medicine-3337005_1920

آلام الظهر وجودة الحياة

تُعدّ آلام الظهر من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا حول العالم حيث تشير الدراسات إلى أن ما يقارب 80% من البالغين قد يعانون منها في مرحلة ما من حياتهم ، وهي السبب الثاني الأكثر شيوعًا لزيارة الأطباء بعد التهابات الجهاز التنفسي، وهذا العبء لا يقتصر على الجانب الصحي فقط بل يمتد إلى تأثيرات اقتصادية واجتماعية ملموسة ، حيث تُعدّ آلام الظهر من أهم مسببات الإجازات المرضية والتغيب عن العمل، الأمر الذي ينعكس سلبًا على الأداء الوظيفي وانخفاض الإنتاجية، ويُسجّل كخسارة كبيرة في سوق العمل على مستوى الأفراد والمؤسسات على حد سواء.

ورغم أن غالبية الحالات تكون بسيطة وتتحسن تلقائيًا مع الوقت أو باستخدام العلاجات المحافظة، فإن بعض المرضى قد يعانون من آلام متكررة أو مزمنة تؤثر على جودة حياتهم اليومية، وفي بعض الأحيان قد تكون آلام الظهر بمثابة جرس إنذار لمشكلات صحية خطيرة تستدعي التدخل الطبي العاجل لتفادي المضاعفات.

ويُقصد بآلام الظهر أي إحساس بالألم أو الانزعاج في المنطقة الممتدة من أسفل الرقبة حتى أسفل العمود الفقري، ويختلف الألم في طبيعته من شخص لآخر فقد يكون حادًا مفاجئًا، أو متقطعًا، أو شعورًا بالثقل والتيبّس المستمر .

وتُقسم آلام الظهر من حيث المدة والشدة إلى:

آلام حادة: تستمر أقل من 6 أسابيع وغالبًا تظهر بعد مجهود بدني أو جلوس طويل.

آلام متوسطة : تستمر من 6 إلى 12 أسبوعًا.

آلام مزمنة: تدوم أكثر من 12 أسبوعًا وتؤثر على النوم والحركة والقدرة على العمل.

ومن حيث المكان تُصنّف إلى :

آلام الرقبة وأعلى الظهر (غالبًا مرتبطة بالشد العضلي أو الوضعيات الخاطئة أثناء استخدام الأجهزة الإلكترونية أو الكمبيوتر).

آلام منتصف الظهر (مرتبطة بالعمود الفقري أو العضلات).

آلام أسفل الظهر (الأكثر شيوعًا وغالبًا مرتبطة بالإجهاد أو الغضاريف والأعصاب).

أسباب آلام الظهر

تتنوع الأسباب بين بسيطة وشائعة وأخرى خطيرة ومعقدة ويمكن تقسيمها إلى:

1) أسباب ميكانيكية (عضلية هيكلية)

الشد العضلي والإجهاد البدني نتيجة الجلوس الطويل أو رفع الأشياء بطريقة خاطئة.

الانزلاق الغضروفي (الديسك) حيث يضغط الغضروف على الأعصاب القريبة مسببًا ألمًا قد يمتد إلى الساقين

التهاب المفاصل وخشونة الفقرات خاصة مع التقدم في العمر.

انحراف العمود الفقري

كسور العمود الفقري الانضغاطية لدى مرضى هشاشة العظام.

2) أسباب عصبية

الضغط على الأعصاب القطنية أو العجزية.

ضيق القناة الشوكية مما يسبب ألمًا وضعفًا في الأطراف السفلية.

3) أسباب غير ميكانيكية (غير هيكلية)

أمراض الكلى مثل الحصى أو الالتهابات.

أورام العمود الفقري الأولية أو الثانوية.

التهابات أو عدوى في العمود الفقري.

الأعراض وعوامل الخطر

قد تختلف شدة الألم من مجرد انزعاج خفيف إلى ألم حاد يمنع الشخص من الحركة ، وتوجد عدة عوامل تزيد من احتمال الإصابة أو شدة الألم منها:

الجلوس الطويل أو الوضعيات الخاطئة خاصة أمام الأجهزة.

قلة النشاط البدني والسمنة التي تزيد الضغط على الفقرات.

التدخين الذي يقلل تدفق الدم إلى العمود الفقري ويؤثر على شفاء الأنسجة.

التوتر النفسي والقلق حيث يمكن أن يؤدي إلى شدٍّ عضلي في الظهر دون سبب عضوي واضح.

الحمل بسبب زيادة الوزن والتغيرات الهرمونية المؤثرة على الأربطة والعضلات.

ومن المهم التنبيه إلى أن هناك أعراضًا مصاحبة تستدعي مراجعة الطبيب فورًا مثل:

ضعف أو تنميل في الساقين.

صعوبة التحكم بالمثانة أو الأمعاء.

ألم شديد لا يخف مع الراحة أو يوقظ المريض من النوم.

استمرار الألم لأكثر من أسبوعين دون تحسن.

وجود حُمّى أو فقدان وزن غير مبرر.

تاريخ مرضي للسرطان أو هشاشة العظام.

التشخيص

يعتمد تشخيص آلام الظهر على:

التاريخ المرضي والفحص السريري لتقييم الحركة وقوة العضلات وردود الأفعال العصبية.

الفحوص التصويرية مثل الأشعة السينية، الرنين المغناطيسي، والأشعة المقطعية لتقييم الغضاريف والفقرات.

تحاليل الدم في حال الاشتباه بالعدوى أو الالتهاب.

اختبارات الأعصاب لقياس مدى تأثرها بالضغط أو الالتهاب.

العلاج

أولًا: العلاج المحافظ

ويُستخدم في أغلب الحالات:

راحة مؤقتة مع تجنب النوم الطويل.

مسكنات الألم و مضادات الالتهاب.

العلاج الطبيعي و تمارين التقوية والمرونة.

الكمادات الباردة أو الدافئة.

الحقن الموضعية بالكورتيزون في بعض الحالات.

العلاج السلوكي المعرفي خاصة في الألم المزمن المرتبط بالضغط النفسي.

ثانيًا: التدخل الجراحي

ويُعتبر الخيار الأخير عند فشل العلاجات السابقة أو وجود مشكلات خطيرة مثل:

انزلاق غضروفي ضاغط لا يستجيب للعلاج.

ضعف عصبي شديد.

ضيق القناة النخاعية المتقدم.

أورام، التهابات، أو كسور غير مستقرة في العمود الفقري.

الوقاية

يمكن الحد من آلام الظهر عبر:

المحافظة على وضعية جلوس سليمة مع دعم أسفل الظهر.

اتباع الطريقة الصحيحة لرفع الأشياء الثقيلة.

تجنّب الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة دون حركة.

ممارسة التمارين الرياضية بانتظام خاصة تمارين التمدد وتقوية البطن والظهر.

الحفاظ على وزن صحي.

النوم على مرتبة جيدة وتجنّب الوسائد العالية جدًا.

التوقف عن التدخين لتحسين تدفق الدم ودعم صحة العظام.

وفي الختام

آلام الظهر ليست مجرد إزعاج عابر، بل مشكلة صحية واسعة الانتشار تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، ومعظم الحالات تُعالج بطرق بسيطة إذا تم التعامل معها مبكرًا لكن تجاهلها قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تؤثر على جودة الحياة، لذا وعي الفرد بأسباب آلام الظهر وطرق الوقاية منها، مع طلب الاستشارة الطبية عند ظهور الأعراض المقلقة، هو السبيل الأمثل للحد من المضاعفات وضمان حياة أكثر نشاطًا وصحة.

الدكتورة بدرية الحرمي، استشارية الصحة العامة

Youtube
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض