World time doomsday 23.57 hrs., Just three minutes End of the World. Elements of this image furnished by NASA

ساعة يوم القيامة

ساعة يوم القيامة هي ساعة رمزية، تبين مدى قرب العالم من نهايته، ويمثل منتصف الليل فيها النقطة النظرية لهذه النهاية. وفي الرابع والعشرين من يناير 2023، أعلن مجلس العلوم والأمن، وهو منظمة غير ربحية، ومقره مدينة شيكاغو الأمريكية، بالتنسيق مع مجلس الرعاة، الذي يضم 10 من حاملي جائزة نوبل، من خلال نشرة علماء الذرة، تحريك عقارب ساعة يوم القيامة عند 90 ثانية قبل منتصف الليل، في إطار عملية إعادة الضبط السنوية للساعة، مما يعني تقريب التوقيت عشر ثوان عما كان عليه في وقت سابق، وذلك على خلفية الحرب في أوكرانيا التي اندلعت في 24 فبراير 2022، والتهديدات البيولوجية، وانتشار الأسلحة النووية، وعودة سباقات التسلح من جديد، ولكن على أساس نوعي أكثر منه كمياً، ويشمل ذلك برامج الذكاء الاصطناعي العسكري، واستمرار أزمة المناخ، وما نتج عنها من الانبعاثات الكربونية، وارتفاع درجة حرارة الأرض، وتزايد التصحر، والأعاصير، والفيضانات، ومشاكل الأمن الغذائي، وأمن الطاقة، وانتشار الأوبئة والأمراض، وكذلك الزلازل، والحرائق، والجفاف، وغيرها. 

واقترح المجلس، كأولوية قصوى، أن تبادر الدول الخمس، ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن، بتبني التزامات جديدة لمواجهة الأخطار النووية من خلال المزيد من ضبط التسلح، وعقد اتفاقيات للاستقرار الاستراتيجي، وبدلاً من إنفاق الأموال على التسلح والحروب يمكن توجيهها نحو تحقيق التنمية والازدهار والتعاون العالمي في مواجهة المخاطر التي تهدد الحياة على كوكب الأرض، وهو ما سيحرك عقارب الساعة الى الوراء.

ويعد هذا هو التحريك الخامس والعشرون لعقارب الساعة، حيث يقوم أعضاء مجلس العلوم والأمن سنوياً بتعديل الوقت للتفكير فيما إذا كانت أحداث العام السابق قد دفعت البشرية إلى الاقتراب من الدمار، أو بعيداً عنه، ويعتمدون في ذلك على قاعدة بيانات تضم أكثر من 100 تنبؤ لتقييم المخاطر. فالساعة تتنبأ بدرجة قرب البشرية من الإبادة، بناء على مؤشرات يضعها عدد من أبرز خبراء العلم والأمن في العالم حول المخاطر النووية والمناخية التي تتهدد الوجود البشري، وهي استعارة عن مدى قرب البشرية من التدمير الذاتي، وتدعو للعمل لإعادة العقارب إلى الوراء.

وتقيِّم هذه الساعة قدرة العالم على مواجهة المخاطر، حيث أن المدة الزمنية التي يحتاجها تنفيذ قرار باستخدام السلاح النووي تتراوح بين 5 و 10 دقائق فقط، وهذه الدقائق القليلة هي التي تفصل العالم عن “يوم القيامة”، وهي الفترة الكافية لاتخاذ قرار، والضغط على زر لشن هجوم نووي يؤدي إلى فناء الحياة‏.‏ فالدراسات تشير إلى أن كل سلاح نووي لدى الولايات المتحدة أو روسيا يكفي لإحداث دمار قد يصل‏ إلى ‏40‏ مرة ضعف الدمار الذي خلفته قنبلة هيروشيما‏،‏ وأن إلقاء ‏50‏ قنبلة نووية يمكن أن يقتل مالا يقل عن مائتي مليون من البشر‏.‏

وفي السادس من فبراير 2023، قال الأمين العام للأمم المتحدة في خطابه الافتتاحي للجمعية العامة: “إن الخبراء يدرسون مدى قرب البشرية من التدمير الذاتي، وفي بداية عام 2023، درسوا حالة العالم في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا، وكوارث التغيرات المناخية، وتصاعد المخاطر النووية، وتوصلوا إلى نتيجة أن ساعة يوم القيامة لا يفصلها عن منتصف الليل إلا 90 ثانية فقط، وهذه أقرب نقطة وصلت إليها عقارب هذه الساعة، والتي لم تصل إليها حتى في حقبة الحرب الباردة، ويعد هذا بمثابة جرس إنذار عالمي، فعلينا أن ننتبه، ونبدأ العمل لإعادة العقارب للوراء”. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن مخاوفه من اتساع نطاق الحرب الدائرة في أوكرانيا، محذراً من أن العالم يواجه أعلى خطر ببدء حرب نووية، بالخطأ، أو بشكل متعمد. وفي تصريحات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال: “أخشى أن العالم يقترب بلا وعي من حرب أوسع نطاقاً، أخشى أنه يفعل ذلك وأعينه مفتوحة تماماً. إن العالم يحتاج إلى السلام، وما يسمى الاستخدام التكتيكي لأسلحة نووية سخيف”. 

وتعقيباً على ذلك، أعلن المتحدث باسم الكرملين، أن الوضع العالمي ينذر بالخطر، وألقى باللوم على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي “ناتو” لدورهما بالحرب في أوكرانيا، وحذر من أن العالم بات أمام تهديد باندلاع حرب عالمية ثالثة، ودعا قادة الولايات المتحدة وألمانيا لوقف دقات عقارب الساعات النووية، في إشارة إلى عزم الدولتين ودول غربية أخرى إرسال دبابات قتال رئيسية إلى أوكرانيا. وقال الرئيس الروسي السابق ونائب سكرتير مجلس الأمن الروسي، ميدفيديف، في تصريح نقلته وكالة أنباء “تاس” الروسية: “بمجرد اندلاع الحرب العالمية الثالثة، للأسف لن تكون الحرب على دبابات، أو حتى بالطائرات المقاتلة. كل شيء بالتأكيد سيتحول إلى غبار”. وقال مدفيديف، لوكالة “سبوتنيك” الروسية، رداً على سؤال بشأن طريقة إعادة هذه الساعة إلى الوراء قليلاً: “دعوا صانعي الساعات يوقفون دقات الساعة النووية لفترة من الوقت”.

وترى الولايات المتحدة أن مناشدة حلفاء روسيا أمر حيوي لتحذيرها من استخدام سلاح نووي، وهو بالفعل ما قام به المستشار الألماني، أولاف شولتس، خلال زيارته إلى بكين في نوفمبر 2022، ولقائه الرئيس الصيني، حيث أعلن في بيان مشترك أنه ينبغي عدم استخدام الأسلحة النووية في الحرب الروسية – الأوكرانية. وفي هذا الإطار، وبعد عام على اندلاع النزاع في أوكرانيا، دعت الحكومة الصينية، في وثيقة من12  نقطة، بعنوان “موقف الصين من التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية”، نُشرت في الرابع والعشرين من فبراير 2023، دعت روسيا وأوكرانيا إلى استئناف الحوار، وعبرت عن رفضها اللجوء إلى السلاح النووي، بأي حال. وجاء في الوثيقة “أنه ينبغي عدم استخدام الأسلحة النووية، وعدم خوض حروب نووية، ويجب الوقوف ضد التهديد بالسلاح النووي، أو اللجوء إليه”. وتعقيباً على هذه الوثيقة، جاءت تصريحات أمين عام حلف “ناتو” التي اتهم فيها بكين بالانحياز لموسكو التي عقدت معها معاهدة تحالف استراتيجية، فضلاً عن أن الصين لم تصدر أي إدانة للغزو الروسي لأوكرانيا. وفي نفس الوقت، رفض الرئيس الأمريكي جو بايدن، “خطة السلام” الصينية، وقال إن “تنفيذها لن يفيد سوى روسيا”. والجدير بالذكر هنا أن الصين تؤكد دائماً أنها مستمرة في اتباع استراتيجية نووية دفاعية، وأنها لن تبدأ باستخدام الأسلحة النووية، مهما كانت الظروف، وأن قدراتها النووية تستمر في الحد الأدنى اللازم لحماية أمنها القومي، وأن هذا يأتي في إطار التزامها بالتنمية السلمية والسياسة العسكرية ذات الطابع الدفاعي.

وفي الثالث من مارس 2023، ندد بيان وزراء خارجية ما تُعرف بالمجموعة الرباعية، أو مجموعة “كْواد” (تضم الولايات المتحدة، واليابان، والهند، وأستراليا) بالتهديد الروسي باستخدام الأسلحة النووية في حرب أوكرانيا، ووصفوه بأنه غير مقبول، وشدد البيان في إعلان مشترك على أهمية احترام القانون الدولي في بحري الصين، الشرقي والجنوبي، للاضطلاع بالتحديات بوجه النظام البحري القائم على قواعد. وظهر بوضوح فشل الحوكمة العالمية عندما هيمن الانقسام على اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين G20 (تضم كبرى الدول الصناعية والناشئة بالعالم، ومن بينها روسيا والصين) في نيودلهي، في الأول والثاني من مارس 2023، نتيجة تباين في الرؤى بين القوى الدولية حول عدد من الملفات، وعلى رأسها الحرب الأوكرانية، حيث انضمت الصين إلى روسيا في رفض تأييد مطالبة موسكو بوقف الأعمال الحربية في أوكرانيا. وناقش كبار الدبلوماسيين في الاجتماع قضايا أمن الغذاء، والطاقة، والتعاون من أجل التنمية المستدامة، ومكافحة الإرهاب، والتهديدات الجديدة والناشئة، وعمليات الإغاثة في حالات الكوارث، وتداعيات الوضع في أوكرانيا على البلدان الأخرى. وفي خطابه أمام الاجتماع، اعتبر رئيس الوزراء الهندي أن المؤسسات متعددة الأطراف فشلت في مواجهة التحديات الأكثر إلحاحاً في العالم، في السنوات القليلة الماضية، كما ظهر في الحروب، والأزمة المالية، وجائحة كورونا، والتغيرات المناخية، ومواجهة الإرهاب.

ومن ناحية أخرى، كان عام 2022 عاماً قياسياً للتجارب الصاروخية الكورية الشمالية، حيث تم إطلاق نحو ثلاثين من الصواريخ الجوالة “كروز” والباليستية، مما يعني عدم نجاح العقوبات الدولية المفروضة على هذه الدولة، ودفع ذلك بمتغير جديد تمثل في إقرار استراتيجية الأمن القومي اليابانية، التي خصصت، للمرة الأولى، ميزانية تاريخية لقوات الدفاع الذاتي اليابانية بقيمة 315 مليار دولار، على مدى خمس سنوات. 

تصميم الساعة وتحريك عقاربها

في عام 1945، أسس ألبرت آينشتاين، وعلماء آخرون عملوا في مشروع مانهاتن لإنتاج القنبلة النووية الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية، نشرة علماء الذرة، ويتبعها مجلس العلوم والأمن، وكان أول رئيس له هو روبرت أوبنهايمر الملقب بـ”أبو القنبلة النووية”. وتم الكشف لأول مرة عن ساعة يوم القيامة في بداية حقبة الحرب الباردة عام 1947 من قبل النشرة. وبعد 4 أشهر فقط من إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما، صدر العدد الأول من النشرة، التي تحولت بعد عامين من رسالة إخبارية مطبوعة إلى مجلة، وضع على غلافها تصميم أول ساعة ليوم القيامة، وكانت عقاربها تقف عند سبع دقائق قبل منتصف الليل.

وبعد أن أجرى الاتحاد السوفييتي السابق تجربته النووية الأولى في عام 1949، تم تحريك عقارب الساعة من 7 إلى 3 دقائق قبل منتصف الليل. ومع تفجير واشنطن وموسكو أول أسلحة هيدروجينية في عام 1953، تم تحريك عقارب الساعة إلى ما قبل منتصف الليل بدقيقتين، ليصبح هذا هو أقرب توقيت إلى منتصف الليل على هذه الساعة. وكانت العقارب تشير إلى ست دقائق قبل منتصف الليل في عام ‏1988‏، بعد توقيع الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق في واشنطن معاهدة للتخلص من الأسلحة النووية متوسطة المدى، ودخولها حيز التنفيذ في الأول من يونيو 1988، وتحسن العلاقات بين الدولتين، ومعارضة المزيد من الدول للأسلحة النووية‏.‏ 

وفي 17 دقيقة قبل منتصف الليل، كانت الساعة أبعد ما تكون عن يوم القيامة في عام 1991، حيث انتهت الحرب الباردة، ووقعت موسكو وواشنطن على معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية، المعروفة باسم “ستارت”، والتي تقضي بالخفض الثنائي لأسلحتهما النووية‏.‏ وابتعدت عقارب الساعة ‏14‏ دقيقة عن منتصف الليل في عام ‏1995 ‏بسبب اجراء المزيد من عمليات تقليص ترسانات الأسلحة، على الرغم من استمرار الإنفاق العسكري العالمي على معدلاته، وتزايد المخاوف من حدوث تسرب نووي من المنشآت النووية السابقة، التي تعاني ضعفاً في إجراءات الأمان والسلامة‏.‏

وتقدمت عقارب ساعة يوم القيامة دقيقتين عما كانت عليه لتكون سبع دقائق قبل منتصف الليل في عام ‏2002،‏ بسبب انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ البالستية، والمخاوف من انتشار الأسلحة النووية والبيولوجية، وسعي بعض الجماعات للحصول على هذه الأسلحة‏.‏ وفي يناير 2012، تم تحريك العقارب إلى خمس دقائق قبل منتصف الليل بسبب عدم الجدية في مكافحة التسلح النووي، والنزاعات العالمية، والتغيرات المناخية. وتم تحريك العقارب دقيقتين ونصف في عام 2017، بحيث أصبحت على بعد دقيقتين ونصف من منتصف الليل، وذلك بسبب فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية. وتم تقديمها في يناير 2018 بمقدار 30 ثانية نتيجة لتهديدات كوريا الشمالية النووية، وخطر ارتفاع درجة حرارة الأرض. وتم تحريك عقارب الساعة 100 ثانية قبل منتصف الليل في يناير 2021، وهي أقرب نقطة من منتصف الليل في تاريخ الساعة، وظلت على هذا التوقيت عام 2022.

عقارب الساعة ومعاهدةستارتالجديدة

والسؤال الأهم هنا هو: كيف ستتحرك عقارب الساعة بعد التطورات الأخيرة بالنسبة لمعاهدة “ستارت” الجديدة؟ ففي الحادي والعشرين من فبراير 2023، أعلنت روسيا تعليق مشاركتها في معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية، المعروفة باسم “ستارت” الجديدة، التي تهدف إلى نزع السلاح النووي، وهي آخر معاهدة لمراقبة الأسلحة بين موسكو وواشنطن، اللتين تمتلكان معاً نحو 90 في المئة من الرؤوس الحربية النووية في العالم. وذكّر بوتين العالم بحجم ترسانة موسكو وقوتها، وقال إنه مستعد لاستخدام كل الوسائل الضرورية للدفاع عن وحدة أراضي روسيا. وحذّرت روسيا من أن تصميم الغرب على هزيمتها قد يَحول دون تجديد المعاهدة عندما يحين أجل انتهاء العمل بها في عام 2026. ولكنها أعلنت، في نفس الوقت، أنها ستستمر في احترام القيود المفروضة على عدد الأسلحة الهجومية الاستراتيجية المنصوص عليها في المعاهدة، رغم قرارها تعليق المشاركة فيها. وفي خطابه عن حالة الأمة قال بوتين: “إن على روسيا أن تقف على أهبة الاستعداد لاستئناف تجارب الأسلحة النووية إذا قامت الولايات المتحدة بذلك”، وهذا يعني إنهاء الحظر على تجارب الأسلحة النووية، الذي فرض في 10 سبتمبر 1996 بمعاهدة الحد الكلي من إجراء الاختبارات النووية، التي حظرت إجراء أي تفجير للقنابل النووية، حتى لأغراض سلمية.

واتهم بوتين واشنطن وحلفاءها في حلف شمال الأطلسي “ناتو” برغبتهم بإلحاق الهزيمة بروسيا، وقال: “إنهم يريدون إلحاق هزيمة استراتيجية بنا، والوصول إلى منشآتنا النووية، في الوقت ذاته، ولهذا السبب بات واجباً علي أن أُعلن أن روسيا ستعلق مشاركتها في المعاهدة، وأنه بينما ضغطت أمريكا من أجل استئناف عمليات تفتيش المنشآت النووية الروسية بموجب الاتفاقية، ساعد حلفاء الناتو أوكرانيا في شن هجمات بطائرات مسيرة على القواعد الجوية الروسية التي تتمركز بها قاذفات استراتيجية نووية، وتم تجهيز الطائرات المسيرة وتحديثها بمساعدة خبراء الناتو”. وردت الولايات المتحدة بأنها ستظل مستعدة لمناقشة الحد من الأسلحة الاستراتيجية في أي وقت مع روسيا، بغض النظر عن أي شيء يحدث في العالم. وقال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إنه لم يفسر قرار الرئيس الروسي بتعليق المشاركة مؤقتاً في معاهدة “ستارت” الجديدة للحد من الأسلحة النووية، على أنه مؤشر على تفكيره في استخدام تلك الأسلحة.

ومعاهدة “ستارت” الجديدة وقعت عام 2010 بين موسكو وواشنطن، في الثامن من إبريل 2010 بالعاصمة التشيكية، براغ، من قبل كل من الرئيسين الروسي السابق، دميتري ميدفيديف، والأمريكي الأسبق، باراك أوباما، ودخلت حيز التنفيذ في الخامس من فبراير 2011. وبعد كثير من الجدل، بسبب طلب واشنطن ضم الصين إلى الاتفاقية، اتفق الطرفان في عام 2021، على تمديد العمل بها خمس سنوات إضافية، حتى فبراير 2026. ثم اتفقت الدولتان في مارس 2020، على تعليق عمليات التفتيش بسبب جائحة كورونا. وكانت روسيا قد أعلنت تعليق عمليات التفتيش المخطط لها في مواقعها العسكرية في إطار المعاهدة، رداً على العراقيل أمام عمليات التفتيش الروسية في الولايات المتحدة، وهو ما اعتبرته واشنطن انتهاكاً لشروط المعاهدة. وتنص المعاهدة على خفض الترسانة النووية للبلدين إلى 1550 رأساً نووياً، و700 من الصواريخ بعيدة المدى وقاذفات القنابل، بحد أقصى، وتسمح لمفتشين من الجانبين بعمليات تفتيش مشتركة للمواقع العسكرية لدى الطرفين، للتأكد من عدم انتهاك بنود المعاهدة. 

ويشار هنا إلى أنه عقب محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية بين موسكو وواشنطن تم الاتفاق على خفض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، وعلى عمليات التفتيش والتحقق بموجب اتفاقية “ستارت 1” التي تم التوقيع عليها في 31 يوليو 1991، ودخلت حيز التنفيذ في 5 ديسمبر 1994، ومنعت الطرفين من نشر أكثر من 6000 رأس نووي محملة على 1600 من الصواريخ البالستية العابرة للقارات والطائرات القاذفة.  وفي عام 2011، دخلت معاهدة تخفيض الأسلحة الاستراتيجية “ستارت-2” بين الولايات المتحدة وروسيا حيز التنفيذ، وذلك بعد تبادل الجانبان الوثائق الخاصة بالمصادقة عليها، خلال مؤتمر أمني في مدينة ميونخ الألمانية. وحلت المعاهدة الجديدة مكان معاهدة “ستارت 1” التي لم تعد سارية المفعول منذ نهاية عام 2009. وتنص المعاهدة على تخفيض عدد الرؤوس النووية التي يحتفظ بها كل طرف الى 1500 رأس نووي، كما سمحت لكل طرف بتفتيش القدرات النووية للطرف الآخر للتأكد من عدد الرؤوس النووية التي يحملها كل صاروخ، وإضافة لذلك، فإنها فرضت ضوابط على عدد الرؤوس النووية والصواريخ التي يمكن لكل طرف أن ينشرها على البر، وفي الغواصات، وعلى متن الطائرات القاذفة.

وتصاعد التهديد النووي في ضوء تقويض نظام الحد من التسلح النووي، وغموض مستقبل معاهدة “ستارت” الجديدة، والتوجه نحو تعزيز القدرات النووية. وبعد عقود من جهود نزع السلاح النووي، تنفق جميع القوى النووية اليوم الكثير من الأموال على الرؤوس الحربية النووية الجديدة، والمنظومات الحاملة لها، مثل الصواريخ، والسفن، والغواصات، والطائرات. وتنفق الولايات المتحدة حوالي 10 مليارات دولار لتحديث قنابلها النووية، واستبدال القنابل النووية التكتيكية القديمة بالنموذج الجديد B61-12، وهذه القنبلة تم تطويرها في ستينات القرن الماضي، واختبرت لأول مرة بعد أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، وبرنامج تحديثها تمت الموافقة عليه في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، وتديره وزارة الطاقة الأمريكية، ويهدف إلى استبدال حوالي 100 قنبلة مخزنة في القواعد الجوية في بعض دول حلف “ناتو”. والبرنامج يشمل أيضاً تأهيل الطائرات المقاتلة غير الاستراتيجية، مثل F-35، لحمل تلك القنابل الصغيرة الحجم.

وأكدت الميزانية الدفاعية الأمريكية لعام 2023 تحديث الثالوث النووي الأمريكي، ويتضمن ذلك الغواصات النووية، والتمويل الكامل لبرنامج إنتاج قاذفات B-21 Raider الاستراتيجية من الجيل السادس، والقادرة على حمل أسلحة نووية، حيث تعتزم وزارة الدفاع الأمريكية طلب 100 طائرة من هذا النوع بتكلفة تزيد على 690 مليون دولار للطائرة الواحدة.

 
أسلحة يوم القيامة النووية

ولكن، ما هي أسلحة يوم القيامة النووية؟

 تمتلك روسيا والولايات المتحدة مخزونات نووية بإمكانها تدمير الحياة على كوكب الأرض عدة مرات، ويملك كل منهما القدرة على امتصاص الضربة الأولى، وتوجيه الضربة الانتقامية الثانية الكفيلة بتحقيق التدمير الشامل للطرف الآخر. وتعتبر الأعداد الدقيقة للأسلحة النووية، وأماكن تواجدها، على درجة عالية من السرية، بشكل عام، ولكن، وفقاً لبعض التقارير، تملك واشنطن وموسكو نحو 90% من الأسلحة النووية في العالم، التي تضم نحو 12700 قنبلة نووية. ولدى روسيا ما يقدّر بستة آلاف رأس نووي، منها نحو 1588 رأسا في وضع الإطلاق، والباقي في وضع التخزين. ولدى الولايات المتحدة أكثر من 5400 رأس نووي، منها 1644 في وضع الإطلاق، ونحو 3665 في وضع التخزين. وفي إطار التزامها بتمديد عنصر الردع، تملك الولايات المتحدة نحو 100 قنبلة نووية تكتيكية من طراز B61 في بعض قواعد لحلف “ناتو” في أوروبا، كما نشرت في بعض هذه المواقع، الطراز المحدث من هذه القنبلة B61-12. وفي التاسع والعشرين من أكتوبر 2022، دعت موسكو واشنطن إلى استعادة الأسلحة النووية التي أرسلتها لدول أخرى، والقضاء على البنية التحتية الخارجية لتخزينها وصيانتها، والتخلي عن ممارسة محاكاة استخدام مثل تلك الأسلحة بواسطة دول غير نووية في إطار المهام النووية المشتركة التابعة للحلف، والتي تتعارض مع المبادئ الأساسية لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، لأنه في هذه الأوقات المفعمة بالتوتر والمخاطر المتزايدة، يقع على كاهل الدول النووية مسؤولية خاصة للحيلولة دون التصعيد. 

وكشف تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبري” في يونيو 2022 عن أن عدد الأسلحة النووية في العالم سيرتفع في العقد المقبل بين القوى النووية التسع، أي الولايات المتحدة، وروسيا، والمملكة المتحدة، والصين، وفرنسا، والهند، وإسرائيل، وكوريا الشمالية، وباكستان، بسبب التوترات المتصاعدة عالميا، بعد 35 عاماً من التراجع. وفي نفس الوقت، فإن التوترات في شرق أوروبا والمحيط الهادئ، وفي شبه الجزيرة الكورية، أسهمت في عقد المزيد من التحالفات والشراكات العسكرية، وزيادة الإنفاق العسكري. وبالتالي، أصبح تطوير الأجيال الجديدة من المنظومات الدفاعية، في صدارة أجندات العديد من الدول.

ويبدو أن روسيا تريد إبقاء الخوف من ترسانتها النووية الضخمة حياً في العقول والنفوس، ما قد يحول دون تدخل دول حلف “ناتو” المباشر في الحرب لمساعدة أوكرانيا. ومؤخراً، ورداً على قرار بعض الدول الغربية إمداد أوكرانيا بالدبابات، قال الرئيس الروسي: “نحن لا نرسل دباباتنا إلى حدودهم، لكن لدينا الوسائل للرد، ولن ينتهي الأمر باستخدام الدروع، يجب على الجميع فهم ذلك”. ولهذا، كثيراً ما أشار المسؤولون الروس الى تعزيز “الثالوث النووي”، والذي يعني: الصواريخ النووية البالستية العابرة للقارات التي تطلق من قواعد برية، والصواريخ التي تطلق من قاذفات القنابل الاستراتيجية، والصواريخ البالستية التي تطلق من الغواصات. وكان الرئيس الروسي قد أعلن في ديسمبر 2022، أن بلاده سترفع الاستعداد القتالي لثالوثها النووي ضمن ما وصفها بسياسة المحافظة على توازن الردع النووي، كأساس للاستقرار في العالم، وذلك بعد أن حذر قبل ذلك من الخطر المتزايد لنشوب حرب نووية في سياق التوتر بين روسيا والغرب على خلفية الحرب في أوكرانيا. وقبل ذلك، أكد الرئيس الروسي أن موسكو قد تضيف لعقيدتها العسكرية إمكانية توجيه الضربة النووية الوقائية الأولى لنزع سلاح خصم لها، وأن روسيا ستواصل تعزيز قواتها النووية، مع نشر صواريخ بالستية عابرة للقارات من طراز “سارمات” القادر على حمل رؤوس حربية نووية. وفي أبريل 2022، أجرت روسيا أول تجربة ناجحة على هذا الصاروخ الذي تقول وزارة الدفاع الروسية “إنه قادر على اختراق كل الدفاعات، ولا مثيل له في العالم”.

وفي عام 2018، كشفت موسكو، لأول مرة، عن الغواصة “بيلجورود” K-329  (أو غواصة يوم القيامة) التي تعتبر أضخم غواصة نووية في العالم، إذ يبلغ طولها نحو 182 متراً، ولها قدرات كبيرة على التخفي والمناورة. وتقول موسكو إن الطوربيد “بوسيدون” (أو سلاح يوم القيامة)، هو نوع جديد من الأسلحة النووية الاستراتيجية، وتحدثت بعض التقارير عن قدرة هذا الطوربيد، الذي يمكنه التحرك بسرعة أعلى من 200 كيلومتر/ ساعة، على عمق 1000 متر تحت سطح الماء، ويتمتع بمدى طويل، بفضل نظام الدفع النووي الخاص به، مما يجعل من الصعب اعتراضه بصواريخ تقليدية، كما أنه قادر على المناورة وتغيير الاتجاه والعمق، مما يعني أن عملية اعتراضه “مستحيلة”، والموجة المشعة التي يسببها انفجاره تتسبب في تسونامي اشعاعي نووي بارتفاع 500 متر على المدن الساحلية. وإنتاج رأس نووي لهذا الطوربيد بقدرة 100 ميجاطن، يعني أنه سيكون أقوى بحوالي 7000 مرة من القنبلة النووية التي ألقيت على هيروشيما في أغسطس عام 1945.

وأكد الرئيس الروسي في كلمة له بمناسبة يوم حماة الوطن أن “الجيش والأسطول الحديث والفعال هو ضمان لأمن وسيادة البلاد، ويضمن تطورها المستقر ومستقبلها، ولذلك سنعطي الأولوية لتعزيز القدرة الدفاعية”، وأشار إلى أن عام 2023، سيشهد دخول أولى منصات منظومة “سارمات” الصاروخية، الخدمة القتالية، وتسليم كميات كبيرة من صواريخ “تسيركون” 3M22 الأسرع من الصوت التي تطلق من البحر، مؤكداً أن موسكو ستواصل إنتاج صاروخ “كينجال” Kh-47M2 (كلمة روسية تعني الخنجر) الفرط صوتي، وهو صاروخ جو/أرض، تم تصنيعه لتسليح المقاتلة الاعتراضية بعيدة المدىMiG-31K  المحدثة. ووفقاً للجيش الروسي، فإن هذا الصاروخ قادر على ضرب أهداف على مسافة 2000 كم، بسرعة تصل إلى 10 أضعاف سرعة الصوت، مما يصعب اعتراضه بأي نظام دفاع صاروخي، وكان الجيش الروسي قد كشف عنه في الأول من مارس 2018 بالإضافة إلى 6 أسلحة استراتيجية أخرى. ووفقاً للتصريحات الروسية، يمكن للصاروخ القيام بمناورات خلال كل مرحلة من مراحل طيرانه، كما يمكنه حمل رأس حربية تقليدية أو نووية.

كيف يستعد الاتحاد الأوروبي ليوم القيامة؟

استعداداً ليوم القيامة، وبعد شهر من اندلاع الحرب في أوكرانيا، أقر الاتحاد الأوروبي برنامجاً يسمى “برنامج الإنقاذ، الذي ينص على وضع خطط طوارئ للتعامل مع الكوارث الكبرى التي قد تصيب دول الاتحاد، بما فيها مواجهة الهجمات النووية. ويقوم هذا البرنامج على الاستجابة السريعة لأي هجوم بأي نوع من أسلحة الدمار الشامل. وخصصت ميزانية لتوفير المستلزمات الطبية التي يمكن استعمالها في هذه الظروف، وتجهيز الفرق المختصة والمعدات ووضع الخطط لمحاصرة الأخطار. 

أما المفوضية الأوروبية فوضعت خطة للطوارئ، تتعلق بتوفير الملاجئ لاستيعاب أعداد كبيرة من الأشخاص في وقت قياسي، وخطة لإجلائهم من أماكن الخطر، وتوفير مستشفيات متنقلة، وأماكن لإعداد الطعام والشراب، وأجهزة التدفئة والتبريد.

 

حلفناتووتدريبات ليوم القيامة

أشار ديمتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق ونائب سكرتير مجلس الأمن الروسي، إلى أن “القوى النووية لا تخسر أبداً في صراعات كبرى يتوقف عليها مصيرها”. وأثنى الكرملين على هذه التصريحات، لافتاً إلى أنها تتفق تماماً مع عقيدة روسيا النووية. وعلى إثر ذلك، أعلن نائب الأمين العام لحلف “ناتو” في العشرين من يناير 2023، أن التدريبات التي تجريها القوات النووية للدول الأعضاء على نطاق الحلف، ضرورية لضمان الردع النووي الفعال، الذي كان، ولا يزال، أحد أسس الحلف.

وكان رؤساء دول وحكومات الحلف قد وافقوا على وثيقة المفهوم الاستراتيجي الجديد له في 29 يونيو 2022، في مدريد (كانت الموافقة على النسخة السابقة في قمة الحلف في لشبونة عام 2010). ويحدد هذا المفهوم أولويات الحلف، ومهامه الأساسية لمدة عقد، ويقدم الهدف الأساسي للحلف، المتمثل في مبادئ وأهداف الحلف، والدفاع الجماعي، والبيئة الأمنية، إضافة الى تحديد المهام الأساسية الثلاثة للحلف، وهي: الردع والدفاع، وإدارة الأزمات والوقاية منها، والأمن التعاوني. ويتخذ المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف موقفاً متوازناً بشأن الأسلحة النووية، معترفاً بدورها الحاسم في الردع، والحد من التسلح، ونزع السلاح، وعدم الانتشار. وجاء في نص الوثيقة “طالما بقيت الأسلحة النووية موجودة، سيبقى حلف الناتو تحالُفاً نووياً، هدفه هو عالم أكثر أماناً للجميع، ويسعى إلى خلق بيئة أمنية لعالم خالٍ من الأسلحة النووية”.

ووفقاً لوثيقة المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف، يتمثل الهدف الأساسي لقدرة الحلف النووية في الحفاظ على السلام، ومنع الإكراه، وردع العدوان. والحالات التي قد يضطر فيها الحلف إلى استخدام الأسلحة النووية بعيدة للغاية، ولكن أي استخدام للأسلحة النووية ضد الحلف من شأنه أن يغير طبيعة النزاع بشكل جذري، مما يفرض تكاليف غير متوقعة على الخصم، وتفوق بكثير الفوائد التي قد يأمل أي خصم في تحقيقها. ويعتمد موقف الردع النووي للحلف على انتشار الأسلحة النووية للولايات المتحدة في أوروبا، وإسهامات الحلفاء المعنيين. والقوات النووية الاستراتيجية للولايات المتحدة هي الضمان الأعلى لأمن الحلف، بينما تلعب القوات النووية الإستراتيجية المستقلة لكل من بريطانيا وفرنسا دوراً رادعاً خاصاً بها، وتساهم بشكل كبير في أمن الحلف. وإضافة إلى ذلك، سيواصل الحلف الاستثمار في دفاعه ضد التهديدات الكيميائية، والبيولوجية، والإشعاعية، والنووية. 

ومنذ بداية الحرب الروسية – الأوكرانية كان حلف “ناتو” حريصاً على عدم تزويد كييف بأسلحة يطال مداها الأراضي الروسية. وفي الثالث عشر من أكتوبر 2022، قال أمين عام الحلف إنه ستكون هناك عواقب وخيمة إذا استخدمت روسيا الأسلحة النووية ضد أوكرانيا، وإن الظروف التي قد يستخدم فيها الحلف أسلحة نووية بعيدة للغاية، لأن الغرض الأساسي من الردع النووي للحلف هو الحفاظ على السلام، وردع العدوان والتهديد بالقوة ضد الحلفاء. ولكن، وبالرغم من ذلك، أجرى الحلف في النصف الأخير من أكتوبر 2022، مناورات “الظهيرة الصامدة”، في قاعدة عسكرية شمال شرقي بلجيكا، لاختبار مدى جهوزية دول الحلف لأي ضربة نووية محتملة، ولضمان سلامة الردع النووي للحلف وفعاليته.

المجتمع الدولي وإدارة المخاطر

في تقرير نشره في الثامن والعشرين من فبراير 2023، دعا مجلس العلوم الدولي، وهو منظمة غير حكومية، ومقره باريس، ويضم عشرات الهيئات العلمية في مختلف المجالات، دعا حكومات العالم إلى إعادة التفكير في كيفية إدارة المخاطر، لمواجهة الكوارث الطبيعية، والحد من أضرارها، وأعرب عن أسفه كون أن الحكومات تتحرك – في أغلب الأحيان – بعد حلول الكارثة، وليس قبل وقوعها. وكان المجتمع الدولي تبنى في عام 2015 استراتيجية عُرفت باسم “أهداف سينداي” (اعتمدت هذه الاستراتيجية خلال مؤتمر الأمم المتحدة العالمي الثالث الذي عقد في مدينة سينداي اليابانية في 18 مارس 2015)، وتهدف إلى التقليل من الخسائر البشرية والمادية بحلول عام 2030، وذلك من خلال الاستثمار في رصد المخاطر والكوارث، والحد من آثارها، فور وقوعها. وأشار التقرير إلى أنه منذ مطلع تسعينات القرن العشرين، شهد العالم أكثر من عشرة آلاف كارثة، ما بين انفجارات بركانية، وزلازل، وعواصف، وجفاف، وفيضانات، وارتفاع في درجات الحرارة، وتأثر بها مليارات الأشخاص في شتى أرجاء العالم. وجاء في التقرير أن الفيضانات والعواصف التي زادت وتيرتها واشتدت آثارها بفعل التغير المناخي، تشكّلان نحو 42% من إجمالي الكوارث في العالم. وبينما يسارع المجتمع الدولي إلى التحرك بعد وقوع الكوارث يتم توجيه القليل من الاهتمام نحو التخطيط على المدى الطويل. والتحذير من المخاطر قبل 24 ساعة من وقوعها يقلل من الخسائر البشرية والمادية بنسبة تصل إلى الثلث.

وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة في الثاني من فبراير 2022، أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية المرتبطة بالطاقة ازدادت في عام 2022 بنسبة 0,9 في المئة، لتسجل رقماً قياسياً، إلا أن هذا المعدل يبقى أقل مما كان متوقعاً، وذلك بفضل الاستخدام المتزايد لمصادر الطاقة المتجددة، وأوضحت الوكالة أن الانبعاثات الناجمة عن الطاقة، والتي تمثل أكثر من ثلاثة أرباع غازات الدفيئة الإجمالية، تحافظ على مسار نمو غير مستدام، مما يفاقم ظاهرة التغير المناخي.

الخلاصة

يتم تحريك عقارب ساعة يوم القيامة بالقرب من منتصف الليل، أو بعيداً عنه، بناءً على قراءة العلماء للتهديدات الوجودية. وكانت المسافة الأبعد عن منتصف الليل 17 دقيقة، ضُبطت بعد نهاية الحرب الباردة عام 1991. ومن الممكن أن تنشأ التهديدات من التوترات السياسية، والحروب، وتغير المناخ، وحتى الأمراض الوبائية. ويتم تحديث الوقت سنوياً، بناءً على المعلومات المتعلقة بالمخاطر الكارثية على الكوكب والبشرية. وانعدام أو تراجع فرص نشوب حرب نووية ثنائية، أو من طرف واحد، لا يعني بالضرورة أن إمكانيات استخدام السلاح النووي أو مخاطره قد تلاشت‏.‏ ويبقي احتمال وقوع هجوم نووي بطريق الخطأ أمراً وارداً وليس خيالياً‏.‏ فقد حدثت إنذارات من هذا النوع، بالإضافة إلى احتمال حدوث أخطاء صغيرة نتيجة تشابه مؤشرات أحداث وظواهر معينة مع مؤشرات الهجوم النووي‏.‏ 

لواء د./ علي محمد علي رجب (باحث عسكري وخبير استراتيجي)

Facebook
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض