PredictingTheUnpredictable

كيف تواجه «ريثيون تكنولوجيز» الطائرات المسيرة

قضى الخبراء عقوداً من الزمن في دراسة منصات إطلاق الصواريخ البالستية ومساراتها؛ ولهذا ما أن يتم إطلاق أي صاروخ من هذا النوع، حتى يكون مساره واضحاً جداً للمختصين، فيعرفون أين سيهبط وما هي تأثيراته المتوقعة على الأرض.

إلا أن نوعاً جديداً وغير متوقع من التهديدات فرضت حضورها بقوة في السماء، وهي الطائرات المسيرة بدون طيار، أو ما يُعرف بطائرات الدرونز، والتي تتمتع بقدرة عالية على المناورة، وأنواعها العديدة، وإمكانية إطلاقها من أي مكان. وقد اضطرت وزارة الدفاع الأمريكية تحت وطأة التهديد الذي تشكّله هذه الطائرات إلى السعي لإيجاد آليات دفاعية مضادة لها ويمكن نشرها بسرعة كبيرة.

استجابة مخصصة

تنقسم طائرات الدرونز إلى خمسة أنواع تبعاً لسرعتها وحجمها والارتفاع الذي تستطيع بلوغه.

ويفرض كل نوع من هذه الطائرات تهديدات مختلفة تتطلب التعامل معها بطريقة خاصة. إيجاد استجابات مخصصة لها. ولذلك أسست وزارة الدفاع الأمريكية عام 2020 فريق عمل من البنتاغون الأمريكي برئاسة اللواء شون جايني لتقييم جميع أنواع طائرات الدرونز، وما تحمله من تهديدات للقواعد العسكرية وغيرها من البنى التحتية الحيوية.

وتفرض الطبيعة الديناميكية لطائرات الدرونز ابتكار طرق تعامل معها قادرة على التأقلم والتحمل. وبهذا الخصوص، يقول توم لاليبرتي، نائب رئيس قطاع الأعمال الحربية البرية والدفاع الجوي في شركة “ريثيون ميسلز آند ديفينس” التابعة لريثيون تكنولوجيز: “إن الانتشار الواسع لأنظمة الطائرات المسيرة بدون طيار يشكل تهديداً لمختلف الأهداف المدنية والعسكرية، بما في ذلك – على سبيل المثال لا الحصر – البُنى التحتية الحيوية، والمواكب، والأفراد، والمنشآت الحكومية، وقواعد العمليات المتقدمة، والمناسبات العامة”.

وتستخدم ريثيون تكنولوجيز أحدث أدوات النمذجة والمحاكاة لابتكار أفضل الطرق الممكنة للتعامل مع هذه الطائرات. وتوفر هذه التقنيات محاكاة واقعية للعمليات الميدانية مع إمكانية تعديلها بشكل سريع، الأمر الذي يمكّن المصمم من دراسة نطاق المشكلة وحجمها، وتجريب الحلول المتاحة لمعالجتها.

ويضيف لاليبرتي: “يختلف تهديد طائرات الدرونز عن بقية التهديدات المعتادة التي تواجهها الدفاعات الجوية؛ فهي متاحة بسهولة، ويمكن تسليحها، وتتطور تقنياتها بسرعة كبيرة. وعلاوةً على ذلك، لا يمكن توقع تهديدات هذه الطائرات كونها لا تتبع مسار طيران واحداً. ولمواجهة هذا الأمر، نستخدم قواعد رياضية متقدمة لنمذجة مجموعة من السيناريوهات المحتملة تتنوع بدءاً من نوع بيئة التشغيل حتى نوع الطائرة أو الهجوم نفسه”.

النمذجة والمحاكاة والرصد

تتمثل الخطوة الأولى لمحاكاة هجوم طائرة الدرون بوضع نموذج لنوع جهاز الاستشعار الذي سيرصد الهجوم في البداية. ولذلك بدأت شركة “ريثيون ميسلز آند ديفينس” العمل فيما يُسمى عادةً طبقات الدفاع الجوي الخارجية، فاستخدمت رادارات الدفاع الجوي المنتشرة أصلاً – مثل منظومات “باتريوت” و”سينتينيل” – لرصد التهديد قبل اقترابه من أي قاعدة عسكرية أو هدف آخر. ووفقاً لنوع التهديد، يتم إطلاق صاروخ دفاعي متوسط المدى للقضاء عليه.

وأضافت الشركة أيضاً طبقة رصد جديدة في دفاعها ضد الطائرات المسيرة بدون طيار، وهو رادار KuRFS عالي الدقة. ويستخدم هذا الرادار حزمة التردد الراديوي Ku-Band، الأمر الذي يمكّنه من التصوير بدقة عالية وبالتالي رصد الأجسام الطائرة الأصغر حجماً. وعند إقرانه بمجموعة من الحلول المضادة، يستطيع رادار KuRFS وبسرعة كبيرة رصد وتتبع التهديدات الجوية التي تم إطلاقها من مدى قريب إلى متوسط. وبعملية تدعى “التعرّف الإيجابي”، يستطيع KuRFS تحديد طبيعة التهديد بدقة شديدة.

ويقول لاليبرتي: “من الضروري جداً امتلاك القدرة على الرؤية بوضوح وتصنيف الأهداف. فهذا يمنح الجنود وقتاً كافياً للاحتماء والاستجابة، ويقلل أيضاً عدد الإنذارات الخاطئة بشكل كبير”.

قدرات الدفاع متعدد الطبقات

نشر الجيش الأمريكي في عام 2018 رادارات KuRFS مع منظومة Coyote التي تقدمها الشركة، وهي منظومة عالية الدقة للقضاء على طائرات الدرونز. ولأن هذه الطائرات تشكّل تهديداً للعديد من المنشآت والعمليات والفعاليات، عدا عن قدرتها على الهجوم بطرق عديدة، لذا فقد طورت ريثيون تكنولوجيز حلولاً مضادة باستخدام الطاقة الموجهة.

وتستخدم أجهزة الليزر والأمواج الميكروية عالية الطاقة -التي تنتجها ريثيون تكنولوجيز- طاقةً غير حركية لإسقاط طائرات الدرونز بسرعة وبتكلفة مقبولة وعلى نحو متكرر، ولا سيما طائرات الدرونز من الفئتين الأولى والثانية. وتمتلك منظومات الطاقة الموجهة عدداً من المزايا الرئيسية؛ فهي ميسورة التكلفة، ولا حدود لقدرتها النارية، ويمكنها – مع امتلاك مصدر الطاقة الكافي – استهداف التهديدات مراراً وتكراراً.

ويقول لاليبرتي بهذا الخصوص: “توفر الطاقة الموجّهة إمكانات مهمة جداً؛ فهي عالية الدقة، وقليلة المخاطر، ومعقولة التكلفة، وجميعها عوامل ضرورية عند مواجهة الطائرات المسيرة بدون طيار. ونحن ندرك أن حلاً واحداً لن يكون كافياً، وإنما يتعيّن أن تكون المنظومة المضادة لهذه الطائرات قادرةً على التكيف مع مختلف التهديدات وسيناريوهات الاستخدام؛ والأهم من ذلك أن تكون المنظومة متكاملة ومصممة وفق طبقات عديدة لضمان تحقيق مستوى دفاعي قوي”.

النشر الميدانيّ

انتقلت هذه التكنولوجيا بسرعة من مرحلة النمذجة والمحاكاة إلى جبهات القتال؛ حيث نشرت القوات الجوية الأمريكية ثلاث منظومات لأسلحة الليزر عالي الطاقة في مواقع سرية خارج البلاد مخصصة للتدريب وتقييم القدرات التشغيلية، وقد سجلت هذه المنظومات أكثر من 10 آلاف ساعة تشغيل تراكمية.

كما سلّمت “ريثيون ميسلز آند ديفينس” القوات الجوية الأمريكية نموذجاً أولياً عن أنظمة Phaser الميكروية عالية الاستطاعة بموجب عقد موقّع بينهما. وفي الوقت نفسه، سجلت قوات الجيش الأمريكي 1,5 مليون ساعة تشغيلية في استخدام رادارات KuRFS . وعند جمع هذه المنظومات مع حلول الدفاع الجوي مثل “ستينغر” وNASAMS و”باتريوت” – وجميعها مستخدمة على أرض الواقع – ستمتلك وزارة الدفاع ترسانةً من منظومات الدفاع الفعّالة ضد الطائرات المسيرة بدون طيار.

واختتم لاليبرتي بالقول: “بالاستفادة من آراء الجنود في الميدان ومعرفتنا الموسعة عن تهديدات الطائرات المسيرة بدون طيار، نسعى دائماً إلى إيجاد الطرق اللازمة لتحديث هذه الأنظمة وإبقائها متقدمةً على التهديدات. وقد شكّلت قدرات المحاكاة والهيكليات البرمجية المفتوحة نقلةً نوعية في قدرتنا على نشر الحلول المضادة بالسرعة المطلوبة”.

Youtube
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض