لا شك أن الشمس من أعظم النِعم التي أنعم الله بها علينا، فهي المصدر الطبيعي الأهم لعدة فوائد صحية أبرزها تحفيز إنتاج فيتامين (د) الذي يُعد ضرورياً لبناء العظام وتعزيز مناعة الجسم، ومع ذلك لكل شيء إيجابياته وسلبياته بحسب طريقة استخدامه، فمثلاً التعرض لأشعة الشمس بطريقة غير صحية ولفترة طويلة خاصة في أوقات الذروة قد يؤدي إلى حروق شمسية مؤلمة لا تقتصر فقط على الجلد بل قد تمتد إلى العينين وقد تتطور في بعض الحالات إلى أضرار خطيرة تهدد الحياة.
والحروق الشمسية هي استجابة جلدية حادة ناتجة عن التعرض المفرط للأشعة فوق البنفسجية الصادرة من الشمس، مما يؤدي إلى تلف خلايا الجلد والتهابها، وتظهر هذه الحالة بشكل شائع خلال فصول الصيف أو أثناء التعرّض للشمس لفترات طويلة دون حماية كافية، وتتراوح الأعراض بين:
- احمرار وألم في الجلد.
- انتفاخ وتقشر بعد مرور ساعات من التعرض.
- ظهور فقاعات أو تقرحات في الحالات الشديدة.
وتُصيب هذه الحروق غالباً المناطق المكشوفة والحساسة من الجسم مثل: الوجه، العينين، اليدين، القدمين، الصدر، الظهر، والثنيات الجلدية، نظراً لتعرضها المباشر والمستمر لأشعة الشمس
الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالحروق الشمسية
تختلف استجابة البشرة لأشعة الشمس من شخص لآخر، فليست جميع أنواع الجلد تمتلك الدرجة نفسها من الحماية الطبيعية ضد الأشعة فوق البنفسجية، وهناك فئات تُعد أكثر عرضة للإصابة بالحروق الشمسية نتيجة قلة صبغة الميلانين أو ضعف قدرة الجلد على التحمّل ومن أبرزهم:
- أصحاب البشرة الفاتحة.
- الأشخاص ذوو الشعر الأحمر أو الأشقر.
- من لديهم نمش أو عيون زرقاء.
- الأطفال دون سن السادسة.
- كبار السن فوق 60 عاماً.
وتتميّز هذه الفئات بحساسية أعلى تجاه الشمس، ما يجعلهم بحاجة إلى إجراءات وقائية خاصة عند التعرّض لأشعة الشمس لتجنّب الإصابة بالحروق أو مضاعفاتها.
مراحل تطوّر الحروق الشمسية
تمر الحروق الشمسية بعدة مراحل تبدأ بأعراض بسيطة قد تُهمَل لكنها قد تتفاقم خلال وقت قصير إذا لم يُتخذ الإجراء المناسب، ويمكن تقسيم هذه المراحل إلى:
- المرحلة الأولى (الساعات الأولى بعد التعرض): حيث يظهر احمرار واضح في الجلد مصحوب بشعور بحرقة عند ملامسة المنطقة المصابة.
- المرحلة الثانية (من 6 إلى 48 ساعة): وفي هذه المرحلة تتفاقم الأعراض ويزداد الألم بشكل ملحوظ ويصبح الجلد أكثر حساسية وتهيجاً.
- المرحلة الثالثة (من اليوم الثاني وحتى الثامن): يبدأ الجلد في التقشّر كجزء من عملية التعافي وقد تظهر فقاعات أو تقرحات سطحية في بعض الحالات.
درجات الحروق الشمسية
تختلف شدة الحروق الشمسية بحسب مدّة التعرض ودرجة الأشعة فوق البنفسجية ويمكن تصنيفها إلى ثلاث درجات رئيسية:
- الدرجة الأولى (الخفيفة): تصيب الطبقة السطحية من الجلد فقط وتُسبب احمراراً خفيفاً وألماً بسيطاً، غالباً ما يمكن التعامل معها منزلياً باستخدام الكمادات الباردة والكريمات المهدئة.
- الدرجة الثانية (المتوسطة): تمتد أعمق لتصل إلى النهايات العصبية ما يجعل الألم أكثر حدة، وقد تظهر فقاعات مائية أو تورّمات في الجلد، هذه الحروق تحتاج إلى عناية خاصة وقد تتطلب تدخلاً طبياً لتجنّب المضاعفات.
- الدرجة الثالثة (الشديدة): تُعد من الحالات النادرة والخطيرة وتنتج عن التعرض الطويل والمباشر لأشعة الشمس القوية، تُسبب التهابات عميقة في الجلد وألماً حاداً، وقد تترافق مع ظهور علامات تحذيرية مثل الشامات غير الطبيعية، والتي تنذر بمخاطر صحية خطيرة كالورم الميلانيني الخبيث، خصوصاً لدى من لديهم تاريخ وراثي للمرض.
الأعراض والمضاعفات
قد تُصاحب الحروق الجلدية أعراض عامة ومضاعفات صحية أكثر خطورة خاصة عند الإهمال أو التكرار المستمر للتعرض دون حماية، ومن الأعراض الشائعة:
- احمرار واضح في الجلد يرافقه حكة وتهيج.
- ارتفاع في حرارة الجسم خاصة في الحالات المتقدمة.
- غثيان، صداع، وإرهاق عام، نتيجة الجفاف أو التهابات الجلد المصاحبة.
وفي بعض الحالات قد تؤدي الحروق الشمسية إلى مضاعفات أكثر خطورة منها:
- التهابات جلدية بكتيرية نتيجة تهيج الجلد أو فقع الفقاعات.
- أضرار في العين مثل الإصابة بالماء الأبيض أو زيادة حساسية الضوء.
- الشيخوخة المبكرة للبشرة بما في ذلك التجاعيد، الجفاف، وظهور البقع الداكنة.
- زيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد خاصةً في حالات الحروق المتكررة أو وجود استعداد وراثي.
الإسعافات الأولية
عند ظهور علامات الحروق الشمسية، من المهم التحرك فوراً باتباع خطوات بسيطة لكنها فعّالة في الحد من الأضرار:
- التبريد الفوري، بوضع كمادات باردة على المنطقة المصابة أو الاستحمام بماء معتدل الحرارة.
- الترطيب الداخلي، بشرب كميات كافية من الماء لتعويض السوائل المفقودة والحفاظ على رطوبة الجسم.
- الترطيب الخارجي، باستخدام كريمات مهدئة لتخفيف الالتهاب والحرقة.
- تخفيف الألم باستخدام المسكّنات.
- العناية بالبثور وتغطيتها بضمادات معقّمة وتجنّب لمسها أو فقعها.
- تجنّب العلاجات الخاطئة مثل معجون الأسنان، أو الزيوت، فبعضها قد يفاقم الضرر أو يسبب عدوى.
- اختيار الملابس المناسبة على ان تكون ملابس فضفاضة وقطنية لا تحتك بالجلد.
متى يجب زيارة الطبيب؟
ليست كل الحروق الشمسية بسيطة، إذ توجد مؤشرات تستدعي التدخل الطبي العاجل أبرزها:
- ارتفاع في درجة الحرارة.
- ظهور فقاعات كبيرة أو تقرحات واسعة.
- أعراض جفاف شديد (جفاف الفم، قلة التبول، الدوخة).
- استمرار الألم أو تفاقم الحالة رغم العناية المنزلية.
الوقاية
- تجنّب التعرّض المباشر للشمس خاصة بين الساعة 10 صباحاً و4 عصراً، وهي ذروة الأشعة فوق البنفسجية.
- استخدام واقي شمس مناسب بمعامل حماية لا يقل عن +SPF 30مع ضرورة إعادة وضعه كل ساعتين أو بعد السباحة.
- ارتداء الملابس المناسبة والخفيفة مع قبعة واسعة الحواف ونظارات شمسية لحماية الوجه والعينين.
- وفي بيئات العمل المكشوفة من الضروري استخدم المظلات أو الخيام الواقية وأخذ فترات راحة في الأماكن المظللة.
- الاكتفاء بالتعرض المحدود للشمس للحصول على فيتامين “د” فيكفي تعرّض الذراعين أو الوجه لأشعة الشمس لمدة 10–15 دقيقة في غير أوقات الذروة مثل الصباح الباكر
وفي الختام
الشمس نعمة عظيمة ولكنها تحتاج منّا وعياً والتزاماً بقواعد السلامة، فبالوعي والوقاية نحمي بشرتنا، وأعيننا، وصحتنا العامة من أضرار قد تكون بعيدة المدى.
الدكتورة بدرية الحرمي
استشارية الصحة العامة