Print

كيف‭ ‬فسرت‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأجسام‭ ‬الطائرة المجهولة؟

أصدرت‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬تقريرها‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬يونيو‭ ‬2021‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬تعرفه‭ ‬عن‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الأجسام‭ ‬الطائرة‭ ‬الغامضة‭ ‬التي‭ ‬شُوهدت‭ ‬تتحرك‭ ‬عبر‭ ‬المجال‭ ‬الجوي‭ ‬العسكري‭ ‬المحظور‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العقود‭ ‬العديدة‭ ‬الماضية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬إحدى‭ ‬المرات‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬اعترفت‭ ‬فيها‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬علناً‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬المشاهدات‭ ‬الجوية‭ ‬الغريبة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬طياري‭ ‬البحرية‭ ‬وغيرهم‭ ‬تستحق‭ ‬شرعية‭ ‬التدقيق‭. ‬وفي‭ ‬الواقع‭ ‬العملي،‭ ‬فقد‭ ‬صدر‭ ‬التقرير‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الخلاف‭ ‬الداخلي‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المعارك‭ ‬البيروقراطية‭ ‬داخل‭ ‬البنتاغون‭ ‬والضغط‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬معينين‭ ‬في‭ ‬الكونغرس‭ ‬لإصدار‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭. ‬وفحص‭ ‬التقرير‭ ‬144‭ ‬مشاهدة‭ ‬لما‭ ‬تسميه‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬ظاهرة‭ ‬جوية‭ ‬مجهولة‭ ‬الهوية‮»‬‭ ‬منذ‭ ‬مارس‭ ‬2004‭ ‬وحتى‭ ‬مارس‭ ‬2021‭. ‬وأخفق‭ ‬التقرير‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬تفسير‭ ‬إلا‭ ‬لمشاهدة‭ ‬واحدة‭ ‬فقط‭.‬

يقول‭ ‬تقرير‭ ‬الاستخبارات‭ ‬إن‭ ‬فرقة‭ ‬عمل‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬حددت‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬تحديداً‭ ‬دون‭ ‬غيرها‭ ‬بسبب‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬العوامل،‭ ‬أبرزها‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬بيانات‭ ‬موثوقة‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستشعار‭ ‬العسكرية‭ ‬المتعددة،‭ ‬كما‭ ‬أصبحت‭ ‬إجراءات‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬الأجسام‭ ‬الطائرة‭ ‬المجهولة،‭ ‬وجمع‭ ‬وتحليل‭ ‬البيانات‭ ‬عنها،‭ ‬تتم‭ ‬وفق‭ ‬إجراءات‭ ‬موحدة‭ ‬ومتفق‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬أفرع‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬وإدارة‭ ‬الطيران‭ ‬الفيدرالية‭. 

ومن‭ ‬جهة‭ ‬ثانية،‭ ‬فإنه‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬تشجيع‭ ‬الموظفين‭ ‬الحكوميين،‭ ‬وخاصة‭ ‬الطيارين،‭ ‬على‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬نشاط‭ ‬أي‭ ‬مواجهات‭ ‬مع‭ ‬أجسام‭ ‬مجهولة،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬سائداً‭ ‬خلال‭ ‬فترات‭ ‬سابقة،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬أغلبية‭ ‬الطيارين‭ ‬العسكريين‭ ‬والمدنيين‭ ‬تحديداً‭ ‬يفضلون‭ ‬عدم‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عنها،‭ ‬لكيلا‭ ‬يتم‭ ‬اتهامهم‭ ‬بالتفوه‭ ‬بالخرافات‭ ‬أو‭ ‬الأوهام،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬مستقبلهم‭ ‬المهني‭.‬

وقبل‭ ‬توضيح‭ ‬هذه‭ ‬التفسيرات‭ ‬المحتملة،‭ ‬يجب‭ ‬الإشارة‭ ‬أولاً‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬مهمة‭ ‬للغاية،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬ليست‭ ‬المرة‭ ‬الأولى،‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬فيها‭ ‬تكليف‭ ‬هيئة‭ ‬فيدرالية‭ ‬أمريكية‭ ‬بالنظر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭. ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬1966،‭ ‬كان‭ ‬سلاح‭ ‬الجو‭ ‬الأمريكي‭ ‬يواجه‭ ‬ضغوطاً‭ ‬شعبية‭ ‬متزايدة‭ ‬لتقديم‭ ‬تفسير‭ ‬للأجسام‭ ‬الطائرة‭ ‬المجهولة‭. ‬

وقام‭ ‬سلاح‭ ‬الجو‭ ‬حينها‭ ‬بتمويل‭ ‬دراسة‭ ‬علمية‭ ‬امتدت‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عامين‭ ‬عن‭ ‬الأجسام‭ ‬الطائرة‭ ‬المجهولة‭. ‬وتم‭ ‬تكليف‭ ‬جامعة‭ ‬كولورادو‭ ‬بإعداد‭ ‬الدراسة،‭ ‬وذلك‭ ‬برئاسة‭ ‬الفيزيائي‭ ‬البارز‭ ‬إدوارد‭ ‬كوندون‭. ‬ونشرت‭ ‬نتائجها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1969‭. ‬

وخلص‭ ‬كوندون‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬أي‭ ‬أجسام‭ ‬طائرة‭ ‬مجهولة‭ ‬تستخدم‭ ‬تكنولوجية‭ ‬حديثة‭ ‬متطورة‭. ‬وقدم‭ ‬تفسيرات‭ ‬متعددة،‭ ‬ومنها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أنها‭ ‬ظواهر‭ ‬طبيعية‭ ‬نادرة‭ ‬الحدوث،‭ ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬أنه‭ ‬أوصى‭ ‬بعدم‭ ‬القيام‭ ‬بالمزيد‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬المكثفة‭ ‬للأجسام‭ ‬الطائرة‭ ‬المجهولة‭ ‬حتى‭ ‬يتقدم‭ ‬العلم‭ ‬بصورة‭ ‬أكبر‭. ‬وبطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬التفسيرات‭ ‬لم‭ ‬تقنع‭ ‬فئات‭ ‬شعبية‭ ‬واسعة،‭ ‬والتي‭ ‬ظلت‭ ‬عند‭ ‬إيمانها‭ ‬الراسخ‭ ‬بأن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬التغطية‭ ‬على‭ ‬رصد‭ ‬واشنطن‭ ‬لأجسام‭ ‬فضائية‭ ‬غريبة‭. ‬

تفسيرات‭ ‬محتملة

قبل‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬التقرير‭ ‬تفسيراته‭ ‬المحتملة‭ ‬لهذه‭ ‬الظواهر،‭ ‬فإنه‭ ‬أكد‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬143‭ ‬مشاهدة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬144،‭ ‬تفتقر‭ ‬جهات‭ ‬التحقيق‭ ‬‮«‬إلى‭ ‬المعلومات‭ ‬الكافية،‭ ‬في‭ ‬قاعدة‭ ‬البيانات‭ ‬لتفسير‭ ‬هذه‭ ‬الوقائع‭ ‬بشكل‭ ‬محدد‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬التقرير‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أن‭ ‬يحسم‭ ‬بأي‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬درجات‭ ‬اليقين‭ ‬ماهية‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر‭. ‬

ولم‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬القاعدة‭ ‬سوى‭ ‬حالة‭ ‬واحدة،‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬تحديده‭ ‬لاحقاً‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬بالون‭ ‬كبير‭ ‬مفرغ‭ ‬من‭ ‬الهواء‭ ‬ينزلق‭ ‬في‭ ‬المحيط‭. ‬أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحالات‭ ‬الـ‭ ‬143‭ ‬المتبقية،‭ ‬فإن‭ ‬التقرير‭ ‬قدم‭ ‬تفسيرات‭ ‬متعددة،‭ ‬والتي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬التالي‭:‬

1 تكنولوجيا‭ ‬معادية‭ ‬أكثر‭ ‬تقدماً‭:‬‭ ‬أشار‭ ‬التقرير‭ ‬بوضوح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬المشاهدات‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬مرتبطاً‭ ‬بتكنولوجيا‭ ‬تابعة‭ ‬لدول‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬أو‭ ‬روسيا‭. ‬ويقلق‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التفسير‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬خصماً‭ ‬أجنبياً،‭ ‬مثل‭ ‬روسيا‭ ‬أو‭ ‬الصين،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬لديه‭ ‬أسلحة‭ ‬تكنولوجية‭ ‬متطورة‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عنها‭ ‬أي‭ ‬معلومات‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬مستبعداً‭ ‬بالنسبة‭ ‬لكثيرين،‭ ‬ولكنه‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬العملي‭ ‬جرى‭ ‬من‭ ‬قبل‭. ‬فقد‭ ‬سبق‭ ‬وأن‭ ‬اعترفت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬هي‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬تدخل‭ ‬إلى‭ ‬ترسانتها،‭ ‬أسلحة‭ ‬فرط‭ ‬صوتية،‭ ‬وأكد‭ ‬نائب‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي‭ ‬مايكل‭ ‬جريفين‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬2020،‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تتأخر‭ ‬عن‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تطوير‭ ‬الصواريخ‭ ‬الفرط‭ ‬صوتية‭. ‬بل‭ ‬وأكد‭ ‬جريفين‭ ‬أنه‭: ‬‮«‬ليس‭ ‬لدينا‭ ‬اليوم‭ ‬أنظمة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخلق‭ ‬خطراً‭ ‬مماثلاً‭ ‬لروسيا‭ ‬والصين‭. ‬ولو‭ ‬أنهما‭ ‬قررتا‭ ‬استخدام‭ ‬صواريخهما،‭ ‬فسنكون‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬غير‭ ‬مواتٍ‭ ‬لأننا‭ ‬نلعب‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬ملاحقة‮»‬‭.‬

وتحاول‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬اللحاق‭ ‬بروسيا،‭ ‬وتقوم‭ ‬شركة‭ ‬لوكهيد‭ ‬مارتن‭ ‬بالاشتراك‭ ‬مع‭ ‬القوات‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بمحاولة‭ ‬تطوير‭ ‬صواريخ‭ ‬أمريكية‭ ‬فرط‭ ‬صوتية،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬تجعل‭ ‬نظم‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬المعمول‭ ‬بها‭ ‬حالياً‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الصواريخ‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬رجاحة‭ ‬هذا‭ ‬التفسير،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬تحدياً‭ ‬لمنطقيته‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المجدي‭ ‬تكرار‭ ‬تحليق‭ ‬طائرات‭ ‬متطورة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الجوي‭ ‬للخصم‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬توثيقها‭ ‬بسهولة‭. ‬

2 برامج‭ ‬تكنولوجية‭ ‬أمريكية‭ ‬سرية‭: ‬أشار‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬المشاهدات،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مرتبطة‭ ‬‮«‬ببرامج‭ ‬تكنولوجية‭ ‬سرية،‭ ‬تابعة‭ ‬لمؤسسات‭ ‬أمريكية‮»‬‭. ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬إغفال‭ ‬عامل‭ ‬مهم،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تعمدت‭ ‬إخفاء‭ ‬حقيقة‭ ‬تلك‭ ‬الظواهر‭ ‬عمداً‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭. ‬فقد‭ ‬اعترفت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬2013‭ ‬بالقاعدة‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المصنفة‭ ‬سرية‭ ‬للغاية‭ ‬والمعروفة‭ ‬باسم‭ ‬المنطقة‭ ‬51‭. ‬وكان‭ ‬يسود‭ ‬اعتقاد‭ ‬شعبي‭ ‬بأن‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تقوم‭ ‬بإخفاء‭ ‬كائنات‭ ‬فضائية‭ ‬في‭ ‬القاعدة‭ ‬الموجودة‭ ‬بولاية‭ ‬نيفادا،‭ ‬نظراً‭ ‬لأن‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭ ‬والزائرين‭ ‬للمنطقة‭ ‬عبّروا‭ ‬عن‭ ‬رؤيتهم‭ ‬لأجسام‭ ‬غريبة‭ ‬تطير‭ ‬داخل‭ ‬الموقع‭. ‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الأجسام‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬طائرات‭ ‬تجسس‭ ‬حديثة‭ ‬تعمل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬تطويرها‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭. ‬وكانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تشجع‭ ‬هذا‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بين‭ ‬السكان‭ ‬المحليين،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير،‭ ‬لا‭ ‬تصححه،‭ ‬وذلك‭ ‬رغبة‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬معرفة‭ ‬الدول‭ ‬الأجنبية‭ ‬بأنها‭ ‬تقوم‭ ‬بتطوير‭ ‬أسلحة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تشجيعهم‭ ‬على‭ ‬التجسس‭ ‬عليها‭. ‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬لم‭ ‬يستبعد‭ ‬التقرير‭ ‬إمكانية‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذه‭ ‬المشاهدات‭ ‬نتيجة‭ ‬لمبتكرات‭ ‬قامت‭ ‬بتطويرها‭ ‬شركات‭ ‬تكنولوجية‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬التقرير‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬هذه‭ ‬الجهات‭.‬

3 ظواهر‭ ‬جوية‭ ‬طبيعية‭: ‬تشمل‭ ‬الظواهر‭ ‬الطبيعية‭ ‬للغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬بلورات‭ ‬الجليد‭ ‬والرطوبة‭ ‬والتقلبات‭ ‬الحرارية،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬قراءتها‭ ‬بصورة‭ ‬خاطئة‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬أنظمة‭ ‬الأشعة‭ ‬تحت‭ ‬الحمراء‭ ‬والرادار،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأجسام‭ ‬الغريبة‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستشعار‭ ‬والرصد‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أو‭ ‬نتاج‭ ‬لعملية‭ ‬التشويش‭ ‬الإلكتروني‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬

ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأخطاء‭ ‬تعد‭ ‬أخطاء‭ ‬شائعة‭. ‬فمنذ‭ ‬اكتشاف‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬اقترب‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حافة‭ ‬صراع‭ ‬نووي‭ ‬مدمر‭ ‬22‭ ‬مرة‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬بسبب‭ ‬إساءة‭ ‬تفسير‭ ‬الرادارات‭ ‬وأجهزة‭ ‬الاستشعار‭ ‬الأخرى‭ ‬لأحداث‭ ‬لا‭ ‬ضرر‭ ‬منها،‭ ‬مثل‭ ‬سرب‭ ‬من‭ ‬البجع‭ ‬أو‭ ‬لون‭ ‬القمر‭ ‬أو‭ ‬مشاكل‭ ‬طفيفة‭ ‬في‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬أو‭ ‬ظواهر‭ ‬جوية‭ ‬فضائية‭ ‬غامضة‭.‬

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬ينطلق‭ ‬إنذار‭ ‬كاذب‭ ‬بسبب‭ ‬نوعين‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬وهما؛‭ ‬الخطأ‭ ‬البشري‭ ‬والخطأ‭ ‬التقني،‭ ‬كما‭ ‬قد‭ ‬يحدث‭ ‬كلاهما‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭. ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬1980،‭ ‬كاد‭ ‬خطأ‭ ‬تقني‭ ‬أن‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬كارثة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬جيمي‭ ‬كارتر،‭ ‬حيث‭ ‬تلقى‭ ‬أحد‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬إدارته‭ ‬مكالمة‭ ‬في‭ ‬تمام‭ ‬الساعة‭ ‬الثالثة‭ ‬فجراً‭ ‬من‭ ‬مكتب‭ ‬المراقبة‭ ‬بقيادة‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬الأمريكي‭ ‬تخطره‭ ‬بأن‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬رصدت‭ ‬200‭ ‬صاروخ‭ ‬موجه‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

وتبين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬أن‭ ‬مصدر‭ ‬المشكلة‭ ‬هو‭ ‬شريحة‭ ‬معيبة‭ ‬في‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يشغل‭ ‬أنظمة‭ ‬التحذير‭ ‬المبكر‭ ‬للدولة،‭ ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬بعام،‭ ‬عرض‭ ‬عامل‭ ‬فني‭ ‬دون‭ ‬قصد‭ ‬شريط‭ ‬تدريب‭ ‬يصور‭ ‬قصفاً‭ ‬صاروخياً‭ ‬يبدو‭ ‬كأنه‭ ‬واقعي‭ ‬على‭ ‬أجهزة‭ ‬كمبيوتر‭ ‬مراكز‭ ‬الإنذار‭ ‬الرئيسية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كاد‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬اندلاع‭ ‬مواجهات‭ ‬عسكرية‭ ‬تتضمن‭ ‬استخدام‭ ‬أسلحة‭ ‬لها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬دكّ‭ ‬مدن‭ ‬بأكملها‭ ‬وتسويتها‭ ‬بالأرض‭.‬

ويشير‭ ‬التقرير‭ ‬الأخير‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬الحالات،‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬التقاط‭ ‬فيها‭ ‬ترددات‭ ‬راديو‭ ‬غريبة‭. ‬ففي‭ ‬أبريل‭ ‬2019،‭ ‬التقط‭ ‬تلسكوب‭ ‬باركس‭ ‬الراديوي‭ ‬إشارة‭ ‬راديو‭ ‬ضيقة‭ ‬النطاق‭ ‬غريبة‭ ‬من‭ ‬أقرب‭ ‬نظام‭ ‬نجمي‭ ‬للكرة‭ ‬الأرضية،‭ ‬ويسمى‭ ‬‮«‬قنطور‭ ‬الأقرب‮»‬‭ (‬Proxima Centauri‭)‬،‭ ‬وتمت‭ ‬تسمية‭ ‬هذه‭ ‬الترددات‭ ‬الراديوية‭ ‬لاحقاً‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬بيه‭ ‬إل‭ ‬إس‭ ‬–‭ ‬1‮»‬‭ (‬BLC-1‭). ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬اعتقد‭ ‬بعض‭ ‬العلماء‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التردد‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬توقيع‭ ‬تقنياً‭ ‬لحضارة‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬الكواكب‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬‮«‬قنطور‭ ‬الأقرب‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬خبراء‭ ‬آخرين‭ ‬أكدوا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬سوى‭ ‬تداخل‭ ‬لاسلكي،‭ ‬نظراً‭ ‬لأنه‭ ‬استخدم‭ ‬نفس‭ ‬النطاق‭ ‬الراديوي‭ ‬للأقمار‭ ‬الصناعية‭.‬

4 فوضى‭ ‬محمولة‭ ‬بالهواء‭: ‬تشمل‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬الطيور،‭ ‬والبالونات،‭ ‬والمركبات‭ ‬الجوية‭ ‬الترفيهية‭ ‬غير‭ ‬المأهولة،‭ ‬أو‭ ‬الأشياء‭ ‬المحمول‭ ‬جواً،‭ ‬مثل‭ ‬الأكياس‭ ‬البلاستيكية‭ ‬التي‭ ‬تشوش‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬وتؤثر‭ ‬في‭ ‬قدرة‭ ‬المشغل‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬الأهداف‭ ‬الحقيقية،‭ ‬مثل‭ ‬طائرات‭ ‬العدو‭.‬

5 تفسيرات‭ ‬أخرى‭:‬‭ ‬أكد‭ ‬التقرير‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الأشياء‭ ‬الموصوفة،‭ ‬والبالغ‭ ‬عددها‭ ‬144‭ ‬مشاهدة،‭ ‬والمسجلة‭ ‬في‭ ‬قواعد‭ ‬البيانات‭ ‬الأمريكية‭ ‬ربما‭ ‬تظل‭ ‬مجهولة‭ ‬الهوية‭ ‬بسبب‭ ‬محدودية‭ ‬البيانات‭ ‬أو‭ ‬صعوبة‭ ‬تحليلها،‭ ‬إذ‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تحتاج،‭ ‬وفقاً‭ ‬للتقرير،‭ ‬إلى‭ ‬معرفة‭ ‬علمية‭ ‬إضافية‭ ‬لجمعها‭ ‬وتحليلها‭ ‬وتوصيف‭ ‬بعضها‭ ‬بنجاح‭. ‬واكتفى‭ ‬التقرير‭ ‬بالتأكيد‭ ‬أنه‭ ‬سوف‭ ‬يقوم‭ ‬بتجميع‭ ‬هذه‭ ‬الأشياء‭ ‬غير‭ ‬المفسرة‭ ‬في‭ ‬فئة‭ ‬خاصة‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬التطورات‭ ‬العلمية‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بفهمها‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭.‬

استبعاد‭ ‬فرضية‭ ‬الكائنات‭ ‬الفضائية‭:‬

لم‭ ‬يشر‭ ‬التقرير‭ ‬ضمن‭ ‬تفسيراته‭ ‬إلى‭ ‬إمكانية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الأجسام‭ ‬الطائرة‭ ‬المجهولة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬حضارة‭ ‬أو‭ ‬حياة‭ ‬توجد‭ ‬خارج‭ ‬كوكب‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭. ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬وكالة‭ ‬ناسا‭ ‬للفضاء‭ ‬قد‭ ‬أكدت‭ ‬على‭ ‬موقعها‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬على‭ ‬صدور‭ ‬تقرير‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬الأجسام،‭ ‬أن‭ ‬مهمتها‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬محاولة‭ ‬استكشاف‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ ‬موثوق‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬حياة‭ ‬خارج‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تأكيد‭ ‬ناسا‭ ‬أن‭ ‬وظيفة‭ ‬العلم‭ ‬هو‭ ‬محاولة‭ ‬استكشاف‭ ‬المجهول،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬أكدت‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬رصد‭ ‬أي‭ ‬مؤشر‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬حياة‭ ‬خارج‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض‭. ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يضفي‭ ‬مصداقية‭ ‬على‭ ‬استبعاد‭ ‬وجود‭ ‬كيانات‭ ‬فضائية‭ ‬تمتلك‭ ‬مركبات‭ ‬فضائية‭ ‬متقدمة‭ ‬تقوم‭ ‬بزيارة‭ ‬الأرض‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬مثل‭ ‬روسيا‭ ‬والصين،‭ ‬والتي‭ ‬تمتلك‭ ‬أجهزة‭ ‬رادار‭ ‬واستشعار‭ ‬موجهة‭ ‬للفضاء‭ ‬لم‭ ‬ترصد‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬أجساماً‭ ‬مماثلة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه‭ ‬الادعاء‭ ‬بأنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬مؤشر‭ ‬موضوعي‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬كائنات‭ ‬فضائية‭ ‬في‭ ‬كواكب‭ ‬أخرى‭. ‬

الدكتور‭/ ‬شادي‭ ‬محمد‭ 
(باحث‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬العسكرية)

Youtube
WhatsApp
Al Jundi

الرجاء استخدام الوضع العمودي للحصول على أفضل عرض