United States tariffs government import tariff China,to increase the American economy.Industrial Tariffs growth.Import Tariffs increase.Trade war policy United States with China. Dollar vs Yuan war.

التوجه شرقاً: أسباب وتداعيات صعود أسواق السلاح الآسيوية

من‭ ‬المسلَّم‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬العسكري‭ ‬أن‭ “‬كل‭ ‬حرب‭ ‬تشكل‭ ‬ميداناً‭ ‬لاختبار‭ ‬فاعلية‭ ‬وكفاءة‭ ‬منظومات‭ ‬الأسلحة‭ ‬المختلفة‭”‬،‭ ‬ولا‭ ‬يتوقف‭ ‬الأمر‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬الأطراف‭ ‬المتحاربة،‭ ‬ولكن‭ ‬تقوم‭ ‬أغلب‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬العسكرية‭ ‬للدول‭ ‬المختلفة‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬بدراسة‭ ‬الحروب‭ ‬المعاصرة‭ ‬لاستخلاص‭ ‬الدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬منها،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأسلحة‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬فاعليتها،‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬أخفقت‭. ‬ولعل‭ ‬وقائع‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المواجهات‭ ‬العسكرية‭ ‬المحدودة‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬بين‭ ‬الهند‭ ‬وباكستان،‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2025،‭ ‬تقدم‭ ‬مثالاً‭ ‬واضحاً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭.‬

وارتباطاً‭ ‬بتطورات‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وكذلك‭ ‬المواجهات‭ ‬المحدودة‭ ‬بين‭ ‬الهند‭ ‬وباكستان،‭ ‬تعددت‭ ‬المؤشرات‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬تصاعد‭ ‬أهمية‭ ‬أسواق‭ ‬السلاح‭ ‬الآسيوية،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المصادر‭ ‬التقليدية‭ ‬للتسليح،‭ ‬خاصة‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬مهيمنة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬السوق‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭. ‬وتجادل‭ ‬المقالة‭ ‬أن‭ ‬التوجه‭ ‬لمصادر‭ ‬التسليح‭ ‬الآسيوية‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬أمراً‭ ‬طارئاً،‭ ‬بل‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬توجه‭ ‬جديد‭ ‬سوف‭ ‬يزداد‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الأعوام‭ ‬القادمة،‭ ‬وذلك‭ ‬بالاستناد‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬العوامل،‭ ‬والتي‭ ‬سوف‭ ‬يسعى‭ ‬هذا‭ ‬التحليل‭ ‬إلى‭ ‬تفصيلها‭. ‬

هيمنة‭ ‬غربية‭ ‬قائمة‭!‬

بمراجعة‭ ‬البيانات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬معهد‭ ‬ستوكهولم‭ ‬الدولي‭ ‬لأبحاث‭ ‬السلام‭ ‬‮«‬سيبري‮»‬‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬فإن‭ ‬الهيمنة‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬التسليح‭ ‬لم‭ ‬تتراجع،‭ ‬بل‭ ‬ازدادت،‭ ‬فقد‭ ‬تصاعد‭ ‬نصيب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬الأسلحة‭ ‬من‭ ‬حوالي‭ ‬35‭ % ‬إلى‭ ‬43‭ % ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬2020‭ ‬–‭ ‬2024‭ ‬مقارنة‭ ‬بالفترة‭ ‬2015‭ ‬–‭ ‬2019‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬التدقيق‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البيانات‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬صورة‭ ‬مختلفة‭ ‬نسبياً،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬النسبة‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الصادرات‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2020‭ ‬وحتى‭ ‬2024‭ ‬قد‭ ‬توجهت‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وذلك‭ ‬بنسبة‭ ‬35‭ %‬،‭ ‬وليس‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والذي‭ ‬قدرت‭ ‬نسبة‭ ‬حيازته‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بحوالي‭ ‬33‭ %. ‬وزادت‭ ‬نسبة‭ ‬شراء‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬للسلاح‭ ‬الأمريكي‭ ‬بحوالي‭ ‬الضعف‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2020‭ ‬–‭ ‬2024،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭ ‬2015‭ ‬–‭ ‬2019،‭ ‬فقد‭ ‬بلغت‭ ‬هذه‭ ‬الزيادة‭ ‬حوالي‭ ‬105‭ %‬،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬زادت‭ ‬فيه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحوالي‭ ‬34‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬لمبيعاتها‭ ‬من‭ ‬السلاح‭ ‬إلى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬2022،‭ ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬تاريخ‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬الأوكرانية‭.‬

يعني‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬مبيعات‭ ‬السلاح‭ ‬الأمريكي‭ ‬كانت‭ ‬متجهة‭ ‬بصورة‭ ‬أساسية‭ ‬إلى‭ ‬الجبهة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬سواء‭ ‬لتعزيز‭ ‬دفاعاتها‭ ‬أو‭ ‬دعم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬روسيا‭. ‬فقد‭ ‬أرسلت‭ ‬واشنطن‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬123‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬المساعدات‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬منذ‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022‭. ‬وشكلت‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬69‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أو‭ ‬56‭ % ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬المساعدات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وفقاً‭ ‬لبيانات‭ ‬معهد‭ ‬كيل‭ ‬للاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬وهو‭ ‬مركز‭ ‬أبحاث‭ ‬ألماني‭ ‬يتابع‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬لأوكرانيا‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬دقة‭ ‬البيانات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬سيبري،‭ ‬فإنها‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تعكس‭ ‬الواقع‭ ‬بدقة،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬تقوم‭ ‬بتسجيل‭ ‬البيانات‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬صفقات‭ ‬وعمليات‭ ‬نقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬التقليدية‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬المصادر‭ ‬المفتوحة،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تفصح‭ ‬الدول‭ ‬المصدرة‭ ‬والمستوردة‭ ‬للسلاح‭ ‬عن‭ ‬صفقاتها،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬إدراجها‭ ‬ضمن‭ ‬قاعدة‭ ‬بيانات‭ ‬سيبري‭. ‬

ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬تفضل‭ ‬عدم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬وارداتها‭ ‬العسكرية،‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬روسيا،‭ ‬تجنباً‭ ‬للخضوع‭ ‬للضغوط‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والتي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬توظيف‭ ‬سلاح‭ ‬العقوبات‭ ‬ضد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تتعاقد‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬الأسلحة‭ ‬الروسية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قانون‭ ‬‮«‬مكافحة‭ ‬خصوم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العقوبات‮»‬‭ (‬كاتسا‭)‬،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬الغرض‭ ‬الرئيسي‭ ‬منه‭ ‬هو‭ ‬معاقبة‭ ‬روسيا‭ ‬بسبب‭ ‬ضمها‭ ‬لشبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬توسعت‭ ‬في‭ ‬صياغته‭ ‬ليتضمن‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬مختلفة‭ ‬على‭ ‬أعدائها،‭ ‬مالية‭ ‬وسياسية‭ ‬وعسكرية،‭ ‬عند‭ ‬قيامهم‭ ‬بخطوات‭ ‬تهدّد‭ ‬أمن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬ووظفته‭ ‬واشنطن،‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي،‭ ‬لتحجيم‭ ‬مبيعات‭ ‬السلاح‭ ‬الروسي،‭ ‬ففي‭ ‬العام‭ ‬2018،‭ ‬فرضت‭ ‬واشنطن‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬الجيش‭ ‬الصيني‭ ‬لأنه‭ ‬اشترى‭ ‬10‭ ‬طائرات‭ ‬مقاتلة‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬‮«‬سو‭ -‬‭ ‬35‮»‬‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬سوخوي‮»‬‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2017‭.‬

وفي‭ ‬محاولة‭ ‬للوقوف‭ ‬بدقة‭ ‬على‭ ‬مبيعات‭ ‬السلاح‭ ‬الروسي،‭ ‬يمكن‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬التصريحات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬المسؤولين‭ ‬الروس،‭ ‬والتي‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬مختلف‭ ‬لصادرات‭ ‬السلاح‭ ‬الروسي،‭ ‬إذ‭ ‬أعلن‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬روس‭ ‬أوبورون‭ ‬إكسبورت‮»‬،‭ ‬ألكسندر‭ ‬ميخييف،‭ ‬أن‭ ‬مجمع‭ ‬الصناعات‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسي‭ ‬زاد‭ ‬إنتاجه‭ ‬ليغطي‭ ‬احتياجات‭ ‬الجيش‭ ‬والتصدير،‭ ‬وأن‭ ‬قيمة‭ ‬صادرات‭ ‬روسيا‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬بلغت‭ ‬57‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وذلك‭ ‬لتحافظ‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬الثاني‭ ‬عالمياً‭ ‬في‭ ‬تصدير‭ ‬السلاح،‭ ‬والأول‭ ‬في‭ ‬إنتاجه‭. ‬كما‭ ‬كشف‭ ‬ميخييف،‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2025،‭ ‬بأنه‭ ‬تم‭ ‬توقيع‭ ‬عقود‭ ‬إضافية‭ ‬بقيمة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬4‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬مع‭ ‬15‭ ‬دولة‭ ‬صديقة‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬العام‭ ‬2025‭. ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الأمثلة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬كشفت‭ ‬السعودية،‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬2024،‭ ‬عن‭ ‬امتلاكها‭ ‬بالفعل‭ ‬لمنظومة‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬الروسية‭ ‬‮«‬بانتسير‭ ‬إس‮»‬،‭ ‬وذلك‭ ‬دون‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬تفاصيل‭ ‬الصفقة،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬تسريب‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬الصفقة‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬2025،‭ ‬بعد‭ ‬تسريب‭ ‬رسائل‭ ‬البريد‭ ‬الإلكتروني‭ ‬الداخلية‭ ‬لشركة‭ ‬روس‭ ‬إلكترونيك،‭ ‬وهي‭ ‬شركة‭ ‬تابعة‭ ‬لشركة‭ ‬الدفاع‭ ‬الروسية‭ ‬المملوكة‭ ‬للدولة‭ ‬‮«‬روستيك‮»‬‭. ‬

أما‭ ‬الصين،‭ ‬فإنها‭ ‬تحتل‭ ‬المرتبة‭ ‬الرابعة‭ ‬كأكبر‭ ‬مصدر‭ ‬للأسلحة‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2020‭ ‬وحتى‭ ‬2024،‭ ‬بنسبة‭ ‬5‭.‬9‭% ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬الأسلحة‭ ‬العالمية،‭ ‬وفقاً‭ ‬لتقرير‭ ‬سيبري،‭ ‬كما‭ ‬بات‭ ‬هناك‭ ‬الآن‭ ‬حوالي‭ ‬5‭ ‬شركات‭ ‬صينية‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬12‭ ‬شركة‭ ‬دفاعية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وهي‭ ‬قفزة‭ ‬كبيرة،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬شركة‭ ‬صينية‭ ‬دفاعية‭ ‬واحدة‭ ‬قبل‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن‭. ‬وتنتج‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬تقنيات‭ ‬متنوعة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬محركات‭ ‬الديزل‭ ‬والأنظمة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬المتقدمة‭ ‬والغواصات‭ ‬والأنظمة‭ ‬المسيرة،‭ ‬مثل‭ ‬المركبات‭ ‬المسيرة‭ ‬تحت‭ ‬الماء‭ ‬والطائرات‭ ‬المسيرة‭.‬

ومرة‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬بيانات‭ ‬سيبري‭ ‬عن‭ ‬صادرات‭ ‬السلاح‭ ‬الصيني‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬دقيقة‭ ‬بالكامل،‭ ‬فقد‭ ‬كشفت‭ ‬مصر‭ ‬عن‭ ‬امتلاكها‭ ‬لمنظومة‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬الصيني،‭ ‬‮«‬أتس‭ ‬كيو‭ ‬9‭ ‬بي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2025،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬تصاعد‭ ‬التوتر‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬بسبب‭ ‬حربها‭ ‬ضد‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬تمت‭ ‬مراجعة‭ ‬موقع‭ ‬سيبري،‭ ‬فإنه‭ ‬سوف‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الصفقة‭ ‬غير‭ ‬مسجلة‭ ‬ضمن‭ ‬قواعد‭ ‬بياناته،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬تلجأ‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬لأسلوب‭ ‬إبرام‭ ‬صفقات‭ ‬سرية،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬الأرقام‭ ‬الحقيقية‭ ‬لمبيعات‭ ‬السلاح‭ ‬الصيني‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المسجلة‭ ‬في‭ ‬سيبري‭. ‬وفي‭ ‬الأقسام‭ ‬التالية‭ ‬سوف‭ ‬يتم‭ ‬استعراض‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تدفع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬شراء‭ ‬السلاح‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬غير‭ ‬غربية‭. ‬

تراجع‭ ‬كفاءة‭ ‬السلاح‭ ‬الغربي

تمثل‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬المسلحة‭ ‬اختباراً‭ ‬حقيقياً،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬للكفاءة‭ ‬القتالية‭ ‬والعقائد‭ ‬العسكرية‭ ‬للخصوم‭ ‬المتحاربين،‭ ‬ولكن‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬كفاءة‭ ‬منظومات‭ ‬التسليح‭ ‬التي‭ ‬يمتلكها‭ ‬الجانبان‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬كفاءة‭ ‬السلاح‭ ‬ترتبط‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬بمستويات‭ ‬التدريب‭ ‬على‭ ‬استخدامه‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬القوات‭ ‬المتلقية‭ ‬له،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إغفال‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العامل‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الجيوش‭ ‬بلا‭ ‬استثناء،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يمكن‭ ‬تحييده‭ ‬في‭ ‬التحليل،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬الدول،‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تجمعها‭ ‬خصومة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬عالٍ‭ ‬من‭ ‬الجاهزية‭ ‬والتدريب‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬خصومها‭. ‬

وتقدم‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬–‭ ‬الأوكرانية‭ ‬مثالاً‭ ‬واضحاً‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬فقد‭ ‬قدمت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬دعاية‭ ‬مبالغاً‭ ‬فيها‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬فاعلية‭ ‬السلاح‭ ‬الغربي،‭ ‬وقدرته‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬هزيمة‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬وأسلحته‭ ‬في‭ ‬معارك‭ ‬عدة،‭ ‬بل‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬نفسها،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬الغربية،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬ستغير‭ ‬قواعد‭ ‬الحرب،‭ ‬وستجلب‭ ‬النصر‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬أخفقت‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬وبشكل‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬متوقعاً‭. ‬

وهناك‭ ‬أمثلة‭ ‬عديدة‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المنظومات،‭ ‬مثل‭ ‬الطائرة‭ ‬المسيرة‭ ‬‮«‬سويتش‭ ‬بليد‮»‬،‭ ‬ودبابة‭ ‬‮«‬أم‭ ‬–‭ ‬1‮»‬‭ ‬أبرامز،‭ ‬وصواريخ‭ ‬باتريوت‭ ‬للدفاع‭ ‬الجوي،‭ ‬ومدفع‭ ‬الهاوتزر‭ ‬‮«‬إم‭ ‬777‮»‬،‭ ‬وقذيفة‭ ‬المدفعية‭ ‬الموجهة‭ ‬من‭ ‬عيار‭ ‬155‭ ‬ملم،‭ ‬وصواريخ‭ ‬هيمارس‭ ‬الدقيقة،‭ ‬والقنابل‭ ‬الموجهة‭ ‬بنظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي،‭ ‬والطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬المزودة‭ ‬بالذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬‮«‬سكايدو‮»‬‭ (‬Skydio‭)‬،‭ ‬فقد‭ ‬أرسلت‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة‭ ‬السابقة‭ ‬إلى‭ ‬المعركة،‭ ‬وكان‭ ‬مصيرها‭ ‬جميعاً‭ ‬الفشل‭. ‬فالطائرة‭ ‬المسيرة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬سويتش‭ ‬بليد،‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬تكلفتها‭ ‬60‭ ‬ألف‭ ‬دولار،‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬إنتاجها‭ ‬بأعداد‭ ‬محدودة‭ ‬بسبب‭ ‬التكلفة،‭ ‬أثبتت‭ ‬عدم‭ ‬جدواها‭ ‬ضد‭ ‬الأهداف‭ ‬المدرعة،‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬تجاهلتها‭ ‬القوات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬لصالح‭ ‬شراء‭ ‬نماذج‭ ‬تجارية‭ ‬صينية‭ ‬بقيمة‭ ‬700‭ ‬دولار‭ ‬تم‭ ‬طلبها‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭. ‬

ولم‭ ‬تثبت‭ ‬دبابة‭ ‬أبرامز‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬تكلفتها‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬دولار‭ ‬فقط‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬استهدافها‭ ‬بسهولة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬الروسية،‭ ‬بل‭ ‬تعطلت‭ ‬مراراً‭ ‬وتكراراً،‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬سحبها‭ ‬من‭ ‬القتال،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬الروس‭ ‬بإعطاب‭ ‬العديد‭ ‬منها،‭ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬والتي‭ ‬أخذوها‭ ‬إلى‭ ‬موسكو‭ ‬وأضافوها‭ ‬إلى‭ ‬عرض‭ ‬لأسلحة‭ ‬الناتو‭ ‬في‭ ‬حديقة‭ ‬موسكو‭ ‬التي‭ ‬تضمنت‭ ‬مدفع‭ ‬هاوتزر‭ ‬‮«‬إم‭ ‬777‮»‬،‭ ‬وأسلحة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬معدات‭ ‬الناتو‭.‬

وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬اعترفت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬نفسها‭ ‬بتفوق‭ ‬بعض‭ ‬منظومات‭ ‬السلاح‭ ‬الروسي‭. ‬وليس‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬نجاح‭ ‬موسكو‭ ‬في‭ ‬تحييد‭ ‬أكثر‭ ‬أسلحة‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬تطوراً‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬مثل‭ ‬الذخائر‭ ‬الموجهة‭ ‬بدقة،‭ ‬والتي‭ ‬انخفضت‭ ‬فعاليتها‭ ‬من‭ ‬95‭ % ‬إلى‭ ‬6‭ % ‬فقط،‭ ‬وفقاً‭ ‬لخبير‭ ‬عسكري‭ ‬أوروبي‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬التفوق‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أجبر‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬استخدامها‭.‬

وأكد‭ ‬نفس‭ ‬الحقيقة،‭ ‬قائد‭ ‬الجيش‭ ‬الأوكراني‭ ‬السابق،‭ ‬الجنرال‭ ‬فاليري‭ ‬زالوجني،‭ ‬والذي‭ ‬كشف‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬القذائف‭ ‬الغربية‭ ‬منحت‭ ‬أوكرانيا‭ ‬تفوقاً‭ ‬كبيراً‭ ‬لكييف‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬القوات‭ ‬الروسية،‭ ‬ولكن‭ ‬لفترة‭ ‬قصيرة‭ ‬فقط‭. ‬وقد‭ ‬ذكر‭ ‬الجنرال‭ ‬زالوجني‭ ‬قذيفة‭ ‬‮«‬إكسكاليبور‮»‬‭ ‬كمثال‭ ‬رئيسي‭ ‬على‭ ‬السلاح‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬فقد‭ ‬فعاليته‭ ‬لأن‭ ‬نظام‭ ‬الاستهداف‭ ‬الخاص‭ ‬به‭ ‬يستخدم‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي،‭ ‬وهو‭ ‬نظام‭ ‬كان‭ ‬عرضة‭ ‬للتشويش‭ ‬الإلكتروني‭ ‬الروسي،‭ ‬مما‭ ‬أفقده‭ ‬فاعليته‭. ‬ووصف‭ ‬مسؤولون‭ ‬ومحللون‭ ‬عسكريون‭ ‬أوكرانيون‭ ‬مشاكل‭ ‬مماثلة‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬ذخائر‭ ‬الهجوم‭ ‬المباشر‭ ‬المشتركة‭ ‬المعروفة‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬جدام‮»‬‭ (‬JDAM‭)‬،‭ ‬والقذائف‭ ‬المستخدمة‭ ‬مع‭ ‬نظام‭ ‬الصواريخ‭ ‬المدفعية‭ ‬عالية‭ ‬الحركة،‭ ‬والمعروف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬هيمارس‮»‬‭ (‬HIMARS‭)‬،‭ ‬وكلاهما‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‭.‬

ولا‭ ‬يتوقف‭ ‬الأمر‭ ‬عند‭ ‬الذخائر‭ ‬دقيقة‭ ‬التوجيه،‭ ‬بل‭ ‬طال‭ ‬الأمر‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬الرابع،‭ ‬مثل‭ ‬المقاتلة‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬إف‭ ‬16‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬اعترفت‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬أن‭ ‬المقاتلات‭ ‬الروسية‭ ‬وأنظمة‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬الروسية‭ ‬تتفوق‭ ‬على‭ ‬مقاتلات‭ ‬‮«‬إف‭ ‬16‮»‬،‭ ‬وفقاً‭ ‬لبيان‭ ‬للمتحدث‭ ‬باسمها،‭ ‬يوري‭ ‬إجنات،‭ ‬في‭ ‬3‭ ‬يونيو‭ ‬2025،‭ ‬إذ‭ ‬صرّح‭ ‬‮«‬لسوء‭ ‬الحظ،‭ ‬تمتلك‭ ‬روسيا‭ ‬اليوم‭ ‬مقاتلات‭ ‬ترى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬وصواريخ‭ ‬تطير‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭. ‬هذا‭ ‬حتى‭ ‬عند‭ ‬مقارنتها‭ ‬بمقاتلات‭ ‬‮«‬إف‭ ‬16‮»‬،‭ ‬ولديهم‭ ‬أيضاً‭ ‬دفاعات‭ ‬جوية‭ ‬قوية‭ ‬تعمل‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬المقاتلات‮»‬‭. ‬جاء‭ ‬هذا‭ ‬التصريح‭ ‬بعد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬من‭ ‬خسارة‭ ‬سلاح‭ ‬الجو‭ ‬الأوكراني‭ ‬لمقاتلة‭ ‬ثالثة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الطراز،‭ ‬والتي‭ ‬دمرت‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬مايو‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬دفاعية‭ ‬كان‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬الجيش‭ ‬الأوكراني،‭ ‬وتهدف‭ ‬إلى‭ ‬اعتراض‭ ‬طائرات‭ ‬مسيرة‭ ‬أو‭ ‬صواريخ‭ ‬كروز‭ ‬روسية،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬اللافت‭ ‬أن‭ ‬خسارة‭ ‬المقاتلة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والتي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬أبريل،‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬المجال‭ ‬الجوي‭ ‬الخاضع‭ ‬للسيطرة‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬إذ‭ ‬تتجنب‭ ‬كييف‭ ‬استخدام‭ ‬المقاتلات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬هجومية‭ ‬إدراكاً‭ ‬منها‭ ‬بأن‭ ‬فرص‭ ‬إسقاطها‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬نظم‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬الروسية‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬مرتفعة‭. ‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬مثّلت‭ ‬المواجهة‭ ‬الهندية‭ ‬–‭ ‬الباكستانية،‭ ‬بين‭ ‬7‭ ‬و10‭ ‬مايو‭ ‬2025،‭ ‬اختباراً‭ ‬غير‭ ‬متوقع‭ ‬لكفاءة‭ ‬السلاح‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬نظيره‭ ‬الصيني‭. ‬فقد‭ ‬تمكنت‭ ‬الطائرة‭ ‬الباكستانية‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬الرابع‭ ‬المتقدم‭ ‬‮«‬جيه‭- ‬10‮»‬‭ ‬صينية‭ ‬الصنع‭ ‬من‭ ‬إسقاط‭ ‬ثلاث‭ ‬طائرات‭ ‬رافال‭ ‬فرنسية‭ ‬الصنع،‭ ‬تابعة‭ ‬للهند‭. ‬مثّل‭ ‬ذلك‭ ‬دعاية‭ ‬قوية‭ ‬للسلاح‭ ‬الصيني‭ ‬لعدة‭ ‬اعتبارات‭ ‬أولها‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬دعاية‭ ‬أفضل‭ ‬لمقاتلة‭ ‬حربية‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬قتال‭ ‬حقيقية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مقاتلات‭ ‬الرافال‭ ‬الفرنسية‭ ‬كانت‭ ‬حديثة،‭ ‬فقد‭ ‬تسلمتها‭ ‬نيودلهي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬وأخيراً،‭ ‬فإن‭ ‬كلا‭ ‬المقاتلتين‭ ‬الفرنسية‭ ‬والصينية‭ ‬تنتميان‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬الجيل،‭ ‬وهو‭ ‬الجيل‭ ‬الرابع‭ ‬المتقدم،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬الموجهة‭ ‬بينهما‭ ‬تعد‭ ‬مواجهة‭ ‬عادلة،‭ ‬وتكشف‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬عن‭ ‬تفوق‭ ‬المقاتلة‭ ‬الصينية‭ ‬على‭ ‬نظيرتها‭ ‬الفرنسية‭. ‬

ولعل‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬المواجهة‭ ‬السابقة‭ ‬اختباراً‭ ‬حقيقياً‭ ‬للمقاتلة‭ ‬الفرنسية‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬هذا‭ ‬الاشتباك‭ ‬الجوي‭ ‬الأخير‭ ‬بين‭ ‬الهند‭ ‬وباكستان،‭ ‬كانت‭ ‬مشاركة‭ ‬المقاتلة‭ ‬الفرنسية‭ ‬المذكورة‭ ‬مقتصرة‭ ‬على‭ ‬غارات‭ ‬ضد‭ ‬أهداف‭ ‬أرضية‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬غير‭ ‬متماثلة،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬وليبيا‭. ‬لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬المواجهة‭ ‬الأخيرة‭ ‬أثارت‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬فاعلية‭ ‬أنظمة‭ ‬الحماية‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬مقاتلة‭ ‬‮«‬الرافال‮»‬،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬منظومة‭ ‬‮«‬سبيكترا‮»‬‭ (‬Spectra‭) ‬للتشويش‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬والمصممة‭ ‬لحمايتها‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬الصاروخية،‭ ‬والذي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬إحدى‭ ‬أبرز‭ ‬نقاط‭ ‬قوة‭ ‬المقاتلة‭ ‬الفرنسية،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬المواجهة‭ ‬الأخيرة‭ ‬شككت‭ ‬في‭ ‬فاعلية‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭.‬

ولم‭ ‬تقف‭ ‬تداعيات‭ ‬المواجهات‭ ‬على‭ ‬خطط‭ ‬باكستان‭ ‬والهند‭ ‬المستقبلية‭ ‬للتسلح،‭ ‬بل‭ ‬انعكست‭ ‬على‭ ‬الأسواق‭ ‬الخارجية،‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬نائب‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الإندونيسي،‭ ‬دوني‭ ‬إرماوان‭ ‬توفانتو،‭ ‬أن‭ ‬شراء‭ ‬المقاتلة‭ ‬الصينية‭ ‬‮«‬جي‭ ‬10‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬قيد‭ ‬الدراسة‭ ‬الجادة‭ ‬حالياً،‭ ‬إذ‭ ‬أوضح‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬إلى‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الوطنية‭ ‬الإندونيسية‭ ‬‮«‬أنتارا‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬كان‭ ‬أداء‭ ‬الطائرة‭ ‬جيداً،‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬تقييمنا،‭ ‬وتفي‭ ‬بالمعايير‭ ‬التي‭ ‬وضعناها،‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬سعرها‭ ‬المعقول،‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬نأخذها‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار؟‮»‬‭.‬

التفوق‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الصيني‭: ‬

باتت‭ ‬الصورة‭ ‬النمطية‭ ‬القديمة‭ ‬عن‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الصينية‭ ‬باعتبارها‭ ‬قوات‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬الكمية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬النوعية‭ ‬صورة‭ ‬لا‭ ‬تعكس‭ ‬الواقع‭ ‬الحالي،‭ ‬وفقاً‭ ‬لمجلة‭ ‬الإيكونيميست‭ ‬الأمريكية‭. ‬ففي‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬حسّنت‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬فعالية‭ ‬أسلحتها‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المجالات‭ ‬قد‭ ‬ضاهت‭ ‬أمريكا‭ ‬أو‭ ‬تفوقت‭ ‬عليها‭ ‬بالفعل‭. ‬واستند‭ ‬التقرير‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬المجلة‭ ‬إلى‭ ‬شهادات‭ ‬وتحليلات‭ ‬لمسؤولين‭ ‬سابقين‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬والاستخبارات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬توم‭ ‬شوغارت،‭ ‬وهو‭ ‬ضابط‭ ‬بحري‭ ‬أمريكي‭ ‬متقاعد،‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬شيء‭ ‬مثل‭ ‬أنظمة‭ ‬الدفع‭ ‬الهجين‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الغواصات‭ ‬الصينية‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬تشو‭. ‬كما‭ ‬يشير‭ ‬أيضاً‭ ‬إلى‭ ‬سفينة‭ ‬هجومية‭ ‬برمائية‭ ‬صينية‭ ‬قيد‭ ‬الإنشاء،‭ ‬تسمى‭ ‬‮«‬تايب‭ ‬076‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬ستكون‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬والوحيدة‭ ‬المجهزة‭ ‬لإطلاق‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭. ‬وبالنسبة‭ ‬للقوات‭ ‬الجوية‭ ‬الصينية،‭ ‬تنتج‭ ‬الصين‭ ‬الآن‭ ‬محركات‭ ‬نفاثة‭ ‬عالية‭ ‬الجودة‭ ‬تماثل‭ ‬تلك‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬حلف‭ ‬الناتو،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬بريندان‭ ‬مولفاني،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬دراسات‭ ‬الفضاء‭ ‬الصيني،‭ ‬وهو‭ ‬مركز‭ ‬أبحاث‭ ‬تابع‭ ‬للقوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية‭. ‬وباتت‭ ‬الصين‭ ‬الآن‭ ‬تنتج‭ ‬مقاتلات‭ ‬شبح‭ ‬بوتيرة‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬مثيلتها‭ ‬الأمريكية‭. ‬وبالمثل،‭ ‬تحسنت‭ ‬نوعية‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬تحملها،‭ ‬مثل‭ ‬القدرات‭ ‬المضادة‭ ‬للتشويش‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬الصواريخ‭ ‬الصينية‭ ‬جو‭-‬جو‭ ‬والصواريخ‭ ‬المضادة‭ ‬للسفن،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقاً‭ ‬لجون‭ ‬كولفر،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬سابقاً‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التقييمات‭ ‬الأمريكية‭ ‬السابقة،‭ ‬تمكنت‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬منظومات‭ ‬متقدمة‭ ‬تأخرت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬إنتاجها،‭ ‬مثل‭ ‬المقاتلتين‭ ‬الشبحيتين‭ ‬من‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬‮«‬جي‭ ‬36‮»‬‭ ‬و«جي‭ ‬50‮»‬،‭ ‬واللتين‭ ‬كشفت‭ ‬عنهما‭ ‬الصين،‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬ديسمبر‭ ‬2024،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قامت‭ ‬بطلعات‭ ‬تجريبية‭ ‬لهما،‭ ‬واللتان‭ ‬تجمعان‭ ‬بين‭ ‬قدرات‭ ‬التخفي‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬حمل‭ ‬حمولة‭ ‬كبيرة،‭ ‬مما‭ ‬يتيح‭ ‬القيام‭ ‬بمهام‭ ‬جو‭ – ‬جو،‭ ‬وجو‭ – ‬أرض‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬بعيد‭ ‬وبسرعات‭ ‬تفوق‭ ‬سرعة‭ ‬الصوت،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعلها‭ ‬تحدياً‭ ‬هائلاً‭ ‬لأنظمة‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬الحديثة‭. ‬ويأتي‭ ‬ذلك‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬تقليص‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لاستثماراتها‭ ‬في‭ ‬الجيل‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬مقاتلات‭ ‬الهيمنة‭ ‬الجوية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ميزانيتها‭ ‬الدفاعية‭ ‬الأخيرة‭. ‬وتحركت‭ ‬واشنطن‭ ‬لمجاراة‭ ‬الصين،‭ ‬فقد‭ ‬منحت‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬شركة‭ ‬بوينج‭ ‬الأمريكية‭ ‬عقداً‭ ‬لتصنيع‭ ‬مقاتلة‭ ‬الجيل‭ ‬السادس‭ ‬‮«‬إف‭ ‬47‮»‬‭.‬

وبالمثل،‭ ‬فإن‭ ‬الصين‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تقدماً‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬إنتاج‭ ‬الصواريخ‭ ‬الفرط‭ ‬صوتية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أنفقت‭ ‬حتى‭ ‬مارس‭ ‬2024‭ ‬حوالي‭ ‬12‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لتطوير‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السلاح،‭ ‬ولكنها‭ ‬أخفقت‭ ‬حتى‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬منظومة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬الصواريخ،‭ ‬وفقاً‭ ‬لجيفري‭ ‬ماكورميك،‭ ‬كبير‭ ‬محللي‭ ‬الاستخبارات‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الوطني‭ ‬للاستخبارات‭ ‬الجوية‭ ‬والفضائية‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬شهادته‭ ‬التي‭ ‬أدلى‭ ‬بها‭ ‬أمام‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭.‬

غياب‭ ‬القيود‭ ‬السياسية‭: ‬

مثلت‭ ‬إحدى‭ ‬ركائز‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬هو‭ ‬ضمان‭ ‬التفوق‭ ‬العسكري‭ ‬النوعي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭. ‬وتتواتر‭ ‬التصريحات‭ ‬والمواقف‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬التزامها‭ ‬بهذا‭ ‬المبدأ،‭ ‬فقد‭ ‬تعهد‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي،‭ ‬مارك‭ ‬إسبر،‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2020‭ ‬بالمساعدة‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التفوق‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬إذ‭ ‬أكد‭ ‬أثناء‭ ‬لقائه‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬بيني‭ ‬جانتس،‭ ‬وقتها‭ ‬أن‭: ‬‮«‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬علاقتنا‭ ‬الدفاعية‭ ‬هو‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التفوق‭ ‬العسكري‭ ‬النوعي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬يوليو‭ ‬2022،‭ ‬جدد‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق،‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬‮«‬التزام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتزعزع‭ ‬بالتفوق‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‮»‬‭. ‬

وأثناء‭ ‬زيارة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬السعودية،‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2025،‭ ‬أعلنت‭ ‬الرياض‭ ‬نيتها‭ ‬شراء‭ ‬ما‭ ‬قيمته‭ ‬142‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭.‬

وفي‭ ‬مقابل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي،‭ ‬فإن‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬الأخرى،‭ ‬والتي‭ ‬تصنّع‭ ‬بالفعل‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس،‭ ‬مثل‭ ‬روسيا‭ ‬والصين،‭ ‬عرضت‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬شراء‭ ‬مقاتلات‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭ ‬منهما،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬تداول‭ ‬أنباء‭ ‬غير‭ ‬مؤكدة‭ ‬عن‭ ‬اهتمام‭ ‬مصر‭ ‬بشراء‭ ‬مقاتلة‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭ ‬الصينية‭ ‬‮«‬جي‭ ‬35‮»‬،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬المواجهات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأخيرة‭ ‬بين‭ ‬الهند‭ ‬وباكستان،‭ ‬والتي‭ ‬عززت‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬كفاءة‭ ‬المقاتلات‭ ‬الصينية‭ ‬عموماً‭. ‬

وتعاقدت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬مقاتلات‭ ‬التدريب‭ ‬الخفيف‭ ‬‮«‬إل‭ ‬15‭ ‬آي‮»‬‭ ‬من‭ ‬الصين،‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬كما‭ ‬بدأ‭ ‬التسليم‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬واشترت‭ ‬الإمارات‭ ‬والسعودية‭ ‬طائرات‭ ‬مسيرة‭ ‬صينية‭. ‬ويؤشر‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الخيارات‭ ‬الدفاعية‭ ‬أمام‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬باتت‭ ‬أكبر،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬أي‭ ‬موانع‭ ‬لدى‭ ‬الصين‭ ‬أو‭ ‬روسيا‭ ‬بإمداد‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بمنظومات‭ ‬متقدمة،‭ ‬بعكس‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭. ‬

وبالمثل،‭ ‬فإن‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬تمثل‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬خياراً‭ ‬مهماً‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬خاصة‭ ‬مصر‭ ‬والإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬أي‭ ‬قيود‭ ‬تفرضها‭ ‬سيؤول‭ ‬على‭ ‬صادراتها‭ ‬العسكرية‭. ‬ففي‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬وقعت‭ ‬شركة‭ ‬الدفاع‭ ‬الكورية‭ ‬هانوا‭ ‬صفقة‭ ‬بقيمة‭ ‬1‭.‬55‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬لبيع‭ ‬حوالي‭ ‬200‭ ‬مدفع‭ ‬هاوتزر‭ ‬ذاتي‭ ‬الدفع‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬‮«‬كي‭ ‬9‭ ‬ثاندر‮»‬‭ (‬K9‭ ‬Thunder‭) ‬إلى‭ ‬مصر،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬أيضاً،‭ ‬وقّعت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ليج‭ ‬نيكس‭ ‬1‮»‬‭ (‬LIG Nex1‭) ‬عقوداً‭ ‬مع‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬لتصدير‭ ‬نظام‭ ‬صواريخ‭ ‬أرض‭-‬جو‭ ‬بقيمة‭ ‬3‭.‬32‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭.‬‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬أبرمت‭ ‬هانوا‭ ‬وبونجسان‭ ‬وليج‭ ‬نيكس‭ ‬1‭ ‬صفقات‭ ‬مع‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬تبلغ‭ ‬قيمتها‭ ‬الإجمالية‭ ‬حوالي‭ ‬989‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي،‭ ‬لقاذفات‭ ‬صواريخ‭ ‬متعددة‭ ‬وذخائر‭ ‬وأنظمة‭ ‬كهروبصرية‭. ‬

ووقّعت‭ ‬شركة‭ ‬إتش‭ ‬دي‭ ‬هيونداي‭ ‬للصناعات‭ ‬اتفاقية‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬الصناعات‭ ‬البحرية‭ ‬الدولية‭ ‬ومقرها‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬لتقديم‭ ‬عطاء‭ ‬مشترك‭ ‬لبرنامج‭ ‬حكومي‭ ‬سعودي‭ ‬بقيمة‭ ‬2‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬لشراء‭ ‬خمس‭ ‬فرقاطات‭. ‬وتجري‭ ‬مصر‭ ‬محادثات‭ ‬مع‭ ‬صناعة‭ ‬الدفاع‭ ‬الكورية‭ ‬الجنوبية‭ ‬وممثلين‭ ‬من‭ ‬هانوا‭ ‬وكاي،‭ ‬لاستكشاف‭ ‬شراء‭ ‬مقاتلة‭ ‬‮«‬إف‭ ‬آي‭ ‬50‮»‬،‭ ‬ومقاتلة‭ ‬التدريب‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭ ‬‮«‬تي‭ ‬50‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬التحليل‭ ‬النهائي،‭ ‬يعني‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تتجه‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬وارادتها‭ ‬من‭ ‬السلاح‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬غير‭ ‬الغربية،‭ ‬خاصة‭ ‬الصين‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬سواء‭ ‬بسبب‭ ‬امتلاكهما،‭ ‬خاصة‭ ‬الأولى،‭ ‬لقدرات‭ ‬عسكرية‭ ‬تقنية‭ ‬متقدمة،‭ ‬تضاهي‭ ‬نظيرتها‭ ‬الغربية،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تتفوق‭ ‬عليها،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المجالات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ثبات‭ ‬كفاءة‭ ‬السلاح‭ ‬الصيني‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬نظيره‭ ‬الغربي،‭ ‬كما‭ ‬اتضح‭ ‬من‭ ‬المواجهة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بين‭ ‬الهند‭ ‬وباكستان،‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬وضع‭ ‬بكين‭ ‬وسيؤول‭ ‬لأي‭ ‬قيود‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬الأسلحة،‭ ‬بعكس‭ ‬الوضع‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬●

د‭. ‬شادي‭ ‬عبدالوهاب‭ ‬‬أستاذ‭ ‬مشارك‭ ‬في‭ ‬كلية‭ ‬الدفاع‭ ‬الوطني‭

Twitter
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض