يمثل معرض الخدمة الوطنية للتوظيف الذي يقام في مركز دبي للمعارض بمدينة إكسبو دبي خلال الفترة الممتدة من 12 إلى 14 مايو 2025، حدثاً محورياً في سوق العمل بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يساعد على ربط الشباب الإماراتي بفرص العمل والتعليم والتدريب، وذلك وفقاً لرؤية قيادة الدولة الطموحة لتعزيز مهارات الشباب وتهيئتهم لسوق العمل. وفي هذا السياق، التقت مجلة «الجندي» السيد طارق المدني، الرئيس التنفيذي لشركة «إندكس» للمؤتمرات والمعارض، المسؤولة عن تنظيم معرض الخدمة الوطنية للتوظيف، للحديث عن أهداف المعرض ودوره في سد الفجوة بين الكفاءات ومتطلبات السوق، وأثره على تنمية المواهب الإماراتية، وأجرت معه الحوار التالي:
ما هي الأهداف الرئيسية لمعرض الخدمة الوطنية للتوظيف ورؤيته المستقبلية؟
هذا المعرض هو واجب وطني تجاه حماة الوطن وجزء من رد الجميل لدولة الإمارات من خلال دعم أولئك الذين يكرسون جهودهم لحفظ أمنها واستقرارها. يجسد معرض الخدمة الوطنية للتوظيف (NSCF)، التزام الدولة بتنمية مهارات الشباب وخلق الفرص لهم، حيث يهدف إلى تمكين خريجي الخدمة الوطنية من بناء مستقبلهم عبر تعزيز علاقاتهم بمؤسسات الأعمال والجامعات والهيئات التدريبية الوطنية.
يمنح المعرض المشاركين تجارب عملية وخبرات أساسية تؤهلهم للنجاح في سوق العمل، حيث يوفر بيئة تشجع على الابتكار والإبداع، إلى جانب برامج تعليمية متقدمة تسهم في تطوير خبراتهم التقنية ومهاراتهم المهنية. ونسعى من خلاله إلى دعم منتسبي برنامج الاحتياط للخدمة الوطنية، وتوفير منصة شاملة تجمعهم بالجهات الحكومية والخاصة، فضلاً عن تعزيز فرص التوظيف والتدريب والتعليم بما يسهم في تحقيق مستهدفات التوطين وتعزيز مشاركة الكوادر الإماراتية في مختلف القطاعات الاقتصادية.
مع التطور المستمر لاحتياجات القطاعات المختلفة في دولة الإمارات، كيف يسهم المعرض في سد الفجوة بين المواهب ومتطلبات السوق؟
نركز في المعرض على تمكين الشباب في العديد من القطاعات الحيوية، مما يتيح لهم فرصاً مباشرة للتواصل مع كبار القادة في هذه المجالات واستكشاف المسارات المهنية المتاحة. في الدورة السابقة، شمل المعرض أكثر من 30 ورشة عمل قدمها أكثر من 40 متحدثاً عالمياً، وتناولت مواضيع حيوية مثل إدارة الأزمات والاستعداد لسوق العمل وفرص التوظيف. هذا العام، نسلط الضوء على مشاركة المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة من مختلف القطاعات، لتقديم الدعم لخريجي الخدمة الوطنية، سواءً كانوا محترفين أو حديثي التخرج، بهدف تحقيق طموحاتهم المهنية. كما يوفر المعرض للشركات قاعدة بيانات قوية تضم ملفات منتسبي وخريجي برنامج الاحتياط للخدمة الوطنية، مما يسهم في تعزيز فرص التوظيف المستقبلية. وإلى جانب ذلك، يتضمن الحدث جلسات نقاشية حول العلامة الشخصية، وفرص العمل في القطاع الخاص، ودور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مختلف المجالات. ويسهم هذا النهج الشامل في دعم مبادرة التوطين وسد الفجوة بين متطلبات سوق العمل المتنامية، لا سيما في مجالات الدفاع والأمن، وبين الكفاءات المتاحة.
ويعزز المعرض قنوات التواصل المفتوحة بين المجندين والخريجين والجهات المشاركة، مما يضمن توافق المهارات مع احتياجات السوق، ويدعم نجاح الأجيال القادمة في مختلف المجالات.
ويشتمل معرض الخدمة الوطنية للتوظيف على مجموعة واسعة من القطاعات الحيوية، مثل النفط والغاز، والقطاع الحكومي، والتعليم والتدريب، والتمويل والمصارف، والرعاية الصحية، والتصنيع، والتجزئة، والبنية التحتية، والتجارة الإلكترونية، والاقتصاد، وصناعة السيارات، وإدارة الطوارئ، والتكنولوجيا، والهندسة، والطيران، والزراعة، والاتصالات، والمقاولات. كما يضم المعرض مشاركة وكالات إعلامية، ما يعكس تنوع القطاعات المساهمة في تطوير سوق العمل في دولة الإمارات وتلبية متطلباته المتنامية.
ما أهمية هذا الحدث في تعزيز التعاون بين المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة؟
يلعب معرض الخدمة الوطنية للتوظيف دوراً محورياً في تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، إذ يجمع تحت سقفه نخبة من الشركات والهيئات الحكومية التي تتفاعل مباشرة مع مجندي الخدمة الوطنية والخريجين، مما يفتح آفاقاً واسعة أمام فرص التوظيف والتدريب. وتتنوع فعاليات المعرض لتشمل مناقشات حول استراتيجيات التوطين، مثل ورشة عمل «استراتيجية التوطين لمجموعة الإمارات»، التي تركز على سبل دعم الاقتصاد المحلي وتشجيع استقطاب الكفاءات الإماراتية.
وفي هذا السياق، أكد عدد من كبار مسؤولي الشركات أهمية المعرض في دعم التوطين وتعزيز فرص توظيف الإماراتيين. فقد أوضح «سوناند ناير»، مدير استقطاب المواهب في «المسعود»، أن المعرض يعزز رؤية الإمارات في توظيف المواطنين، من خلال توفير منصة تجمع بين الشركات الخاصة والهيئات الحكومية لاستقطاب الكفاءات المحلية. فيما أشار إسماعيل علي عبدالله، الرئيس التنفيذي لشركة «ستراتا»، إلى أن المعرض يمثل قناة حصرية لتوظيف الإماراتيين، حيث قدمت «ستراتا» أكثر من 100 فرصة عمل جديدة. أما أنس العزب، مدير التوظيف في «دي إتش إل»، فقد شدد على أن الحدث يساعد الشركات في الوصول إلى الكفاءات الإماراتية المناسبة، مما يسهم في سد احتياجات السوق.
ومن جانبه، أوضح سعادة المهندس فهد الحمادي الوكيل المساعد لقطاع الخدمات المساعدة في وزارة الطاقة والبنية التحتية، أن المعرض يمثل فرصة فريدة لدمج الكوادر الوطنية في سوق العمل، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة. وعلى الصعيد الأكاديمي، سلط أحمد سامي البارودي، مدير القبول بجامعة زايد، الضوء على دور الجامعة في تقديم برامج أكاديمية متطورة تتماشى مع احتياجات سوق العمل وتدعم جهود الخدمة الوطنية، ما يعزز من جاهزية الخريجين للانخراط في مختلف القطاعات الحيوية. ومما لا شك فيه أن تلك التصريحات تعكس الدور الحيوي للمعرض في تعزيز التكامل بين القطاعين العام والخاص، مما يسهم في دعم مسيرة التنمية واستشراف مستقبل مزدهر لدولة الإمارات.
ما هي أبرز نتائج الدورة الأخيرة من المعرض، وكيف ساهم المعرض في تعزيز عملية التوظيف وتطوير المواهب؟
شهد المعرض تطوراً ملحوظاً من حيث التأثير والنتائج، حيث تم توظيف أكثر من 900 خريج، إلى جانب تسجيل أكثر من 2200 مشارك في برامج تدريبية متخصصة. كما تم جمع أكثر من 8980 سيرة ذاتية، وتم تحديد أكثر من 900 مقابلة توظيف بعد انتهاء الحدث، ما يؤكد استمرارية الفرص التي يوفرها المعرض. كما حققت المنصات الرقمية للمعرض نمواً لافتاً، حيث زاد عدد المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي بنسبة 40.9%، إلى جانب شراكات إعلامية جديدة بنسبة نمو 50%. وشهد الموقع الإلكتروني للمعرض أكثر من 33,335 زيارة، مما يعكس الاهتمام المتزايد من الباحثين عن العمل وأصحاب الأعمال. وتُبرز هذه النتائج التأثير المتنامي للمعرض في تشكيل مستقبل التوظيف وتطوير الكفاءات، بما يعود بالفائدة على الأفراد والشركات على حدٍ سواء.
وفقاً للاتجاهات الحالية في سوق العمل الإماراتي، ما المهارات والتخصصات الأكثر طلباً لدى الشركات المشاركة في المعرض؟
تركز الشركات على استقطاب الكفاءات في مجالات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، وعلم البيانات، والتعلم الآلي، وهندسة البرمجيات والأمن السيبراني، إضافة إلى الهندسة الميكانيكية والكهربائية والمدنية.
كما تحظى المهارات القيادية، إدارة المشاريع، والقدرة على حل المشكلات بأهمية خاصة في بيئة الأعمال الحديثة.
ومع تنامي الاهتمام بالاستدامة والابتكار، أصبح هناك طلب متزايد على الخبرات في التقنيات الخضراء والطاقة المتجددة.
هل لديكم أي رسالة تودون توجيهها للجمهور عبر مجلة «الجندي»؟
نود أن نؤكد الدور المحوري لمعارض التوظيف، مثل معرض الخدمة الوطنية للتوظيف، في بناء مستقبل مستدام لدولة الإمارات. فهذه الفعاليات ليست مجرد منصات للتوظيف، بل هي أدوات لتمكين الشباب الإماراتي وتعزيز جهود التوطين.
ولا يقتصر دور المعرض على ربط المواهب الوطنية بفرص العمل، بل يشجعهم على التطوير المستمر لمهاراتهم. فالتعلم المستمر أساس التكيف مع تحديات المستقبل وضمان الاستدامة. ويلعب هذا المعرض دوراً محورياً في تزويد المجندين والخريجين بالمهارات والخبرات اللازمة للابتكار والمساهمة في تشكيل مستقبل دولة الإمارات. كما أن الاستثمار في الشباب الإماراتي من خلال فرص التعلم والتدريب والعمل هو ركيزة أساسية لضمان ازدهار الدولة. فالمجندون والخريجون هم عماد مستقبل الوطن، وكل خطوة تُتخذ اليوم لتمكينهم بالمعرفة والخبرة تساهم في بناء أمة قوية قادرة على مواجهة تحديات المستقبل. وختاماً، لا يعد هذا المعرض فرصة للتوظيف فحسب، بل رسالة تؤكد أن التقدم المستدام يكمن في التطوير المستمر لقدرات الشباب من خلال فرص التعلم والنمو المهني. وهذا يضمن لهم مستقبلاً مشرقاً ويعزز مكانة دولة الإمارات على الساحة العالمية.
حوار: الجندي