mbzirc

كيف يمكن لمسابقات الروبوتات مثل تحدي محمد بن زايد العالمي الكبير للروبوتات البحرية أن تمهد الطريق لعالم أفضل

الدكتور «آرثر موريش»، الرئيس التنفيذي لـ«أسباير»

لقد اختلف عالمنا اليوم كثيرًا عما كان عليه قبل بضعة عقود؛ إذ زادت وتيرة التطور بشكل كبير. وأضاف اعتماد التقنيات الجديدة بعدًا جديدًا لأسلوب الحياة الحديث، حيث تتولى الروبوتات جميع أنواع الواجبات والوظائف الاعتيادية.

ليس من الغريب أن تُظهر البلدان في جميع أنحاء العالم اهتمامًا متزايدًا بالروبوتات التي تمثل مفتاح تحقيق مستقبل أكثر إشراقًا. تتواجد الروبوتات اليوم في كل مكان، من طاولة العمليات إلى قاع المحيط ومن الفضاء الخارجي إلى غرفة المعيشة. ومع تسارع وتيرة التقدم التكنولوجي، ازدادت إمكانياتها على تنفيذ المزيد من وظائفها بشكل مستقل تمامًا، مما يوسع قدراتنا في البحر والبر والجو.

مع ذلك، لا تزال هناك فجوة بين الواقع الحالي للقدرات الروبوتية والمتطلبات المستقبلية لتطبيقها على أرض الواقع، وفي نفس الوقت الذي نتسابق فيه لتطوير أكثر الآلات كفاءة، تفتقر بعض المجالات للاهتمام المطلوب لإطلاق العنان لإمكاناتها. يُطلب منا دائمًا “التفكير خارج الصندوق”، مما قد يساعدنا في معالجة أوجه القصور هذه بشكل أكثر كفاءة. ولكن كيف نفعل ذلك بالضبط؟ وكيف نطور قدرتنا على مواجهة المشاكل بطرق جديدة؟ وكيف ننمي قدرتنا على النظر إلى الأشياء بشكل مختلف عن الطريقة التي ننظر بها إلى الأشياء عادة؟

يبدأ التفكير خارج الصندوق قبل وقوعنا في المشكلة بوقت طويل- أي قبل أن نواجه موقفًا فريدًا ونبدأ بحصره في “إطار” مألوف نعرف التعامل معه أو على الأقل نعتقد أننا نعرف كيف نتعامل معه. ربما يكون العنصر الأكثر أهمية هو إيجاد بيئة تمكننا من الاستفادة من شغف وإبداع وبراعة المفكرين الأذكياء. وهنا ندرك الدور الحقيقي للمسابقات مثل تحدي محمد بن زايد العالمي للروبوتات البحرية الكبير، ألا وهو إيجاد بيئة يمكن فيها لأصحاب العقول اللامعة التعاون معاً للمساعدة في معالجة قضايا الأمن البحري العالمية. إذ يتطلب التحدي منهم استكشاف جوانب جديدة في مجال الروبوتات البحرية عبر تنظيم تعاون متنوع بين الطائرات والسفن غير المأهولة في بيئة مقطوع عنها إشارات أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية.

تجدر الإشارة إلى أن التسجيل في تحدي محمد بن زايد العالمي الكبير للروبوتات البحرية، الذي سيقام في يونيو 2023 في العاصمة الإماراتية أبوظبي، متاح أمام الجامعات الرائدة والمؤسسات البحثية والمبتكرين الأفراد من جميع أنحاء العالم لتطوير نظام روبوتي مستقل قادر على أداء المهام المعقدة التي غالبًا ما تتجاوز القدرة البشرية.

يعد الأمن البحري مجالًا مليئًا بالتحديات حيث تستمر القرصنة والتهريب والصيد غير القانوني بلا هوادة، مما يؤدي إلى خسائر فادحة في الأمن والسلامة والعمليات التجارية واقتصادات الدول في جميع أنحاء العالم. ولم تثبت أي من التدابير التي اتخذتها البلدان بشكل فردي أو جماعي فعاليتها الكافية في معالجة هذه المشاكل. فقد سجل تقرير القرصنة العالمي الحديث الذي يصدر عن المكتب البحري الدولي التابع لغرفة التجارة العالمية 40 حالة اختطاف للطواقم منذ بداية عام 2021، مقارنة بـ 22 حالة في الربع الأول من عام 2020.

لقد ظهرت الحاجة الملحّة إلى تعزيز الأمن البحري العالمي بشكل واضح في دعوة جون دينتون، الأمين العام لغرفة التجارة الدولية، للحكومات والشركات ووكالات الاستجابة البحرية “باتخاذ التدابير المناسبة لحماية حياة الطواقم وسبل عيشهم حتى نتمكن من ضمان التدفق الحر وغير المنقطع للبضائع عبر سلاسل التوريد الدولية”. 

الحقيقة هي أنه لم يتحقق سوى القليل من هذه الطموحات حتى بعد الاستعانة بالروبوتات، لكن المؤشر الإيجابي هو أن علم الروبوتات يتحرك بسرعة نحو هدفه المتمثل في تحقيق الاستقلالية الكاملة، إذ يتم الآن تصميم جيل من الأنظمة التي تستطيع العمل بشكل مستقل واتخاذ قرارات فورية بدون تحكم مباشر من البشر، على الرغم من اعتمادها على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وشبكات الاتصال اللاسلكي لإنشاء نظام مستقل ومنظم. يشكل هذا الأمر عائقًا، خصوصًا وأن الخطوات المستقلة الخاطئة أو التنسيق غير المتجانس بين عدة روبوتات قد يؤدي إلى أن تصبح التكنولوجيا عائقًا بدلاً من أداة مساعدة.

يسعى تحدي محمد بن زايد العالمي الكبير للروبوتات البحرية إلى معالجة هذه الفجوة في التكنولوجيا، وبذلك ستساعد المسابقة المشاركين على الارتقاء بآفاق العلوم والتكنولوجيا خارج بيئة المختبرات واستكشاف ما يمكن تحقيقه في هذا المجال في الوقت الفعلي. والأهم من ذلك هو أن هذه الجهود قد تؤدي إلى تطورات تقنية وتعزيز اهتمام الباحثين بالمنطقة والاضطلاع بالمزيد من الاكتشافات.

وعلى مستوى أوسع، سيكون للتكنولوجيا التي تهدف إلى تأمين الصناعة البحرية والبيئة فائدة تتخطى حدود هذا المجال، فيمكن للآلة أن توفر البنية التحتية الضرورية وأن تنفذ عمليات الطوارئ الأخرى في المناطق البعيدة التي تدمرها الزلازل والتي لا يتوفر فيها شبكة محمولة ونظام تحديد المواقع العالمي، أو في المناطق المعزولة المنكوبة بالفيضانات.

يكتسب التحدي أهمية خاصة على الصعيدين المحلي والإقليمي، حيث ستعمل الجائزة التي تتجاوز قيمتها 3 ملايين دولار على جذب المواهب الإقليمية إلى قطاع العلوم والتكنولوجيا، خاصة إلى مجال الروبوتات، كما أن هذه الفعاليات تلعب دورًا فعالًا في دعم جهود الإمارات نحو بناء اقتصاد معرفي مستدام. 

لكن إنجاز هذه المهمة ليس بأمر سهل، خاصة وأن الابتكار يختلف عن معظم النشاطات والمهام الأخرى، إذ لا توجد قواعد أو عمليات أو قوالب أو إجراءات محددة للنجاح. لذا فإن كل محاولة لتحقيق الابتكار هي خطوة فريدة بحد ذاتها تُترك لخيال الفرد أو المجموعة الذي يصعب التنبؤ به أو تقليده. مع ذلك، تنجح بعض المؤسسات أو الجهات بابتكار أفكار عظيمة قادرة على إلهام الناس لتحقيق المستحيل. ويأمل تحدي محمد بن زايد العالمي الكبير للروبوتات البحرية أن يكون مصدراً مماثلاً لهذا الإلهام.

Twitter
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض