Military satellites

الأقمار الاصطناعية الاستخدامات العسكرية والقدرات المضادة لها

لعبت‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬العسكرية‭ ‬دوراً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الخليج‭ ‬الثانية،‭ ‬حيث‭ ‬استخدمت‭ ‬قوات‭ ‬التحالف‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬في‭ ‬جمع‭ ‬المعلومات‭ ‬وتحليلها،‭ ‬حيث‭ ‬سمحت‭ ‬بتحقيق‭ ‬المراقبة‭ ‬المستمرة‭ ‬والاستطلاع‭ ‬لمسرح‭ ‬الحرب‭ ‬ومسرح‭ ‬العمليات،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬توظيف‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬في‭ ‬الاتصالات،‭ ‬وتحديد‭ ‬المواقع‭. ‬وتوسعت‭ ‬الدول‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬استخدامها،‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬تلعب‭ ‬دوراً‭ ‬رئيسياً‭ ‬داخل‭ ‬الجيوش‭ ‬المختلفة،‭ ‬بل‭ ‬واتجهت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬مؤخراً‭ ‬إلى‭ ‬تأسيس‭ ‬قوة‭ ‬فضائية‭ ‬مستقلة‭.‬

يسعى‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬إلى‭ ‬توضيح‭ ‬أبرز‭ ‬الاستخدامات‭ ‬العسكرية‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬والبرامج‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬توضيح‭ ‬الأسلحة‭ ‬المضادة‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬التي‭ ‬شرعت‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬تطويرها،‭ ‬وأخيراً‭ ‬بيان‭ ‬فرص‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭. 

الاستخدامات‭ ‬العسكرية

تستخدم‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬العسكرية‭ ‬لتحقيق‭ ‬طائفة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الأهداف،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬تفصيلها‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

1‭ ‬ الإنذار‭ ‬المبكر‭:‬‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬تقنيات‭ ‬الاستشعار‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬في‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬الكشف‭ ‬المبكر‭ ‬عن‭ ‬الصواريخ‭ ‬العابرة‭ ‬للقارات،‭ ‬كالصواريخ‭ ‬الباليستية،‭ ‬والصواريخ‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬إطلاقها‭ ‬من‭ ‬غواصات،‭ ‬والتي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬دقائق‭ ‬لبلوغ‭ ‬وإصابة‭ ‬الهدف،‭ ‬كما‭ ‬يتم‭ ‬استخدام‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬في‭ ‬تتبع‭ ‬تحركات‭ ‬الأسطول،‭ ‬ومراقبة‭ ‬خطوط‭ ‬الإمداد‭ ‬والقيادة‭ ‬للعدو،‭ ‬ومراقبة‭ ‬الأنشطة‭ ‬في‭ ‬القواعد‭ ‬الجوية،‭ ‬واعتراض‭ ‬الاتصالات‭ ‬الميدانية،‭ ‬والتحذير‭ ‬من‭ ‬إمكانية‭ ‬قيام‭ ‬العدو‭ ‬بعمليات‭ ‬عسكرية‭. ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يتم‭ ‬توظيف‭ ‬الأقمار‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬الأضرار‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬القصف‭ ‬الجوي‭ ‬أو‭ ‬النووي‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬السلم،‭ ‬فيتم‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬المواقع‭ ‬النووية،‭ ‬لمراقبة‭ ‬الالتزام‭ ‬بالمعاهدات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالحد‭ ‬من‭ ‬التسلح‭ ‬ونزع‭ ‬السلاح‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬القمر‭ ‬الاصطناعي‭ ‬العسكري‭ ‬الروسي‭ ‬‮«‬رورسات‮»‬‭ (‬RORSAT‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬لاستطلاع‭ ‬المحيطات،‭ ‬يستخدم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬تتبع‭ ‬مجموعات‭ ‬حاملة‭ ‬الطائرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬أعالي‭ ‬البحار،‭ ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬لموسكو‭  ‬توظيف‭ ‬البيانات‭ ‬الواردة‭ ‬من‭ ‬القمر‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لكي‭ ‬تشن‭ ‬هجوماً‭ ‬جوياً‭ ‬ضدها‭.‬

2‭ ‬ الاستطلاع‭ ‬الإلكتروني‭:‬‭ ‬يتم‭ ‬تحديد‭ ‬مواقع‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬ورادارات‭ ‬الصواريخ‭ ‬الدفاعية‭ ‬للدول‭ ‬المعادية‭ ‬باستخدام‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬العسكرية‭. ‬ويأتي‭ ‬من‭ ‬الأمثلة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬أقمار‭ ‬‮«‬فريت‮»‬‭ (‬FERRET‭) ‬الأمريكية،‭ ‬وهي‭ ‬أقمار‭ ‬مخصصة‭ ‬لأغراض‭ ‬الاستطلاع‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬وتحلق‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬يراوح‭ ‬بين‭ ‬250‭ ‬و400‭ ‬كم‭.‬‮ ‬

3‭ ‬ التجسس‭ ‬على‭ ‬الاتصالات‭:‬‭ ‬توظف‭ ‬الأقمار‭ ‬العسكرية‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬التنصّت‭ ‬على‭ ‬اتصالات‭ ‬العدو‭ ‬العسكرية‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬القمار‭ ‬العسكرية‭ ‬يمكن‭ ‬نشرها‭ ‬في‭ ‬مدارات‭ ‬مختلفة‭ ‬حول‭ ‬الأرض،‭ ‬وذلك‭ ‬بخلاف‭ ‬الأقمار‭ ‬العسكرية‭ ‬المخصصة‭ ‬لالتقاط‭ ‬صور‭ ‬للمواقع‭ ‬العسكرية،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬والتي‭ ‬يتم‭ ‬عادة‭ ‬نشرها‭ ‬في‭ ‬مدارات‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬الأرض‭.‬

4‭ ‬ الاتصالات‭ ‬العسكرية‭:‬‭ ‬تأمين‭ ‬الاتصالات‭ ‬اللاسلكية‭ ‬المشفرة‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬بين‭ ‬مراكز‭ ‬القيادة‭ ‬والسيطرة‭ ‬وقادة‭ ‬الوحدات‭ ‬الميدانية‭ ‬في‭ ‬مسارح‭ ‬العمليات،‭ ‬مثل‭ ‬الأقمار‭ ‬العسكرية‭ ‬من‭ ‬نوعية‭ ‬‮«‬فيه‭ ‬سات‮»‬‭(‬VSAT‭) ‬المستخدم‭ ‬في‭ ‬سلاح‭ ‬الإشارة‭.‬‮ ‬كما‭ ‬يتم‭ ‬استخدام‭ ‬الاتصال‭ ‬بالليزر،‭ ‬سواء‭ ‬للربط‭ ‬بين‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬القمر‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والمقاتلات‭. ‬ولايزال‭ ‬الاتصال‭ ‬بالليزر‭ ‬بين‭ ‬القمر‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والمحطات‭ ‬الأرضية‭ ‬أمراً‭ ‬صعباً،‭ ‬نظراً‭ ‬لأن‭ ‬السحب‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬عليها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تضعف‭ ‬الاتصال،‭ ‬أو‭ ‬تقطعه‭ ‬تماماً‭.‬

كما‭ ‬تمتلك‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬صور‭ ‬تلفزيونية‭ ‬لمسرح‭ ‬العمليات،‭ ‬لكي‭ ‬تتمكن‭ ‬القيادات‭ ‬العسكرية‭ ‬من‭ ‬متابعة‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬المعركة‭ ‬لحظة‭ ‬وقوعه،‭ ‬مما‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬السليمة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الصحيح،‭ ‬وتأمين‭ ‬الاتصالات،‭ ‬وزيادة‭ ‬إحكام‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬مناطق‭ ‬القتال‭.‬

5‭ ‬ توجيه‭ ‬المقاتلات‭ ‬والصواريخ‭ ‬الذكية‭:‬‭ ‬تعتمد‭ ‬المقاتلات‭ ‬على‭ ‬معلومات‭ ‬‮«‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‮»‬‭ (‬GPS‭) ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬أمريكي‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬24‭ ‬قمراً‭ ‬اصطناعياً،‭ ‬تحمل‭ ‬جميعها‭ ‬ساعات‭ ‬متزامنة‭ ‬بدرجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الدقة،‭ ‬وتساعد‭ ‬الطائرات‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬موقعها،‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬التشويش‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬النظم،‭ ‬فإنه‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬المقاتلات‭ ‬تحديد‭ ‬وضعها،‭ ‬كما‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬الذخائر‭ ‬الموجهة‭ ‬بالأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬إصابة‭ ‬أهدافها‭.‬

6‭ ‬ استخبارات‭ ‬الجغرافية‭ ‬المكانية‭ (‬GEOINT‭):‬‭ ‬هي‭ ‬استخبارات‭ ‬يتم‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استغلال‭ ‬وتحليل‭ ‬الصور‭ ‬ومعلومات‭ ‬الجغرافيا‭ ‬المكانية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬التقاطها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صور‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭. ‬

وتتألف‭ ‬استخبارات‭ ‬الجغرافيا‭ ‬المكانية‭ ‬من‭ ‬التخصصات‭ ‬الفرعية‭ ‬التالية‭: ‬

•‭ ‬تحليل‭ ‬الصور‭:‬‭ ‬وهي‭ ‬عملية‭ ‬تحليل‭ ‬الصور‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬جمعها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬لتحديد‭ ‬الميزات‭ ‬ووصف‭ ‬النشاط‭ ‬وتفسير‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬معين‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الأرض‭. ‬ولعل‭ ‬أبرز‭ ‬الأمثلة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬تصوير‭ ‬الأهداف‭ ‬العسكرية‭ ‬الأرضية،‭ ‬وتحديد‭ ‬بصماتها‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فإن‭ ‬القمر‭ ‬الاصطناعي‭ ‬‮«‬أجو‮»‬‭ ‬‭(‬AGO‭) ‬هو‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬التقاط‭ ‬الصور‭ ‬لصالح‭ ‬الجيش‭ ‬الأسترالي‭ ‬والوكالات‭ ‬الحكومية‭ ‬الأخرى‭.‬

•‭ ‬معلومات‭ ‬وخدمات‭ ‬الجغرافيا‭ ‬المكانية‭: ‬وهي‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬حول‭ ‬موقع‭ ‬محدد‭ ‬والسمات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالخصائص‭ ‬الطبيعية،‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬الإنسان‭.‬

البرامج‭ ‬العسكرية‭ ‬للقوى‭ ‬الكبرى

تمتلك‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬أعداداً‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬العسكرية،‭ ‬وفيما‭ ‬يلي‭ ‬قائمة‭ ‬بأسماء‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭:‬

1-‭ ‬ الولايات‭ ‬المتحدة‭:‬‭ ‬تمتلك‭ ‬واشنطن‭ ‬حوالي‭ ‬123‭ ‬قمراً‭ ‬صناعياً‭ ‬عسكرياً،‭ ‬وجاء‭ ‬إطلاق‭ ‬أول‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬عسكري‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الخمسينات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬مشروع‭ ‬لإطلاق‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬عسكري‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬التسليحي‭ ‬117‭ ‬إل‮»‬،‭ ‬وكانت‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬الأولى‭ ‬تستخدم‭ ‬بهدف‭ ‬مراقبة‭ ‬الأرض‭ ‬والتقاط‭ ‬صور‭ ‬لها،‭ ‬وجاءت‭ ‬مشاريع‭ ‬الأقمار‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأولى‭ ‬تحت‭ ‬أسماء‭ ‬‮«‬كورونا‮»‬‭ (‬Corona‭)‬،‭ ‬و»كانيون‮»‬‭ (‬Canyon‭)‬،‭ ‬و»أكواكود‮»‬‭ (‬Aquacade‭) ‬و»أوريون‮»‬‭ (‬Orion‭)‬،‭ ‬و»ماجنوم‮»‬‭ (‬Magnum‭)‬،‭ ‬و»ترامبت‮»‬‭ (‬Trumpet‭)‬،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬آخر‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬تم‭ ‬إطلاقه‭ ‬هو‭ ‬القمر‭ ‬الاصطناعي‭ ‬عريض‭ ‬النطاق‭ ‬‮«‬دبليو‭ ‬جيه‭ ‬إس‭ ‬9‮»‬‭ (‬WGS-9‭)‬،‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬بناؤه‭ ‬بواسطة‭ ‬شركة‭ ‬بوينج‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وكان‭ ‬تاسع‭ ‬قمر‭ ‬يتم‭ ‬إطلاقه‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬تابع‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬أقمار‭ ‬اصطناعية‭ ‬مخصصة‭ ‬للاتصالات‭ ‬العسكرية‭.‬

2‭ ‬ روسيا‭:‬‭ ‬تحوز‭ ‬روسيا‭ ‬حوالي‭ ‬74‭ ‬قمراً‭ ‬اصطناعياً‭ ‬عسكرياً‭. ‬وبدأت‭ ‬موسكو‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬برنامجها‭ ‬لبناء‭ ‬محطة‭ ‬فضائية‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬الستينيات،‭ ‬وعُرف‭ ‬البرنامج‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬ألمظ‮»‬‭ (‬Almaz‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تفضل‭ ‬استخدام‭ ‬المحطات‭ ‬الفضائية‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭. ‬وكان‭ ‬البرنامج‭ ‬نشطاً‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1973‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬1976‭ ‬مع‭ ‬إنشاء‭ ‬ثلاث‭ ‬محطات‭ ‬تسمى‭ ‬‮«‬ساليوت‭ ‬2‮»‬،‭ ‬و»ساليوت3‮»‬،‭ ‬و»ساليوت5‮»‬‭. ‬وتراجعت‭ ‬روسيا‭ ‬عن‭ ‬برنامج‭ ‬بناء‭ ‬محطات‭ ‬فضائية‭ ‬لصالح‭ ‬امتلاك‭ ‬أقمار‭ ‬اصطناعية،‭ ‬نظراً‭ ‬لأن‭ ‬تكاليف‭ ‬صيانتها‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬كانت‭ ‬مرتفعة‭. ‬وفي‭ ‬16‭ ‬مارس‭ ‬1962،‭ ‬أطلقت‭ ‬روسيا‭ ‬أول‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬لها‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬كوزموس‭ ‬1‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬2‭ ‬ديسمبر‭ ‬2017،‭ ‬أطلقت‭ ‬روسيا‭ ‬أحدث‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬عسكري‭ ‬لها‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬كوزموس‭ ‬2524‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬لاستخدامه‭ ‬في‭ ‬اكتشاف‭ ‬وتوفير‭ ‬الإنذار‭ ‬المبكر،‭ ‬وكذلك‭ ‬تعقب‭ ‬وتدمير‭ ‬الصواريخ‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تهاجمها‭.‬

3‭ ‬ الصين‭:‬‭ ‬تمتلك‭ ‬حوالي‭ ‬68‭ ‬قمراً‭ ‬اصطناعياً‭ ‬مخصصاً‭ ‬للاستخدام‭ ‬العسكري‭. ‬ويعود‭ ‬برنامج‭ ‬الفضاء‭ ‬الصيني‭ ‬إلى‭ ‬الخمسينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬يُطلق‭ ‬على‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬يديرها‭ ‬الجيش‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬ياوجان‮»‬‭ (‬Yaogan‭). ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬‮«‬ياوجان‭ ‬30‭ ‬دي‮»‬‭(‬Yaogan 30D‭)‬،‭ ‬و‮»‬ياوجان‭ ‬30‭ ‬إيه‮»‬‭ ‬و‮»‬ياوجان‭ ‬30‭ ‬إف‮»‬‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬نوفمبر‭ ‬2017‭. ‬ويعتقد‭ ‬أن‭ ‬الثلاثة‭ ‬هي‭ ‬أقمار‭ ‬تجريبية‭ ‬مخصصة‭ ‬لجمع‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخبارية‭. ‬يمتلك‭ ‬جيش‭ ‬التحرير‭ ‬الشعبي‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬ويديرها‭. ‬

البرامج‭ ‬الفضائية‭ ‬الإقليمية

أصبحت‭ ‬برامج‭ ‬الفضاء‭ ‬جزءاً‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬برنامج‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬للتصنيع‭ ‬والتحديث‭ ‬العلمي‭ ‬والنمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وفيما‭ ‬يلي‭ ‬سوف‭ ‬يتم‭ ‬تناول‭ ‬بقدر‭ ‬من‭ ‬التفصيل‭ ‬البرنامج‭ ‬الفضائي‭ ‬لدولتي‭ ‬الإمارات‭ ‬ومصر،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة

أطلقت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2009‭ ‬‮«‬دبي‭ ‬سات1‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬للاستشعار‭ ‬عن‭ ‬بُعد،‭ ‬ثم‭ ‬أطلقت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2013‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬الثاني‭ ‬‮«‬دبي‭ ‬سات2‮»‬،‭ ‬وأخيراً،‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬‮«‬خليفة‭ ‬سات‮»‬‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2018‭ ‬ليكون‭ ‬بذلك‭ ‬ثالث‭ ‬قمر‭ ‬اصطناعي‭ ‬يطوّره‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬للفضاء‮»‬‭ ‬في‭ ‬دبي،‭ ‬وتم‭ ‬وضع‭ ‬القمر‭ ‬في‭ ‬مدار‭ ‬منخفض‭ ‬حول‭ ‬الأرض‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬613‭ ‬كيلومتراً‭ ‬تقريباً‭.‬

وما‭ ‬يميز‭ ‬‮«‬خليفة‭ ‬سات‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬تصنيعه‭ ‬بأيدي‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬المهندسين‭ ‬الإماراتيين‭ ‬بنسبة‭ ‬100‭ ‬٪،‭ ‬لتصبح‭ ‬بذلك‭ ‬الإمارات‭ ‬الدولة‭ ‬العربية‭ ‬الأولى،‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬تقنيات‭ ‬بناء‭ ‬أقمار‭ ‬صناعية‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬ومستقل‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬دعم‭ ‬خارجي،‭ ‬وقد‭ ‬قام‭ ‬القمر‭ ‬بالتقاط‭ ‬صور‭ ‬عالية‭ ‬الدقة‭ ‬وإرسال‭ ‬البيانات‭ ‬الفضائية‭ ‬بمواصفات‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬أعلى‭ ‬معايير‭ ‬الجودة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الصور‭ ‬الفضائية‭ ‬بدقة‭ ‬تبلغ‭ ‬0‭,‬7‭ ‬متر‭ ‬بانكروماتي‭ (‬2,89م‭) ‬ضمن‭ ‬نطاقات‭ ‬متعددة‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬أسست‭ ‬وكالة‭ ‬الإمارات‭ ‬للفضاء‭ ‬كهيئة‭ ‬اتحادية‭ ‬عامة،‭ ‬وتم‭ ‬إنشاؤها‭ ‬بموجب‭ ‬مرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬اتحادي‭ ‬رقم‭ ‬1‭ ‬لسنة‭ ‬2014،‭ ‬وتختص‭ ‬الوكالة‭ ‬باقتراح‭ ‬السياسات‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬والتشريعات‭ ‬والخطط‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمجال‭ ‬القطاع‭ ‬الفضائي‭ ‬واعتمادها‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وتقديم‭ ‬المشورة‭ ‬والإرشاد‭ ‬للبرامج‭ ‬الوطنية‭ ‬الفضائية،‭ ‬ودعم‭ ‬البحوث‭ ‬والدراسات‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬النظرية‭ ‬والتطبيقية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالفضاء،‭ ‬وتوثيق‭ ‬المعلومات‭ ‬ونشرها،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬الكوادر‭ ‬البشرية‭ ‬ودعم‭ ‬الأنشطة‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفضاء‭ ‬واستقطاب‭ ‬الكفاءات‭ ‬الوطنية‭ ‬للقطاع‭ ‬الفضائي،‭ ‬وتوفير‭ ‬الفرص‭ ‬والبعثات‭ ‬العلمية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬القطاع‭ ‬الفضائي،‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬وخارجها،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬مشاريع‭ ‬استثمارية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬القطاع‭ ‬الفضائي‭ ‬وإدارتها‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬اقتصادية‭.‬

وخلال‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬أطلقت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬‮«‬الثريا‭ ‬1‮»‬‭ (‬2000‭)‬،‭ ‬و«الثريا‭ ‬2‮»‬‭ (‬2003‭)‬،‭ ‬و«الثريا‭ ‬3‮»‬‭ (‬2008‭)‬،‭ ‬و«دبي‭ ‬سات‭ ‬1‮»‬‭ (‬2009‭)‬،‭ ‬و«الياه‭ ‬1‮»‬‭ (‬2011‭)‬،‭ ‬و«الياه‭ ‬2‮»‬‭ (‬2012‭)‬،‭ ‬و«دبي‭ ‬سات‭ ‬2‮»‬‭ (‬2013‭)‬،‭ ‬و«نايف‭ ‬1‮»‬‭ (‬2017‭)‬،‭ ‬و«الياه‭ ‬3‮»‬‭ (‬يناير‭ ‬2018‭)‬،‭ ‬و«خليفة‭ ‬سات‮»‬‭ (‬أكتوبر‭ ‬2018‭)‬،‭ ‬و«ماي‭ ‬سات‭ ‬1‮»‬‭ (‬نوفمبر‭ ‬2018‭).‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬البرنامج‭ ‬الفضائي‭ ‬العسكري‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات،‭ ‬خططت‭ ‬الإمارات‭ ‬لإطلاق‭ ‬قمرين‭ ‬صناعيين‭ ‬عسكريين،‭ ‬وهما‭ ‬‮«‬فالكون‭ ‬آي‭ ‬1‮»‬‭ ‬و«فالكون‭ ‬آي2‮»‬‭. ‬وخططت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬لوضع‭ ‬قمر‭ ‬المراقبة‭ ‬‮«‬فالكون‭ ‬آي‭ ‬1‮»‬‭ ‬في‭ ‬المدار‭ ‬حول‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إطلاقه‭ ‬باستخدام‭ ‬صاروخ‭ ‬‮«‬فيغا‮»‬،‭ ‬إيطالي‭ ‬الصنع،‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬غويانا‭ ‬الفرنسية‭. ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬حوالي‭ ‬دقيقتين‭ ‬من‭ ‬إقلاع‭ ‬الصاروخ‭ ‬حصل‭ ‬خلل‭ ‬ضخم‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬فشل‭ ‬المهمة‭. ‬ودمر‭ ‬في‭ ‬الجو‭ ‬لتجنب‭ ‬سقوطه‭ ‬فوق‭ ‬منطقة‭ ‬مأهولة‭ ‬في‭ ‬غويانا‭. ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬أول‭ ‬فشل‭ ‬يُمنى‭ ‬به‭ ‬‮«‬فيغا‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬14‭ ‬عملية‭ ‬إطلاق‭ ‬ناجحة‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬هذا‭ ‬الصاروخ‭ ‬الفضائي‭ ‬خفيف‭ ‬الوزن‭ ‬منذ‭ ‬دخوله‭ ‬الخدمة‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الفضائي‭ ‬الغوياني‭ ‬في‭ ‬2012‭.‬

وكان‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬القمر‭ ‬‮«‬فالكون‭ ‬آي‭ ‬1‮»‬‭ ‬في‭ ‬المدار‭ ‬‮«‬تلبية‭ ‬حاجات‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وتوفير‭ ‬صور‭ ‬للسوق‭ ‬التجارية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭. ‬وبلغت‭ ‬زنة‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬حوالي‭ ‬1200‭ ‬كيلوجرام‭ ‬عند‭ ‬الإقلاع‭ ‬وكان‭ ‬مفترضاً‭ ‬وضعه‭ ‬في‭ ‬مدار‭ ‬يبعد‭ ‬611‭ ‬كيلومتراً‭ ‬عن‭ ‬الأرض‭. ‬وطوّر‭ ‬هذا‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬كونسورسيوم‭ ‬تقوده‭ ‬أيرباص‭ ‬للدفاع‭ ‬والفضاء‭ ‬وتاليس‭ ‬ألينيا‭ ‬سبايس‭.‬

ثم‭ ‬قامت‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2020،‭ ‬بالتخطيط‭ ‬لإطلاق‭ ‬‮«‬فالكون‭ ‬آي‭ ‬2‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إطلاقه‭ ‬بواسطة‭ ‬صاروخ‭ ‬فيغا‭ ‬أيضاً،‭ ‬لكنه‭ ‬أطلق‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬بواسطة‭ ‬الصاروخ‭ ‬الروسي‭ ‬‮«‬سويوز‮»‬‭.‬

وتعمل‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬قدراتها‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العسكري‭ ‬وفي‭ ‬مجال‭ ‬الفضاء‭. ‬ففي‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر،‭ ‬قال‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حاكم‭ ‬دبي‭ ‬‮«‬رعاه‭ ‬الله‮»‬‭ ‬إن‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬تطور‭ ‬قمراً‭ ‬اصطناعياً‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬إم‭.‬بي‭.‬زد‭-‬سات‮»‬‭ ‬بهدف‭ ‬تقديم‭ ‬صور‭ ‬عالية‭ ‬الدقة،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لتطوير‭ ‬القدرات‭ ‬العلمية‭ ‬والتكنولوجية‭. ‬وسيكون‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬ثاني‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬إماراتي‭ ‬يتم‭ ‬تطويره‭ ‬وبناؤه‭ ‬بالكامل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬المهندسين‭ ‬الإماراتيين‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬خليفة‭ ‬سات‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬أُطلق‭ ‬في‭ ‬2018‭.‬

جمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية

تم‭ ‬اعتماد‭ ‬برنامج‭ ‬الفضاء‭ ‬المصري‭ ‬الذي‭ ‬وضعه‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬بحوث‭ ‬الفضاء‮»‬‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬1999،‭ ‬وأسند‭ ‬تنفيذ‭ ‬مراحله‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الهيئة‭ ‬القومية‭ ‬للاستشعار‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬وعلوم‭ ‬الفضاء‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬وكالة‭ ‬الفضاء‭ ‬المصرية‭. ‬تضمن‭ ‬البرنامج‭ ‬المصري‭ ‬للفضاء‭ ‬بناء‭ ‬وإطلاق‭ ‬ثلاثة‭ ‬أقمار‭ ‬مخصصة‭ ‬للاستشعار‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬إيجبت‭ ‬سات1‮»‬‭ ‬و«إيجبت‭ ‬سات2‮»‬‭ ‬والقمر‭ ‬‮«‬ديزرت‭ ‬سات‮»‬‭ ‬المخصص‭ ‬لاستكشاف‭ ‬الموارد‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬المصرية‭. ‬

وقد‭ ‬تم‭ ‬تنفيذ‭ ‬القمر‭ ‬الأول‭ ‬‮«‬إيجبت‭ ‬سات1‮»‬‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬يوجناي‭ ‬الفضائية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وتم‭ ‬إطلاق‭ ‬القمر‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬أبريل‭ ‬2007‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬بايكونور‭ ‬في‭ ‬كازاخستان‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الصاروخ‭ ‬دنيبر،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬تنفيذ‭ ‬البنية‭ ‬الأرضية‭ ‬للتشغيل‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬الأقمار‭ ‬وتتكون‭ ‬من‭ ‬محطة‭ ‬استقبال‭ ‬في‭ ‬أسوان‭ ‬ومحطة‭ ‬تحكم‭ ‬ومركز‭ ‬للتشغيل‭ ‬الفضائي‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬الجديدة‭. ‬واستمر‭ ‬القمر‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬المدار‭ ‬مدة‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬وثلاثة‭ ‬أشهر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تجاوز‭ ‬عمره‭ ‬الافتراضي‭ ‬الأساسي،‭ ‬والمقدر‭ ‬بثلاث‭ ‬سنوات،‭ ‬حيث‭ ‬انقطع‭ ‬الاتصال‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬يوليو‭ ‬2010‭. ‬

وتوقف‭ ‬البرنامج‭ ‬الفضائي‭ ‬المصري‭ ‬بعد‭ ‬نجاح‭ ‬إطلاق‭ ‬وتشغيل‭ ‬القمر‭ ‬الأول‭. ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المخطط‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬تصنيع‭ ‬القمر‭ ‬الثاني‭ ‬‮«‬إيجبت‭ ‬سات2‮»‬‭ ‬محلياً‭ ‬اعتباراً‭ ‬من‭ ‬2007‭ ‬تمهيداً‭ ‬للإطلاق‭ ‬في‭ ‬2012،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬وتوقف‭ ‬البرنامج‭ ‬لعدة‭ ‬سنوات‭.‬

وعانى‭ ‬البرنامج‭ ‬المصري‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬عقبات،‭ ‬أبرزها‭ ‬نقص‭ ‬التمويل،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الدولة‭ ‬خصصت‭ ‬له‭ ‬حوالي‭ ‬خمسة‭ ‬ملايين‭ ‬جنيه‭ ‬سنوياً،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يشير‭ ‬الخبراء‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ميزانية‭ ‬تفوق‭ ‬ذلك‭ ‬بعدة‭ ‬أضعاف،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المهندسين‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المشروع‭ ‬قد‭ ‬تركوا‭ ‬وظائفهم‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأجنبية‭ ‬بمرتبات‭ ‬تفوق‭ ‬نظيرتها‭ ‬المصرية‭. ‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬بذلت‭ ‬جهود‭ ‬لإعادة‭ ‬تفعيل‭ ‬البرنامج‭ ‬الفضائي‭ ‬المصري،‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬مصر‭ ‬بالإعلان‭ ‬عن‭ ‬تطوير‭ ‬القمر‭ ‬الاصطناعي‭ ‬‮«‬مصر‭ ‬سات‭ ‬2‮»‬‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬وجرى‭ ‬إطلاقه‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬والذي‭ ‬يستخدم‭ ‬في‭ ‬إرسال‭ ‬صور‭ ‬وبيانات‭ ‬فضائية‭ ‬للتطبيقات‭ ‬البيئية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تحديد‭ ‬المساحات‭ ‬الزراعية‭ ‬والتخطيط‭ ‬العمراني‭ ‬والأرصاد‭ ‬الجوية‭ ‬والإغاثة‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الكوارث‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬اطلقت‭ ‬مصر‭ ‬قمرين‭ ‬صناعيين‭ ‬مصريين‭ ‬بنسبة‭ ‬100‭ % ‬دون‭ ‬الاستعانة‭ ‬بأي‭ ‬خبرة‭ ‬أجنبية‭ ‬وهما‭ ‬‮«‬كيوب‭ ‬سات‮»‬‭ ‬و‭ ‬‮«‬نارسكيوب‭‬1‮» ‬‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬وسبتمبر،‭ ‬وهما‭ ‬من‭ ‬نوعية‭ ‬‮«‬كيوب‭ ‬سات‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬صغيرة‭ ‬الحجم،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إيجيبت‭ ‬سات‭ ‬آيه‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬انطلق‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2019‭ ‬لرصد‭ ‬الظواهر‭ ‬الفلكية‭ ‬والطبيعية‭.‬

وفي‭ ‬نوفمبر‭ ‬2019‭ ‬أطلقت‭ ‬مصر‭ ‬قمر‭ ‬‮«‬طيبة‭ ‬1‮»‬‭ ‬لأغراض‭ ‬الاتصالات،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الكبيرة،‭ ‬حيث‭ ‬يصل‭ ‬وزنه‭ ‬إلى‭ ‬5‭,‬6‭ ‬طن،‭ ‬وسيوفّر‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬المصرية‭ ‬كلفة‭ ‬خدمات‭ ‬البث‭ ‬الفضائي‭ ‬التي‭ ‬تتم‭ ‬عبر‭ ‬شبكات‭ ‬المحمول‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تستأجرها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعاقد‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أجنبية،‭ ‬حيث‭ ‬تستطيع‭ ‬القاهرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬القمر‭ ‬تأكيد‭ ‬استقلالها‭ ‬في‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬شبكة‭ ‬الاتصالات،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬سيستخدم‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العسكري‭ ‬لدعم‭ ‬شبكة‭ ‬القيادة‭ ‬والسيطرة‭ ‬والمواصلات‭ ‬الإشارية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬عالية‭ ‬التشفير‭ ‬والآمنة‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬وحدات‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬داخل‭ ‬الدولة‭ ‬وخارجها‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭.‬

كما‭ ‬شرعت‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مشروع‭ ‬أقمار‭ ‬تجريبية‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الجانب‭ ‬الألماني‭ ‬لإطلاق‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬4‭ ‬أقمار‭ ‬اصطناعية‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬وهي‭ ‬أقمار‭ ‬متوسطة‭ ‬الحجم‭ ‬يبلغ‭ ‬وزنها‭ ‬50‭ ‬الى‭ ‬70‭ ‬كجم‭ ‬وذلك‭ ‬لدعم‭ ‬أغراض‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬ومشروعات‭ ‬التنمية‭. ‬وفي‭ ‬يونيو‭ ‬2020،‭ ‬تداولت‭ ‬أنباء‭ ‬عن‭ ‬تعاقد‭ ‬مصر‭ ‬مع‭ ‬إيطاليا‭ ‬على‭ ‬صفقة‭ ‬أسلحة‭ ‬تضمنت‭ ‬راداراً‭ ‬عسكرياً‭ ‬فضائياً‭. ‬

القوة‭ ‬الفضائية‭ ‬العسكرية‭:‬

نظراً‭ ‬لتصاعد‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬اتجه‭ ‬بعضها‭ ‬لتأسيس‭ ‬قوة‭ ‬فضائية‭ ‬مستقلة‭ ‬لتكون‭ ‬فرعاً‭ ‬جديداً‭ ‬داخل‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭. ‬وتتمثل‭ ‬أبرز‭ ‬دولتين‭ ‬تبنتا‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬هما‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تفصيله‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

1‭ ‬ الجهود‭ ‬الأمريكية‭:‬‭ ‬اعتمد‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2019‭ ‬تمويل‭ ‬هيئة‭ ‬عسكرية‭ ‬جديدة‭ ‬مختصة‭ ‬بالفضاء‭ ‬تحمل‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬قوة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأمريكية‮»‬‭. ‬وتعد‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬هي‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬انشاؤها‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬عاماً،‭ ‬وتندرج‭ ‬ضمن‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية‭. ‬وسيتم‭ ‬تمويل‭ ‬إنشاء‭ ‬قوة‭ ‬الفضاء‭ ‬مبدئياً‭ ‬بـ‭ ‬40‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬خلال‭ ‬عامها‭ ‬الأول‭. ‬كما‭ ‬ستضم‭ ‬قوة‭ ‬الفضاء‭ ‬16‭ ‬ألفاً‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬والموظفين‭ ‬المدنيين‭. ‬ولا‭ ‬تختص‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬بإرسال‭ ‬جنود‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء،‭ ‬ولكن‭ ‬ستتمثل‭ ‬مهمتها‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الممتلكات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬مثل‭ ‬مئات‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬الاتصالات‭ ‬والمراقبة‭.‬

وقد‭ ‬تأسست‭ ‬‮«‬القيادة‭ ‬الفضائية‭ ‬الأمريكية‮»‬‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1985‭ ‬للتنسيق‭ ‬بين‭ ‬العمليات‭ ‬الفضائية‭ ‬لمختلف‭ ‬فروع‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لكن‭ ‬تم‭ ‬حلها‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬بعد‭ ‬هجمات‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬الإرهابية‭. ‬وتشكل‭ ‬النسخة‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القيادة‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬رد‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬المتعاظمة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬لإرباك‭ ‬العمليات‭ ‬الفضائية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمليات‭ ‬التشويش‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬وإسقاط‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭.‬

ويتمثل‭ ‬الهدف‭ ‬النهائي،‭ ‬هو‭ ‬إنشاء‭ ‬قوة‭ ‬فضائية‭ ‬كفرع‭ ‬سادس‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬التابعة‭ ‬للقوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والتي‭ ‬ستقوم‭ ‬بتنظيم‭ ‬وتدريب‭ ‬وتجهيز‭ ‬فيلق‭ ‬من‭ ‬مشغلي‭ ‬الفضاء‭ ‬العسكريين‭. ‬وتكشف‭ ‬تصريحات‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬عن‭ ‬مخاوفهم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تتمكن‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬أسلحة‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬استهداف‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فقد‭ ‬صرح‭ ‬قائد‭ ‬القيادة‭ ‬الفضائية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجنرال‭ ‬جون‭ ‬ريموند،‭ ‬أن‭ ‬خصوم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬الفضاء‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كعب‭ ‬أخيل‭ ‬بالنسبة‭ ‬للجيش‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يريدون‭ ‬استغلاله،‭ ‬مضيفاً‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬الأفضل‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬اليوم،‭ ‬لكن‭ ‬مستوى‭ ‬تفوُّقِنا‭ ‬يتناقص‭.. ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬الفضاء‭ ‬كعب‭ ‬أخيل‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬مخاوف‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬البلدان‭ ‬بالتشويش‭ ‬على‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تدميرها،‭ ‬بما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إصابة‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالشلل،‭ ‬نظراً‭ ‬لاعتماده‭ ‬بصورة‭ ‬أساسية‭ ‬على‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭.‬

ونظراً‭ ‬للأدوار‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية‭ ‬التي‭ ‬تلعبها‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فقد‭ ‬تصور‭ ‬بعض‭ ‬المحللين‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬استهدافها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬روسيا‭ ‬أو‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬نووية‭ ‬كبرى،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬سينظر‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬أقماره‭ ‬الاصطناعية‭ ‬بأنها‭ ‬محاولة‭ ‬تمهيدية‭ ‬لشن‭ ‬حرب‭ ‬نووية‭ ‬أكبر‭ ‬تستهدفه،‭ ‬ومن‭ ‬ثم،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬سوف‭ ‬يدفعه‭ ‬إلى‭ ‬الرد‭ ‬عبر‭ ‬إطلاق‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬ضد‭ ‬الدولة‭ ‬المهاجمة‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تشكيك‭ ‬بعض‭ ‬المحللين‭ ‬العسكريين‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬معقولية‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو،‭ ‬فإنه‭ ‬يعكس‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬محورية‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬للجيش‭ ‬الأمريكي‭.‬

2‭ ‬ الجهود‭ ‬الفرنسية‭:‬‭ ‬أعلن‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي،‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون،‭ ‬يوم‭ ‬13‭ ‬يوليو2020،‭ ‬تشكيل‭ ‬قوة‭ ‬فضائية‭ ‬عسكرية،‭ ‬لتكون‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬الجوية‭ ‬للجيش‭ ‬الفرنسي،‭ ‬إذ‭ ‬يرغب‭ ‬الجيش‭ ‬الفرنسي‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬أقمار‭ ‬صناعية‭ ‬عسكرية،‭ ‬يمكن‭ ‬تسليحها‭ ‬بمدافع‭ ‬رشاشة،‭ ‬وأسلحة‭ ‬ليزر،‭ ‬وذلك‭ ‬لحماية‭ ‬حماية‭ ‬الصناعية‭ ‬المدنية‭ ‬والعسكرية‭ ‬الموجودة‭ ‬حالياً‭ ‬في‭ ‬مداراتها،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬الفضاء‭ ‬إلى‭ ‬جبهة‭ ‬حرب‭ ‬جديدة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى،‭ ‬كما‭ ‬تواجه‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬طائفة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التهديدات،‭ ‬مثل‭ ‬محاولات‭ ‬الاستحواذ‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬معادية،‭ ‬أو‭ ‬التشويش‭ ‬عليها،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الهجمات‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬للسيطرة‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬آخر‭.‬

وترغب‭ ‬باريس‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬قوة‭ ‬فضائية‭ ‬عسكرية،‭ ‬تضم‭ ‬أقماراً‭ ‬صغيرة،‭ ‬مجهزة‭ ‬بكاميرات‭ ‬وأجهزة‭ ‬رادار‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬كشف‭ ‬الأقمار‭ ‬المعادية،‭ ‬وتدميرها‭ ‬بأسلحة‭ ‬متطورة‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬تلك‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭. ‬ولفتت‭ ‬فلورنس‭ ‬بارلي،‭ ‬وزيرة‭ ‬الدفاع‭ ‬الفرنسية،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تعرض‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬للتهديد،‭ ‬فإن‭ ‬القوة‭ ‬الفضائية‭ ‬ستقوم‭ ‬بتدمير‭ ‬الأهداف‭ ‬المعادية،‭ ‬باستخدام‭ ‬أشعة‭ ‬الليزر‭ ‬أو‭ ‬باستخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأخرى،‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬أقماراً‭ ‬متناهية‭ ‬الصغر‭ ‬يمكن‭ ‬إطلاقها‭ ‬ضد‭ ‬تلك‭ ‬الأهداف‭. ‬ووفقاً‭ ‬للوزيرة‭ ‬الفرنسية،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬تلك‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬العسكرية،‭ ‬القيام‭ ‬بدوريات‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2023‭.‬

الأسلحة‭ ‬المضادة‭ ‬للأقمار‭ ‬الصناعية

لم‭ ‬يسبق‭ ‬أن‭ ‬قامت‭ ‬دولة‭ ‬بمهاجمة‭ ‬قمر‭ ‬صناعي‭ ‬لدولة‭ ‬أخرى‭ ‬بشكل‭ ‬متعمد،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الشائع‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬الدول‭ ‬أحياناً‭ ‬بالتشويش‭ ‬على‭ ‬البث‭ ‬الإذاعي‭ ‬عبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وروسيا‭ ‬والصين‭ ‬قامت‭ ‬جميعها‭ ‬باختبار‭ ‬أسلحة‭ ‬متقدمة‭ ‬تعمل‭ ‬بالطاقة‭ ‬الحركية‭ ‬مضادة‭ ‬للأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬وأثبتت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أنه‭ ‬يمكنها‭ ‬تعديل‭ ‬صاروخ‭ ‬اعتراضي‭ ‬لاستخدامه‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬مضادة‭ ‬للأقمار‭ ‬الصناعية‭. ‬إن‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬يمكنها‭ ‬إطلاق‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭ ‬بواسطة‭ ‬صواريخ‭ ‬باليستية‭ ‬متوسطة‭ ‬المدى‭ ‬يكون‭ ‬لديها‭ ‬القدرة‭ ‬الكامنة‭ ‬لمهاجمة‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬في‭ ‬المدار‭ ‬الأرضي‭ ‬المنخفض‭.‬

ولا‭ ‬تمتلك‭ ‬الأسلحة‭ ‬المضادة‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬شل‭ ‬قدرة‭ ‬الجيوش‭ ‬المعادية‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تهدد‭ ‬أيضاً‭ ‬الاستخدامات‭ ‬المدنية‭ ‬للفضاء،‭ ‬أي‭ ‬أنها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬توجه‭ ‬ضربة‭ ‬خطيرة‭ ‬للقوة‭ ‬العسكرية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬للقوى‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬وقتي‭ ‬السلم‭ ‬والحرب‭. ‬وتتمثل‭ ‬أبرز‭ ‬الجهود‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬في‭ ‬التالي‭:‬

1‭ ‬روســـيا

‭ ‬استثمرت‭ ‬موسكو‭ ‬وقتاً‭ ‬واهتماماً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الأسلحة‭ ‬والنظم‭ ‬المضادة‭ ‬للأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬والتي‭ ‬يتمثل‭ ‬أبرزها‭ ‬في‭ ‬التالي‭:‬

‌أ‭- ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭:‬‭ ‬طور‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬الصاروخ‭ ‬‮«‬آيه‭ ‬042‭ ‬نودول‭ ‬14‮»‬‭ (‬14‭ ‬A 042‭ ‬Nudol‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬الاعتراضية،‭ ‬والتي‭ ‬تتمتع‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬إسقاط‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬المعادية،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭. ‬وأكمل‭ ‬نودول‭ ‬سبعة‭ ‬اختبارات‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬إجراء‭ ‬أول‭ ‬اختبار‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬كما‭ ‬أجرت‭ ‬روسيا‭ ‬آخر‭ ‬اختبار‭ ‬طيران‭ ‬لنظامها‭ ‬الصاروخي‭ ‬الجديد‭ ‬المضاد‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2018،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقاً‭ ‬لتقرير‭ ‬استخباراتي‭ ‬أمريكي،‭ ‬حيث‭ ‬طار‭ ‬الصاروخ‭ ‬المضاد‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬لمدة‭ ‬17‭ ‬دقيقة‭ ‬و1864‭ ‬ميلاً‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينزل‭ ‬بنجاح‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬المستهدفة‭.‬

‌ب‭- ‬الأسلحة‭ ‬الليزرية‭:‬‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬موسكو‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬ترقية‭ ‬أقمار‭ ‬‮«‬كرونا‭ ‬للمراقبة‭ ‬الفضائية‭ ‬الضوئية‮»‬‭ (‬Krona optical space surveillance system‭)‬عبر‭ ‬إمدادها‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬جهاز‭ ‬ليزر‭ ‬كالينا‮»‬‭ (‬Kalina laser dazzler‭)‬،‭ ‬والذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تعمية‭ ‬أو‭ ‬إتلاف‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستشعار‭ ‬البصرية‭ ‬لأقمار‭ ‬التجسس‭ ‬الصناعية‭ ‬الأجنبية‭.‬‭ ‬كما‭ ‬تمتلك‭ ‬روسيا‭ ‬كذلك‭ ‬سلاحاً‭ ‬ليزرياً‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬‮«‬بيرسفت‮»‬‭ (‬Peresvet‭)‬،‭ ‬والقادر‭ ‬على‭ ‬تدمير‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬في‭ ‬المدار‭ ‬الأرضي‭ ‬المنخفض‭. ‬

‌ج‭- ‬أنظمة‭ ‬التشويش‭:‬‭ ‬تستثمر‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬تشويش‭ ‬عبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬والتي‭ ‬تعطل‭ ‬تدفق‭ ‬البيانات‭ ‬بين‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬ومحطاتها‭ ‬الأرضية‭. ‬وقامت‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬بعمليات‭ ‬تشويش‭ ‬على‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‮»‬‭ (‬GPS‭) ‬داخل‭ ‬وحول‭ ‬روسيا‭ ‬وكذلك‭ ‬حول‭ ‬القواعد‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭. ‬ويؤدي‭ ‬تعطيل‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‭ (‬GPS‭) ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬صعوبة‭ ‬قيام‭ ‬الطيارين،‭ ‬والأسلحة‭ ‬الموجهة‭ ‬ذاتياً،‭ ‬بتحديد‭ ‬مواقعهم‭. ‬ويأخذ‭ ‬التشويش‭ ‬عدة‭ ‬أشكال‭ ‬منها‭ ‬التشويش‭ ‬على‭ ‬إشارة‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تعطيل‭ ‬قدرة‭ ‬المستخدمين‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬بيانات‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬وانتحال‭ ‬المواقع‭ ‬وإرسال‭ ‬بيانات‭ ‬مزيفة‭ ‬حول‭ ‬الموقع‭.‬

‌د‭- ‬مقذوفات‭ ‬منشورة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭:‬‭ ‬اتهمت‭ ‬بريطانيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬روسيا‭ ‬باختبار‭ ‬إطلاق‭ ‬مقذوف،‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬سلاح،‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬إنه‭ ‬قد‭ ‬يُستخدم‭ ‬لاستهداف‭ ‬أقمار‭ ‬صناعية‭ ‬في‭ ‬مداراتها‭. ‬واتهمت‭ ‬بريطانيا‭ ‬روسيا‭ ‬بأن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التصرفات‭ ‬تهدد‭ ‬الاستخدام‭ ‬السلمي‭ ‬للفضاء‭ ‬وتهدد‭ ‬بالتسبب‭ ‬في‭ ‬حطام‭ ‬قد‭ ‬يشكل‭ ‬تهديداً‭ ‬لأقمار‭ ‬صناعية‭ ‬وأنظمة‭ ‬فضائية‭ ‬يعتمد‭ ‬عليها‭ ‬العالم‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬معاهدة‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الجميع‭ ‬استكشاف‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬لأغراض‭ ‬سلمية‭ ‬فقط،‭ ‬كما‭ ‬تنص‭ ‬المعاهدة‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬نشر‭ ‬أسلحة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مدارات‭ ‬حول‭ ‬الأرض‭.‬

‌هـ‭ – ‬المقاتلات‭:‬‭ ‬أعلن‭ ‬قائد‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الروسية‭ ‬ألكسندر‭ ‬زيلين،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2009،‭ ‬عن‭ ‬تطوير‭ ‬نسخة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬‮«‬ميج‭ ‬–31‮»‬‭ ‬للدفاع‭ ‬الفضائي‭. ‬والتي‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬صاروخاً‭ ‬مضاد‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬حيث‭ ‬تصعد‭ ‬‮«‬ميج‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬الطبقات‭ ‬العليا‭ ‬من‭ ‬الجو‭ ‬لتطلق‭ ‬الصاروخ‭ ‬المضاد‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬وتعتقد‭ ‬الاستخبارات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬السلاح‭ ‬سوف‭ ‬يدخل‭ ‬الخدمة،‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬كافة‭ ‬التجارب‭ ‬عليه،‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2022‭.‬

-2‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة

تعتمد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الفضاء‭ ‬لتحقيق‭ ‬تفوقها‭ ‬العسكري‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬ولذا‭ ‬توقع‭ ‬بعض‭ ‬الاستراتيجيين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬أن‭ ‬الخصوم‭ ‬المحتملين‭ ‬سيحاولون‭ ‬تحييد‭ ‬مزايا‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مهاجمة‭ ‬أقمارها‭ ‬الصناعية‭. ‬كما‭ ‬أوصوا‭ ‬أيضاً‭ ‬بأن‭ ‬يبذل‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعه‭ ‬لحماية‭ ‬الموجودات‭ ‬الفضائية‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بقدرة‭ ‬على‭ ‬تعطيل‭ ‬أو‭ ‬تدمير‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬يستخدمها‭ ‬الخصوم‭ ‬للاستخبارات‭ ‬أو‭ ‬الاتصالات‭ ‬أو‭ ‬الملاحة‭ ‬أو‭ ‬الاستهداف‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬صعوبة‭ ‬حدوث‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو،‭ ‬فإن‭ ‬بعض‭ ‬المراقبين‭ ‬يقدمون‭ ‬أسوأ‭ ‬السيناريوهات‭ ‬المحتملة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دعم‭ ‬الحجج‭ ‬المؤيدة‭ ‬لامتلاك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للقدرات‭ ‬الهجومية‭ ‬الفضائية‭ ‬المضادة‭. ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬اهتمام‭ ‬متزايد‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى‭ ‬بحروب‭ ‬الفضاء‭ ‬بسبب‭ ‬هذه‭ ‬الحجج‭. ‬وقد‭ ‬اعتمدت‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2006‭ ‬برنامجاً‭ ‬فضائياً‭ ‬جديداً‭ ‬لتطوير‭ ‬الأسلحة‭ ‬المضادة‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬وذلك‭ ‬لإعادة‭ ‬استئناف‭ ‬الجهود‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭.‬

فقد‭ ‬تم‭ ‬اختبار‭ ‬أول‭ ‬سلاح‭ ‬أمريكي‭ ‬مضاد‭ ‬للأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬1959،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬‮«‬صاروخ‭ ‬باليستي‭ ‬من‭ ‬القاذفة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬–‭ ‬47‮»‬‭ (‬B-47‭) ‬التابعة‭ ‬للقوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وذلك‭ ‬لإسقاط‭ ‬القمر‭ ‬الاصطناعي‭ ‬‮«‬إكسبلورر‭ ‬6‮»‬‭ (‬Explorer VI‭). ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬يعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬بولد‭ ‬أوريون‮»‬‭. ‬وكان‭ ‬المحرك‭ ‬الأساسي‭ ‬لتطوير‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬حينها‭ ‬هو‭ ‬إطلاق‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬أول‭ ‬قمر‭ ‬صناعي،‭ ‬ممثلاً‭ ‬في‭ ‬سبوتنيك،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1957‭. ‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1962،‭ ‬وافق‭ ‬روبرت‭ ‬ماكنمارا،‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬آنذاك‭ ‬جون‭ ‬إف‭ ‬كينيدي،‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬صاروخ‭ ‬‮«‬نايكي‭ ‬زيوس‮»‬‭ (‬Nike-Zeus‭)‬،‭ ‬وذلك‭ ‬لاستخدامه‭ ‬في‭ ‬إسقاط‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭. ‬وتم‭ ‬اختباره‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1963،‭ ‬لإسقاط‭ ‬أجسام‭ ‬فضائية‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬150‭ ‬ميلاً‭. ‬كما‭ ‬واصلت‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تطوير‭ ‬نوع‭ ‬مختلف‭ ‬من‭ ‬صاروخ‭ ‬‮«‬ثور‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يضرب‭ ‬أهدافاً‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬400‭ ‬ميل‭ ‬تقريباً‭.‬

وأطلقت‭ ‬مقاتلة‭ ‬أمريكية‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬‮«‬إف–‭ ‬15‮»‬‭ ‬صاروخ‭ ‬‮«‬آيه‭ ‬إس‭ ‬إم‭ ‬–‭ ‬135‮»‬‭ (‬ASM-135‭) ‬لتدمير‭ ‬قمر‭ ‬اصطناعي‭ ‬يستخدم‭ ‬في‭ ‬المراقبة‭ ‬الشمسية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1985‭. ‬واعتبرت‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬هي‭ ‬آخر‭ ‬تجربة‭ ‬لأسلحة‭ ‬مضادة‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬حتى‭ ‬أطلقت‭ ‬الصين‭ ‬سلاحها‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2007‭. ‬فبعدها‭ ‬بعام،‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2008،‭ ‬استخدمت‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬صاروخ‭ ‬‮«‬إس‭ ‬إم‭ ‬–‭ ‬3‮»‬‭ (‬SM-3‭)‬،‭ ‬لاعتراض‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية،‭ ‬لتدمير‭ ‬قمر‭ ‬استطلاع‭ ‬قديم‭.‬

ويمتلك‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬حالياً‭ ‬بعض‭ ‬الأسلحة‭ ‬المضادة‭ ‬للأقمار‭ ‬الصناعية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬قاعدة‭ ‬صواريخ‭ ‬اعتراضية‭ ‬أرضية‭ ‬مقرها‭ ‬في‭ ‬ألاسكا‭ ‬وهاواي‭. ‬وتم‭ ‬تطوير‭ ‬الصواريخ‭ ‬الاعتراضية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬القاعدتين‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬لإسقاط‭ ‬الرؤوس‭ ‬الحربية‭ ‬للصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬أثناء‭ ‬مرورها‭ ‬عبر‭ ‬المدار‭ ‬الأرضي‭ ‬المنخفض‭.‬

وقد‭ ‬تظهر‭ ‬طائرة‭ ‬الفضاء‭ ‬غير‭ ‬المأهولة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬‮«‬بوينج‭ ‬إكس‭ ‬–‭ ‬37‭ ‬بي‮»‬‭ (‬Boeing X-37B‭) ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضد‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬حيث‭ ‬أفادت‭ ‬بعض‭ ‬التقارير‭ ‬أن‭ ‬الطائرة‭ ‬خلال‭ ‬مهمة‭ ‬عرفت‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬أوه‭ ‬تي‭ ‬في‭ -‬5‮»‬‭ (‬OTV-5‭)‬،‭ ‬وهي‭ ‬مهمة‭ ‬استغرقت‭ ‬780‭ ‬يوماً،‭ ‬أطلقت‭ ‬ثلاثة‭ ‬مكعبات‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬المدار‭. ‬وتقترح‭ ‬بعض‭ ‬التحليلات‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المكعبات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬برنامج‭ ‬أبحاث‭ ‬للحرب‭ ‬المضادة‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية‭.‬

-3‭ ‬الصين

أعلنت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬عام‭ ‬2007‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬قد‭ ‬قامت‭ ‬بإجراء‭ ‬تجربة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬وهي‭ ‬التجربة‭ ‬التي‭ ‬اعتبرها‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأجانب‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الأجنبية‭ ‬بأنها‭ ‬اختبار‭ ‬مضاد‭ ‬للأقمار‭ ‬الصناعية‭.‬

كما‭ ‬أطلقت‭ ‬الصين‭ ‬صاروخاً‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬عام‭ ‬2013‭ ‬والذي‭ ‬قالت‭ ‬بكين‭ ‬عنه‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬مهمة‭ ‬بحثية،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬التحليل‭ ‬التفصيلي‭ ‬لصور‭ ‬التقطتها‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬قدم‭ ‬أدلة‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الصاروخ‭ ‬الذي‭ ‬أطلقته‭ ‬الصين‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬اختباراً‭ ‬على‭ ‬سلاح‭ ‬جديد‭ ‬مضاد‭ ‬للأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬يطلق‭ ‬من‭ ‬منصة‭ ‬إطلاق‭ ‬متحركة،‭ ‬والذي‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬مدار‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬36‭ ‬ألف‭ ‬كيلومتر‭ ‬من‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬تطوراً‭ ‬مهماً‭ ‬في‭ ‬قدرات‭ ‬الصين‭ ‬المضادة‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية‭.‬

وقدّر‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬تقييم‭ ‬التهديدات‭ ‬العالمية‮»‬‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬مجتمع‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬أجرت‭ ‬أبحاثاً‭ ‬حول‭ ‬أسلحة‭ ‬الطاقة‭ ‬الموجهة‭ ‬لاستخدامها‭ ‬كأسلحة‭ ‬مضادة‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية‭. ‬كما‭ ‬قدرت‭ ‬وكالة‭ ‬استخبارات‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬ستكون‭ ‬قد‭ ‬انتهت‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬نظام‭ ‬أسلحة‭ ‬ليزرية‭ ‬مضاد‭ ‬للأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬يتم‭ ‬إطلاقها‭ ‬من‭ ‬قواعد‭ ‬أرضية‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2020‭. ‬كما‭ ‬تعمل‭ ‬الصين‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬أجهزة‭ ‬التشويش‭ ‬الأرضية‭ ‬لتعطيل‭ ‬تدفقات‭ ‬البيانات‭ ‬بين‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬ومحطاتها‭ ‬الأرضية،‭ ‬وهي‭ ‬قدرة‭ ‬مهمة‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامها‭ ‬ضد‭ ‬خصم‭ ‬تنتشر‭ ‬قواته‭ ‬على‭ ‬مسافات‭ ‬طويلة‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

-4‭ ‬الهنـــد

أعلنت‭ ‬الحكومة‭ ‬الهندية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬اختبار‭ ‬إطلاق‭ ‬صاروخ‭ ‬مضاد‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬بنجاح،‭ ‬وكان‭ ‬القمر‭ ‬الاصطناعي‭ ‬المدمر‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬الهندية‭ ‬والذي‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬الأرض‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬300‭ ‬كيلومتر،‭ ‬وكان‭ ‬القمر‭ ‬الاصطناعي‭ ‬المصغر‭ ‬أطلق‭ ‬قبل‭ ‬شهر‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض،‭ ‬وأطلق‭ ‬الصاروخ‭ ‬المضاد‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬في‭ ‬الساحل‭ ‬الشرقي‭ ‬للهند‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬التجربة‭ ‬الهندية‭ ‬مهمة،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬قدرات‭ ‬الهند‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬لاتزال‭ ‬متواضعة‭ ‬مقارنة‭ ‬بغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬صواريخ‭ ‬مضادة‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬القمر‭ ‬الاصطناعي‭ ‬الهندي‭ ‬كان‭ ‬يحلق‭ ‬في‭ ‬المدار‭ ‬المنخفض‭ ‬من‭ ‬الأرض،‭ ‬بينما‭ ‬أجرت‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬تجارب‭ ‬على‭ ‬إسقاط‭ ‬أقمار‭ ‬اصطناعية‭ ‬تحلق‭ ‬في‭ ‬مدارات‭ ‬مرتفعة‭.‬

صعوبات‭ ‬حرب‭ ‬الفضاء

تعني‭ ‬حروب‭ ‬الفضاء‭ ‬حالياً‭ ‬تقليل‭ ‬أو‭ ‬تعطيل‭ ‬قدرات‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬المعادية‭ ‬على‭ ‬العمل،‭ ‬بما‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬إرباك‭ ‬الخصم،‭ ‬نظراً‭ ‬لأن‭ ‬الجيوش‭ ‬حالياً‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬أدوار‭ ‬مهمة‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنها،‭ ‬كالاتصالات‭ ‬والملاحة‭ ‬والمراقبة،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬تستطيع‭ ‬القوة‭ ‬المهاجمة‭ ‬من‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بقدرتها‭ ‬على‭ ‬تشغيل‭ ‬أصولها‭ ‬الفضائية‭ ‬الخاصة‭ ‬بحرية‭ ‬وأمان‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬مما‭ ‬يثار‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬نشوب‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬قيوداً‭ ‬مادية،‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يرتبط‭ ‬بالتالي‭: ‬

1‭ ‬ مساحات‭ ‬شاسعة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭:‬‭ ‬يبلغ‭ ‬حجم‭ ‬الفضاء‭ ‬بين‭ ‬المدار‭ ‬الأرضي‭ ‬المنخفض‭ ‬والمدار‭ ‬الثابت‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأرض‭ ‬حوالي‭ ‬200‭ ‬تريليون‭ ‬كيلومتر‭ ‬مكعب،‭ ‬فيما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬حجم‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬190‭ ‬مرة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعوبة‭ ‬بمكان‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أن‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬امتلاك‭ ‬القدرات‭ ‬اللازمة‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المساحة‭ ‬الهائلة‭.‬

2‭ ‬ القيود‭ ‬على‭ ‬الحركة‭:‬‭ ‬يمكن‭ ‬للطائرات‭ ‬والدبابات‭ ‬والسفن‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬أن‭ ‬تتحرك‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬اتجاه،‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬تتاح‭ ‬هذه‭ ‬الحرية‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬جاذبية‭ ‬الأرض،‭ ‬فهي‭ ‬إما‭ ‬تتحرك‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬دائري‭ ‬وإما‭ ‬بيضاوي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬المناورة‭ ‬محدودة،‭ ‬فهي‭ ‬تتحرك‭ ‬ببطء‭ ‬كبير‭ ‬نسبياً‭.‬

ولكن‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬سباق‭ ‬تسلح‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى،‭ ‬وتحديداً‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وروسيا‭ ‬والصين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬امتلاك‭ ‬الأسلحة‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬إسقاط‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬ولعل‭ ‬الاتهامات‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وروسيا‭ ‬تؤشر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سباق‭ ‬التسلح‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬بدأ‭ ‬فعلاً‭. ‬

فقد‭ ‬اتهمت‭ ‬قوة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأمريكية‭ ‬روسيا‭ ‬بنشر‭ ‬‮«‬سلاح‭ ‬مقذوف‮»‬‭ ‬في‭ ‬مدار‭ ‬قريب‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬قمر‭ ‬اصطناعي‭ ‬أمريكي‭ ‬مخصص‭ ‬للتجسس‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تدمير‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬فإن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كانت‭ ‬تشكو‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬روسيا‭ ‬لسلسلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتجسس‭ ‬على‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامها‭ ‬كأسلحة‭. ‬ومن‭ ‬جانبهم،‭ ‬يجادل‭ ‬الروس‭ ‬بأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬طورت‭ ‬أسلحة‭ ‬أرضية‭ ‬معقدة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬مهاجمة‭ ‬شبكة‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬للدول‭ ‬المناوئة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬الحرب‭. ‬

ولعل‭ ‬ما‭ ‬يغذي‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬قوانين‭ ‬تحظر‭ ‬نشر‭ ‬الأسلحة‭ ‬التقليدية‭ ‬في‭ ‬مدار‭ ‬حول‭ ‬الأرض،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستهدف‭ ‬أجساماً‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصيب‭ ‬أهدافاً‭ ‬أرضية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬معاهدة‭ ‬الفضاء‭ ‬لعام‭ ‬1967‭ ‬قد‭ ‬جرمت‭ ‬نشر‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬ولكنها‭ ‬لم‭ ‬تجرم‭ ‬نشر‭ ‬الأسلحة‭ ‬التقليدية،‭ ‬أو‭ ‬التقنيات‭ ‬الفضائية‭ ‬مزدوجة‭ ‬الاستخدام‭.‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬ثانية،‭ ‬تشعر‭ ‬روسيا‭ ‬بالغضب‭ ‬من‭ ‬إصدار‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2020‭ ‬أمراً‭ ‬تنفيذياً‭ ‬بالتنقيب‭ ‬عن‭ ‬المعادن‭ ‬في‭ ‬القمر،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬اتفاقية‭ ‬دولية‭ ‬واضحة‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬روسيا‭ ‬إلى‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬قيامها‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بناء‭ ‬محطة‭ ‬أبحاث‭ ‬فضائية‭ ‬على‭ ‬القمر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يهدد‭ ‬بتصعيد‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭.‬

وختاماً،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الصراع‭ ‬المستقبلي‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬سوف‭ ‬يتجاوز‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬للأرض‭ ‬ليشمل‭ ‬محاولة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الثروات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الأجرام‭ ‬السماوية‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬الأرض،‭ ‬مثل‭ ‬القمر‭ ‬والمريخ،‭ ‬وغيرهما،‭ ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬التكنولوجيات‭ ‬اللازمة‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تطويرها‭ ‬بالكامل‭ ‬بعد،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تطويرها‭ ‬خلال‭ ‬بضع‭ ‬عقود‭. ‬ولعل‭ ‬إعلان‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬أول‭ ‬مهمة‭ ‬عربية‭ ‬إلى‭ ‬المريخ‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬مسبار‭ ‬الأمل‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬إدراك‭ ‬قيادة‭ ‬الدولة‭ ‬الرشيدة‭ ‬لأهمية‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الجهود‭ ‬الرامية‭ ‬لاستكشاف‭ ‬الفضاء‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬الفرص‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬يطرحها،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬للفضاء‭ ‬لا‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬قواعد‭ ‬واضحة‭ ‬لاستغلال‭ ‬الفضاء،‭ ‬سوى‭ ‬إعطاء‭ ‬الأفضلية‭ ‬لمن‭ ‬وصل‭ ‬أولاً‭. ‬

Youtube
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض