في ظل تسارع التقدم التكنولوجي وتعدد التهديدات الأمنية، تبرز أهمية امتلاك حلول تقنية محلية متطورة، تعزز السيادة الوطنية وتواكب متطلبات الدفاع الحديثة. وفي هذا السياق، التقت مجلة الجندي الدكتور شوقي قاسمي، رئيس قسم التكنولوجيا والابتكار في مجموعة «إيدج» للحديث عن دور المجموعة في تطوير التقنيات السيادية، وإنجازاتها الأخيرة في مجالات الذكاء الاصطناعي، الأنظمة المُسيرة، والحرب الإلكترونية، وأجرت معه الحوار التالي:
كيف تصف نهج مجموعة ايدج في تعزيز الابتكار المحلي عبر قطاعاتها المختلفة؟
نعتمد في مجموعة ايدج نهجاً بسيطاً وفعالاً في تعزيز الابتكار المحلي، يتمحور حول تطوير محفظة منتجات مبتكرة ومؤثرة تنافس عالمياً، إلى جانب استثمارات مدروسة في التقنيات الناشئة وشراكات استراتيجية طويلة الأمد تضيف قيمة اقتصادية مستدامة داخل الدولة. من خلال قسم التكنولوجيا والابتكار في المجموعة، نركز على البحث والتطوير في تقنيات متقدمة تشمل الرادارات، البصريات الإلكترونية، الحرب الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي. وعند التوصل إلى حلول قابلة للتطبيق التجاري، يتم دمجها مباشرة ضمن منتجات المجموعة، ما يعزز قدراتها ويمنحها مرونة أكبر في دمج الأنظمة الفرعية المتطورة.
ما أبرز إنجازات المجموعة في مجال البحث والتطوير التي تعكس مكانتها كلاعب عالمي في التكنولوجيا المتقدمة؟
حققنا خطوات نوعية على مستوى مشاريع الدفاع الاستراتيجية، حيث أجرينا بنجاح اختبار طيران مبرمج لصاروخ الدفاع الجوي «SKYKNIGHT»، وتمكنّا من إثبات قدرات التحكم بالإطلاق عن بعد، والانطلاق العمودي البارد، والسيطرة على توجه الصاروخ، وصولاً إلى الانتقال إلى التوجيه في المرحلة المتوسطة ورصد الأهداف وتتبعها عبر وحدة الاستشعار متعددة المهام.
كما أطلقنا مركز التميز للرادارات والحرب الإلكترونية ومركز التميز للبصريات الإلكترونية، ومن خلالهما كشفنا عن مجموعة جديدة من رادارات المسح الإلكتروني النشط (AESA) المصممة لحماية الأنظمة الأرضية، إلى جانب عائلة « مرصد «MIRSAD من الأنظمة البصرية المتقدمة.
كيف توظف مجموعة ايدج تقنيات الذكاء الاصطناعي والأنظمة ذاتية القيادة لتعزيز القدرات الدفاعية السيادية لدولة الإمارات؟
نستثمر هذه التقنيات بعدة طرق. فعلى سبيل المثال، طورنا منصة «TACTICA»، وهي منصة استخبارات جغرافية مكانية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تُمكّن تحويل بيانات الأقمار الصناعية إلى معلومات استراتيجية وتكتيكية قابلة للتنفيذ بسرعة وكفاءة، ما يعزز الوعي الميداني ويسرع آلية اتخاذ القرار.
كذلك، نعمل على تطوير قدرات المستشعرات من «ذكية» إلى «ذكية وقادرة على التعلم»، بحيث يمكن للرادارات والحلول البصرية الإلكترونية أن تتعرف بدقة على أنواع الأهداف وتصنيفها وتتبعها من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
وفي مجال الأنظمة ذاتية القيادة، نركز على أتمتة التوجيه والتحكم، كما في نظام «REACH-S»، الذي يتمتع بإقلاع وهبوط ذاتيين وتحديد مسارات طيران مؤتمتة بالكامل، مما يقلل من العبء التشغيلي على المستخدمين.
كيف تُوازن مجموعة ايدج بين تطوير النماذج الأولية السريعة والعمليات التشغيلية، مع الحفاظ على صلابة الأنظمة وأمنها السيبراني؟
نحن نُعزز هذا التوازن عبر تكامل كيانات متخصصة ضمن منظومة ايدج. فلدينا مثلاً «المفاهيم المتطورة» (ADVANCED CONCEPTS)، وهي جهة متخصصة في تسريع الانتقال من الفكرة إلى النموذج الأولي وصولاً إلى مرحلة الجاهزية التشغيلية، قبل نقل المشروع إلى باقي شركات المجموعة للتصنيع.
أما في مجال الأمن السيبراني، فنعتمد على كيانات مثل «أوريكس لابز» (ORYXLABS)، التي تقدم حلولاً رقمية متقدمة لحماية وتحسين البيئات الشبكية، بما يعزز مناعة أنظمتنا ضد التهديدات السيبرانية.
الأهم من ذلك هو أننا نتبع منهجاً شاملاً يأخذ بعين الاعتبار التحديات التي يواجهها العملاء ويقدم حلولاً مخصصة عبر كيانات متخصصة في مجالات دقيقة.
ما الدور الذي تلعبه مراكز التميز الجديدة في تسريع وتيرة الابتكار والتطوير داخل المجموعة؟
تلعب هذه المراكز دوراً حيوياً في توحيد قدراتنا الأساسية في مجالات الرادار والحرب الإلكترونية والبصريات، بما يعزز خارطة طريق منتجاتنا الطموحة. وتتمثل أبرز مساهماتها في تطوير تقنيات مخصصة ومبتكرة، وتحسين كفاءة العمليات، واستقطاب وتطوير الكفاءات الوطنية.
وقد بدأنا بالفعل بطرح تقنيات رادارية وبصرية متقدمة في الأسواق منذ تدشين هذه المراكز، وهي تقنيات تُدمج بسلاسة مع حلول أخرى ضمن محفظة المجموعة.
كيف تعزز ايدج ثقافة الابتكار داخل شركاتها بما يتماشى مع المتطلبات التشغيلية والاستراتيجية؟
تستمد ثقافة الابتكار لدينا زخمها من التحديات الواقعية واحتياجات العملاء. فالتهديدات المعقدة والمتغيرة تحتم علينا التفكير بطريقة غير تقليدية لتطوير حلول فعالة. وإذا كانت حماية الأمن الوطني تتطلب تقنيات متقدمة، فإننا نعمل على ابتكارها.
نحن لا نبتكر لمجرد الابتكار، بل لأننا نعتقد بأن الأمن المستقبلي للدول يتطلب حلولاً مرنة، ذكية، وقابلة للتطور، وهذا ما نسعى إليه في ايدج من خلال تركيزنا على الحلول السيادية المتقدمة.
ما الدور الذي تلعبه الشراكات المحلية والدولية في دعم استراتيجيات البحث والتطوير لدى ايدج؟
تشكل الشراكات ركيزة أساسية في تحقيق أهدافنا الاستراتيجية. محلياً، نعمل على بناء شبكة صناعية مترابطة تعزز الاكتفاء الذاتي، مثل اتفاقية التعاون التي أبرمناها مؤخراً لإنشاء منشأة متقدمة لتصنيع الكوابل الكهربائية في دولة الإمارات، والتي تمثل نموذجاً لتوسيع سلاسل التوريد المحلية المتخصصة.
أما على الصعيد الدولي، نركز على شراكات ذات طابع استراتيجي تُسهم في نقل المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة إلى الدولة. من أبرز الأمثلة على ذلك مشروع صاروخ MANSUP المضاد للسفن، والذي منحنا ترخيصاً لامتلاك حقوق الملكية الفكرية لنسخته بعيدة المدى (MANSUP-ER)، مما يعزز مكانتنا في سوق التسليح العالمي ويدعم الابتكار المحلي.
مع تزايد التهديدات الرقمية، كيف تتعامل ايدج مع التحديات السيبرانية والحرب الإلكترونية؟
في عصر تتزايد فيه المعارك الرقمية، أصبحت الحماية السيبرانية أحد أهم متطلبات الأمن الوطني. نحن نقدم حلولاً سيبرانية مخصصة تتناسب مع بيئات التشغيل لدى عملائنا، ونطور أنظمة الحرب الإلكترونية التي تركز على الحماية والدعم العملياتي.
نأخذ نهجاً استباقياً لمواجهة التهديدات المتغيرة، إذ نوفر أنظمة رادارية وكهروضوئية متقدمة قادرة على حماية الأصول الحيوية وتوفير بيانات الوعي اللحظي، مما يضمن دعم القرارات الميدانية بشكل دقيق وسريع.
كيف تسهم ايدج في بناء جيل جديد من المهندسين والخبراء الإماراتيين في قطاع الدفاع؟
نؤمن أن الاستدامة الصناعية تبدأ من الاستثمار في الإنسان. لذلك نحرص على تمكين المهندسين الإماراتيين الشباب من العمل جنباً إلى جنب مع كبار الخبراء العالميين في مختلف المجالات الدفاعية.
فضلاً عن ذلك، نقدم لهم الدعم اللازم لإكمال دراساتهم العليا والمشاركة في مؤتمرات ومعارض عالمية، ما يعزز من مهاراتهم ومعارفهم. ومن خلال استثماراتنا في توطين التكنولوجيا، نتيح فرصاً حقيقية أمام الكفاءات الإماراتية للمساهمة الفاعلة في بناء قاعدة صناعية وطنية مستدامة، ما يعزز اقتصاد المعرفة في الدولة.
ما أبرز ملامح مستقبل التكنولوجيا الدفاعية من وجهة نظركم، وكيف تستعدون في ايدج لقيادة هذا المستقبل؟
المستقبل يحمل الكثير من الفرص المثيرة، ونحن في مجموعة ايدج نسعى لأن نكون في طليعة هذا التحول من خلال تطوير حلول ذكية وآمنة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والأنظمة ذاتية القيادة.
سيكون للذكاء الاصطناعي دور محوري في دعم اتخاذ القرار وتحليل البيانات، مما يُخفف العبء المعرفي عن الجنود والقيادات. كما أن الأنظمة ذاتية القيادة ستعمل كعوامل مضاعفة للقوة في البر والبحر والجو، ما يتيح تنفيذ المهام بكفاءة مع تقليل المخاطر على الأرواح.
إن تكامل المستشعرات والأنظمة المتقدمة مع الذكاء الاصطناعي سيُحدث نقلة نوعية في سرعة الاستجابة ودقة التنفيذ، حيث سيقلل الأخطاء البشرية.
وعلى المستوى الاستراتيجي، ستسمح الأنظمة ذاتية القيادة للقوات المسلحة بأداء المزيد من العمليات بعدد أقل من الجنود.
وأخيراً، نُرسّخ مكانتنا كرواد في مجال تكنولوجيا الدفاع المتقدمة، لكي نوفر لعملائنا قدرات عالية تعزز الوعي الميداني وقدرات استعراض القوة، في عالم يتجه بشكل متسارع نحو الأنظمة ذاتية القيادة.
حوار: الجندي