نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة في إخراج الروبوتات من عوالمها الافتراضية التخيلية إلى الواقع المعاش وتوظيف ذكائها الاصطناعي في قطاعات بالغة الأهمية مستفيدة من دقتها العالية وكفاءتها الكبيرة لتصبح عنصراً رئيسياً في تنفيذ العديد من المهام والخدمات التي من أبرزها تلك المتعلقة بالقطاع الطبي.
ويشهد القطاع الصحي في دولة الإمارات حالياً تطوراً شاملاً في كافة أنواع الخدمات العلاجية المقدمة للمرضى والمراجعين في مختلف المستشفيات والمرافق الصحية حيث تعد الإمارات من أوائل الدول التي بدأت باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات في آلية عمل هذا القطاع الحيوي عبر العديد من المستشفيات والمراكز الطبية، ما أكسبها شهرة واسعة خاصة في مجال الجراحات “الروبوتية”.
وقد حققت مختلف المستشفيات التي تستخدم هذه التقنيات المتطورة في دولة الإمارات نجاحات مبهرة تؤهلها لتبوؤ مرتبة متقدمة على الصعيد العالمي في المجال الطبي، ولعل أبرز من يستخدم تقنيات الجراحات “الروبوتية” وذاع صيته في هذا المجال، مستشفى “كليفلاند كلينك”، ومدينة الشيخ شخبوط الطبية في أبوظبي.
روبوتات متطورة تعزز من قدرات الجراحين
تأسس برنامج جراحة “الروبوت” في مستشفى “كليفلاند كلينك” أبوظبي في العام 2015 بهدف توفير رعاية صحية عالمية المستوى للمرضى داخل الإمارات والمنطقة.
وقال الدكتور كاشف صديقي، استشاري أمراض المسالك البولية، معهد التخصصات الجراحية الدقيقة في مستشفى “كليفلاند كلينك” أبوظبي في تصريحات لـ «الجندي»، إن المستشفى أجرى منذ عام 2015 نحو 429 جراحة باستخدام الروبوت عبر كوادر طبية معتمدة تمتلك خبرة فنية ومعرفة واسعة في استخدام هذه التقنية المتطورة في الجراحات المعقدة. وأضاف بأن “كليفلاند كلينك” أبوظبي بدأ في العام الماضي 2019 التوسع في إجراء العمليات الجراحية باستخدام نظام “دافنشي Xi”، وهو أحدث جهاز متوفر في العالم حالياً للعمليات الجراحية بالروبوتات إذ يتيح للجراحين المزيد من الدقة والتحكم، وتعزز قدرتهم على الرؤية والتغلب على الصعوبات في الوصول إلى موقع الجراحة حيث إن الكاميرا ثلاثية الأبعاد المستخدمة في الجهاز الجديد تتيح للجراحين خيار التوجيه إلى أي منفذ من منافذ الجراحة، كما أن نظام “Xi” يحد من رجفان أيدي الجراحين أثناء العمل ويعزز من قدراتهم خلال العمليات الجراحية المعقدة، ذلك أنه يحتوي على مسند فوق الرأس يتيح تحريك أذرع المعدات الطويلة والرفيعة وتوجيهها بمرونة أكثر.
وبيّن الدكتور كاشف أن أول منظومة روبوت جراحية استخدمها المستشفى كانت من طراز “دافنشي Si”، التي تتميز باحتوائها على لوحتي تحكم تتيح فرص التدريب والتعاون خلال الجراحات قليلة التدخل وصور ثلاثية الأبعاد شديدة الوضوح.
مجالات الجراحات الروبوتية وفوائدها
وقال الدكتور صديقي إن جراحة الروبوت تستخدم في الكثير من العمليات، مثل جراحات القلب والجهاز الهضمي وعلاج أورام البطن وجراحة السمنة والمسالك البولية والقولون والمستقيم والجراحة النسائية.
وأشار إلى أن الجراحة الروبوتية توفر العديد من الفوائد للمرضى المؤهلين لها حيث إنها تتميز بمستوى أفضل من الدقة، وتُجرى في وقت أقصر مقارنة بالعمليات الجراحية التقليدية، كما أن نتائجها أفضل ويتعافى منها المريض بسرعة أكبر ولا تسبب آلام كبيرة وتخفف من فرص حدوث العدوى والنزيف والندوب لأنها تتم عبر ثقوب صغيرة.
وأوضح الدكتور كاشف أن جراحة “الروبوت” لا تناسب جميع المرضى، ولهذا، يتعاون أعضاء الفريق الطبي متعدد التخصصات في لدراسة كل حالة على حدة لاتخاذ القرار بشأن النهج المناسب في إجراء العملية الجراحية، منوهاً في الوقت نفسه إلى أن العديد من المرضى لديهم اعتقاد خاطئ بأن “الروبوت” هو الذي يجري الجراحة دون تدخل العنصر البشري، لكن الحقيقة هي أن الروبوت هو مجرد أداة متطورة تساعد الأطباء، فأثناء الجراحة هناك دوماً طبيباً جراحاً يتحكم بحركة “الروبوت” وآخر بجانب سرير المريض يوجه العملية بما يناسب حالته الصحية.
مدينة الشيخ شخبوط الطبية تجري أول علمية جراحية بتقنية الروبوت
على صعيد آخر، أجرى جراحون في مدينة الشيخ شخبوط الطبية في أبوظبي جراحة بمساعدة “الروبوت”، هي الأولى من نوعها في المدينة الطبية المتكاملة حسب ما أعلن عن ذلك في مطلع سبتمبر 2020.
وتعد مدينة الشيخ شخبوط الطبية أكبر مستشفى في الدولة للرعاية الطبيّة الخطيرة والمعقدة، كما تمثّل مشروعاً مشتركاً بين “مايو كلينك” وبين شركة أبوظبي للخدمات الصحية “صحة”.
وأجريت الجراحة بالتزامن مع إطلاق برنامج جراحة “روبوتية” شامل في المستشفى في سبيل تمكين وتعزيز العمليات الجراحية محدودة التدخل وتحسين النتائج السريرية.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور “ماثيو غيتمان”، المدير الطبي في مدينة الشيخ شخبوط الطبية وأول جراح مختص في الجراحة “الروبوتية” مع “مايو كلينيك” في الولايات المتحدة: نحن فخورون جداً بإجراء أول جراحة “روبوتية” في مدينة الشيخ شخبوط الطبية بعد فترة وجيزة من افتتاح البرنامج”، مضيفاً: “إنه إنجاز كبير يرسخ مساعينا لتحويل مدينة الشيخ شخبوط الطبية إلى وجهة للرعاية الطبية المعقدة.
وأشار قائلًا: وبفضل الاستفادة من معارف وخبرات “مايو كلينيك” إلى جانب ما تحمله “صحة” من إرث عريق في الرعاية الصحية في الدولة، ستسهم فرقنا الجراحية بخبراتها ومؤهلاتها وتدريبها عالي المستوى في تحسين نتائج علاج المرضى والارتقاء بمعايير الرعاية في دولة الإمارات وخارجها.
