭ ‬تصميم‭ ‬السفن‭ ‬غير‭ ‬المأهولة،‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬المناورات‭ ‬الصعبة،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تهدد‭ ‬سلامة‭ ‬الطاقم‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬نظيرتها‭ ‬المأهولة‭. ‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬يشكل‭ ‬معيار‭ ‬التكلفة‭ ‬محدداً‭ ‬رئيسياً‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬كفاءة‭ ‬وفاعلية‭ ‬القدرات‭ ‬البحرية‭ ‬للدول،‭ ‬وبقدر‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬خفض‭ ‬التكاليف،‭ ‬يساعد‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬توزيع‭ ‬القوة‭ ‬القتالية‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬أكثر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تقليل‭ ‬المخاطر‭ ‬المرتبطة‭ ‬بخسارة‭ ‬أي‭ ‬منها‭. ‬ورغم‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬اهتمام‭ ‬كبير‭ ‬بمنع‭ ‬فقدان‭ ‬الأصول‭ ‬الرئيسية،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬تزايد‭ ‬أعدادها،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬غياب‭ ‬الأفراد‭ ‬على‭ ‬متنها،‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬المركبة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬مخاطر‭ ‬أكبر،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأصول‭ ‬ذات‭ ‬الطبقات‭ ‬المتعددة‭ ‬من‭ ‬الحماية‭ ‬والمرونة‭.‬

أيضاً،‭ ‬يساعد‭ ‬انتشار‭ ‬المنصات‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬على‭ ‬تواجد‭ ‬القدرات‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعزز‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الانتشار‭ ‬حال‭ ‬وقوع‭ ‬أزمات‭ ‬متزامنة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬أو‭ ‬للحافظ‭ ‬على‭ ‬الوجود‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬كرادع‭ ‬للخصوم،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬احباط‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الخصوم‭ ‬لتدمير‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬البحرية‭ ‬بضربة‭ ‬سريعة‭ ‬وحاسمة،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬مساعي‭ ‬اليابان‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬عندما‭ ‬استهدفت‭ ‬ميناء‭ ‬‮«‬بيرل‭ ‬هاربور‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1941‭.‬

لكن،‭ ‬تشير‭ ‬بعض‭ ‬التقديرات‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المركبات‭ ‬السطحية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬حلاً‭ ‬سحرياً‭ ‬للحروب‭ ‬البحرية،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية‭ ‬التي‭ ‬تسرع‭ ‬من‭ ‬وتيرة‭ ‬التدهور‭ ‬الميكانيكي‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬استقلاليتها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬تحولها‭ ‬لأهداف‭ ‬سيبرانية‭ ‬رئيسية،‭ ‬فاعتماد‭ ‬هذه‭ ‬المركبات‭ ‬على‭ ‬روابط‭ ‬الاتصالات‭ ‬الخارجية‭ ‬يعرضها‭ ‬للتشويش‭ ‬والاختراق‭. ‬يضاف‭ ‬لذلك‭ ‬أن‭ ‬المركبات‭ ‬السطحية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تفتقر‭ ‬للقدرة‭ ‬على‭ ‬التحمل‭ ‬المستدام‭ ‬والقوة‭ ‬النارية‭ ‬الكافية‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬السفن‭ ‬الحربية‭ ‬المأهولة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدعم‭ ‬استمرار‭ ‬الأهمية‭ ‬الحاسمة‭ ‬للأخيرة‭ ‬في‭ ‬المواجهات‭ ‬البحرية‭ ‬المطولة،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬المنظور‭. ‬

ويتماشى‭ ‬هذا‭ ‬الطرح‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الدراسات،‭ ‬التي‭ ‬عمدت‭ ‬إلى‭ ‬تحليل‭ ‬28‭ ‬مواجهة‭ ‬وصراعاً‭ ‬بحرياً‭ ‬من‭ ‬العصور‭ ‬القديمة‭ ‬وحتى‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬والتي‭ ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الأدلة‭ ‬التاريخية‭ ‬تظهر‭ ‬أن‭ ‬حجم‭ ‬الأسطول‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬يتفوق‭ ‬على‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحروب‭ ‬البحرية،‭ ‬حيث‭ ‬كشفت‭ ‬الدراسة‭ ‬أن‭ ‬25‭ ‬صراعاً،‭ ‬من‭ ‬التي‭ ‬شملتها‭ ‬الدراسة،‭ ‬كانت‭ ‬الغلبة‭ ‬فيها‭ ‬للجانب‭ ‬الذي‭ ‬يمتلك‭ ‬تفوقاً‭ ‬عددياً‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬الأسطول‭ ‬البحري،‭ ‬حيث‭ ‬يسهل‭ ‬العدد‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬استطلاع‭ ‬أفضل،‭ ‬مع‭ ‬توفير‭ ‬قدرة‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬القصف‭ ‬ودعم‭ ‬المرونة‭ ‬العملياتية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتضح‭ ‬بشكل‭ ‬جلي‭ ‬في‭ ‬المواجهات‭ ‬البحرية‭ ‬خلال‭ ‬حقبة‭ ‬نابليون‭ ‬والحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬كما‭ ‬يفسر‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬توسعات‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬استراتيجية‭ ‬الـ‭ ‬600‭ ‬سفينة،‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬نادراً‭ ‬ما‭ ‬تغلبت‭ ‬القوة‭ ‬البحرية‭ ‬الأصغر‭ ‬حجماً،‭ ‬مع‭ ‬تقدم‭ ‬تكنولوجي‭ ‬أكبر،‭ ‬على‭ ‬نظيرتها‭ ‬الأكبر‭ ‬حجماً‭.‬

خطة‭ ‬أمريكية‭ ‬جديدة‭ ‬لإصلاح‭ ‬صناعة‭ ‬بناء‭ ‬السفن

بالإضافة‭ ‬للتحديات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالفجوة‭ ‬العددية،‭ ‬التي‭ ‬تعانيها‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬نظيرتها‭ ‬الصينية،‭ ‬فإن‭ ‬الأولى‭ ‬تواجه‭ ‬أيضاً‭ ‬شبكة‭ ‬معقدة‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬والتي‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬تصميم‭ ‬القوة‭ ‬والتأخيرات‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وصولاً‭ ‬لتجاوز‭ ‬التكاليف‭ ‬وتناقص‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬السفن‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬الطموحة‭ ‬التي‭ ‬حددتها‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والتي‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬أسطول‭ ‬حديث‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬373‭ ‬سفينة،‭ ‬مدعومة‭ ‬بـ150‭ ‬سفينة‭ ‬حربية‭ ‬غير‭ ‬مأهولة،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬التنفيذ‭ ‬يتعثر‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬وذلك‭ ‬لأسباب‭ ‬تتعلق‭ ‬بالأولويات‭ ‬غير‭ ‬المتوافقة‭ ‬والبنية‭ ‬الأساسية‭ ‬المتقادمة،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬نقص‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬أقدم‭ ‬نسبياً،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬استجابات‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬للأزمات‭ ‬قصيرة‭ ‬المدى‭ ‬تؤدي‭ ‬غالباً‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬فجوات‭ ‬الجاهزية‭ ‬على‭ ‬المدي‭ ‬الطويل،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حلقة‭ ‬مفرغة‭ ‬من‭ ‬الصيانة‭ ‬المؤجلة‭ ‬والموارد‭ ‬المجهدة‭. ‬

كذا،‭ ‬لاتزال‭ ‬عملية‭ ‬تطوير‭ ‬الأساطيل‭ ‬البحرية‭ ‬تحتاج‭ ‬لفترة‭ ‬زمنية‭ ‬طويلة،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬السفن‭ ‬الحربية‭ ‬التي‭ ‬تصممها‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬حالياً‭ ‬في‭ ‬الدخول‭ ‬للخدمة‭ ‬في‭ ‬ثلاثينات‭ ‬القرن‭ ‬الحالي،‭ ‬وسيظل‭ ‬أغلبها‭ ‬في‭ ‬الأسطول‭ ‬حتى‭ ‬سبعينات‭ ‬أو‭ ‬ثمانينات‭ ‬القرن‭ ‬ذاته،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬تحديات‭ ‬أخرى‭ ‬تتعلق‭ ‬بصعوبة‭ ‬التنبؤ‭ ‬بالظروف‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬المستقبلية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬ترجمتها‭ ‬في‭ ‬احتياجات‭ ‬تشغيلية‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬طرحت‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬خطة‭ ‬جديدة‭ ‬طموحة‭ ‬لإصلاح‭ ‬صناعة‭ ‬السفن‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مساعيها‭ ‬لمواجهة‭ ‬الهيمنة‭ ‬الصينية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الصناعة،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬في‭ ‬مراحلها‭ ‬الأولى،‭ ‬إذ‭ ‬سيتم‭ ‬إنشاء‭ ‬مكتب‭ ‬جديدة‭ ‬للصناعة‭ ‬البحرية،‭ ‬وذلك‭ ‬ضمن‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي،‭ ‬سيتولى‭ ‬هذا‭ ‬المكتب‭ ‬إعداد‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬بحرية‭ ‬شاملة‭ ‬خلال‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭. ‬وتنطوي‭ ‬خطة‭ ‬ترامب‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المحاور‭ ‬الرئيسية،‭ ‬لعل‭ ‬أبرزها‭ ‬إنشاء‭ ‬صندوق‭ ‬ائتماني‭ ‬للأمن‭ ‬البحري،‭ ‬وتقديم‭ ‬حوافز‭ ‬ضريبية‭ ‬كبيرة‭ ‬لدعم‭ ‬وتنشيط‭ ‬بناء‭ ‬سفن‭ ‬محلية،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لمعالجة‭ ‬عدم‭ ‬كفاءة‭ ‬المشتريات،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬أجور‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬أحواض‭ ‬بناء‭ ‬السفن‭. ‬كما‭ ‬ألمح‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يلجأ‭ ‬إلى‭ ‬شركات‭ ‬أجنبية‭ ‬لبناء‭ ‬السفن‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الكونغرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬يمنع‭ ‬شراء‭ ‬البحرية‭ ‬للسفن‭ ‬الحربية‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الحليفة‭.‬

لكن،‭ ‬تشير‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬صعوبة‭ ‬أن‭ ‬تفضي‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬الجديدة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬قدرات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬البحرية‭ ‬بحيث‭ ‬تجعلها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬منافسة‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬بناء‭ ‬السفن،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مزايا‭ ‬التكلفة‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬الصين،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الدفع‭ ‬نحو‭ ‬محاولة‭ ‬سد‭ ‬الفجوة‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬عبر‭ ‬استثمار‭ ‬ضخم‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المتطورة‭ ‬يعكس‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬السطحية‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬قدرة‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬الابتكار‭ ‬التكنولوجي‭ ‬وخفض‭ ‬التكاليف‭. ‬وبالتالي،‭ ‬رغم‭ ‬المساعي‭ ‬الأمريكية‭ ‬الراهنة‭ ‬للتركيز‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬قدراتها‭ ‬من‭ ‬السفن‭ ‬السطحية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة،‭ ‬محاولةً‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬سد‭ ‬الفجوة‭ ‬العددية‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬المعركة‭ ‬الحقيقية‭ ‬ربما‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬البحر،‭ ‬لكن‭ ‬سترتكز‭ ‬في‭ ‬أحواض‭ ‬بناء‭ ‬السفن‭ ‬وسلاسل‭ ‬التوريد‭ ‬والهيمنة‭ ‬التكنولوجية‭ ‬البحرية،‭ ‬وهي‭ ‬مجالات‭ ‬تظهر‭ ‬فيها‭ ‬الصين‭ ‬تفوقاً‭ ‬ملحوظاً‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬هناك‭ ‬إشكالية‭ ‬أخرى‭ ‬تواجه‭ ‬الخطة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الطموحة‭ ‬تتعلق‭ ‬بمدى‭ ‬توافر‭ ‬المخصصات‭ ‬المادية‭ ‬لدعم‭ ‬صناعة‭ ‬السفن‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التفاوت‭ ‬الواضح‭ ‬بين‭ ‬تقديرات‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وتقديرات‭ ‬مكتب‭ ‬الميزانية‭ ‬بالكونجرس‭ ‬بشأن‭ ‬التكلفة‭ ‬التقديرية‭ ‬لخطة‭ ‬البحرية‭ ‬لبناء‭ ‬السفن‭ (‬2025‭ – ‬2054‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬تميل‭ ‬تقديرات‭ ‬مكتب‭ ‬الميزانية‭ ‬بالكونجرس‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬تقديرات‭ ‬تكاليف‭ ‬البحرية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعزى‭ ‬إلى‭ ‬الاختلاف‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬التضخم،‭ ‬وكذا‭ ‬بشأن‭ ‬التباين‭ ‬بينهما‭ ‬حول‭ ‬الأحجام‭ ‬والميزات‭ ‬المحتملة‭ ‬لبعض‭ ‬فئات‭ ‬السفن‭ ‬المستقبلية‭ ‬المتوقعة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يتوقع‭ ‬تقرير‭ ‬مكتب‭ ‬الميزانية‭ ‬بالكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬أن‭ ‬تبلغ‭ ‬تكاليف‭ ‬بناء‭ ‬السفن‭ ‬بموجب‭ ‬الخطة‭ ‬الجديدة‭ ‬نحو‭ ‬35‭.‬8‭ ‬مليار‭ ‬سنوياً‭ (‬بإجمالي‭ ‬1‭.‬075‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الـ‭ ‬30‭ ‬المقبلة‭)‬،‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬تقدر‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬تبلغ‭ ‬تكلفة‭ ‬خطة‭ ‬بناء‭ ‬السفن‭ ‬حوالي‭ ‬30‭.‬1‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنوياً‭. ‬وبالتالي،‭ ‬ثمة‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬ربما‭ ‬تواجه‭ ‬الخطة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الطموحة‭ ‬لدعم‭ ‬صناعة‭ ‬بناء‭ ‬السفن،‭ ‬يبقى‭ ‬أبرزها‭ ‬الافتقار‭ ‬للتمويل‭ ‬الكافي،‭ ‬رغم‭ ‬مساعي‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحالية‭ ‬حلحلة‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬كفاية‭ ‬البنية‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لزيادة‭ ‬حجم‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬زيادة‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬حلفاء‭ ‬واشنطن‭ ‬لدعم‭ ‬القدرة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬للسفن‭ ‬الحربية‭. ‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬برنامج‭ (‬NOMARS‭)‬،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬مع‭ ‬استعداد‭ ‬سفينة‭ ‬الشبح‭ ‬للانطلاق‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬عروضها‭ ‬البحرية،‭ ‬محدداً‭ ‬رئيسياً‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬البحرية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬للجيش‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وتجسيد‭ ‬هندسة‭ ‬بحرية‭ ‬ثورية،‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬كفاءة‭ ‬التكلفة‭ ‬والموثوقية،‭ ‬وقدرات‭ ‬الحمولة‭ ‬الموسعة‭ ‬للمهام‭ ‬طويلة‭ ‬المدى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يشكل‭ ‬ابتكاراً‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التزايد‭ ‬المطرد‭ ‬في‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬المركبات‭ ‬السطحية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة،‭ ‬منخفضة‭ ‬التكلفة‭ ‬والقادرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التهديدات‭ ‬الاستراتيجية‭. ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال،‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشكوك‭ ‬تتعلق‭ ‬بمدى‭ ‬قدرة‭ ‬هذه‭ ‬السفن‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬على‭ ‬سد‭ ‬الفجوة‭ ‬العددية‭ ‬للبحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬نظيرتها‭ ‬الصينية‭.‬

عدنان‭ ‬موسى‭  ‭‬مدرس‭ ‬مساعد‭ ‬بكلية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والعلوم‭ ‬السياسية‭ ‬–‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة‭

Twitter
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض