D4

سلاح‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬الجيوش‭ ‬الحديثة

مع‭ ‬انطلاق‭ ‬المعادلات‭ ‬الأمنية‭ ‬الجديدة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬تضاعفت‭ ‬الحاجة‭ ‬لتأمين‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬الحماية‭ ‬للوحدات‭ ‬العسكرية‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬التوتر‭ ‬المختلفة‭. ‬وقد‭ ‬تعزز‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬مع‭ ‬تطوير‭ ‬تقنيات‭ ‬هجومية،‭ ‬الغاية‭ ‬منها‭ ‬زعزعة‭ ‬الثقة‭ ‬ومنع‭ ‬الوحدات‭ ‬المذكورة‭ ‬من‭ ‬إتمام‭ ‬المهمات‭ ‬الموكلة‭ ‬لها‭. ‬وحتى‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التطور،‭ ‬الذي‭ ‬يتأكد‭ ‬تباعاً‭ ‬منذ‭ ‬اوائل‭ ‬التسعينات،‭ ‬كانت‭ ‬مسألة‭ ‬السلامة‭ ‬بالمعنى‭ ‬العريض‭ ‬للكلمة،‭ ‬أحد‭ ‬مقومات‭ ‬العمل‭ ‬العسكري‭ ‬ومن‭ ‬معطياته‭ ‬الأساسية‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الثقة‭ ‬المتزايدة‭ ‬لدى‭ ‬أفراد‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬تدعم‭ ‬التغطية‭ ‬الصحية‭ ‬واللوجستية،‭ ‬وتشكل‭ ‬عاملاً‭ ‬إيجابياً‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬النفسي‭ ‬حين‭ ‬يتطلب‭ ‬الوضع‭ ‬العسكري‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مواجهات‭ ‬شاملة‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭. ‬

وتعتبر‭ ‬العناية‭ ‬الطبية‭ ‬المتقدمة،‭ ‬وتدابير‭ ‬الإنقاذ،‭ ‬جزءاً‭ ‬مركزياً‭ ‬من‭ ‬الآلية‭ ‬اللوجستية‭ ‬الشاملة‭ ‬وتطبيقاتها‭ ‬العملية،‭ ‬نظراً‭ ‬ما‭ ‬تمثله‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬على‭ ‬خلافها‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬متحرك‭ ‬داخل‭ ‬المحيط‭ ‬القتالي‭ ‬ذاته‭. ‬وقد‭ ‬ثبت‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬أن‭ ‬الإسناد‭ ‬الطبي‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬الضروريات‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الكفاءة‭ ‬القتالية‭ ‬والمعنويات‭ ‬لدى‭ ‬الأفراد‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬المعارك‭. ‬

والغرض‭ ‬من‭ ‬الرعاية‭ ‬الطبية‭ ‬الميدانية‭ ‬إنقاذ‭ ‬الجرحى‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬معنويات‭ ‬الأفراد‭ ‬وإيقاف‭ ‬النزيف‭ ‬وتسكين‭ ‬الألم‭ ‬لكي‭ ‬يستطيع‭ ‬المقاتل‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬الجبهات‭ ‬القتالية‭ ‬بعد‭ ‬تقديم‭ ‬الرعاية‭ ‬الطبية‭ ‬له‭. ‬

الفرق‭ ‬بين‭ ‬الطبيب‭ ‬العسكري‭ ‬والمدني

الطبيب‭ ‬المدني‭ ‬يتخرج‭ ‬ويعمل‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬المدنية‭ ‬ووزارة‭ ‬الصحة‭ ‬والعيادات‭ ‬الخاصة،‭ ‬أما‭ ‬الطبيب‭ ‬العسكري‭ ‬فيحمل‭ ‬رتبة‭ ‬عسكرية‭ ‬بعد‭ ‬تخرجه،‭ ‬ويعمل‭ ‬بمستشفيات‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭.‬

الطبيب‭ ‬المدني‭ ‬يعامَل‭ ‬معاملة‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان،‭ ‬ويمارس‭ ‬حريته‭ ‬كشخص‭ ‬عادي،‭ ‬أما‭ ‬الطبيب‭ ‬العسكري‭ ‬فهناك‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬واللوائح‭ ‬يلتزم‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬مخالفتها‭.‬

الطبيب‭ ‬العسكري‭ ‬تتوفر‭ ‬له‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬البدلات،‭ ‬والتي‭ ‬تناسب‭ ‬طبيعة‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬النائية‭ ‬والحدود‭ ‬وأثناء‭ ‬الحروب‭.‬

الطبيب‭ ‬المدني‭ ‬لديه‭ ‬حرية‭ ‬كاملة‭ ‬في‭ ‬التطور‭ ‬بوظيفته‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬شهادات‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬خارجية‭ ‬وإمكانية‭ ‬السفر‭ ‬بأي‭ ‬وقت‭ ‬والعمل‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الطبيب‭ ‬العسكري‭ ‬والذي‭ ‬تحتم‭ ‬عليه‭ ‬القواعد‭ ‬العمل‭ ‬بالمؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬طوال‭ ‬مدة‭ ‬خدمته‭.‬

الطبيب‭ ‬المدني‭ ‬يتم‭ ‬تقييمه‭ ‬على‭ ‬حسب‭ ‬خبرته‭ ‬وشهرته‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الذي‭ ‬تخصص‭ ‬فيه،‭ ‬أما‭ ‬الطبيب‭ ‬العسكري‭ ‬فيتم‭ ‬تقييمه‭ ‬على‭ ‬حسب‭ ‬الرتبة‭ ‬التي‭ ‬حصل‭ ‬عليها‭ ‬نتيجة‭ ‬تطوره‭ ‬الوظيفي‭.‬

وهنا‭ ‬يبرز‭ ‬السؤال‭: ‬ما‭ ‬هي‭ ‬المؤهلات‭ ‬الأخرى‭ ‬غير‭ ‬الطبية‭ ‬المدنية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬الطبيب‭ ‬العسكري؟

تحتاج‭ ‬مهنة‭ ‬الطبيب‭ ‬العسكري‭ ‬إلى‭ ‬مؤهلات‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬مؤهلاته‭ ‬الطبية‭ ‬المدنية،‭ ‬فهو‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬مهاراته‭ ‬العلاجية‭ ‬في‭ ‬الميدان‭ ‬بمعدات‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬محدودة‭ ‬للغاية‭. ‬وليس‭ ‬لدى‭ ‬أي‭ ‬جيش‭ ‬الإمكانات‭ ‬في‭ ‬تدريب‭ ‬شخص‭ ‬ليصبح‭ ‬طبيباً‭ ‬كامل‭ ‬المؤهلات،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬وسع‭ ‬الجيش‭ ‬أن‭ ‬يزود‭ ‬الطبيب‭ ‬المستخدم‭ ‬بالتدريب‭ ‬الإضافي‭ ‬اللازم‭ ‬لتأهيله‭ ‬بالمهام‭ ‬الخاصة‭ ‬أثناء‭ ‬المعركة‭ ‬وفي‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭. ‬ومثل‭ ‬هذا‭ ‬التدريب‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬إطلاع‭ ‬الطبيب‭ ‬المستجد‭ ‬على‭ ‬التشكيلات‭ ‬العسكرية‭ ‬والتكتيكات‭ ‬الأساسية،‭ ‬بحيث‭ ‬يمكنه‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬الملائمة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الوضع‭ ‬وتحريك‭ ‬مراكز‭ ‬الإسعاف‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الكتيبة‭ ‬وكذلك‭ ‬عربات‭ ‬الإسعاف‭ ‬الميدانية‭ ‬ومستشفيات‭ ‬الميدان‭ ‬والوسائط‭ ‬الطبية‭ ‬الأخرى‭. ‬وكيف‭ ‬تدخل‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الاشياء‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬العسكرية‭. ‬وعلى‭ ‬الأطباء‭ ‬أن‭ ‬يتفهموا‭ ‬أيضاً‭ ‬مشكلات‭ ‬إخلاء‭ ‬الإصابات‭ ‬من‭ ‬ساحات‭ ‬القتال‭ ‬ووسائله‭.‬

وهنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المرضى‭ ‬العسكريين‭ ‬وضحايا‭ ‬المعارك،‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬عمليات‭ ‬جراحية‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬علاج‭ ‬طبي‭ ‬عادي‭ ‬كالذي‭ ‬يُعالج‭ ‬به‭ ‬المرضى‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬المدنية‭. ‬لهذه‭ ‬الأسباب‭ ‬مجتمعة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الطبيب‭ ‬العسكري‭ ‬ذا‭ ‬خبرة‭ ‬جراحية‭ ‬تفوق‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬توفرها‭ ‬له‭ ‬ممارسة‭ ‬المهنة‭ ‬في‭ ‬الحقل‭ ‬المدني‭. ‬وقد‭ ‬يقاتل‭ ‬الجنود‭ ‬في‭ ‬الأدغال‭ ‬أو‭ ‬المناطق‭ ‬الصحراوية‭ ‬فيصابون‭ ‬بأمراض‭ ‬غير‭ ‬مألوفة‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬أطباء‭ ‬الوحدات‭ ‬المقاتلة،‭ ‬مما‭ ‬يتوجب‭ ‬إلحاق‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطباء‭ ‬بدورات‭ ‬دراسية‭ ‬قصيرة‭ ‬عن‭ ‬الطب‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الاستوائية‭. ‬كما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬تدريب‭ ‬الأطباء‭ ‬على‭ ‬فن‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الكليات‭ ‬العسكرية،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتولوا‭ ‬قيادة‭ ‬عناصر‭ ‬الوحدات‭ ‬الطبية،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الثكنات‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬القتال‭.‬

مهام‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬
في‭ ‬الجيوش‭ ‬الحديثة‭ ‬

ركزت‭ ‬الطرق‭ ‬العلاجية‭ ‬للإصابات‭ ‬في‭ ‬الجيوش‭ ‬الحديثة‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬على‭ ‬الآتي‭: ‬

الإسهام‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬الأساسية‭ ‬لأفراد‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬وتوفير‭ ‬الإسناد‭ ‬الصحي‭ ‬لمستحقي‭ ‬العلاج‭ ‬من‭ ‬عسكريين‭ ‬ومدنيين‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الطب‭ ‬الوقائي‭ ‬والتشخيص‭ ‬والعلاج‭ ‬والخدمات‭ ‬الاستشفائية‭ ‬والاختبارات‭ ‬الطبية‭.‬

السهر‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬التثقيف‭ ‬الصحي‭ ‬داخل‭ ‬الوسط‭ ‬العسكري‭.‬

متابعة‭ ‬الوضع‭ ‬البيئي‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬حمايته‭ ‬داخل‭ ‬الوحدات‭ ‬العسكرية‭.‬

المتابعة‭ ‬الوبائية‭ ‬للأمراض‭ ‬داخل‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬ودراسة‭ ‬البرامج‭ ‬الوقائية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بها‭ ‬وإرساؤها‭ ‬ومتابعتها،‮ ‬وذلك‭ ‬بالتكامل‭ ‬والتنسيق‭ ‬مع‭ ‬المصالح‭ ‬المختصة‭ ‬التابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬الصحة‭.‬

الإشراف‭ ‬على‭ ‬تحليل‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬بالمختبرات‭.‬

اعتماد‭ ‬التدابير‭ ‬التنظيمية‭ ‬لتوفير‭ ‬الإسناد‭ ‬الصحي‭ ‬للوحدات‭ ‬التابعة‭ ‬للجيوش‭ ‬الثلاثة‭ ‬والإدارات‭ ‬والمصالح‭ ‬المشتركة،‭ ‬طبقاً‭ ‬لخصوصياتها‭.‬

إعداد‭ ‬مخططات‭ ‬التدخل‭ ‬الطبي‭ ‬خلال‭ ‬الكوارث‭ ‬والعمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬وأخذ‭ ‬التدابير‭ ‬اللازمة‭ ‬لتطبيقها‭.‬

تدريب‭ ‬الأفراد‭ ‬والوحدات‭ ‬الصحية‭ ‬الميدانية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإسناد‭ ‬الصحي‭ ‬للجيوش‭ ‬خلال‭ ‬الكوارث‭ ‬والعمليات‭ ‬العسكرية‭.‬

إعداد‭ ‬البرامج‭ ‬المتعلقة‭ ‬باقتناء‭ ‬التجهيزات‭ ‬الطبية‭ ‬والمواد‭ ‬الصيدلانية‭ ‬وتوفير‭ ‬الإمدادات‭ ‬الصحية‭ ‬داخل‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬والسهر‭ ‬على‭ ‬صيانة‭ ‬المعدات‭ ‬الطبية‭.‬

السهر‭ ‬على‭ ‬إعداد‭ ‬أفراد‭ ‬في‭ ‬الاختصاصات‭ ‬الطبية‭ ‬وشبه‭ ‬الطبية‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تنظيم‭ ‬المؤتمرات‭ ‬العلمية‭ ‬والمؤتمرات‭ ‬الطبية‭ ‬العسكرية‭.‬

إن‭ ‬هيئة‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭ ‬المدربة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬جيش‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬العناية‭ ‬بالمصابين‭ ‬والمرضى‭ ‬حتى‭ ‬الشفاء‭ ‬التام‭. ‬ولذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تعلم‭ ‬أفراد‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬جميعاً‭ ‬مبادئ‭ ‬الإسعافات‭ ‬الأولية‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬الجوهرية‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬التعلم‭ ‬جزءاً‭ ‬أساسياً‭ ‬من‭ ‬مناهج‭ ‬تدريب‭ ‬المجندين‭ ‬الأغرار،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬التخصص‭.‬

على‭ ‬الجنود‭ ‬أن‭ ‬يدركوا‭ ‬خطورة‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬يصابون‭ ‬بصدمات‭ ‬عصبية‭ ‬جراء‭ ‬إصابتهم‭ ‬بحروق‭ ‬أو‭ ‬بنزيف‭ ‬حاد‭. ‬ولذلك‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬جندي‭ ‬أن‭ ‬يحمل‭ ‬علبة‭ ‬ضمادات،‭ ‬وفي‭ ‬الأماكن‭ ‬المعزولة‭ ‬تكون‭ ‬معه‭ ‬زجاجة‭ ‬دواء‭ ‬مُسَكِّن‭. ‬ومن‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬استطاعته‭ ‬تضميد‭ ‬جرح‭ ‬أو‭ ‬تجبير‭ ‬أحد‭ ‬الأطراف‭ ‬أو‭ ‬إجراء‭ ‬عملية‭ ‬الإنعاش‭ ‬عند‭ ‬اللزوم‭.‬

العناية‭ ‬الطبية‭ ‬الميدانية‭ ‬المتقدمة‭ ‬

يعد‭ ‬الطب‭ ‬العسكري‭ ‬الميداني‭ ‬بمثابة‭ ‬ذراع‭ ‬الشؤون‭ ‬الصحية‭ ‬للجيوش‭ ‬الحديثة،‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬مساعدات‭ ‬طبية‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬الأفراد‭ ‬العسكريين‭ ‬في‭ ‬الميدان‭ ‬العسكري‭ ‬أثناء‭ ‬حالات‭ ‬الطوارئ‭ ‬الوطنية‭.‬

وتضطلع‭ ‬قيادة‭ ‬الطب‭ ‬العسكري‭ ‬الميداني‭ ‬بمهام‭ ‬توفير‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬القتالية‭ ‬لدعم‭ ‬العنصر‭ ‬التكتيكي‭ ‬للقوى،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريب‭ ‬التقني‭ ‬لأفراد‭ ‬سلاح‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية‭.‬

وقد‭ ‬اهتمت‭ ‬الجيوش‭ ‬الحديثة‭ ‬بإنشاء‭ ‬المدارس‭ ‬العسكرية‭ ‬للعلوم‭ ‬الصحية‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬تدريب‭ ‬منتسبيها،‭ ‬ورفع‭ ‬كفاءتهم‭ ‬وتحسين‭ ‬أدائهم‭ ‬وتحقيق‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي،‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المتاحة‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬التدريب‭ ‬والقدرات‭ ‬والكفاءات‭ ‬المتوافرة‭ ‬ما‭ ‬أمكن‭ ‬ذلك،‭ ‬ومع‭ ‬إتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬التدريبية‭ ‬لجميع‭ ‬المنتسبين،‭ ‬لاسيما‭ ‬المدربين‭ ‬وعدالة‭ ‬توزيع‭ ‬الفرص‭ ‬التدريبية‭ ‬للمنتسبين‭ ‬وفقاً‭ ‬للاحتياجات‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬مهارات‭ ‬المطلوبة‭ ‬مع‭ ‬مراعاة‭ ‬الوقت‭ ‬والجهود،‭ ‬ويمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف،‭ ‬وتمكنت‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬البرامج‭ ‬الآتية‭:‬

برنامج‭ ‬تطوير‭ ‬كفاءة‭ ‬هيئة‭ ‬التدريب‭.‬

برنامج‭ ‬الكفاءة‭ ‬السريرية‭.‬

برنامج‭ ‬تطوير‭ ‬الضباط‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تطوير‭ ‬مناهج‭ ‬التدريب‭.‬

برنامج‭ ‬تطوير‭ ‬هيئة‭ ‬المدربين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المصطلحات‭ ‬الطبية‭.‬

برنامج‭ ‬التدريب‭ ‬العملي‭ ‬لبرنامج‭ ‬الكفاءة‭ ‬السريرية‭. ‬

برنامج‭ ‬تطوير‭ ‬المدربين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الدفاع‭ ‬الكيماوي‭.‬

إعداد‭ ‬الدورات‭ ‬التحضيرية‭ ‬لتمرين‭ ‬القيادة‭ ‬وذلك‭ ‬لاكتساب‭ ‬الخبرة‭.‬

ومن‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬ترشيح‭ ‬أفراد‭ ‬لدورات‭ ‬إدارية،‭ ‬وكذلك‭ ‬ترشيح‭ ‬أفراد‭ ‬لدورات‭ ‬التمريض‭ ‬العملي‭ ‬والأنظمة‭ ‬الآلية،‭ ‬وذلك‭ ‬لاكتساب‭ ‬أحدث‭ ‬المهارات‭.‬

الكتيبة‭ ‬الطبية

بناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تقدم،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬الكتيبة‭ ‬الطبية،‭ ‬بتوظيف‭ ‬سرايا‭ ‬الإخلاء‭ ‬والسرايا‭ ‬الطبية‭ ‬التابعة‭ ‬لها،‭ ‬لدعم‭ ‬ألوية‭ ‬المناورات‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬أغلب‭ ‬عناصر‭ ‬دعم‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬القتالية‭.‬

تقوم‭ ‬سرايا‭ ‬الإخلاء‭ ‬الطبية‭ ‬بتلقي‭ ‬حالات‭ ‬المصابين‭ ‬وتقوم‭ ‬بفرزها‭ ‬وعمل‭ ‬الإسعافات‭ ‬الطبية‭ ‬الطارئة‭ ‬لها‭ ‬لحين‭ ‬إخلائها‭ ‬إلى‭ ‬مرفق‭ ‬أكبر‭ ‬للرعاية‭ ‬الصحية‭.‬

تقوم‭ ‬هذه‭ ‬السرايا‭ ‬بالإخلاء‭ ‬الطبي‭ ‬للمرضى‭ ‬والمصابين‭ ‬والجرحى‭ ‬من‭ ‬الوحدات‭ ‬الطبية‭ ‬العسكرية‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى‭ ‬الميداني‭ ‬المتنقل‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬المرافق‭ ‬الطبية‭ ‬الثابتة‭.‬

وتقوم‭ ‬السرية‭ ‬أيضاً‭ ‬بإخلاء‭ ‬المرضى‭ ‬من‭ ‬المستشفى‭ ‬الميداني‭ ‬المتنقل‭ ‬إلى‭ ‬المستشفيات‭ ‬الإقليمية‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬المرافق‭ ‬الطبية‭ ‬الأخرى‭.‬

كما‭ ‬تقوم‭ ‬سرية‭ ‬الإخلاء‭ ‬الطبي‭ ‬بتوفير‭ ‬العلاج‭ ‬الطبي،‭ ‬وتقوم‭ ‬بالإخلاء‭ ‬على‭ ‬حسب‭ ‬المكان،‭ ‬لكي‭ ‬تضمن‭ ‬عدم‭ ‬إخلاء‭ ‬أي‭ ‬جندي‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتلقى‭ ‬العلاج‭.‬

تقوم‭ ‬هذه‭ ‬الكتيبة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فصيلة‭ ‬الإحصاء‭ ‬الطبي‭ ‬التابعة‭ ‬لها،‭ ‬بتوفير‭ ‬الإمدادات‭ ‬الطبية‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الثانية‭ ‬وصيانة‭ ‬الأجهزة‭ ‬الطبية‭ ‬لدعم‭ ‬جميع‭ ‬الوحدات‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬العمليات‭.‬

تنظيم‭ ‬الدعم‭ ‬الطبي‭ ‬العسكري

عند‭ ‬تنظيم‭ ‬الدعم‭ ‬الطبي‭ ‬في‭ ‬الميدان،‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يؤخذ‭ ‬تطور‭ ‬الطرق‭ ‬العلاجية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تطويرها‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنين‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬مجالي‭ ‬الطب‭ ‬والطرق‭ ‬العلاجية‭. ‬ويركز‭ ‬المبدأ‭ ‬الأول‭ ‬لتلك‭ ‬الطرق‭ ‬المعتمَدَة‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الجيوش‭ ‬الحديثة،‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬المصاب‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬طبية‭ ‬قريبة‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬من‭ ‬ساحات‭ ‬القتال،‭ ‬ليعود‭ ‬المصاب‭ ‬إلى‭ ‬وحدته‭ ‬بعد‭ ‬الشفاء،‭ ‬أو‭ ‬يتم‭ ‬ترحيله‭ ‬بأمان‭ ‬إلى‭ ‬الداخل‭ ‬بإحدى‭ ‬طرق‭ ‬الإخلاء‭ ‬المعتمدة‭ ‬بحسب‭ ‬خطورة‭ ‬الإصابة‭. ‬

والمبدأ‭ ‬الثاني‭ ‬المعروف‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬بالجراحة‭ ‬ضمن‭ ‬الست‭ ‬ساعات‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬ثبتت‭ ‬صحته‭ ‬عالمياً‭ ‬ويتلخص‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الاصابات‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬جراحة،‭ ‬وهي‭ ‬تمثل‭ ‬أكثرية‭ ‬إصابات‭ ‬الميدان،‭ ‬تكون‭ ‬فرصها‭ ‬في‭ ‬الشفاء‭ ‬أفضل‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬عولجت‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬ست‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬حدوثها‭. ‬وكما‭ ‬ثبت‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحريك‭ ‬المصابين‭ ‬الذين‭ ‬تُجرى‭ ‬لهم‭ ‬جراحات‭ ‬خطيرة‭ ‬بأمان‭ ‬لفترة‭ ‬تتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬7‭ ‬إلى‭ ‬10‭ ‬أيام‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬مبدأين‭ ‬اثنين‭: ‬المبدأ‭ ‬الأول‭ ‬يتطلب‭ ‬من‭ ‬الجراحين‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬القتال‭ ‬المتقدمة،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يتبع‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬صعوبة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬التجهيزات‭ ‬اللازمة‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬القتال‭ ‬الأمامية‭. ‬أما‭ ‬المبدأ‭ ‬الثاني‭ ‬فيتيح‭ ‬الجراحة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الخلفية،‭ ‬حيث‭ ‬ظروف‭ ‬عمل‭ ‬الجراحين‭ ‬أفضل،‭ ‬وحيث‭ ‬لن‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬الوحدة‭ ‬التنقل‭ ‬كثيراً‭ ‬تلبية‭ ‬لظروف‭ ‬المعركة‭. ‬

وفي‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬اعتماد‭ ‬حل،‭ ‬وبالفعل‭ ‬اعتمد‭ ‬الحل‭ ‬الوسط‭ ‬بين‭ ‬المبدأين‭ ‬لوضع‭ ‬“خطوط‭ ‬للدعم‭ ‬الطبي”‭. ‬والخط‭ ‬العلاجي‭ ‬الأول‭ ‬مرتبط‭ ‬بالوحدة،‭ ‬ويرتكز‭ ‬على‭ ‬مركز‭ ‬العون‭ ‬الطبي‭ ‬الميداني‭ ‬الذي‭ ‬يديره‭ ‬طبيب‭ ‬برتبة‭ ‬ضابط‭ ‬يعاونه‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬المساعدين‭. ‬ويقوم‭ ‬الخط‭ ‬الثاني‭ ‬بين‭ ‬التشكيلات‭ ‬العسكرية،‭ ‬بينما‭ ‬يشمل‭ ‬الخط‭ ‬الثالث‭ ‬مستشفيات‭ ‬الميدان‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الجيوش،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تقام‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬عمل‭ ‬الجيش،‭ ‬ولكن‭ ‬وراء‭ ‬حدود‭ ‬المناطق‭ ‬الخلفية‭ ‬للفرق‭. ‬أما‭ ‬الخط‭ ‬الرابع‭ ‬فيشمل‭ ‬كافة‭ ‬مستشفيات‭ ‬الدولة‭ ‬وقواعد‭ ‬الاستشفاء‭ ‬التابعة‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬فيها‭.‬

مستشفيات‭ ‬الحروب

لجات‭ ‬الجيوش‭ ‬العصرية‭ ‬إلى‭ ‬تصميم‭ ‬وإنتاج‭ ‬ملاجئ‭ ‬وخيم‭ ‬معدة‭ ‬للنشر‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬القتال‭ ‬المحتملة‭ ‬كمستشفيات‭ ‬ميدانية‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬أحوال‭ ‬الطقس‭ ‬وعوامل‭ ‬المناخ،‭ ‬ونجحت‭ ‬بصناعة‭ ‬حجرات‭ ‬ومستوعبات‭ ‬خيم‭ ‬بمثابة‭ ‬مستشفيات‭ ‬ميدان‭ ‬نقالة‭ ‬قابلة‭ ‬للتوسع‭ ‬والامتداد‭ ‬حسب‭ ‬الحاجة‭ ‬وتطور‭ ‬الأوضاع‭. ‬وتحويل‭ ‬ملجأ‭ ‬إلى‭ ‬مستشفى‭ ‬ميداني‭ ‬ناجح‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬عناصر‭ ‬أساسية‭ ‬واعتماد‭ ‬وسائل‭ ‬متقدمة‭ ‬لتوفير‭ ‬العزل‭ ‬المطلوب‭ ‬بين‭ ‬الحجرات‭ ‬وتأمين‭ ‬شروط‭ ‬ممتازة‭ ‬ودائمة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التبريد‭ ‬والتهوية‭ ‬والتدفئة‭ ‬والمحافظة‭ ‬أحياناً‭ ‬على‭ ‬نسب‭ ‬ثابتة‭ ‬من‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭. ‬ولا‭ ‬يخفى‭ ‬أن‭ ‬مطابقة‭ ‬وسائط‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬بصورة‭ ‬فعالة،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يطرح‭ ‬إشكالات‭ ‬إضافية‭ ‬أحياناً،‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬معينة‭ ‬كالمحيط‭ ‬الاستوائي‭ ‬أو‭ ‬الصحراوي‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬تختلف‭ ‬فيها‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬بين‭ ‬النهار‭ ‬والليل‭. ‬واستناداً‭ ‬إلى‭ ‬خصائص‭ ‬الخيم‭ ‬متعددة‭ ‬الأغراض‭ ‬يمكن‭ ‬للواحدة‭ ‬منها‭ ‬بعد‭ ‬التوسع‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تستوعب‭ ‬لغاية‭ ‬ثلاثمئة‭ ‬مريض‭.‬

إن‭ ‬المستشفى‭ ‬الميداني،‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬شكله‭ ‬المستقل‭ ‬وحجمه‭ ‬ومداه،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يضم‭ ‬كافة‭ ‬المعدات‭ ‬الطبية‭ ‬عالية‭ ‬التقنية،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬بالقيام‭ ‬بعمليات‭ ‬جراحية‭ ‬أو‭ ‬وضع‭ ‬المصاب‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬من‭ ‬المراقبة‭ ‬أو‭ ‬العناية‭ ‬الفائقة‭. ‬وهنا‭ ‬يتضح‭ ‬الفرق‭ ‬النوعي‭ ‬بين‭ ‬وسائل‭ ‬الإخلاء‭ ‬والإنقاذ‭ ‬كالحوامات‭ ‬والمركبات‭ ‬وسيارات‭ ‬الإسعاف‭ ‬وبين‭ ‬وضعية‭ ‬المستشفيات‭ ‬الميدانية‭.‬

سيارات‭ ‬إسعاف‭ ‬متطورة‭ ‬

شهدت‭ ‬الجيوش‭ ‬الحديثة‭ ‬اعتماد‭ ‬معايير‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬تجهيز‭ ‬سيارات‭ ‬الإسعاف‭ ‬المخصصة‭ ‬لنقل‭ ‬الجرحى‭ ‬خلال‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية،‭ ‬كاعتماد‭ ‬نسبة‭ ‬تدريع‭ ‬حسب‭ ‬مقاييس‭ ‬ناقلات‭ ‬الجند‭ ‬المدرعة‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬ذلك‭ ‬غالباً،‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬حيّز‭ ‬المركبة‭. ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تجهز‭ ‬المركبات‭ ‬المعنية‭ ‬بوسائط‭ ‬حماية‭ ‬ضد‭ ‬الألغام،‭ ‬وربما‭ ‬لهذه‭ ‬الأسباب‭ ‬المباشرة‭ ‬وغيرها‭ ‬لجأت‭ ‬بعض‭ ‬القوات‭ ‬البرية‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬الدبابات‭ ‬المتقادمة‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬سيارات‭ ‬الإسعاف‭ ‬نظراً‭ ‬لطابع‭ ‬الحماية‭ ‬العالية‭ ‬التي‭ ‬تميزها‭. ‬وهكذا‭ ‬يتضح‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬الخبرة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تحتوي‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬تشكيلة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬المكملة‭ ‬للتجهيزات‭ ‬الطبية‭.‬

إذاً،‭ ‬هناك‭ ‬آليات‭ ‬متعددة‭ ‬تكمل‭ ‬بعضها‭ ‬بعضاً،‭ ‬لتوفير‭ ‬أشكال‭ ‬النقل‭ ‬والدعم‭ ‬لأغراض‭ ‬صحية‭ ‬تناسب‭ ‬السيناريوهات‭ ‬القتالية‭ ‬والأمنية‭ ‬الحديثة‭. ‬وفي‭ ‬إدراك‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬وأهميته‭ ‬المتزايدة،‭ ‬تعمل‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬أمانها‭ ‬الذاتي‭ ‬وتجنب‭ ‬العواقب‭ ‬السيئة‭.‬●

‮»‬‭ ‬الدكتور‭ ‬معين‭ ‬أحمد‭ ‬محمود‭ (‬باحث‭ ‬عسكري‭ ‬واستراتيجي‭)‬

Twitter
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض