UAE BACK

استراتيجية الإمارات لما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭..‬الأسس‭ ‬والمنطلقات‭ ‬والأولويات

في‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ، ‬2020 ‬وجه‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حاكم‭ ‬دبي،‭ ‬بعقد‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الجلسات‭ ‬الحكومية‭ ‬المكثفة‭ ‬تضم‭ ‬وزراء‭ ‬ووكلاء‭ ‬ومجالس‭ ‬تنفيذية‭ ‬وخبراء‭ ‬عالميين‭ ‬لبدء‭ ‬صياغة‭ ‬استراتيجية‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬لمرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد،‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬المختلفة،‭ ‬ووضع‭ ‬سياسات‭ ‬تفصيلية،‭ ‬على‭ ‬المديين‭ ‬القريب‭ ‬والبعيد،‭ ‬لتحقيق‭ ‬التعافي‭ ‬واستئناف‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬الدولة‭. ‬وعبر‭ ‬سموه‭ ‬عن‭ ‬الفلسفة‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬هذه‭ ‬الاسترايتجية،‭ ‬بقوله‭ ‬‮«‬عالم‭ ‬جديد‭ ‬ينتظرنا‭ ‬يتطلب‭ ‬أدوات‭ ‬مختلفة‭ ‬وأولويات‭ ‬جديدة،‭ ‬ودولتنا‭ ‬ستكون‭ ‬الأكثر‭ ‬استعداداً‭ ‬والأسرع‭ ‬نهوضاً‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.. ‬الاستعداد‭ ‬لما‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬كوفيد‭ ‬19‮»‬‭ ‬هو‭ ‬استعداد‭ ‬لمستقبل‭ ‬جديد‭ ‬لم‭ ‬يتوقعه‭ ‬أحد‭ ‬قبل‭ ‬عدة‭ ‬أشهر‭ ‬فقط‭.. ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬والعمل‭ ‬الحكومي‭ ‬والاستثمار‭ ‬والتجارة‭ ‬وبنيتنا‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬كلها‭ ‬ستشهد‭ ‬تطورات‭ ‬جديدة‭ ‬لمواكبة‭ ‬مستقبل‭ ‬مليء‭ ‬بفرص‭ ‬مختلفة‮»‬،‭ ‬وأضاف‭ ‬سموه‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أولوياتنا‭ ‬الوطنية‭ ‬بحاجة‭ ‬لمراجعة‭ ‬لعالم‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬كوفيد‭ ‬19‮»‬،‭ ‬ومواردنا‭ ‬المالية‭ ‬والبشرية‭ ‬بحاجة‭ ‬لإعادة‭ ‬توجيه،‭ ‬وأمننا‭ ‬الطبي‭ ‬والغذائي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬بحاجة‭ ‬لترسيخ‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برامج‭ ‬جديدة‭ ‬ومشاريع‭ ‬استثنائية‮»‬‭ .‬

‭ ‬وبهذا‭ ‬وضع‭ ‬سموه‭ ‬الخطوط‭ ‬العريضة‭ ‬لهذه‭ ‬العملية‭ ‬التنموية‭-‬الحضارية‭ ‬لمستقبل‭ ‬الإمارات‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬ركيزتين‭: ‬الأولى‭ ‬هي‭ ‬وجود‭ ‬تحدٍّ‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬استجابة‭ ‬مختلفة‭ ‬ومراجعة‭ ‬للأهداف‭ ‬والأولويات‭. ‬والركيزة‭ ‬الثانية‭ ‬هي‭ ‬اكتشاف‭ ‬الفرص‭ ‬الكامنة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭.‬
أولاً‭: ‬الدلالات‭ ‬والمعاني‭ ‬التنموية‭ ‬والاستراتيجية
‭ ‬ضمن‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬ينطوي‭ ‬توجه‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬إلى‭ ‬إعداد‭ ‬استراتيجية‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬فيه‭ ‬الفيروس‭ ‬يمثل‭ ‬تحدياً‭ ‬لم‭ ‬ينته‭ ‬بعد،‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدلالات‭ ‬والمعاني‭ ‬التنموية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬أهمها‭:‬
1‭ ‬
الريادة‭ ‬والتفرد،‭ ‬واستشراف‭ ‬المستقبل‭: ‬حيث‭ ‬تعد‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬هي‭ ‬الدولة‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭ ‬التي‭ ‬تبدأ‭ ‬إعداد‭ ‬استراتيجية‭ ‬أو‭ ‬تصور‭ ‬أو‭ ‬رؤية‭ ‬لمرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الوباء‭ ‬لم‭ ‬ينته‭ ‬بعد‭. ‬وهذا‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬حرص‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬استباق‭ ‬الأحداث‭ ‬والنظر‭ ‬دائماً‭ ‬إلى‭ ‬بعيد،‭ ‬واستشراف‭ ‬المستقبل‭ ‬والاستعداد‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التخطيط‭ ‬العلمي،‭ ‬ولعل‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬قد‭ ‬عبر‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المعنى‭ ‬في‭ ‬مناسبة‭ ‬اعتماده‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬الإمارات‭ ‬لاستشراف‭ ‬المستقبل‮»‬‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2016‭ ‬بقوله‭: ‬نحن‭ ‬دولة‭ ‬كنا‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬مغرمين‭ ‬بالمستقبل‭ ‬ومتطلعين‭ ‬له،‭ ‬وهذا‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬أسرار‭ ‬نجاحاتنا‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬اليوم‭.. ‬المستقبل‭ ‬يحمل‭ ‬فرصاً‭ ‬وتحديات،‭ ‬ومعرفة،‭ ‬وتحديد‭ ‬هذه‭ ‬الفرص‭ ‬والتحديات‭ ‬بشكل‭ ‬مبكر‭ ‬هي‭ ‬الخطوة‭ ‬الأهم‭ ‬للتعامل‭ ‬معها‮»‬‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الحالية‭.‬
2‭ ‬
النظرة‭ ‬الإيجابية‭ ‬إلى‭ ‬التحديات‭:‬‭ ‬دائماً‭ ‬تنظر‭ ‬الإمارات‭ ‬وقيادتها‭ ‬إلى‭ ‬التحديات‭ ‬نظرة‭ ‬إيجابية،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬فيها‭ ‬نهاية‭ ‬العالم‭ ‬أو‭ ‬مصدراً‭ ‬للإحباط‭ ‬واليأس‭ ‬والتراجع،‭ ‬وإنما‭ ‬مصدراً‭ ‬للعزم‭ ‬والقوة‭ ‬والإرادة‭ ‬للانطلاق‭ ‬إلى‭ ‬الأمام،‭ ‬وقد‭ ‬عبر‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬أبو‭ ‬ظبي‭ ‬نائب‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة،‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬بجلاء‭ ‬حينما‭ ‬قال‭ ‬موجهاً‭ ‬كلامه‭ ‬إلى‭ ‬الشعب‭ ‬الإماراتي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬خلقها‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭: ‬‏‮»‬أدعوكم‭ ‬إلى‭ ‬التحلي‭ ‬بالإيجابية‭ ‬وروح‭ ‬التفاؤل‭ ‬التي‭ ‬تعلمناها‭ ‬من‭ ‬والدنا‭ ‬زايد‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬كافة‭ ‬،‭ ‬وأن‭ ‬نخلق‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬فرص‭ ‬نجاح‭.‬‭..‬آباؤنا‭ ‬وأجدادنا‭ ‬مروا‭ ‬بأزمات‭ ‬عديدة‭ ‬واجهوها‭ ‬بالصبر‭ ‬والأمل‭ ‬والتفاؤل،‭ ‬ما‭ ‬أحوجنا‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬الاقتداء‭ ‬بهم‮»‬‭. ‬
‭ ‬وفي‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬تأملات‭ ‬في‭ ‬السعادة‭ ‬والايجابية‮»‬،‭ ‬يشرح‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حاكم‭ ‬دبي،‭ ‬فلسفة‭ ‬الحكم‭ ‬والإدارة‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التحديات‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬الإيجابية‭ ‬باختصار‭ ‬تتعلق‭ ‬بنظرة‭ ‬الإنسان‭ ‬للأمور،‭ ‬هي‭ ‬النظارات‭ ‬التي‭ ‬يضعها‭ ‬الإنسان‭ ‬فوق‭ ‬عينيه‭ ‬عندما‭ ‬يشاهد‭ ‬العالم،‭ ‬أو‭ ‬يشاهد‭ ‬التحديات،‭ ‬أو‭ ‬يشاهد‭ ‬المستقبل،‭ ‬أو‭ ‬يشاهد‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬حوله،‭ ‬أو‭ ‬يشاهد‭ ‬الحياة‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬النظارات‭ ‬سوداء،‭ ‬رأيت‭ ‬التحديات‭ ‬صعبة،‭ ‬والمستقبل‭ ‬مظلماً،‭ ‬ورأيت‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬حولك‭ ‬بعين‭ ‬الشك،‭ ‬ورأيت‭ ‬العالم‭ ‬مليئاً‭ ‬بالكوارث‭ ‬والمصائب‭ ‬والشر،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬نظرتك‭ ‬إيجابية‭ ‬رأيت‭ ‬في‭ ‬التحديات‭ ‬فرصاً‭ ‬وفي‭ ‬المستقبل‭ ‬نجاحاً،‭ ‬وفي‭ ‬الناس‭ ‬طاقات‭ ‬ومواهب‭.. ‬التحديات‭ ‬هي‭ ‬فرصتنا‭ ‬للتفكير‭ ‬بطريقة‭ ‬مختلفة‭. ‬في‭ ‬كل‭ ‬أزمة،‭ ‬فرصة،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬محنة‭ ‬منحة‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬موضع‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬يقول‭ ‬سموه‭: ‬‮«‬إن‭ ‬التحديات‭ ‬والعقبات‭ ‬ليست‭ ‬نقطة‭ ‬النهاية‭ ‬بل‭ ‬فرصة‭ ‬لإبداع‭ ‬حلول‭ ‬جديدة‮»‬‭. ‬وهكذا‭ ‬تتعامل‭ ‬الإمارات‭ ‬مع‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬حيث‭ ‬نظرت‭ ‬وتنظر‭ ‬إليه‭ ‬باعتباره‭ ‬تحدياً‭ ‬خطيراً‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬التعامل‭ ‬بجيدة‭ ‬معه،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬القوت‭ ‬نفسه‭ ‬لا‭ ‬تجزع‭ ‬في‭ ‬مواجهته‭ ‬وإنما‭ ‬ترى‭ ‬فيها‭ ‬حافزاً‭ ‬على‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬وتفجير‭ ‬الطاقات‭ ‬واكتشاف‭ ‬القدرات‭ ‬والفرص‭ ‬الكامنة‭.‬
3‭ ‬
الثقة‭ ‬في‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭:‬‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬تحديات‭ ‬الواقع‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬شدتها‭ ‬أو‭ ‬صعوبتها‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬بدء‭ ‬حكومة‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬صياغة‭ ‬استراتيجية‭ ‬للدولة‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬النفس‭ ‬وفي‭ ‬القدرات‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المسار‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬السير‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬ونتائجه‭ ‬وتأثيراته‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬المختلفة‭. ‬هذه‭ ‬الثقة‭ ‬تظهر‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬كلمات‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬دائماً‭ ‬ثقته‭ ‬الكاملة‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬وأن‭ ‬الإمارات‭ ‬بخير‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬الظروف،‭ ‬ودعوته‭ ‬للمواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تشلون‭ ‬هم‮»‬،‭ ‬وتأكيده‭ ‬أن‭ ‬الإمارات‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الطعام‭ ‬والدواء‭ ‬إلى‭ ‬مالا‭ ‬نهاية‭.‬
‭ ‬وهذه‭ ‬الثقة‭ ‬لما‭ ‬تأتِ‭ ‬من‭ ‬فراغ،‭ ‬وإنما‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬وخطط‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬فاعلة‭ ‬مكنت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬نموذج‭ ‬وطني‭ ‬متميز‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الوباء،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحقائق‭ ‬والمؤشرات‭ ‬لعل‭ ‬أهمها‭:‬
•‭ ‬احتلت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬عربياً‭ ‬والعاشر‭ ‬عالمياً‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬فعالية‭ ‬العلاج‭ ‬لمصابي‭ ‬فيروس‭ ‬‮«‬كورونا‮»‬‭ ‬وكفاءته،‭ ‬وفق‭ ‬تصنيف‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬إبريل‭ ‬2020‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬Deep knowledge Group‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬لندن‭ ‬مقراً‭ ‬لها،‭ ‬كما‭ ‬احتلت‭ ‬الدولة‭ ‬أفضل‭ ‬تصنيف‭ ‬للسلامة‭ ‬والاستقرار،‭ ‬والأكثر‭ ‬كفاءة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬مقارنة‭ ‬بالدول‭ ‬العربية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬كونها‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬أزمة‭ ‬تفشي‭ ‬الفيروس‭ ‬العالمية،‭ ‬وتفوقت‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬التصنيف‭ ‬الذي‭ ‬ضم‭ ‬40‭ ‬دولة،‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬بلجيكا‭ ‬وفيتنام‭ ‬وتايلاند‭ ‬وفنلندا‭ ‬ولوكسمبورغ‭ ‬وموناكو‭ ‬واليونان،‭ ‬وايرلندا‭ ‬محتلة‭ ‬المركز‭ ‬18‭.‬
•‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬حصلت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬التاسع‭ ‬عالمياً‭ ‬والأول‭ ‬عربياً،‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬أفضل‭ ‬تعامل‭ ‬لقيادة‭ ‬الدول‭ ‬خلال‭ ‬أزمة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقا‭ ‬لـ»مؤشر‭ ‬الاستجابة‭ ‬العالمية‭ ‬للأمراض‭ ‬المعدية‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬نشرت‭ ‬نتائجه‭ ‬في‭ ‬ورقة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬مؤشر‭ ‬تتبع‭ ‬استجابة‭ ‬القيادة‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬‮«‬كوفيد‭ ‬19‮»‬،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬معهد‭ ‬المحاسبين‭ ‬الإداريين‭ ‬المعتمدين‭ ‬في‭ ‬أستراليا‭. ‬وتفوقت‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬المؤشر‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإفريقيا‭ ‬وتقاسمت‭ ‬المرتبة‭ ‬9‭ ‬عالمياً‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هونغ‭ ‬كونغ‭ ‬وسريلانكا‭ ‬واليابان‭ ‬وتايوان،‭ ‬وتقدمت‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬متقدمة‭ ‬مثل‭ ‬ألمانيا‭ ‬والدانمارك‭ ‬والهند‭ ‬وروسيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وغيرها‭.‬
•‭ ‬كما‭ ‬أشاد‭ ‬تقرير‭ ‬نشرته‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬إتش‭ ‬آر‭ ‬دايركتر‮»‬‭ ‬البريطانية‭ ‬المتخصصة‭ ‬بقضايا‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية،‭ ‬بالاستجابة‭ ‬الاستباقية‭ ‬للإمارات‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬تفشي‭ ‬فيروس‭ ‬‮«‬كورونا‮»‬‭ ‬عالمياً،‭ ‬ورصد‭ ‬ستة‭ ‬مؤشرات‭ ‬لازدهار‭ ‬مقبل‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬وهي‭ ‬الاستباقية‭ ‬في‭ ‬التخطيط،‭ ‬التنفيذ‭ ‬المنظم،‭ ‬التحفيز،‭ ‬التضامن،‭ ‬التفاؤل‭ ‬وأهمها‭ ‬التعامل‭ ‬الإنساني‭ ‬الذي‭ ‬ظهر‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬الإمارات‭ ‬خلال‭ ‬الأزمة‭ ‬الصحية‭ ‬العالمية‭.‬
4‭ ‬
الثقة‭ ‬في‭ ‬قوة‭ ‬ومتانة‭ ‬المنظومة‭ ‬التنموية‭: ‬عندما‭ ‬تبدأ‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬استراتيجية‭ ‬لمرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬بينما‭ ‬تتوالى‭ ‬التأثيرات‭ ‬السلبية‭ ‬لهذا‭ ‬الوباء‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬المستويات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬قوة‭ ‬البنية‭ ‬التنموية‭ ‬للدولة‭ ‬ومتانتها‭. ‬وهذا‭ ‬نتيجة‭ ‬تحرك‭ ‬سريع‭ ‬وواع‭ ‬ومحسوب‭ ‬واستباقي‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬تداعيات‭ ‬الوباء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خطوات‭ ‬وإجراءات‭ ‬وحزم‭ ‬تحفيزية‭ ‬كبيرة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬بيانه‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬
•‭ ‬قال‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬العربي،‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬التداعيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد‭ ‬‮«‬كوفيد‭ ‬19‮»‬‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬احتلت‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬عربياً‭ ‬في‭ ‬حزم‭ ‬التحفيز‭ ‬التي‭ ‬أقرتها‭ ‬الحكومات‭ ‬العربية‭ ‬لمواجهة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬بإجمالي‭ ‬283‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭ ( ‬77‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭)‬،‭ ‬وأن‭ ‬حزم‭ ‬التحفيز‭ ‬الإماراتية‭ ‬شكلت‭ ‬نحو‭ ‬42‭.‬8‭% ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬حزم‭ ‬التحفيز‭ ‬التي‭ ‬أقرتها‭ ‬الحكومات‭ ‬العربية‭ ‬والبالغ‭ ‬قيمتها‭ ‬180‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ (‬661‭ ‬مليار‭ ‬درهم‭)‬،‭ ‬وأن‭ ‬حزم‭ ‬التحفيز‭ ‬الإماراتية‭ ‬تعد‭ ‬الأعلى‭ ‬عربياً‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مقارنتها‭ ‬بالناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬لكل‭ ‬دولة،‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬نسبتها‭ ‬19‭% ‬من‭ ‬ناتج‭ ‬الإمارات‭.‬
•‭ ‬أكدت‭ ‬شركة‭ ‬لوتاه‭ ‬لتطوير‭ ‬العقارات،‭ ‬أن‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬ستكون‭ ‬في‭ ‬صدارة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬سيتعافى‭ ‬اقتصادها‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬فيروس‭ ‬‮«‬كورونا‮»‬‭ ‬المستجد؛‭ ‬نظراً‭ ‬لإمكاناتها‭ ‬القوية،‭ ‬وقدرتها‭ ‬العالية‭ ‬على‭ ‬التأقلم‭ ‬ومواكبة‭ ‬التغيرات،‭ ‬والمبادرات‭ ‬والتدابير‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها؛‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الفيروس‭ ‬وأهمها‭ ‬بناء‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬المختبرات‭ ‬في‭ ‬العالم؛‭ ‬لإجراء‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الفحوص،‭ ‬وإطلاق‭ ‬برامج‭ ‬الدعم‭ ‬وحزم‭ ‬تحفيز‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إرسال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والطبية‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭.‬
•‭ ‬فضلاً‭ ‬عما‭ ‬سبق،‭ ‬فقد‭ ‬توقع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬آفاق‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬2020‭ ‬‮«‬‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬في‭ ‬14‭ ‬إبريل‭ ‬2020‭ ‬أن‭ ‬يسجل‭ ‬اقتصاد‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬تعافياً‭ ‬سريعاً‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لجائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬وأن‭ ‬يسجل‭ ‬نمواً‭ ‬بواقع‭ ‬3‭.‬3‭ % ‬عام‭ ‬2021‭.‬
•‭ ‬وفي‭ ‬تقرير‭ ‬لمجلة‭ ‬‮«‬ذا‭ ‬إيكونومست‮»‬‭ ‬البريطانية،‭ ‬تم‭ ‬تصنيف‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الـ‭ ‬17‭ ‬بين‭ ‬الأسواق‭ ‬الناشئة‭ ‬الأكثر‭ ‬قدرة‭ ‬والأعلى‭ ‬ملاءة‭ ‬أمام‭ ‬المخاطر‭ ‬المالية‭ ‬الراهنة‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬تفشي‭ ‬كورونا،‭ ‬وذلك‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬شملت‭ ‬66‭ ‬اقتصاداً‭ ‬ناشئاً‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬
•‭ ‬وأشار‭ ‬تقرير‭ ‬لـمجلة‭ ‬‮«‬يوروموني‮»‬‭ ‬البريطانية‭ ‬إلى‭ ‬إن‭ ‬ترتيب‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬مؤشرها‭ ‬الخاص‭ ‬بالمخاطر‭ ‬في‭ ‬الموقع‭ ‬الــ‭ ‬39‭ ‬ضمن‭ ‬174‭ ‬دولة،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬انخفاض‭ ‬اعتمادها‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬والاستقرار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمالي‭ ‬اللذين‭ ‬منحاها‭ ‬قدرة‭ ‬عالية‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬تداعيات‭ ‬كورونا‭ ‬بأقل‭ ‬الخسائر‭. ‬
•‭ ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬تقرير‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬إنترناشيونال‭ ‬إنفستمنت‮»‬‭ ‬البريطاني‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬فتح‭ ‬اقتصادها‭ ‬بعد‭ ‬وقف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأنشطة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التجاوب‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات‭ ‬التي‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭.‬
5‭ ‬
الإصرار‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الطموحات‭ ‬التنموية‭:‬‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬خطط‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬يؤكد‭ ‬إصرار‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬قدماً‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬طموحاتها‭ ‬التنموية‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬التحديات،‭ ‬وأن‭ ‬شيئاً‭ ‬لن‭ ‬يوقفها‭ ‬عن‭ ‬السير‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬التنموي‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم‭ ‬حينما‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مسبار‭ ‬الأمل‮»‬‭ ‬سوف‭ ‬يتجه‭ ‬في‭ ‬موعده‭ ‬المقرر‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬2020‭ ‬إلى‭ ‬المريخ،‭ ‬وأن‭ ‬هدف‭ ‬هذا‭ ‬المسبار‭ ‬ليس‭ ‬علمياً‭ ‬فقط،‭ ‬‮«‬بل‭ ‬هدفه‭ ‬أن‭ ‬نرسل‭ ‬رسالة‭ ‬للجيل‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭ ‬بأننا‭ ‬قادرون،‭ ‬وبأن‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬مستحيل،‭ ‬وبأن‭ ‬قوة‭ ‬الأمل‭ ‬تختصر‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬الأرض‭ ‬والسماء‮»‬،‭ ‬وأضاف‭ ‬سموه‭: ‬‮«‬رغم‭ ‬ظروف‭ ‬توقف‭ ‬السفر‭ ‬عالمياً،‭ ‬ورغم‭ ‬الاحترازات‭ ‬الصحية‭ ‬العالمية،‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬مهندسونا‭ ‬يعملون‭ ‬وفق‭ ‬الجدول‭ ‬المعتمد‭ ‬لإنجاز‭ ‬أهم‭ ‬مشروع‭ ‬علمي‭ ‬فضائي‭ ‬في‭ ‬منطقتنا،‭ ‬تم‭ ‬تطوير‭ ‬المسبار‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬المدة‭ ‬المعتادة‭ ‬عالمياً‭ (‬ست‭ ‬سنوات‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬عشر‭)‬،‭ ‬وبنصف‭ ‬الكلفة،‭ ‬والهدف‭ ‬إطلاقه‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬وفق‭ ‬الجدول‭ ‬المعتمد‮»‬‭.‬
6‭ ‬
اكتشاف‭ ‬الفرص‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬مصاعب‭ ‬التحديات‭:‬‭ ‬كما‭ ‬سبقت‭ ‬الإشارة،‭ ‬فإن‭ ‬قيادة‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬رغم‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬والتداعيات‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬تنتجها،‭ ‬فرصة‭ ‬أو‭ ‬فرص‭ ‬يمكن‭ ‬استثمارها‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها‭. ‬ولعل‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬دبي‭ ‬للمستقبل‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬جسدت‭ ‬هذه‭ ‬الفلسفة‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬التقارير‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬وتصدرها‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬التعليم‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والاتصالات‭ ‬وغيرها‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬وباء‭ ‬كورونا؛‭ ‬حيث‭ ‬يتضمن‭ ‬كل‭ ‬تقرير‭ ‬عنصراً‭ ‬أساسياً‭ ‬يتعلق‭ ‬بالفرصة‭ ‬التي‭ ‬أتاحها‭ ‬الوباء‭ ‬أمام‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬جانب‭ ‬أو‭ ‬مجال‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المجالات‭ ‬ويمكن‭ ‬استثمارها‭ ‬وتحويلها‭ ‬الى‭ ‬أمر‭ ‬إيجابي‭ ‬يفيد‭ ‬التنمية‭.‬
ثانياً‭: ‬نهج‭ ‬وطني‭ ‬عام‭ ‬
في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬أمر‭ ‬فيه‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حاكم‭ ‬دبي،‭ ‬الحكومة‭ ‬بوضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬لمرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬فإن‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬الدولة‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬يمثل‭ ‬نهجاً‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني،‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التجليات‭ ‬والمظاهر‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬الإشارة‭ ‬الى‭ ‬أهمها‭ ‬في‭ ‬الآتي‭:‬
1‭‬أطلقت‭ ‬مؤسسة‭ ‬القمة‭ ‬العالمية‭ ‬للحكومات‭ ‬مبادرة‭ ‬‮«‬الحكومات‭ ‬وكوفيد‭ ‬19‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الجلسات‭ ‬التفاعلية‭ ‬الحوارية‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬بمشاركة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬متحدثاً‭ ‬عالمياً،‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬وقادة‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي،‭ ‬من‭ ‬شركاء‭ ‬القمة‭ ‬العالمية‭ ‬للحكومات‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬بهدف‭ ‬تعزيز‭ ‬دور‭ ‬الحكومات‭ ‬وجاهزيتها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تحدي‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد،‭ ‬واستشراف‭ ‬مستقبل‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬‮«‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‮»‬،‭ ‬لاستعراض‭ ‬أبرز‭ ‬المستجدات‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬تأثير‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي‭ ‬عالمياً،‭ ‬ضمن‭ ‬7‭ ‬قطاعات‭ ‬حيوية‭ ‬هي‭ ‬التعليم،‭ ‬والصحة،‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬والأمن،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬والحوكمة،‭ ‬والقيادة‭. ‬
2‭ ‬نظمت‭ ‬لجنة‭ ‬‮«‬جائزة‭ ‬خليفة‭ ‬التربوية‮»‬‭ ‬عبر‭ ‬تقنيات‭ ‬الاتصال‭ ‬المرئي‭ ‬جلسة‭ ‬رمضانية‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭.. ‬الرؤية‭ ‬والتوجهات‭ ‬المستقبلية‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬أكد‭ ‬معالي‭ ‬حسين‭ ‬بن‭ ‬إبراهيم‭ ‬الحمادي،‭ ‬وزير‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬خلال‭ ‬الجلسة،‭ ‬أن‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬كانت‭ ‬جاهزة‭ ‬في‭ ‬إدارتها‭ ‬لأزمة‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬وقدمت‭ ‬نموذجاً‭ ‬متميزاً‭ ‬لضمان‭ ‬استمرار‭ ‬الأعمال،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬التعليم،‭ ‬حيث‭ ‬نجحت‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬استراتيجية‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بُعد،‭ ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الممارسات‭ ‬المتميزة‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬في‭ ‬الميدان‭ ‬التربوي‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬ستكون‭ ‬لها‭ ‬آثار‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬واقترح‭ ‬أن‭ ‬تخصص‭ ‬الجوائز‭ ‬التربوية‭ ‬مثل‭ ‬جائزة‭ ‬خليفة‭ ‬التربوية‭ ‬مجالاً‭ ‬حول‭ ‬التعلم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬أثناء‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬والجهود‭ ‬المتميزة‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الإدارات‭ ‬المدرسية‭ ‬والمعلمين‭ ‬والطلبة‭ ‬وأولياء‭ ‬الأمور‭ ‬ومختلف‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬دعمت‭ ‬استمرار‭ ‬التعليم‭ ‬إبان‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية‭.‬
3‭ ‬قال‭ ‬المهندس‭ ‬سلطان‭ ‬بن‭ ‬سعيد‭ ‬المنصوري‭ ‬وزير‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬إن‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬وضعت‭ ‬خطة‭ ‬استجابة‭ ‬ممنهجة‭ ‬لمواجهة‭ ‬آثار‭ ‬انتشار‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬استدامة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬واستمرارية‭ ‬الأعمال‭ ‬وتحقيق‭ ‬التعافي‭ ‬واستعادة‭ ‬النمو‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬قياسية‭. ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬الإطار‭ ‬العام‭ ‬للاستراتيجية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للإمارات‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬وباء‭ ‬‮«‬كوفيد‭ ‬19‮»‬‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬مرحلتين‭ ‬رئيسيتين،‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القريب‭ ‬وتتمثل‭ ‬بالفتح‭ ‬التدريجي‭ ‬للاقتصاد‭ ‬وأنشطة‭ ‬الأعمال‭ ‬مع‭ ‬مراعاة‭ ‬الاحترازات‭ ‬الصحية‭ ‬المتبعة،‭ ‬وغيرها،‭ ‬أما‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية،‭ ‬فتتمثل‭ ‬بخطة‭ ‬تحفيز‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬للاقتصاد‭ ‬لتسريع‭ ‬التعافي‭ ‬ودفع‭ ‬عجلة‭ ‬النمو‭ ‬قدماً،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬التحديات‭ ‬إلى‭ ‬فرص‭ ‬لتحقيق‭ ‬نمو‭ ‬اقتصادي‭ ‬مستدام‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬مرونة‭ ‬واستدامة‭ ‬النموذج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المتبع،‭ ‬وتشجيع‭ ‬التمويل‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬أهمها‭: ‬الاقتصاد‭ ‬الرقمي‭ ‬بما‭ ‬يشمل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وشبكة‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭ ‬وإنترنت‭ ‬الأشياء‭ ‬والمدن‭ ‬الذكية‭ ‬والبلوك‭ ‬تشين،‭ ‬ومفاهيم‭ ‬وصناعات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأخضر‭ ‬مثل‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬والسيارات‭ ‬الكهربائية‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الدائري،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الإنتاجية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إدماج‭ ‬تقنيات‭ ‬الطباعة‭ ‬الثلاثية‭ ‬الأبعاد‭ ‬وأنظمة‭ ‬الروبوتكس،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬باستخدام‭ ‬التقنيات‭ ‬المتقدمة‭ ‬مثل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الحيوية‭ ‬والهندسة‭ ‬الوراثية‭.‬
4‭ ‬نظمت‭ ‬أكاديمية‭ ‬دبي‭ ‬للمستقبل،‭ ‬إحدى‭ ‬مبادرات‭ ‬مؤسسة‭ ‬دبي‭ ‬المستقبل،‭ ‬دورتها‭ ‬الثالثة‭ ‬لجلسات‭ ‬سلسلة‭ ‬الرواد‭ ‬الرمضانية‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬26‭ ‬إبريل‭ ‬الى‭ ‬14‭ ‬مايو‭ ‬2020،‭ ‬حول‭ ‬أبرز‭ ‬تأثيرات‭ ‬‮«‬كوفيد‭ ‬19‮»‬‭ ‬على‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الإمارات‭ ‬والمنطقة‭ ‬والعالم،‭ ‬وأهم‭ ‬الدروس‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬التعلم‭ ‬منها،‭ ‬وكيفية‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬المقبلة،‭ ‬واستشراف‭ ‬مستقبل‭ ‬القطاعات‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭.‬
5‭ ‬كما‭ ‬سبقت‭ ‬الإشارة،‭ ‬تقوم‭ ‬مؤسسة‭ ‬دبي‭ ‬للمستقبل‭ ‬بإعداد‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬الاستشرافية‭ ‬والأبحاث‭ ‬والدراسات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالتحديات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد،‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬المستويات،‭ ‬وفق‭ ‬منهجية‭ ‬علمية‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬دبي‭ ‬والدولة‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬طريق‭ ‬المستقبل‭ ‬لما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭.‬
هذه‭ ‬فقط‭ ‬بعض‭ ‬النماذج‭ ‬على‭ ‬قطاعات‭ ‬وفاعليات‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬معبرة‭ ‬عن‭ ‬ثقتها‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬يفرضها‭ ‬الفيروس،‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬محورية‭ ‬التفكير‭ ‬المستقبلي‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬ولعل‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬الإمارات‭ ‬لاستشراف‭ ‬المستقبل‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أطلقت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬تؤكد‭ ‬هذا‭ ‬المعنى‭ ‬بوضوح،‭ ‬حيث‭ ‬تهدف‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬نماذج‭ ‬مستقبلية‭ ‬للقطاعات‭ ‬الصحية‭ ‬والتعليمية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والتنموية‭ ‬والبيئية‭ ‬ومواءمة‭ ‬السياسات‭ ‬الحكومية‭ ‬الحالية‭ ‬بالإضافة‭ ‬لبناء‭ ‬قدرات‭ ‬وطنية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬استشراف‭ ‬المستقبل‭ ‬وعقد‭ ‬شراكات‭ ‬دولية‭ ‬وتطوير‭ ‬مختبرات‭ ‬تخصصية‭ ‬وإطلاق‭ ‬تقارير‭ ‬بحثية‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬في‭ ‬الدولة‭. ‬وتتضمن‭ ‬ثلاثة‭ ‬محاور‭ ‬رئيسية‭ ‬هي‭: ‬محور‭ ‬آلية‭ ‬عمل‭ ‬الحكومة‭ ‬ومحور‭ ‬بناء‭ ‬القدرات‭ ‬ومحور‭ ‬وجهة‭ ‬المستقبل،‭ ‬وتقع‭ ‬ضمن‭ ‬كل‭ ‬محور‭ ‬مهام‭ ‬وواجبات‭ ‬سنعمل‭ ‬على‭ ‬تنفيذها‭ ‬ضمن‭ ‬الجدول‭ ‬الزمني‭ ‬المحدد‮»‬‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬كذلك‭ ‬تأتي‭ ‬‮«‬مئوية‭ ‬الإمارات‭ ‬2071‭ ‬‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬أربعة‭ ‬محاور‭ ‬رئيسية‭ ‬هي‭: ‬حكومة‭ ‬تستشرف‭ ‬المستقبل،‭ ‬وتعليم‭ ‬للمستقبل،‭ ‬واقتصاد‭ ‬معرفي‭ ‬متنوع،‭ ‬ومجتمع‭ ‬أكثر‭ ‬تماسكاً‭. ‬
ثالثاً‭: ‬الأسس‭ ‬والمنطلقات‭ ‬والأولويات
من‭ ‬خلال‭ ‬توجيهات‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حاكم‭ ‬دبي،‭ ‬رعاه‭ ‬الله،‭ ‬للفرق‭ ‬الحكومية‭ ‬بإعداد‭ ‬استراتيجية‭ ‬الدولة‭ ‬لما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬منهج‭ ‬علمي،‭ ‬وأسس‭ ‬ومنطلقات‭ ‬وأولويات‭ ‬محددة‭ ‬أهمها‭:‬
1‭ ‬
الاعتماد‭ ‬على‭ ‬العلم‭: ‬بمعنى‭ ‬الاستناد‭ ‬إلى‭ ‬رأي‭ ‬الخبراء‭ ‬والمتخصصين‭ ‬والمستشارين‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬معالم‭ ‬وملامح‭ ‬الطريق‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬شأن‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬دائماً‭ ‬في‭ ‬مسيرتها‭ ‬التنموية‭ ‬منذ‭ ‬إنشائها‭. ‬ولذلك‭ ‬دعا‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬حشد‭ ‬كافة‭ ‬العقول‭ ‬والخبرات‭ ‬المحلية‭ ‬والعربية‭ ‬والعالمية‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬ندوات‭ ‬فكرية‭ ‬وتحليلية‭ ‬شاملة،‭ ‬تشكل‭ ‬مخرجاتها‭ ‬أطراً‭ ‬نظرية‭ ‬وتطبيقية‭ ‬لرسم‭ ‬السياسات‭ ‬ووضع‭ ‬الرؤى‭ ‬والتصورات‭ ‬لبناء‭ ‬مرتكزات‭ ‬وآليات‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬القطاعات‮»‬‭. ‬وبالفعل‭ ‬فقد‭ ‬استغرقت‭ ‬الاجتماعات‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬10‭ – ‬12‭ ‬مايو‭ ‬2020،‭ ‬وشارك‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الوزراء‭ ‬والأمناء‭ ‬العامين‭ ‬للمجالس‭ ‬التنفيذية،‭ ‬ومسؤولي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬جهة‭ ‬حكومية‭ ‬اتحادية‭ ‬ومحلية،‭ ‬خبراء‭ ‬عالميون‭ ‬وباحثون‭ ‬ومخططون‭ ‬استراتيجيون‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مجالات‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬وهذا‭ ‬الاستناد‭ ‬إلى‭ ‬العلم‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يميز‭ ‬تجربة‭ ‬الإمارات‭ ‬التنموية‭ ‬ويضمن‭ ‬لها‭ ‬التفوق‭ ‬والريادة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المستويات‭.‬
2‭ ‬
التحديد‭ ‬الدقيق‭ ‬للأولويات‭:‬‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬أكد‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم‭ ‬أهمية‭ ‬‮«‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية‭ ‬ذات‭ ‬الأولوية‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬أساس‭ ‬الحراك‭ ‬التنموي‭ ‬والمجتمعي،‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬الصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي‮»‬‭.‬
ووفقاً‭ ‬لتوجيهات‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة،‭ ‬فقد‭ ‬غطت‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الخاصة‭ ‬بوضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭ ‬6‭ ‬قطاعات‭ ‬رئيسية‭ ‬هي‭: ‬الصحة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والتعليم‭ ‬والمجتمع‭ ‬والحكومة،‭ ‬ودرست‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬والأولويات،‭ ‬وسعت‭ ‬إلى‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسئلة،‭ ‬لعل‭ ‬أهمها‭: ‬التداعيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬محلياً‭ ‬وإقليمياً‭ ‬وعالمياً‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬وتغير‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وأثر‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬جديد،‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتكيف‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والجيوسياسي‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬سبل‭ ‬تعزيز‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات،‭ ‬وآليات‭ ‬تعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬بما‭ ‬يجعلها‭ ‬في‭ ‬منأى‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬خلل‭ ‬قد‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬سلاسل‭ ‬إمدادات‭ ‬الغذاء‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬الكوارث‭ ‬والأزمات،‭ ‬وضرورة‭ ‬دعم‭ ‬منظومة‭ ‬التعلم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬وإلحاقها‭ ‬كأداة‭ ‬تعليمية‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬التعلم‭ ‬التقليدية‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬والأحوال‭ ‬الطبيعية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬صياغة‭ ‬ملامح‭ ‬منظومة‭ ‬عمل‭ ‬حكومة‭ ‬المستقبل،‭ ‬وتحديد‭ ‬أولويات‭ ‬الإنفاق‭ ‬الحكومي‭ ‬والتوجيه‭ ‬الأمثل‭ ‬للموارد،‭ ‬واستعراض‭ ‬آفاق‭ ‬مستقبل‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي‭ ‬والخاص‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬وآفاق‭ ‬تطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والرقمية‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬وتعزيز‭ ‬كفاءتها،‭ ‬وتصميم‭ ‬مدن‭ ‬المستقبل،‭ ‬ووظائف‭ ‬المستقبل،‭ ‬ودور‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والتكنولوجيات‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬عجلة‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وكيفية‭ ‬تدارك‭ ‬المخاطر‭ ‬المستقبلية‭ ‬وغيرها‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬حددت‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬البيان‮»‬‭ ‬الكاتبة‭ ‬منى‭ ‬بوسمرة‭ ‬في،‭ ‬ملامح‭ ‬وأولويات‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة‭ ‬في‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬ثلاث‭ ‬أولويات‭:‬‭ ‬الأولى‭ ‬هي‭ ‬توجيه‭ ‬الاستثمارات‭ ‬نحو‭ ‬الزراعة‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬ضعف‭ ‬التمويل‭ ‬وظروف‭ ‬الطقس‭ ‬القاسية،‭ ‬والثانية‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتكنولوجيا‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬أفرزت‭ ‬قيمة‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬التي‭ ‬مكّنت‭ ‬كافة‭ ‬القطاعات‭ ‬الحكومية‭ ‬والخاصة‭ ‬من‭ ‬ضمان‭ ‬سير‭ ‬الأعمال‭ ‬والخدمات‭. ‬والثالثة‭ ‬هي‭ ‬تعزيز‭ ‬قوة‭ ‬النظام‭ ‬الصحي‭.‬
وبعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الخاصة‭ ‬بوضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬حدد‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم،‭ ‬أهم‭ ‬ملامح‭ ‬المستقبل،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬بقوله‭ ‬‮«‬سنراجع‭ ‬هيكل‭ ‬الحكومة‭ ‬وحجمها‭.. ‬قد‭ ‬ندمج‭ ‬وزارات‭.. ‬ونغير‭ ‬هيئات‭.. ‬وسنجري‭ ‬تغييرات‭.. ‬نحتاج‭ ‬حكومة‭ ‬أكثر‭ ‬رشاقة‭ ‬ومرونة‭ ‬وسرعة‭ ‬لتواكب‭ ‬أولويات‭ ‬وطنية‭ ‬جديدة‭ ‬ومختلفة‭.. ‬مخطئ‭ ‬من‭ ‬يظن‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬كوفيد‭ ‬19‮»‬‭ ‬كالعالم‭ ‬قبله‭… ‬إن‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬كوفيد‭ ‬19‮»‬‭ ‬ستطال‭ ‬بآثارها‭ ‬أنظمة‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬القطاعين‭ ‬الحكومي‭ ‬والخاص‭ ‬ومختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬وستؤثر‭ ‬على‭ ‬أشكال‭ ‬الحياة‭ ‬والنشاط‭ ‬البشري،‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬تطوير‭ ‬منهجية‭ ‬استباقية‭ ‬شاملة‭ ‬تستشرف‭ ‬معالم‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬وتبتكر‭ ‬الحلول‭ ‬لتحدياتها‮»‬‭. ‬
3‭ ‬
العنصر‭ ‬البشري‭ ‬هو‭ ‬الأساس‭: ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬شدد‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬أن‭ ‬‮«‬يكون‭ ‬العنصر‭ ‬البشري،‭ ‬لجهة‭ ‬سلامته‭ ‬وأمنه‭ ‬ورفاهه‭ ‬وبنائه‭ ‬النفسي‭ ‬والصحي‭ ‬أساس‭ ‬هذه‭ ‬الخطط‭ ‬والسياسات‮»‬‭ ‬لمرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭. ‬وهذا‭ ‬يتسق‭ ‬مع‭ ‬توجه‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬منذ‭ ‬بدايتها؛‭ ‬حيث‭ ‬أعطت‭ ‬صحة‭ ‬الانسان‭ ‬وسلامته‭ ‬الأولوية‭ ‬القصوى،‭ ‬وقدمتها‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬عداها‭ ‬من‭ ‬اعتبارات‭ ‬أخرى،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الاعتبارات،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬كان‭ ‬تأكيد‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬أن‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان،‭ ‬المواطن‭ ‬والمقيم،‭ ‬هي‭ ‬الأساس‭ ‬والأولوية‭ ‬القصوى‭ ‬في‭ ‬خطط‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬وتداعياته‭. ‬ويبرز‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬كذلك‭ ‬موقف‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬الذي‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬بقوله‭ ‬‮«‬بقي‭ ‬العالم‭ ‬لسنوات‭ ‬يتجادل‭.. ‬من‭ ‬يقود‭ ‬الآخر،‭ ‬هل‭ ‬تقود‭ ‬السياسة‭ ‬الاقتصاد؟‭ ‬أم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬يقود‭ ‬السياسة؟‭ ‬من‭ ‬العربة‭ ‬ومن‭ ‬الحصان؟‭ ‬واكتشفنا‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الكورونا‭ ‬أن‭ ‬الحصان‭ ‬وعربته‭ ‬تحملهما‭ ‬الصحة‭ ‬وتقودهما‭ ‬مرغمين‭ ‬حيث‭ ‬تريد،‭ ‬وأن‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬يتقزمان‭ ‬أمام‭ ‬فيروس‭ ‬يجعل‭ ‬دهاة‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬حيرة‭ ‬وخوف‭ ‬وتيه‮»‬‭ ‬ .
4‭ ‬
التكامل‭ ‬بين‭ ‬الاتحادي‭ ‬والمحلي‭:‬‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬بقوله‭ ‬‮«‬‭ ‬تعلمنا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬أن‭ ‬فرق‭ ‬العمل‭ ‬الحكومية‭ ‬اتحادياً‭ ‬ومحلياً‭ ‬ومؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬فريق‭ ‬واحد‭.. ‬تحركه‭ ‬مصلحة‭ ‬واحدة‭.. ‬وهدف‭ ‬واحد‭.. ‬ومكتسبات‭ ‬واحدة‭ ‬الجميع‭ ‬مسؤول‭ ‬عنها‭.‬‮»‬‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬فإن‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬مصادر‭ ‬قوة‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التحديات‭ ‬والأزمات‭ ‬بكفاءة‭ ‬عالية‭ ‬وفاعلية‭ ‬كبيرة،‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬التكامل‭ ‬والتنسيق‭ ‬والانسجام‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬بين‭ ‬المستويين‭ ‬الاتحادي‭ ‬والمحلي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ظهر‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬منذ‭ ‬ظهوره‭.‬
5‭ ‬
استثمار‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬أهداف‭ ‬استراتيجية‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭:‬‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬وجه‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬مكتوم‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬وتنفيذ‭ ‬استراتيجيات‭ ‬مع‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬‮«‬ضرورة‭ ‬العمل‭ ‬بالتوازي‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬الخارجية‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بما‭ ‬يكفل‭ ‬بناء‭ ‬منظومة‭ ‬تعاون‭ ‬اقتصادية‭ ‬وجيوسياسية‭ ‬للتصدي‭ ‬الأمثل‭ ‬للكوارث‭ ‬الصحية‭ ‬والبيئية‭ ‬واحتوائها‭ ‬والتقليص‭ ‬من‭ ‬نتائجها‮»‬‭. ‬ولعل‭ ‬دور‭ ‬الإمارات‭ ‬الفاعل‭ ‬والحضاري‭ ‬والإنساني‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬لتمكينها‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬مخاطر‭ ‬كورونا،‭ ‬يمثل‭ ‬نقطة‭ ‬قوة‭ ‬لديها‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬لأنه‭ ‬يضعها‭ ‬ضمن‭ ‬سياق‭ ‬دولي‭ ‬وإقليمي‭ ‬إيجابي‭ ‬تجاهها‭ ‬وتجاه‭ ‬سياساتها‭ ‬الإنسانية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬قال‭ ‬تقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬والتعاون‭ ‬الدولي‭ ‬أن‭ ‬المساعدات‭ ‬الإمارات‭ ‬الإنسانية‭ ‬لمكافحة‭ ‬وباء‭ ‬‮«‬كوفيد‭ ‬19‮»‬،‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬47‭ ‬دولة،‭ ‬بإجمالي‭ ‬مساعدات‭ ‬بلغت،‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬523‭ ‬طنا‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬والمستلزمات‭ ‬الطبية‭ ‬لإغاثة‭ ‬نحو‭ ‬523‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬الرعاية‭ ‬الطبية‭.‬
6‭ ‬
الاستفادة‭ ‬من‭ ‬دروس‭ ‬الأزمة‭:‬‭ ‬أحد‭ ‬المنطلقات‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬وهي‭ ‬تستعد‭ ‬لمرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬هو‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الدروس‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬يقدمها‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الفيروس‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات،‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها‭ ‬لصياغة‭ ‬استراتيجيات‭ ‬المستقبل‭. ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬بمثابة‭ ‬تحد‭ ‬لأجهزة‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬كافة،‭ ‬ومدى‭ ‬جاهزيتها‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬التحديات‭ ‬والاستجابة‭ ‬للأزمات‭ ‬الطارئة‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الكفاءة‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تعاملت‭ ‬وتتعامل‭ ‬معها‭ ‬المؤسسات‭ ‬الوطنية‭ ‬المختلفة‭ ‬مع‭ ‬الوضع،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬فإن‭ ‬الدولة‭ ‬ترصد‭ ‬جوانب‭ ‬القوة‭ ‬والقصور‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات،‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬استراتيجيات‭ ‬مستقبلية‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬وفعالية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬بـ»التغذية‭ ‬العكسية‭ ‬أو‭ ‬الاسترجاعية‮»‬،‭ ‬وتعني‭ ‬دراسة‭ ‬الدولة‭ ‬لتعاملها‭ ‬مع‭ ‬الموقف‭ ‬أو‭ ‬المشكلة‭ ‬أو‭ ‬الأزمة،‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬القوة‭ ‬والضعف‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬تقوية‭ ‬منظومتها‭ ‬الخاصة‭ ‬بالإدارة‭ ‬والاستجابة‭ ‬للطوارئ‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬
رابعاً‭: ‬أسس‭ ‬قوية‭ ‬وركائز‭ ‬راسخة‭:‬
لا‭ ‬يمكن‭ ‬لدولة‭ ‬أن‭ ‬تنطلق‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجال،‭ ‬إلا‭ ‬حينما‭ ‬تكون‭ ‬مستندة‭ ‬إلى‭ ‬أسس‭ ‬قوية‭ ‬من‭ ‬الحاضر‭. ‬ودولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬وهي‭ ‬تضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬نجاحها‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الوباء،‭ ‬بشهادة‭ ‬المؤسسات‭ ‬المعنية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬شعبي‭ ‬ورضا‭ ‬مجتمعي‭ ‬عام‭ ‬يمد‭ ‬الحكومة‭ ‬بالمزيد‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬للمضي‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬يمكن‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬الآتي‭:‬
1‭ ‬
الإدارة‭ ‬المتميزة‭:‬‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬حددت‭ ‬دراسة‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الإمارات‭ ‬للسياسات‮»‬‭ ‬في‭ ‬أبوظبي‭ ‬أهم‭ ‬سمات‭ ‬النموذج‭ ‬الإماراتي‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬الآتي‭: ‬مواكبة‭ ‬تعليمات‭ ‬وتوجيهات‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬والتزام‭ ‬تطبيقها‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬وسريع،‭ ‬والتزام‭ ‬معايير‭ ‬الشفافية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأزمة،‭ ‬وإشراك‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬احتواء‭ ‬المرض،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توعيته‭ ‬بدوره‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬ومسؤوليته‭ ‬في‭ ‬اتباع‭ ‬إجراءات‭ ‬الوقاية،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬مبادرات‭ ‬المجتمع،‭ ‬أفراداً‭ ‬وشركات،‭ ‬ومحاولة‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬نجاعتها،‭ ‬والتقييم‭ ‬المستمر‭ ‬والدينامي‭ ‬لواقع‭ ‬الأزمة،‭ ‬واتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬المتناسبة‭ ‬مع‭ ‬الحالة،‭ ‬دون‭ ‬هلع‭ ‬أو‭ ‬فقدان‭ ‬التوازن،‭ ‬وعدم‭ ‬الاقتصار‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التداعيات‭ ‬الصحية،‭ ‬ولكن‭ ‬وضع‭ ‬الخطط‭ ‬واتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬والقرارات‭ ‬لمواجهة‭ ‬التداعيات‭ ‬الأخرى‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬الوباء،‭ ‬كالتداعيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتعليمية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬والتحرك‭ ‬الاستباقي‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجهيز‭ ‬الخطط‭ ‬والقدرات‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الخطوات‭ ‬المقبلة،‭ ‬والاستعداد‭ ‬لكافة‭ ‬السيناريوهات‭ ‬المحتملة‭.‬
وأشارت‭ ‬الدراسة‭ ‬إلى‭ ‬أهم‭ ‬عناصر‭ ‬استراتيجية‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الازمة‭ ‬في‭: ‬اتخاذ‭ ‬التدابير‭ ‬الصارمة‭ ‬والإجراءات‭ ‬الوقائية‭ ‬لاحتواء‭ ‬المرض‭ ‬وعدم‭ ‬تفشيه،‭ ‬ومحاولة‭ ‬عدم‭ ‬تعطيل‭ ‬حياة‭ ‬الناس‭ ‬الطبيعية،‭ ‬والتقليل‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للأزمة،‭ ‬وتحويل‭ ‬التحدي‭ ‬إلى‭ ‬فرصة،‭ ‬واستمرار‭ ‬الدور‭ ‬الإنساني‭ ‬للإمارات‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬
‭ ‬وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬أشاد‭ ‬المنتدى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭ ‬بالتدابير‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬الإمارات‭ ‬لمواجهة‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد،‭ ‬وقال‭ ‬ميرك‭ ‬دوشيك‭ ‬مدير‭ ‬المنتدى‭ ‬لمنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬إن‭ ‬الأولوية‭ ‬المركزية‭ ‬لدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬سلامة‭ ‬مواطنيها،‭ ‬والمقيمين‭ ‬على‭ ‬أرضها،‭ ‬فقد‭ ‬أظهرت‭ ‬حكومة‭ ‬الإمارات‭ ‬مستويات‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬العزم،‭ ‬ومرونة‭ ‬استثنائية‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلّق‭ ‬باتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬سريعة‭ ‬للتصدي‭ ‬لانتشار‭ ‬فيروس‭ ‬‮«‬كوفيد‭ ‬19‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬إبقاء‭ ‬الخدمات‭ ‬الحكومية‭ ‬متاحة‭ ‬للجميع‭.‬
‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬ساعد‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬التميز‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬اعتباران‭: ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬البنية‭ ‬التكنولوجية‭ ‬القوية‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬ساعدتها‭ ‬على‭ ‬الاستجابة‭ ‬الفاعلة‭ ‬لتحديات‭ ‬الفيروس‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعمل‭ ‬عن‭ ‬بعد؛‭ ‬حيث‭ ‬استثمرت‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬وتطبيقات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الرابعة‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬جاهزة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬تداعيات‭ ‬الوباء‭. ‬الاعتبار‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬عنصر‭ ‬القيادة؛‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬القيادة‭ ‬الرشيدة،‭ ‬منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬لظهور‭ ‬الفيروس‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الإمارات،‭ ‬حاسمة‭ ‬وحازمة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬تداعياته،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قرارات‭ ‬وخطوات‭ ‬واثقة‭ ‬ومتدرجة‭ ‬وسريعة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭.‬
2‭ ‬
الرضا‭ ‬الشعبي‭: ‬تنظر‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬شريك‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬خطط‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬التنمية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬التحديات‭ ‬والأزمات‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬ولذلك‭ ‬تحرص‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬استثمار‭ ‬قدرات‭ ‬المجتمع‭ ‬ومبادراته‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها،‭ ‬والاهتمام‭ ‬الكبير‭ ‬برضا‭ ‬الناس‭ ‬عن‭ ‬الأداء‭ ‬الحكومي،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬استراتيجية‭ ‬تحقيق‭ ‬السعادة‭ ‬لهم‭ ‬التي‭ ‬تعطيها‭ ‬الدولة‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة،‭ ‬حتى‭ ‬إنها‭ ‬هي‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬وزارة‭ ‬للسعادة‭.‬
وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بأزمة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬فإن‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬عناصر‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬فيها‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬رؤيتها‭ ‬للمستقبل‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا،‭ ‬هو‭ ‬رضا‭ ‬الناس‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬الحكومة‭ ‬وإدارتها‭ ‬لأزمة‭ ‬كورونا‭ ‬والتفافهم‭ ‬حولها‭ ‬ودعمهم‭ ‬لها‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬أجرت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬بلاك‭ ‬بوكس‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬خدمات‭ ‬الاتصالات‭ ‬استبياناً‭ ‬شمل‭ ‬23‭ ‬دولة‭ ‬لرصد‭ ‬مستويات‭ ‬رضا‭ ‬الشعوب‭ ‬عن‭ ‬تجاوب‭ ‬حكوماته‭ ‬مع‭ ‬أزمة‭ ‬‮«‬كورونا‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬احتلت‭ ‬الإمارات‭ ‬المركز‭ ‬الثالث‭ ‬عالمياً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬الرضا‭ ‬لدى‭ ‬شعب‭ ‬الإمارات‭ ‬عن‭ ‬تعامل‭ ‬حكومته‭ ‬مع‭ ‬الأزمة‭ ‬59‭%‬،‭ ‬فيما‭ ‬جاءت‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬بنسبة‭ ‬رضا‭ ‬بلغت‭ ‬85‭%‬،‭ ‬وفيتنام‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الثاني‭ ‬بنسبة‭ ‬77‭%.‬
وجاءت‭ ‬الإمارات‭ ‬ضمن‭ ‬7‭ ‬دول‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تجاوزت‭ ‬نسبة‭ ‬رضا‭ ‬شعوبها‭ ‬عن‭ ‬تعامل‭ ‬حكوماتها‭ ‬مع‭ ‬الأزمة‭ ‬50‭% ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ماليزيا‭ ‬نيوزيلندا‭ ‬وتايوان‭.‬
وتفوقت‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬نسبة‭ ‬الرضا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬50‭%‬،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬أعلى‭ ‬دولة‭ ‬فيها‭ ‬هي‭ ‬ألمانيا،‭ ‬بنسبة‭ ‬رضا‭ ‬41‭%‬،‭ ‬وهي‭ ‬أيضاً‭ ‬نفس‭ ‬نسبة‭ ‬الرضا‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬كما‭ ‬تفوقت‭ ‬الإمارات‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬كلٍ‭ ‬من‭ ‬نيوزيلندا‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬الرضا‭ ‬فيها‭ ‬56‭% ‬وأستراليا‭ ‬بنسبة‭ ‬43‭% ‬فقط‭.‬
3‭ ‬
روح‭ ‬التفاؤل‭ ‬والثقة‭ ‬والإيجابية‭:‬‭ ‬تنطلق‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬استعدادها‭ ‬لمرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬من‭ ‬جو‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬التفاؤل‭ ‬والإيجابية‭ ‬الذي‭ ‬أشاعته‭ ‬قيادتها‭ ‬منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬لظهور‭ ‬الوباء،‭ ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تبنت‭ ‬فيه‭ ‬قيادات‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دول‭ ‬كبرى،‭ ‬خطاباً‭ ‬تشاؤمياً‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬إلى‭ ‬الشعب‭ ‬بشأن‭ ‬انتشار‭ ‬الفيروس،‭ ‬فإن‭ ‬قيادة‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬كانت‭ ‬تبث‭ ‬الأمل‭ ‬والثقة‭ ‬والإيجابية‭ ‬على‭ ‬الدوام،‭ ‬وتشجيع‭ ‬أجواء‭ ‬الاطمئنان‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬الأزمة‭ ‬واحتواء‭ ‬آثارها،‭ ‬ولعل‭ ‬عبارة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان‭ ‬‮«‬‭ ‬لا‭ ‬تشلون‭ ‬هم‮»‬،‭ ‬تلخص‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬بوضوح؛‭ ‬لأنها‭ ‬أشعرت‭ ‬الناس‭ ‬بالارتياح،‭ ‬وخلقت‭ ‬جواً‭ ‬من‭ ‬الطمأنينة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬وهذا‭ ‬كله‭ ‬جعل‭ ‬الإمارات‭ ‬تمضي‭ ‬في‭ ‬تخطيط‭ ‬مستقبلها‭ ‬لما‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭ ‬وتفكر‭ ‬فيه‭ ‬وتضع‭ ‬خطوطه‭ ‬العامة‭ ‬وأولوياته،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أجواء‭ ‬من‭ ‬الثقة‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الحكومي‭ ‬والشعبي،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الهلع‭ ‬او‭ ‬الذعر‭ ‬الذي‭ ‬يشتت‭ ‬الفكر‭ ‬ويحرف‭ ‬المسار‭.‬
في‭ ‬ضوء‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬تثبت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬دائما‭ ‬أنها‭ ‬سباقة‭ ‬ورائدة‭ ‬في‭ ‬استشراف‭ ‬المستقبل،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬التحديات،‭ ‬ولديها‭ ‬رؤيتها‭ ‬وطموحاتها‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحرفها‭ ‬عنها‭ ‬أي‭ ‬مشاكل‭ ‬أو‭ ‬أزمات‭ ‬طارئة،‭ ‬وقد‭ ‬أثبتت‭ ‬أزمة‭ ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬وتثبت،‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬بوضوح؛‭ ‬وسوف‭ ‬يكتب‭ ‬التاريخ‭ ‬أن‭ ‬الإمارات‭ ‬استطاعت‭ ‬ان‭ ‬تحول‭ ‬محنة‭ ‬كورونا‭ ‬إلى‭ ‬منحة‭ ‬وفرصة‭. ‬

Instagram
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض